الأمة بين احتلالين 07 | جحافل المغول | أحمد السيد
الحمد لله رب العالمين، حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه كما يحب ربنا تبارك وتعالى ويرضى. الحمد لله كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه. اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد.
أما بعد، نستعين بالله ونستفتح مجلسًا جديدًا من مجالس سلسلة الأمة بين احتلالين: الاحتلال المغولي والاحتلال الصليبي. نتذاكر هذه الأحداث التاريخية معتبرين مستفيدين متأملين محللين، ومحاولين تنزيل هذه الأحداث على الواقع والاستفادة منها معنويًا والاعتبار بها في قراءة التاريخ وفهم سنن الله سبحانه وتعالى، وفهم الأحداث التي تجري في الواقع، وإدراك بعض الحدود التي يمكن أن يقيس الإنسان عليها.
هذه الفكرة حول الحدود مهمة في التاريخ، يعني الإنسان أحيانًا، مثلاً، لما ينظر إلى قضية احتلال كفار لبلاد المسلمين، ممكن إذا نظر في الواقع، يقول: "أين الحدود التي في سنن الله يمكن أن يصل فيها الكفار إلى بلاد المسلمين؟ هل هناك حدود معينة؟" هذه الحدود من مصادر معرفتها التاريخ وحركة التاريخ وأحداث التاريخ، لأنه من خلالها تعرف شيئًا من معالم وحدود سنن الله سبحانه وتعالى.
طيب، نحن هنا في هذا المجلس السابع من مجالس هذه السلسلة، وكنا قد تكلمنا في المجلس السابق عن بداية حركة المغول في المشرق، وقلنا إنه كان من أهم الأسباب في هذه الحركة أسباب تعود إلى سوء تدبير حاكم المسلمين وولي أمرهم في تلك المنطقة، الذي هو خوارزم شاه. هذا الرجل، يعني على الرغم من أنه موصوف بشيء من العلم والفقه، إلا أنه كحاكم سياسي، جرَّ على المسلمين شيئًا أو كثيرًا من الوبال والنكال بسبب سوء تصرفه. وقد ذكرنا هذا بالتفصيل وقرأناه من سيرة أحد الوزراء الذين كانوا في مملكة خوارزمشاه، وهو النسوي رحمه الله تعالى في كتابه سيرة جلال الدين من كبرى.
هذه السيرة مهمة جدًا بحكم أنه هو شاهد على العصر، يعني كما يقال. وكان يعني في أحداث لا حاجة لإعادتها الآن. الشاهد أنه بعد أن استعمل خوارزمشاه، علاء الدين محمد من تكش خوارزمشاه، بعد أن استعمل سوء التدبير مع الملك الصاعد جنكيز خان، الذي للتو انتصر انتصارات هائلة وكبيرة في المشرق، وسيطر على مملكة إمبراطورية الصين، ووحد قبائل المغول. ورجل صاعد. وهذا الرجل، لما تكلم مع خوارزمشاه، تكلم معه بتقدير، تكلم معه كشخص يعرف السياسة، وكشخص يعرف قدر الملوك، وقال له: "أنت ملك ما وراءك، وأنا ملك ما ورائي، دعنا نكون أصدقاء ونتصالح ونتهادئ، والأمور طيبة." ومع الأسف، الأخ الكريم خوارزمشاه يعني تعامل معه بسوء تدبير، وقتل الرسل أصلاً الذين أرسلهم خوارزمشاه، وحلق لحى الباقين، وردوا لهم، وحتى بعد أن عرف أن جنكيز خان سيخرج على بلاد المسلمين، لم يحسن تدبير الاستعدادات.
جيش خوارزمشاه كان ما بين 400 ألف إلى 600 ألف. يعني هذا الجيش بالنسبة للمسلمين كافٍ في رد العدو جيد، لكنه فرّق هذا الجيش. تعرفون استشار الناس الذين حوله، وآخر شيء خرج بنتيجة أنه: "دعنا نفرق هذا الجيش بدل أن يكون موحدًا، نفرق ونوزع الجنود على الحصون الإسلامية." وكان هذا خطأ من ناحية التدبير.
هناك شكل آخر وهو أن جيش خوارزمشاه نفسه، جيش يعني إيش؟ يعني في بعض الكلمات العامية بس نحن خلينا في الفصحى. يعني جيش مؤلف، تأليفًا. ما هو ما في وحدة، يعني لا وحدة فكرية، ولا وحدة قبلية، ولا روابط يعني حتى وطنية. فهمتوا؟ يعني ما في وحدة تجمع الجيش تخليه جيش متماسك قوي، مبني على يعني إيش مرجعية كذا قوية تخلي الجيش يعني يثبت ويقوى، بينما المغول بالعكس. كما ذكر المؤرخون، قالوا: "وكانوا أبناء ابن واحد، يعني حركة واحدة، قبيلة واحدة، يعني على الأقل في القيادات." فكان هناك تناغم، كان هناك قوة حركة.
أما هؤلاء بالمناسبة، جيش خوارزمشاه على أنه سلطان المسلمين، في جزء لا بأس به، الجيش كفار. فهمت الفكرة؟ كفار من هؤلاء الخطأ الذين تكلمنا عنهم. هو أصلاً استولى على مملكتهم، وخلى ناس منهم في جيشه وكذا. فالجيش مسلمين على كفار، وجزء من الجيش هم بقايا الأحياء الذين قتلهم خوارزمشاه من قبيلة معينة، يعني أحيانًا يسيطر على مدينة، يقتل ناسًا، ويأخذ البقية جزء من عسكره. طب، أنت قتلت أولاد عمي، فهمت الفكرة؟
يعني نفس الجيش الإسلامي هذا في الجملة، ما هو جيش يعتمد عليه، خلينا نقول، لكنه جيش قوي على من هو دونه في الضعف. ولذلك كان خوارزمشاه تعرفوا، حاصر الخلافة العباسية قبل سنوات من هذا الحدث، وكان يريد أن يأخذ خلافة السلاجقة. فيعني الوضع سيء.
من جهة أخرى، يذكر بعض العلماء قضية أنه ترى الذنوب والمعاصي، وأنه قد يكون تسليط هذا الجيش المغولي هو جزء من العقوبة الإلهية على قضية الذنوب والمعاصي والضعف الذي كان في المسلمين. وهذه الحقيقة، قضية المفترض أنها تكون ضمن نطاق التحليل الذي ينظر به الإنسان المؤمن للأحداث.
يعني لا ينبغي للمؤمن أن ينظر للأحداث التي فيها تدافع بين الحق والباطل، وفيها صراع بين المسلمين وأعدائهم، لا ينبغي أن يحللها تحليلاً ماديًا مجردًا، بل يجب أن يكون من ضمن أدوات التحليل ما يتعلق بالجانب الغيبي والإيمان. ومفردة من أهم مفردات الجانب الغيبي والإيمان هي مفردة الطاعة والمعصية. وهذه المفردة ذكرها الله سبحانه وتعالى في كتابه، وذكرها الله مرارًا في كتابه، وحتى لما جاءت أحداث معينة في السيرة النبوية، ذكر الله سبحانه وتعالى أن الهزيمة لم تكن بسبب سوء التخطيط، ولا بقلة عدد الجيش، وإنما كانت بالمعصية.
وهذا ذكره الله سبحانه وتعالى، مثلًا في سورة آل عمران في قوله سبحانه وتعالى: "ولقد صدقكم الله وعده إذ تحسونهم بإذنه حتى إذا فشلتم وتنازعتم في الأمر وعصيتم من بعد ما أراكم ما تحبون." منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة. ثم صرفكم عنهم ليبتليكم، ولقد عفى عنكم. وكذلك قال الله سبحانه وتعالى: "إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا، ولقد عفى الله عنهم."
فحقيقة أوضاع المسلمين لم تكن بأفضل ما يكون. لم تكن أحوالهم كأفضل ما يكون. طب، لماذا كانت أحوال المسلمين ليست على أفضل ما يكون؟ هذا يقودنا إلى الحديث عن مرحلة، طبعًا لن نتحدث عنها بشكل تفصيلي، وإنما أشير إليها. وهذه المرحلة كان في نيتي الحديث عنها قبل أن تكون النية في الحديث عن مرحلة الثار أصلًا. وهي مرحلة مهمة جدًا من الصعب فهم كثير من الأحداث في تاريخ الأمة الإسلامية إلا بفهم هذه المرحلة، وهي مرحلة سابقة لمرحلة صلاح الدين الأيوبي.
نحن في سلسلة طريق بيت المقدس أخذنا مرحلة صلاح الدين الأيوبي، لكن هناك مرحلة سابقة. هذه المرحلة السابقة، إن يسر الله وأعان، ناخذها في سلسلة إن شاء الله. وهي مهمة جدًا وخطيرة جدًا، وحقيقة أنبنى عليها في الأمة تغيير كبير، تغيير داخلي.
أنبنى عليها في الأمة تغيير داخلي كبير جدًا. وهذه المرحلة هي مرحلة سيطرة الباطنية على العالم الإسلامي. هذه المرحلة التي بدأت من أواخر القرن الثالث. أرحمك الله، من أواخر القرن الثالث وليس الرابع، يعني بدري جدًا. يعني في الـ200 وأواخر الـ200، بدأت سيطرة الباطنية على العالم الإسلامي.
ثم لما جاء القرن الرابع، كان قرنًا مليئًا بهذه السيطرة. لما جاء القرن الخامس، يعني كانت السيطرة هائلة جدًا إلى منتصف القرن الخامس تقريبًا. يعني إلى منتصف القرن الخامس. بعدين اعتدلت الكفة بالسلاجقة. ولما نقول اعتدلت الكفة، إلى حد ما، ترى مو معناه أنه انتهت. تتذكروا في سلسلة صلاح الدين الأيوبي لما قلنا كان الإسماعيليون في حلب وفي حول حلب. ولما توفي نور الدين زنكي، اشترطوا عليه، على ابن نور الدين زنكي، أن يرجعوا الأذان بحيه على خير.
العمل صح ولا لا؟ تذكروا آثار كبيرة جدًا كانت وجود الحشاشين، الذين هم يعتبروا من الباطنية. وكانوا يسموا الإسماعيليين. يعني في كتب التاريخ أكثر التاريخ الإسلامي سموهم الإسماعيليين. ما أكثر من تسمية من الحشاشين. كذا.
فهذه المرحلة ترى تركت بصمة سوداء على العالم الإسلامي وتركت آثارًا سيئة من ناحية البدع والخرافات وما إلى ذلك. ولذلك هي مرحلة تاريخية مهمة. سبحان الله، إذا أنت يعني جمعت بين الوصلات هذه والأجزاء التاريخية، ثم بعدين أخذت لك صورًا كلية، ستخرج بفوائد كبيرة جدًا في فهم تاريخ الإسلام.
والله يسهل إن شاء الله ويقدر، ونمر على هذه المرحلة لأن في نية حقيقة لتوصيل المراحل ببعض جوانبها. أخذنا السيرة النبوية. والنية طبعًا، يلا، وخلينا يعني نعلن عن هذه القضية حتى في الفضاء العام. النية القريبة جدًا، إن شاء الله، يعني حتى نشوف، يمكن إلى ما يخرج تسجيل هذه الحلقة، يمكن يكون بدأنا فيها، يعني النية إن شاء الله البدء بالسلسلة، السلسلة المطولة في السيرة النبوية، المطولة. يعني إن شاء الله، يعني من جنس حلقات، شو اسمه، اللي النية فيها، في مثلًا خير القرون أو أنوار السنة. يعني نتكلم، الله أعلم، نوصل 100 حلقة أو أكثر. يعني نية دراسة السيرة النبوية دراسة تفصيلية كاملة إن شاء الله. فالشاهد: نحن أخذنا سيرة بشكل مجمل، المصلحين، بعدين خير القرون، خير القرون، على أساس نغطي، يعني من حيث السنوات، 200 سنة و200 وشيء. بعدين رحنا الطريق إلى بيت المقدس، وبعدين الآن المغول. وأخذنا شيء في التجارب الإصلاحية.
فإن شاء الله النية أن يسر الله أنه نسد الفجوات التاريخية هذه كلها له. نكون مرينا مرورًا كاملًا من وقت النبي صلى الله عليه وسلم، من السيرة النبوية إلى التاريخ المعاصر. أكيد ما راح نقدر نمر على كل شيء، لكن على الأقل نمر ببعض الوصلات وبعض المناطق. يعني يكون في نوع من التصور.
مثل ما تعرفون، يعني ليس الهدف من هذه السلاسل التاريخية هو مجرد عرض الأحداث، لأنه عرض الأحداث حقيقة برأيي ما عاد يحتاج يعني زيادة. يمكن بعض الجوانب صحيح، لكن بشكل عام عرض الأحداث كثير وموجود. لكن قراءة التاريخ، قراءة لاستخراج عبر معينة، وبنظرة معينة، وبمنظر بالإصلاح والمنهج الإصلاحي، وقراءة السنن الإلهية، والتركيز على يعني بعض الجوانب المتعلقة بالجوانب العلمية والجوانب الشرعية وما إلى ذلك، وفهم حركة العلم من داخل المجتمع المسلم، المجتمع الشرعي. هذه القضية، يعني قليلة في الواقع. فلذلك إن شاء الله النية المرور بهذه الطريقة على أهم محطات التاريخ، من السيرة إلى الزمن المعاصر، طبعًا بسلاسل مختلفة ومتفرقة. لعله إذا وصلت تكون يعني تشكل هذه الصورة بإذن الله تعالى. ونسأل الله سبحانه وتعالى التوفيق والسداد.
طيب، خرج جنكيز خان من بلاد الصين ومنغوليا متحركًا إلى بلاد المسلمين. وهذه الحركة لا شك أن آثار هذه الحركة كانت آثارًا مهولة جدًا وخطيرة. وهذه الحركة بدأت عام 615 و616 هجري، وبقيت بعد ذلك لقرون. بقيت آثارها لقرون، مو فقط آثارها، بقيت، بقي حتى وجودها أو وجود شيء من آثارها. فإحنا الآن نتكلم عن حركة، ليس مجرد احتلال سري والمغادرة. وإن كانت هذه القرون يعني جاءت بشكل متفرق ومتقطع فيها موجات، وتغيرت الأحوال، وهم دخلوا في الإسلام، ويعني والكلام كثير، لكن إحنا أمام حدث استثنائي في التاريخ بلا شك.
المعهود أنه ابن الأثير رحمه الله هو الذي يرجع إليه في مثل هذه الحركة، وإن كان ليس كافيًا حقيقة، هناك تاريخ النسوي، وهناك تاريخ الجويني كذلك وغيره، لكن ابن كثير أحسن صياغة هذه الحركة، حركة جنكيز خان، وأحسن رصدها إلى أن توفي رحمه الله في سنة 630. وهو كل الكلام الذي كتب ابن الأثير يكتب، يعني كيف أكتب نعي الإسلام وكذا. والحال ولم يسمع بمثل هذا في التاريخ، ولن يسمع المسلمون إلى يوم القيامة ربما إلى مثل هذا الكلام. ابن الأثير هذا كله هو توفي 630، يعني هو ما أدرك من حركة المغول إلا 15 سنة. بس ما أدرك من حركة المغول إلا 15 سنة تقريبًا، فهو يتكلم عن 15 سنة. فكيف لو عاش إلى سقوط الخلافة العباسية في بغداد؟ كيف يعني كيف لو عاش إلى أن رأى صنائع هلاكو في بلاد المسلمين، سواء في بلاد الشام أو في بلاد العراق؟ فماذا كان سيقول ابن الأثير لو رأى كل ذلك؟ هو رأى فقط يعني هذه السنوات الأولى التي فعلها جنكيز خان.
فكانت القضية حقيقة تعبر عن شيء من تلك الأحداث العظام، كما مر معنا، ربما في الحلقة الأولى كلام ابن الأثير لما قال: "لقد بقيت عدة سنين معرضًا عن ذكر هذه الحادثة استعظامًا لها، كارهًا لذكرها. فأنا أقدم إليها رجلًا وآخر أخرى. فمن الذي يسهل عليه أن يكتب نعي الإسلام والمسلمين؟ ومن الذي يهون عليه ذكر ذلك؟ فيا ليت أمي لم تلدني، ويا ليتني مت قبل حدوثها، وكنت نسيًا منسيًا، إلا أني حثني جماعة من الأصدقاء على تسطيرها وأنا متوقف. ثم رأيت أن ترك ذلك لا يجدي نفعًا. فنقول: هذا الفعل يتضمن ذكر الحادثة العظمى، والمصيبة الكبرى التي عاقت الأيام والليالي عن مثلها، عمت الخلائق وخصت المسلمين. فلو قال قائل: إن العالم مذ خلق الله سبحانه وتعالى آدم والى الآن لم يبتلوا بمثلها، لكان صادقًا، فإن التواريخ لم تتضمن ما يقاربها ولا ما يدانيها."
طيب، الآن انتقال تحرك جنكيز خان بالمغول مر بمراحل في بلاد المسلمين وغيرهم. هذه الخرجة ترى يعني هو كان جيش شاهر السيف، إيش في أحد قدامه قاتله؟ وإذا خلص من منطقة متحمس، يروح للي بعدها واللي بعدها، سواء كانت منطقة مسلمين أو غير مسلمين، فهو رايح. ولكن مع ذلك، يا جماعة، ترى القضية لم تكن همجية مجردة، كانت همجية منظمة. حركة المغول كانت همجية منظمة، يعني هم عارفين إيش يسووا، وعارفين وين رايحين، ويعرفوا ملوك المناطق، ويعرفوا كيف يخاطبهم، ويعرفوا كيف يدخلوا لهم بشكل يعني خطير جدًا.
طيب، تتذكروا إحنا قسمنا الأقاليم أقاليم بلاد الإسلام، صح؟ ولا لا؟ المشرقية، قلنا من أقصى الشرق في بلاد الإسلام، إيش؟ الإقليم؟ أحسنت، إقليم تركستان. جيد، الذي فيه بلاد كاشغر أو كاشغر وفرغانة وما إلى ذلك. بعدين يجي إقليم إيش؟ ما وراء النهر، الذي هو بين نهر سيحون وبين نهر جيحون. ونهر سيحون شرق ولا غرب؟ شرق. وبعدين يجي غرب، يأتي غرب إيش؟ جيحون. هذا إقليم بلاد ما وراء النهر. والإقليم اللي بعده إقليم إيش؟ إقليم خراسان، الذي هو فيه نيسابور وبلخ وهراوات وما إلى ذلك من بلاد اللي هي الآن في أفغانستان، وفي بعض المناطق في شمال أفغانستان، وفي بعض المناطق شرق إيران، وربما بعض المناطق في شمال باكستان أو نحو ذلك. هذه منطقة خراسان. وربما تأتي كمان كذلك فيها شيء من جنوب تركمانستان.
طيب، بعد ذلك تأتي إقليم الري وهمذان وما إلى ذلك، الذي هو أحيانًا يسمى عراق العجم أو نحو ذلك. وبعدين تجي بلاد العراق، جيد، وحتى بلاد العراق تسمى مشرق في الأحاديث النبوية. ها، هذا المشرق الإسلامي، هذه أقاليم المشرق الإسلامي.
جيد، طبعًا قبل العراق تجي بلاد فارس، التي هي حتى غير عراق العجم. بلاد فارس تعتبر شرق الخليج العربي مباشرة. الإقليم شرق الخليج العربي مباشرة، يعني ما يشمل بلاد إيران كاملة للآن لا، وإنما جزء منها. طيب، الآن ابن الأثير يقول لك كيف انتقلوا في هذه الأقاليم. يقول: "فإن قومًا خرجوا من أطراف الصين فقصدوا بلاد تركستان، مثل كاشغر وبلا غون، ثم منها إلى بلاد ما وراء النهر، مثل سمرقند وبخارى، فيملكوهما ويفعلون بأهلها ما نذكره." ثم تعبر طائفة منهم إلى خراسان فيفرغ منها فيملك ويفعلون بأهلها ما عفوا. فيفرغ منها ملكًا وتخريبًا وقتلاً ونهبًا، ثم يتجاوزونها إلى الري وهمذان وبلد الجبل وما فيها من البلاد إلى حد العراق، ثم يقصدون بلاد أذربيجان. كذا، رحنا الآن إيش شمال، والآن يخربونها ويقتلون أكثر أهلها، ولم ينجُ إلا الشريد النادر. في أقل من سنة، شفتوا هذه الانتقالات في الأقاليم؟ هذا كله صار في أقل من سنة. جيد، عشان كذا ابن الأثير يقول ما سمع ما في أحد، لا بختنصر ولا الملوك القدماء، ولا ما في أحد.
ما في أحد قدر يمسك هذه الأقاليم كلها في أقل من سنة. يخترق في أقل من سنة. وطبعًا هذا اختراق كبير في عمق البلاد الإسلامية يحتاج إلى أسئلة كبيرة وإلى تحليل. وليش صار هذا كذا؟ وبالفعل العلماء حللوا شيئًا من هذا الذي يعني حصل. طيب، قال: "ثم لما فرغوا من أذربيجان ورانية، ساروا إلى دربند شيروان فملك مدنه، ولم يسلم غير القلعة التي بها ملكهم." وعبروا عندها إلى بلاد اللان واللواكس ومن في ذلك الصقع من الأمم المختلفة، فأوسعوها قتلًا ونهبًا وتخريبًا. ثم قصدوا بلاد قفجاق، الآن هم متجهين شمال أذربيجان. قصدوا بلاد قفجاق، وهم من أكثر الترك عددًا. فقتلوا كل من وقف لهم، فهرب الباقون إلى الغياض ورؤوس الجبال وفارقوا بلادهم، واستولى هؤلاء التتر عليها. فعلوا هذا في أسرع زمان لم يلبثوا إلا بمقدار مسيرهم لا غير، ومضى طائفة أخرى غير هذه الطائفة إلى غزنة وأعمالها وما يجاورها من بلاد الهند وسجستان. هذا الآن جنوب خراسان وكرمان، ففعلوا فيه مثل هؤلاء وأشد. هذا ما لم يطر الأسماع مثله، فإن الإسكندر الذي اتفق المؤرخون على أنه ملك الدنيا لم يملكها في هذه السرعة، إنما ملكها في نحو عشر سنين، ولم يقتل أحدًا، إنما رضي الناس منه بالطاعة أو رضي من الناس بالطاعة، وهؤلاء قد ملكوا أكثر المعمور من الأرض، وأحسنها وأكثَره عمرانًا، وأهلا، وأعدل أهل الأرض أخلاقًا وسيرة، في نحو سنة، ولم يبق أحد في البلاد التي لم يطرقها إلا وهو خائف يتوقع ويترقب وصولهم إليه.
ولقد بلي الإسلام والمسلمون في هذه المدة بمصائب لم يبتلَ بها أحد من الأمم، منها هؤلاء التتر، قبحهم الله أقبلوا من المشرق، ففعلوا الأفعال التي يستعظم كل من سمع بها، ومنها خروج الفرنج، لعنهم الله، من المغرب إلى الشام، وقصدهم ديار مصر، وملكهم، وملكهم ثغر دمياط. هذا طبعًا تكلمنا عنه في الحلقة الخامسة، يمكن بشكل مفصل، قصة احتلال دمياط والحملة الصليبية الخامسة وما إلى ذلك، وكانت بالفعل هي من أصعب الأحداث في تاريخ المسلمين.
قال: "ومنه أيضًا، طبعا بقي شيء ما ذكره، الذي هو إيش؟ ذكرنا، أشرت إليه في الحلقة الماضية واللي قبلها، الأندلس، أنه الأندلس في تلك المرحلة كانت تمر بأزمة شديدة جدًا على أيدي الصليبيين. وقلنا إن بعض المؤرخين ذكروا الارتباط بين الحملة اللي صارت على مصر، الحملة الصليبية الخامسة اللي صارت على دمياط، وبين الانتصار اللي صار في الأندلس، وأن البابا أراد أن يتبع انتصار المغرب بانتصار في المشرق." جيد، طبعًا بعدين إذا يسر الله نذكر كمان العلاقات، لأنه كان في أخبار وروايات تذكر إرادة التنسيق العالي من الإدارة الصليبية العليا مع الإدارة المغولية العليا، كان في إرادة تنسيق لتشكيل وحدة للقضاء على الإسلام نهائيًا. شفتوا، الإسلام والمسلمين، هذا له تاريخ قبله خمس قرون، ست قرون، أنه ترى كان في نية مسح شيء اسمه إسلام ومسلمين من الأرض.
خطه محو الإسلام، انتهى، يعني إسلام، انتهى، مسلمين ما في. شاهد أنه، فيقول: نسأل الله أن ييسر للإسلام والمسلمين نصيرًا أو نصرًا من عنده، فإن الناصر والمعين والذاكر له، وما لهم من دونه من وال، فإن هؤلاء التتر إنما استقام لهم هذا الأمر لعدم المانع. هذا ذكرناه سابقًا لعدم المانع. لم تكن القضية أنه المسلمون كانوا عاجزين عن... المسلمون الذين تو خرجوا من الجزيرة العربية، يعني حفاة عراة بسيوفهم البسيطة، ها، وأسقطوا إمبراطورية فارس وإمبراطورية الروم.
يلا يا جماعة، قولوا لي، من الذي تغير؟ إحنا الآن لما قرأنا في التاريخ، كتب التاريخ المختلفة، لما أخذنا خير القرون، والفتوحات في الشام، مر عليكم أن جيش المسلمين وصل إلى 400 ألف مقاتل. ما في؟ مر عليكم أنه في معركة في تلك المرحلة، المسلمين وصلوا إلى 100000 مقاتل. حتى ما في، جيد، وانتصروا كل تلك الانتصارات العظيمة وفتحوا البلاد. طيب، إيش اللي تغير؟ أنت الآن عندك 400000 مقاتل، ها، لماذا تكتسح هذا الاكتساح؟ تقول لي والله المغول والتتار، ترى أبشركم، حتجينا أحداث بعض المعارك، ترى صارت معارك بسيطة انتصر فيها المسلمون على التتار قبل عين جالوت. خلوكم. لا، لا، حتى في السنوات هذه، حتى في السنوات القريبة هذه، يعني ترى بعد شوية ولد خوارزم شاه، هذا اللي هو، إحنا خوارزم شاه اللي عندنا، هذا علاء الدين، ولد خوارزمشاه، أيضًا، اللي هو جلال الدين منكب بردي، هذا، ترى أول ما طلع، طلع، قام يقاتل التتار وكسرهم كم مرة، كسرهم كم مرة، كسرهم. يعني طحنهم. وبعدين انهزم. يعني كان في إمكان يعني التتار، ما هم يعني إيش الصورة المثالية التي لا تهزم؟ لا تهزم. هم بشر، ترى عادي، وأعدادهم، ترى ليست بتلك الكبيرة جدًا. يعني مثل ما ذكرنا، أنه يقال لما خرجوا كانوا 200 ألف مقاتل، 100000 مقاتل. ترى مرت على المسلمين قبل كده، يعني ما هي شيء خرافي جدًا. لا، لا، يمكن لها. لذلك يعني هي القضية دائمًا، يا جماعة، ليست في العدو الخارجي، هي القضية دائمًا ما هو حال المسلمين. ولما نقول: ما هو حال المسلمين، هذه الأشياء لا تتغير بسهولة. يعني ترى ما كان على المسلمين بسهولة أن يعدوا صفوفهم أمام حركة التتار، ويغيروا واقعهم، ويحلوا مشكلاتهم. لما سمعوا بخروج العدو، ما كانوا يقدروا على هذه القضايا. هذه مشكلات لها تاريخ. هذه مشكلات لها الجذور.
لذلك نحن اليوم نتكلم عن واقعنا، واقع مستباح، الأمة الإسلامية مستباح. أليس كذلك؟ اجتمعت عليها الأمم. طيب، إحنا إيش ناقصنا؟ ليش إحنا ما نقدر نقاوم العدو؟ ليش إحنا ما نقدر نطردهم عن أرضنا؟ ليش إحنا ما نقدر نسترد كرامتنا؟ هذه الآن عوامل تاريخية، عوامل تاريخية، تاريخية، يعني متصلة بـ 70، 80، 100 سنة الماضية. جيد. وفيها مراحل، وفيها أشياء أدت إلى مثل هذا الواقع الذي نحن فيه.
طيب، كيف يتغير هذا الواقع؟ يتغير هذا الواقع، لابد أن يكون هناك مسيرة إصلاح، تغير من الجذور التي أدت إلى مثل هذا الواقع، ولا يغير مثل هذا الواقع بصرخة أو رفع صوت أو يعني إرادة تغيير مباشرة. والكلام يعني كثير في هذه القضية.
طيب، خلينا الآن نبدأ بالتفاصيل في خروج هؤلاء القوم. الآن أقرب بلاد لهم، أقرب بلاد للتتار، ومن أقرب البلاد، اللي هي أترار. هذه أترار كانت على حدود بلاد الإسلام، وكان فيها الأمير الذي قتل التجار. قافلة تجارية خرجت من عند جنكيز خان إلى بلاد المسلمين، جاء استولى عليها هذا الأمير ظلمًا وعدوانًا. يعني صح هم كفار، بس يعني، يعني، كان في عهود مواثيق. هذا الأخ ينال خان، هذا عد على التاجر، على القافلة، وقتل التجار، وأخذ الأقمشة اللي معهم. جاء جنكيز خان من أول ما قصد هذه المدينة، اللي هي أصلاً على طرف بلاد، شو اسمه، على طرف بلاد الإسلام. وهذا ذكرته الدرس الماضي أنه إيش صار فيها قتال وكذا، وبعدين مع الأسف يعني قبضوا عليه، يعني قبضوا عليه حيًّا، على ين خان هذا إيش سوى؟ جنكيز خان جاب فضة وذوبها بالنار، وصبها في عينيه وأذنيه. جيد؟ قتل بهذه الطريقة. تعذيبًا، يعني جبار. هو جبار، ظالم، سفاك. يعني فانت يعني، يعني إنت حتسمع من هذه المصائب أمثلة وأشكال وألوان كثيرة.
طيب، خلونا اليوم رحلتنا مع ابن الأثير. تمام؟ فموسعين بالك معانا، موسعين بالك معانا، ناخذ المدن مدينة مدينة، ونشوف إيش صار. تمام؟
الأمور، وقيل في سبب خروجهم إلى بلاد الإسلام، هو ذكر السبب للخروج اللي هو إيش؟ التجار والأقمشة اللي ذكرناه بتفصيل. يقول ابن الأثير: "وهذه، نحن بس نشير لها إشارة." يقول: "وقيل في سبب خروجهم إلى بلاد الإسلام غير ذلك مما لا يذكر في بطون الدفاتر، فكان ما كان مما لست أذكره. فظن خيرًا، ولا تسأل عن الخبر." كذا يقول ابن الأثير. ابن الأثير هنا طبعًا يشير إلى الشيء، إيش يشير؟ يشير إلى ما أفصح عنه هو بنفسه في موضع آخر، إلى أن الذي حرك التتار إلى غزو بلاد المسلمين هو الخليفة العباسي الناصر. أنه هو أرسل للتتار حتى يحاربوا الخوارزميين الذين كانوا يهددوا الخلافة العباسية.
متو، شو اسمه، حاربوا، حاصروا الخلافة العباسية. لكن هذا الكلام، حقيقة، فيه نظر. الكلام هذا فيه نظر. ليس تبرئة للخلافة العباسية، وإن كانت التبرئة هي الأصل، وهو فعل محمود، يعني. لكن، طبعًا، هو نفسه الناصر الخليفة العباسي لم يكن بأفضل الأحوال. يعني كان عنده مشكلات أصلًا.
لكن حتى العوامل الموضوعية يعني قد تدل على ذلك. أولًا، يحتاج إلى إثبات. وهو نفسه ابن الأثير قال في الموضع الآخر: "قال وإن كان ما يذكره العجم صحيحًا. العجم عن الخليفة العباسي." صحيح، صحيح. من أنه هو الذي جر التتار إلى بلاد الإسلام، قال: "فهي الخطيئة التي تصغر عندها كل خطيئة."
جيد، مين العجم اللي يقصدهم؟ مين يقصد ابن الأثير؟ العجم اللي ذكره هذا عن الخليفة العباسي ها؟ لا، لا. الخوارزميين، الذين هم أعداء الخليفة العباسي. فهم يدعون أن الذي حرك المغول إليهم هو الخليفة العباسي. جيد؟ وهذا الكلام لا شك فيه نظر.
والخوارزمي، طبعًا قصة التجار هذه قصة يعني مجمع عليها بين المؤرخين. ما رأيت أحد يعني، خصوصًا أنه ذكرها النسوي، اللي هو من الخوارزميين أنفسهم، يعني فهي واضحة تمامًا لمن يتأمل في التاريخ وفي السياق. واضحة تمامًا أنه الحركة، حركة الخروج من المشرق إلى المغرب، كانت بسبب حادثة التجار. هذا الآن قولًا قول لا شك فيه. هل تمت المراسلة؟ لو لم تحدث النتيجة هذه، أنا برأيي، حقيقة فيها نظر.
هذه فيها نظر. جيد، طيب، خلينا نبدأ من بخارا. هو بعد أترار، هذه توجه جنكيز خان إلى بخارا. أنا ذكرت أنه قسم جيوشه، صح؟ جنكيز خان نفسه قسم جيشه إلى أربعة أقسام، قائد كل جيش أولاده. تمام؟ هو بعدين طبعًا، بعد ما مات، اللي تولى أولاده، هؤلاء أولاده، كل واحد منهم راح قسم من بلاد الإسلام، وهو بنفسه جنكيز خان قاد الجيش المتوجه إلى بخارا. تمام؟ إحنا عندنا إقليم ما وراء النهر، هذا الإقليم العظيم، الذي خرج منه العلماء الكبار، من أهمهم الإمام البخاري وغيرهم، العلماء والأئمة الكبار. هذا الإقليم، أهم مدينتين فيه: بخارا وسمرقند. أهم مدينتين فيه. وهذه المدينتين هي اللي بنفسه جنكيز خان حاصرها. جيد. بدأ ببخارى. الذي حصل في بخارا لا شك أنه أمر عظيم جدًا. نذكر سياقه من تاريخ ابن الأثير.
قال: "وكان قد بقي." طيب، وأما الكفار، فإنهم رحلوا بعد أن استعدوا يطلبون ما وراء النهر، فوصلوا إلى بخارا بعد خمسة أشهر من وصول خوارزم شاه، وحصرها، وقاتلوا ثلاثة أيام قتالًا شديدًا متتابعًا. يعني حصل مقاومة. بعدين، احنا يهمنا بعد شوية إن شاء الله أنه إيش الموقف من مقاومة التتار. بعدين حتى كك سؤال شرعي، يعني: أنت أمام عدو خلاص، يعني خاصة البلاد اللي بعدين، اللي بعد ما احتلت هذه البلاد كلها. طيب، أنت الآن مدينة واحدة، المدينة هذه فيها عدد قليل، هل تقاتل هذا العدو الغاشم، ولا تستسلم له؟ جيد. طبعًا الاستسلام عند التتار، من خلال ما قرأت في التاريخ، على قسمين: إذا استسلمت بعد ما عضوك بالسيف، فراحت عليك، يعني احتمال الغدر كبير جدًا، وياما فعلوه. يعني يعطوا الأمان بعدين يغدروا بأهل البلد.
أما إذا استسلمت قبل، وقدم دمتم، كما يقال، قرابين الطاعة والولاء، فهنا يتركونك وما يسووا لك شيئًا. جيد؟ وبس. حيحتاج منك ناس في جيشهم وكذا، والى آخره. طيب، خلال ذلك صار في بعض المدن قاومت مقاومة شديدة. راح يجينا إن شاء الله. وحتى في هذه الحلقة راح يجينا بعض العلماء الذين استشهدوا أثناء القتال مع التتار في الدفاع عن مدنهم. جيد؟
فكان... طيب، فلما أصبح أهل البلد، عفوا، وقاتلوه ثلاثة أيام قتالًا شديدًا متتابعًا، فلم يكن للعسكر الخوارزمي بهم قوة، ففارق البلد عائدين إلى خراسان. قلنا إحنا يا جماعة، جزء أساسي من تسهيل مرور العدو هو طبيعة العسكر الخوارزمي. إنه عسكر لا، ما عندهم وحدة جامعة. طبعًا، لا تسألني تقول لي روح الجهاد، يعني استحضار قتال في سبيل الله، كذا، هذه كانت روح منخفضة جدًا عند المسلمين، عند المقاتلين، وليس عند أهالي البلدان. أهالي البلاد، كان عندهم هذه الروح. يعني كان في ناس يقاوموا داخل البلدان، يدافعوا الجهاد في سبيل الله وحماية الأهل. هؤلاء العسكر، جيش إسلامي في الجملة، وفي كفار، زي ما قلنا، هؤلاء العسكر، لا، يعني هؤلاء العسكر الخوارزميين، اللي هو وين وجه الخوارزمي؟ خيله هم معه، لأنه هم نفس العسكر ذول اللي قبل شويه اللي حاصروا الخلافة العباسية.
يعني عسكر مشي حالك. تمام، مشي حالك. فهذا، هؤلاء العسكر في القلاع الأولى، هذه طريقتهم، يبداوا إذا شافوا أن الوضع ما هو ضابط، ياخذوا بعضهم ويهربوا. تمام، الآن في بخارا، لما قاتلوا، قاتلوا ثلاثة أيام، فلم يكن للعسكر الخوارزمي بهم قوة، ففارق البلد عائدين إلى خراسان. فلما أصبح أهل البلد وليس عندهم من العسكري أحد، ضعفت نفوسهم، طبعًا، العسكر هؤلاء كم كان عددهم؟ كان عددهم تقريبًا 200 ألف مقاتل. 20 ألف مقاتل. لما أصبح أهل البلد وليس عندهم من العسكري أحد، ضعفت نفوسهم، فأرسلوا القاضي، وهو بدر الدين قاضي خان، ليطلب الأمان للناس. فأعطوه الأمان. وكان قد بقي من العسكر طائفة لم يمكنهم الهرب من أصحابهم. فاعتصموا بالقلعة، القلعة التي هي داخل الحصن.
فلما أجابهم جنكيز خان إلى الأمان، تمام، فتحت أبواب المدينة يوم الثلاثاء رابع ذي الحجة من سنة 616 هجري. فدخل الكفار بخارى، ولم يتعرضوا لأحد، بل قالوا لهم: "كل ما هو للسلطان عندكم من ذخيرة وغيرها، أخرجوه إلينا، وساعدونا على قتال من بالقلعة." تمام، احنا الآن أعطيناكم الأمان، وفي ناس باقي من عسكر داخل القلعة. ممتاز، يلا، تعالوا معان الآن عشان نخلص هذه البلاد من الإرهابيين الموجودين داخل القلعة.
طيب، فدخلوا وأظهروا عندهم العدل وحسن السيرة. ودخل جنكيز خان بنفسه، وأحاط بالقلعة، ونادى في البلد بأن لا يتخلف أحد، ومن تخلف قتل. طبعًا، هذه كمان ترى، هذه الحركة في التاريخ هي واحدة من أبواب دراسة موضوع الإكراه، وما الإكراه، لأنه صار في موالاة كبيرة للكفار على المسلمين، أو مظاهرة للكفار على المسلمين تحت سيف. تحت السيف. وهذه يعني أيضًا من الأشياء، اللي يعني إن وجدنا فرصة نذكرها إن شاء الله.
أكرها، أقصد من ناحية التحرير. يعني، طيب، ودخل جنكيز خان بنفسه، وأحاط بالقلعة، ونادى في البلد أن لا يتخلف أحد، ومن تخلف قتل. فحضروا جميعهم. أو جميعهم. فامرهم بطم الخندق، القلعة الداخلية، حولها خندق للحماية. فطم موه بالأخشاب والتراب وغير ذلك. حتى إن الكفار كانوا يأخذون المنابر ويربُعت القرآن فيلقون في الخندق. فإنا لله وإنا إليه راجعون. ثم قال ابن الأثير: "وبحق سمى الله نفسه صبورا حليما، وإلا كان خسف بهم الأرض عند فعل مثل هذا." ثم تابعوا الزحف إلى القلعة، وبها نحو 400 فارس من المسلمين. فبذلوا جهدهم، ومنعوا القلعة 12 يومًا يقاتلون جميع الكفار، يقاتلون جميع الكفار وأهل البلد. تعرف، العدو، هذا يعني عدو مجرم. فعلاً، فعلاً، أمة ابتليت بهذا العدو. فعلاً، عدو مجرم، عارف. يعني، عدو، حتى ترى أحيانًا لما تيجي تقيس ببعض الأعداء المجرمين الموجودين في هذا الزمن، اللي هم أسرفوا في المسلمين قتلًا. ها، تجي تقارن، تقول: يعني مثل هذول ولا أشد؟ ولا مين أشد من الثاني؟ ترى في جرائم، ترى يعني حصلت على المسلمين، أنا أزعم أنها لم تحصل اليوم. لم تحصل اليوم. على الأقل، في الحروب، وإن كان ما نسمع عن بعض السجون، مثلاً، والتعذيب الذي فيها، لا، قد ما يكون مر سابقًا في التاريخ، لكن في الحروب، وفي القتال، وفي القتل، والذبح في المعارك، لا، اللي حصل في زمن المغول برأيي ما حصل في هذا الزمن، جيد، مع كل ما نرى من الجرائم.
يعني يقول: ثم تابعوا الزحف. كم قلنا؟ منعوا القلعة 12 يومًا يقاتلون جميع الكفار وأهل البلد. فقتل بعضهم، ولم يزالوا كذلك حتى زحفوا إليهم، ووصل النقاب إلى سور القلعة. فنقب واشتد حينئذ القتال، ومن بها من المسلمين يرمون ما يجدون من حجارة ونار وسهام. ها، يعني اللي باليد، خلص، هذا حتى لو بالحجر. فغضب اللعين، ورد أصحابه ذلك اليوم، وباكر من الغد، فجدوا في القتال، وقد تعب من بالقلعة. ونصبوا، وجاءهم ما لا قبل لهم به، فقهر الكفار ودخلوا القلعة، وقاتلهم المسلمون الذين كانوا فيها حتى قتلوا عن آخرهم. وهذه بطولة ورجولة وشجاعة. ولذلك هذا الجيش، إحنا ذميمين. هذا الجيش، لا شك أنه هو الجيش في الجملة. جيش مذموم. يعني أقصد، ليس على قدر حماية الإسلام، ولكن فيه أكيد بقايا فيه خير، فيه أناس ذوي شجاعة.
فلما فرغ من القلعة، نادى أن يكتب له وجوه الناس ورؤسائهم. ففعلوا ذلك. فلما عرضوا عليه، أمر بإحضاره. فحضر. تمام. فقال: "أريد منكم النقره التي باعكم خوارزم شاه، فإنها لي، ومن أصحابي أخذت، وهي عندكم الآن." هو جنكيز خان جاي يستعرض. يتفنن، تفنن. أنتم أمان. يلا أمان، خلاص، تمام. يلا، فتحنا، تعالوا قاتلوا معاي. القلعة، ولو سمحتوا، اردموا الخندق هذا حق القلعة عشان أعبر أنا عليه، وقاتل القلعة. تمام، خلصنا، قتلنا اللي في القلعة. يلا، تعالوا نجيكم الحين الشيء الثاني، طلعوا لي البضائع اللي بيعت لكم من صاحب خوارزمشاه، اللي أخذت من القافلة حق التجار اللي جاوا من بلادي. يلا، طلعوا لي إياها. تمام؟ فأحضر كل من كان عنده شيء منها بين يديه، ثم أمرهم بالخروج من البلد.
هذا الحين الشيء الثالث. يلا، برا الباب. فخرجوا من البلد مجردين من أموالهم، ليس مع أحد منهم غير ثيابه التي عليه. ودخل الكفار البلد، فنهبوا وقتلوا من وجد فيه. وأحاط بالمسلمين، فأمر أصحابه أن يقتسموا. وهم فاقتسموا. وكان يومًا عظيمًا، يقول ابن الأثير، من كثرة البكاء من الرجال والنساء والولدان. وتفرقوا أيادي سبا. وتمزق كل ممزق. واقتسموا النساء أيضًا، وأصبحت بخارى خاوية على عروشها، كان لم تُغنَ بالأمس. وارتكبوا من النساء العظيم، والناس ينظرون، ولا يستطيعون أن يدفعوا عن أنفسهم شيئًا مما نزل بهم.
فمنهم من لم يرضَ بذلك، واختار الموت على ذلك، فقاتل حتى قتل. وممن فعل ذلك، واختار أن يقتل ولا يرى ما نزل بالمسلمين، الفقيه الإمام ركن الدين، إمام زاده، وولده، فإنهما لما رأيا ما يفعل بالحرم، قاتلا حتى قتلا. وكذلك فعل القاضي صدر الدين خان. ومن استسلم... طيب، وكذلك فعل القاضي صدر الدين خان. ومن استسلم أخذ أسيرًا، والقوا النار في البلد. الحين لاحظ، عارف، يعني محاور تهجير، صار قتل، اغتصاب. الآن بعد ما قتلوا الناس الباقية في البلد، الحين إيش بدأوا يحرقوا؟ يحرقوا ويخربوا المكان، والقوا النار في البلد، والمدارس، والمساجد، وعذبوا الناس بأنواع العذاب في طلب المال، ثم رحلوا نحو سمرقند.
وقد تحققوا عجز خوارزم شاه عنهم، وهم بمكانه بين ترمذ، وهو بمكانه بين ترمذ وبلخ. واستصحب معهم من سلم من أهل بخارى أسرى. فساروا بهم مشاة على أقبح صورة. فكل من أعيا وعجز عن المشي قتلوه. فلما قاربوا سمرقند، قدموا الخيالة، وتركوا الرجالة والأسرى والأثقال ورائهم حتى تقدموا شيئًا فشيئًا ليكون إرعابًا لقلوب المسلمين. فلما رأى أهل البلد سوادهم، استعظم. الحين يا جماعة، بخارى، هذه لا شك أنها بلد عظيم من بلاد الإسلام ولها تاريخ عظيم، لكن سمرقند في تلك المرحلة أهم منها. أهم منها من ناحية حتى كانت سياسية. يعني فيها عسكر أكثر.
يعني قلنا الكتيبة، ولا الكتائب العسكرية اللي كانت موجودة في بخارى، كانت 200 ألف مقاتل، اللي في سمرقند كانت 50 ألف مقاتل من الخوارزميين، وهي مدينة أكبر. يعني من ناحية المساحة لها. يعني يبدو أنها كانت كأنها كانت عاصمة إقليم ما وراء النهر.
هذا طيب الحين سمر قند يعني إحنا أمام هذه المدينة. إذا سقطت، خلاص سقط إقليم ما وراء النهر. لما نقول إقليم يا جماعة، ترى إحنا نتكلم عن شيء كبير. إقليم، يعني نتكلم عن، عارف، يعني بلاد الإسلام من الصين إلى العراق، تراها كلها أربعة أقاليم تقريبًا أو خمسة أقاليم. فهذا إقليم أساسي منها.
طيب، لما كان... طيب، لما كان اليوم الثاني، اليوم الأول الوصول، يوم كان اليوم الثاني، وصل الأسرى والرجالة والأثقال، ومع كل عشرة من الأسرى علم. فظن أهل البلد أن الجميع عساكر مقاتلة، وأحاط بالبلد، وفيه 5 آلاف مقاتل من الخوارزميين. وأما عامة البلد فلا يحصون كثرة. فخرج إليهم شجعان أهله وأهل الجلد والقوة، رجاله. هذا الآن رواية ابن الأثير. ونشوف إذا في رواية ثانية. طبعًا، هذه تعتبر بطولة وقوة من ناحية الشجاعة. ولا شك، أنهم كانوا شجعان.
أنه ترى في ناس من أهل البلد، من أهل القتال والجهاد، لما رأوا التتار، فكوا الباب وخرجوا لهم قتاله. قال: خرج ولم يخرج معهم العسكر الخوارزمي، 500 ألف. وهذا دائمًا حتشوف، أنه ترى العسكر الخوارزمي هم هم أهم سبب من الناحية التكتيكية. ها، في سرعة التقدم. المقولة، هذا واضح، يعني. فخرج إليهم شجعان أهل البلد وأهل الجلد والقوة، رجاله، ولم يخرج معهم من العسكر الخوارزمي أحد. لما في قلوبهم من خوف هؤلاء الملاعين.
فقاتلهم الرجال بظاهر البلد، فلم يزل التتر يتأخرون، وأهل البلد يتبعونهم، ويطمعون فيهم. وكان الكفار قد كملوا لهم كمينًا. فلما جاوزوا الكمين خرج عليهم، وحال بينهم وبين البلد، ورجع الباقون الذين أنشب القتال أولًا، فبقوا في الوسط، وأخذهم السيف من كل جانب، فلم يسلم منهم أحد، قُتلوا عن آخرهم، شهداء، رضي الله عنهم. وكانوا على ما قيل، هؤلاء الذين خرجوا، وكانوا على ما قيل 70 ألفًا. الأعداد، الله المستعان، يعني، يعني الأعداد كله بالفو. يعني، عارف، بالعالي، يعني الأعداد. وهذا يعني المحزن والمؤذي، والله المستعان. لكن عمومًا، في رواية أخرى سأذكرها من مصدر أعلى، وابن الأثير معاصر، لا شك. وبالمناسبة، ابن الأثير، ترى كان يروي حتى عن شهود عيان، يعني، يعني بعض الفقهاء والعلماء الذين رحلوا من بخارى نتيجة إخراج التتار.
لما وصلوا، صاروا يمون. فابن الأثير كان يسمع منهم. جيد، طيب، فلما رأى الباقون من الجند والعامة ذلك، اللي هو أنه قتل هؤلاء الذين خرجوا، ضعفت نفوسهم، وأيقنوا بالهلاك. فقال الجند، وكانوا أتراك: "نحن من جنس هؤلاء، ولا نقاتل، لولا لوننا." فطلبوا الأمان، فأجابهم إلى ذلك. ففتحوا البلد، ولم يقدر العامة على منعهم. وخرجوا إلى الكفار بأهلهم وأموالهم. فقال لهم الكفار: "ادفعوا إلينا سلاحكم وأموالكم ودواب، ونحن نسير إلى مأمنكم." ففعلوا ذلك. فلما أخذوا أسلحتهم ودوابهم، وضعوا السيف فيهم وقتلوهم عن آخرهم، وأخذوا أموالهم ودوابهم ونسائهم.
فلما كان اليوم الرابع، نادوا في البلد أن يخرج أهله جميعهم، ومن تأخر قتلوه. فخرج جميع الرجال والنساء والصبيان، ففعلوا مع أهل سمرقند مثل ما فعلوا مع أهل بخارى، من النهب والقتل والسبي والفساد. ودخلوا البلد، فنهبوا ما فيه، وأحرقوا الجامع، وتركوا باقي البلد على حاله، وافتضحوا، وعذبوا الناس بأنواع العذاب في طلب المال، وقتلوا من لم يصلح للسبي، وكان ذلك في المحرم سنة 70600. وكان خوارزمشاه بمنزلته، كلما اجتمع إليه عسكر، سيره إلى سمرقند، فيرجعون ولا يقدرون على الوصول إليها. نعوذ بالله من الخذلان. سير مرة 100 الفارس، فعادوا كالمهزومين من غير قتال. وسير 20 ألف، فعادوا أيضًا.
طيب، هذا الآن ما هي إقليم ما وراء النهر. خلينا نشوف صاحبنا النسوي، اللي هو يعني كان مع الخوارزميين. ما كان طبعًا في بخارى وسمرقند، بس أنه كان في بلاد الخوارز مشا وكان مسؤول.
يعني، ذكر، ذكر يعني الرواية بطريقته، الأسلوب، السجع. يعني يقول: "لما بلغ استيلاء جنكيز خان على أترار، وقتله على أهله، على أترار، وقتله لينال خان، ومن كان معهم العسكر، أقام بحدود ذكر منطقتين، منتظراً وصول الجموع." طيب، ثم قال: "فساق جنكيز خان بعد استيلائه على أترار إلى بخارى، وهي أقرب المدن إلى مراكز الرايات السلطانية. يحاصرها، وقد قصد بذلك أن يقطع بين السلطان وبين عساكره المتفرقة، حتى لو بدا له فيما فعل من تفريقهم، لم يقدر على جمعهم. فحط على بخارى محاصرًا، وبمن ساقهم من رجاله أترار، وخيالهم متكاثر، وداوم القتال عليها ليلاً ونهارًا، حتى استولى عليها عنوة أو عنوة واقتدارًا."
ولما رأى كشلي أمير أخور ومن معه من أصحاب السلطان أنها أشرفت على الأخذ، تجادلوا واستبدلوا بمسكة العزائم هتكه الهزائم. سيد، يعني هم تذكر، هو قال، ابن الأثير، كم قاوموا أهل بخارى؟ ثلاثة أيام، لا، 12 يومًا، إلا في القلعة، مقاتل ثلاثة أيام، إيه، واجمعوا على أن يخرجوا. فتحملوا حملة رجل واحد، شوف هذه الحادثة، مثلًا، ما ذكرها ابن الأثير.
جيد؟ يقول: "تحملوا حملة"، فحملوا حملة رجل واحد، تنفيسًا للخناق، وفكاكًا من شدة الإرهاق، ففعلوا وخرجوا. ولو أرادوا، عفوا، ولو أراد الله سبحانه وتعالى، أن ينصرهم، لافلحوا. ولما رأى التتار أن الأمر جد، والخطبة جد، والحد حديد، والبأس شديد، انهزموا من قدامهم. شوف، هذه اللي إحنا نقول، ترى التتار كانوا ينكسروا. وفتحوا لهم طريق انهزامهم. فلو أن المسلمين أردفوا الحملة بأخرى، كاسرة في أدبارهم، مدخنة في غمارهم، لاستمرت الهزيمة بهم. غير أنهم، لأن زمنهم، قنعوا بالخلاص.
ولما علم التتار أن قصار النجاة، جدوا في طلبهم، وسدوا عليهم وجوه مهربة، وتبعوه إلى حافة جيحون. فلم ينجُ منهم إلا إينان خان، بشرد يسيره. وشمل القتل معظم ذلك الجيش، وغنم التتار من الأموال والأسلحة والعباد والعدة ما ارتاش به أحوالهم، وأمرت رحالهم. زيد، إحنا الآن وين؟ قيادة، القيادة العليا للجيش الإسلامي، خوارزمشاه. خوارزمشاه وين؟ راح إلى، راح غربًا، يعني عبر نهر جيحون، يعني دخل إلى إقليم خراسان، وربما وصل إلى ما بعد خراسان يجمع الجيوش.
جيد؟ لما فاجأ السلطان خبر هذه الحادثة الكارثة، أقلقه وأكَده وضعف عن كل شيء، ألب قلبه ويده فعبر جيحون بائسًا، وعن بلاد ما وراء النهر، إي، وفارقه إلى التتار عند اضطراب حاله وفناء رجاله، المقدمين من بني أخواله سبعة آلاف من الخطائي. هنا يعلق بتعليق، يعني، أيضًا يقول: "وهل بلغك أن طائفة خرجت من مطلع الشمس فقطعت الأرض إلى باب الأبواب، فعبرت إلى بلاد قفجاق، وشنت على قبائلها غارة شعواء، وخبطت بالسيوف خبطًا عشواء، فلم يدس أرضًا إلا نهبها، ولا بلدا إلا خربها، ثم رجعت إلى صاحبها عن طريق من؟ طريق أخو بعد."
هذه الدول سانم غانمه إلى آخر الكلام. أكتفي الآن بإقليم ما وراء النهر. بلاد ما وراء النهر باقي تفاصيل مثل هذه في الأقاليم اللي ما بعد بلاد ما وراء النهر، خراسان، يعني بلخ كان فيها قتال، كان فيها استيلاء، مرو صار فيها مصيبة. بعدين تاتينا خوارزم شاه نفسها.
الآن أريد أن أنتقل إلى ذكر بعض ما ذكره الذهبي في "ميزان العبادلة" من ذكرهم من العلماء الذين كان لهم شيء في المقاومة. فقال في المجلد الثاني، والش صفحة 107، السمعاني قال: "الشيخ الإمام العلامة المفتي المحدث فخر الدين أبو المظفر عبد الرحيم بن الحافظ الكبير أبي سعد السمعاني المروزي الشافعي، انتهت إليه رئاسة الشافعية ببلده، وكان معظما محترما." قاله ابن النجار.
طيب، الشاهد أنه مما ذكره عنه، طبعًا هو من شيوخ ابن الصلاح صاحب الحديث، ها، قال: "قرأت عليه في 40 ابن الفراوي في حديث" إلى آخره. قلت: قال الذهبي: "عدم في دخول التتار في آخر سنة 7 عش أو في أول سنة 18م عش." عدم يعني خلاص، عارف، فقد يعني كانت الحادثة عامة، بحيث أنه بعض الناس وبعض الأعيان وبعض العلماء لم يعرف خبرهم. فيكون من جملة القتلى أو من جملة يعني من فقد في تلك الأحداث. فهذا واحد. الثاني ابن الصفار يقول عنه الذهبي: "الإمام الفقيه المسند الجليل أبو بكر القاسم ابن الشيخ أبي سعد النيسابوري، ابن الصفار الشافعي مفتي خراسان." مفتي خراسان، طبعًا ليس بلداً واحدًا، هذا إقليم. أ، فكان هذا من العلماء الكبار. قال عنه الذهبي: "دخلت الترك نيسابور." نيسابور من أي بلاد؟ خراسان طبعًا في سنة 17 و600 ولم يتمكنوا من دخولها، قتل مقدمهم بسهم، غرب، فرجعوا عنها. ثم عادوا إليها في سنة 18 عش، وأخرجوا وأخذوها، وأخربها، وقتلوا رجالها ونساءها، إلا من شاء الله، واستشهد شيخنا القاسم ابن الصفار فيهم.
هذا ابن الصفار رحمه الله، كان من جملة من قاتل واستشهد في تلك الحادثة. طبعًا، هذه نيسابور، واضح أن هم إيش مرتين، يعني المرة الأولى جاؤوا فما استطاعوا أن يأخذوها. المرة الثانية أخذوها. في شخص آخر، يعني سيرته فيها تفصيل، الذي هو نجم الدين الكبراء كذا، الكبرى. ويعني يختلف في ضبط هذا اللفظ، الشيخ الإمام العلام القدوة المحدث الشهيد شيخ خراسان نجم الكبراء، ويقال نجم الدين الكبرى. يعني قيل الكبراء، قيل الكبرى.
طبعًا، ذكروا إيش سبب هذا اللقب ما يهمنا الآن. طاف في طلب الحديث، وسمع من أبي طاهر السلفي. تخيل، هذا الآن في خراسان وسمع من أبي طاهر السلف. اللي وين؟ كان في الإسكندرية. تمام؟ طيب، قال ابن نقطه عنه: "هو شافعي إمام في السنة". قال: "عمر بن الحاجب، طاف البلاد، وسمع، واستوطن خوارزم، وصار شيخ تلك الناحية، وكان صاحب حديث وسنة."
شوفوا، شوف العبارات الجميلة، كان صاحب حديث وسنة، ملجأ للغرباء. شوف الجملة الرهيبة الجميلة اللطيفة. بين قوسين، الآنسانية، يعني بالمصطلح المعاصر، ملجأ للغرباء. عظيم الجاه، لا يخاف في الله لومة لائم.
طيب، يعني هو سيرته عشان في أشياء، فإني أقتض شويه. الشاهد، موضوع التتار، بس يعني فيها الذهبي كذا، سوى توقيعه، من توقيعات الذهبي، ما تقدر تتركها. فإيش يقول، قال ابن هلال: "جلست عنده في الخلوة مرارًا عند الشيخ نجم الدين الكبرى، وشاهدت أمورًا عجيبة، وسمعت من يخاطبني بأشياء حسنة." قلت لكم، في ذاك المرحلة كانت منتشره موضوع إيش، الكرامات. والكذاب. هلاله يقول: "أنا جلست عند الشيخ هذا، وسمعت أشياء عجيب. سمعت من يخاطبني بأشياء حسنة." يعني مثل يسمع صوت، يعني كأنه يعني كرامة، وشيء فقال الذهبي: "قلت: لا وجود لمن خاطبك في خلوتك مع جوعك المفرط، بل هو سماع كلام في الدماغ الذي قد طاش وفاش، وبقي قرعة كما يتم للمبرمج بالحمى والمجنون، فجزم بهذا، واعتبد الله بالسنن الثابتة تفلح." شاهد، هذا تعليق الذهبي على سمعت أشياء.
طيب، قيل إنه فسر القرآن في اثني عشر مجلداً، وقد ذهب إليه فخر الدين الرازي، صاحب التصانيف. فخر الدين الرازي، مر معنا سابقًا، في أنه كان اللي كتب للعادل. هذا مو تعريف بالرازي، هذا تعريف من جهة سياق السلسلة ترى، فخر الدين الرازي. هذا كان أحد المقربين من خوارزمشاه.
جيد، وممكن بعدين أذكر في سياق آخر، اللي هو في سياق انتشار علم الكلام في تلك المرحلة. وتأثير ذلك، وفي نفس الوقت في بلاد الشام، بدأ ينتشر التصوف الغالي. يعني في تلك المرحلة كان في كلام كثير في موضوع الحلول والاتحاد. ها، الطوائف هذه اللي هي كانت في تلك المرحلة. وهذا ترى يفسر شيئاً أيضًا ربما من الأوضاع الداخلية للعالم الإسلامي. الشاهد، قيل إنه فسر القرآن في 12 مجلداً. ذهب إليه فخر الدين الرازي، صاحب التصانيف، وناظر بين يديه فقيهًا في معرفة الله وتوحيده، فأطال الجدال، ثم سأل الشيخ عن علم المعرفة اثنين. الرازي والثاني يسألوا الشيخ نجم الدين الكبرى. فقال: "هي واردات ترد على النفوس، تعجز النفوس عن ردها."
فسأله فخر الدين: "كيف الوصول إلى إدراك ذلك؟" فقال عن الشيخ نجم الدين الكبرى: "قال: بترك ما أنت فيه من الرئاسة والحظوظ." قال: "هذا ما أقدر عليه." وأما رفيقه: "فزهد وتجرد، وصاحب الشيخ."
جيد، هذه الآن مقدمة عن نجم الدين الكبرى. الآن يأتي موضع الشاهد. يقول الذهبي: "نزلت التتار على خوارزم في ربيع الأول سنة 18 و600." جيد، فخرج نجم الدين الكبرى في من خرج للجهاد. فقاتلوا على باب البلد. وهذا برضه اش شوف لاحظ أن يكون القتال في بخارى، هذا سهل. ليش؟ لأنه بخارى أول اصطدام حقيقي مع التتار، لسه ما نعرفهم كويس، جيد. لكن تجي في بداية سنة 618، بعد ما التتار سووا كل شيء في بلاد الإسلام، واغتصبوا وذبحوا وقتلوا واستولوا على البلاد، وحرقوا الدنيا، وتقاعسوا. فاهم الفكرة، يعني بعد هذا كله تقاوم. فهذا شيء غريب.
هذا الآن دور الشيخ نجم الدين الكبرى رحمه الله. طبعًا، أنا ذكرت صير هذا يبين مكانته، حقيقة، ليس يعني ليس شيخًا، يعني خلينا نقول مغمورًا. أ كان دوره في القتال، حتى أوسع من ذلك، لعلي اليوم ما أتيت بمصدر، لعلي إن شاء الله في اللقاء القادم أتي بمصدر آخر، ذكر في دوره التفصيلي في ذلك القتال. يعني هو كان له دور أكثر تفصيلاً من هذا الإجمال، لكن الشاهد أنه خرج نجم الدين الكبرى في من خرج للجهاد، يعني هي كانت فيها فعلاً خروج للجهاد، أكثر من كونها مجرد أنه ما بيدنا شيء، فهمت؟ فقَاتلوا على باب البلد حتى قتلوا، رضي الله عنهم، وقتل الشيخ وهو في عشر الثمانين، رحمه الله تعالى.
وعن كلامه شيء من تصوف الحكماء. ثم، إلى آخر الكلام، ما بقي شيء في سيرته. طيب، رحمهم الله جميعًا. هذا شيء من ذكر أحوال هؤلاء. بعض يعني بعض هؤلاء العلماء الذين قاتلوا التتار في تلك المرحلة.
طيب، صليتوا على النبي يا جماعة. إحنا الآن سنة كم؟ يعني إحنا بدينا بالحدث 616، 617. ما مشينا بالترتيب. إحنا ترى في الحلقة الماضية وصلنا 618، الحلقة الماضية. صح؟ وصلنا سنة 618 في مصر، اللي هو في تحرير دمياط. صح؟ لأنه هي حررت سنة 618. خل والله كان في البال ناخذ شيء من عاقبة خوارزم شاه نفسه، لأنه في أبيات جميلة كان بدي أذكرها هنا ذكرها النسوي. طبعًا، أعطيكم إياها باختصار. يعني خوارزم شاه كان فترة يجمع الجيوش، ويرسلهم عشان يقاتلوا، ما ما لحق يعني يصل النتيجة واضحة. فبدأ، طبعًا، أشاور الناس اللي معاه، إيش نسوي. فجاء أحد الوزراء، كان وزيرًا عند ابنه، ابن خوارزم شاه، جهة العراق. جيد، فاستشاره خوارزم شاه أنه إيش نسوي، فقال له: "تعال عندنا في العراق، هناك الأمور طيبة." هو كانت له نية شخصية في هذه الاستشارة.
وبالفعل قرر أنه يذهب. والتتار سمعوا به خلاص. التتار الآن، أو المغول، عرفوا أنه ما في مقاوم. ما في مقاوم مركزي. يعني ما في قائد. ما في سلطان. ما في جيش. فتشجعوا أكثر، فصاروا يلاحقوا. هو دخل في مسلسل طويل اسمه مسلسل الهروب. خوارزم شاه دخل في مسلسل طويل اسمه الهروب. ما يعني يدخل المدينة أحيانًا، يدخل المدينة، يجلس فيها ساعة. التتار وراه، وراه مضيقين عليه النفس. يعني يسمع، أول ما يدخل يسمع أنهم قربوا. يا ياخذ اللي معاه، ويهرب. وهرب، هرب، هرب. آخر شيء، آخر شيء يعني وصلوا له تمامًا. فهو ركب سفينة في بحر قزوين، اللي هو في شمال إيران. حتى أنهم رموا عليه بالسهام، وحتى أنه بعض السهام وصلت إلى القارب، القارب اللي هو فيه، لكنه هرب. وصل إلى الجزيرة، ومعاه مجموعة من اللي معاه، وبدأ في ذاك الوقت، إيش يعني، يتذكر أنه هو إنسان ضعيف، وأنه هو عبد لله، وأنه يعني الملوك يعني والملك ذهب وكذا، وكان مريض. وبعدين مات، ودفن في هذه الجزيرة. مات على طول في نفس السنة، يعني توفي سنة 617 أو 618.
شايف. فالشاهد أنه، قال: "وحدثني غير واحد ممن كان مع السلطان في المركب." يعني هذا الآن، مو شاهد على العصر، شاهد يعني في الحدث بشكل مباشر. هذا النسوي يقول: "قلنا نسوق المركب، وبسلطان من علة ذات الجنب. ما أيسه الحياة. وهو يظهر الاكتئاب ضجرًا، ويقول: لم يبق لنا مما ملكناه من أقاليم الأرض، قدر ذراعين نحفر قبرًا." تمام. فما الدنيا لسكانها بدار. ولا ركونة إليها. سو أنخداع، ترى ما هي إلا رباط يدخل من باب، ويخرج من باب، فاعتبروا يا أولي الألباب. قال: "فلما وصل إلى الجزيرة، سر بذلك سرورًا تامًا، وأقام بها طريدًا فريدًا." هذا اللي ملك من بلاد الصين إلى حدود العراق. ها، طيب، وأقام بها طريدًا فريدًا لا يملك طارفًا ولا تريدا. والمرض يزداد. وكان في أهل مازندران، ناس يتقربون إليه بالماك وما يشتهيه. فقال في بعض الأيام: "أشتهي أن يكون عندي فرس يرعى حول خيمتي." إلى آخر الكلام. ذكر تفاصيل. ولما حل بالسلطان، وهو بالجزيرة، حمامة، اللي هو الموت، وانقضت لانقضاء الدهر عياله. غسله سهم الحشم أو الحشم شمس الدين محمود. إلى آخره، ومقرب الدين الملقب بكذا. وما عنده ما يكنونه به. فكفنه شمس الدين محمود المذكور بقميصه، ودفن بالجزيرة سنة 70600 في نفس هذه السنة.
ثم ذكر أبيات جميلة، فقال: "أذل الملوك وصاد القروم." هذا، ترى خوارزمشاه، ترى داهية، ترى داهية. هذا يعني هو، اللي هو اللي استرد إقليم ما وراء النهر. ترى إقليم ما وراء النهر، كنا، كان في بيد الخطا. هو اللي استرد هذا الإقليم، وحارب الناس، وحارب كل البلاد اللي حوله، واستولى على البلاد، وإلى أن وصل إلى الخلافة، إلى جهة الخلافة العباسية، بيستولي عليها. فيقول عنه: "أذل الملوك وصاد القروم، وصير كل عزيز ذليلاً." وحف الملوك به خاضعين، وزف إليه رعي رعي. فلما تمكن من أمره وصارت له الأرض إلا قليلاً، وأوه العز، إن الزمان إذا رامه ارتد عنه كليلاً. أتته المنية مغتاظًا، وسلت عليه حسامًا ثقيلاً. فلم تغنِ عنه حماه الرجال ولم يجد ولم يجد قيل عليه فتيلاً، أو قيل أو قيل عليه فتيلاً. كذلك يفعل بالشام تين ويفن أيهم الدهر جيلاً.
فجيلة، يفنيهم الدهر جيلاً. طيب، أ احنا كالعاده يعني نحاول نختم بشيء حلو جميل لطيف. فخلونا نختم بكم حلقة. ختمنا بالمقاس. إحنا كم حلقة منهم؟ ثلاثة ولا أربعة؟ حلقة ختمنا بعبد الغني، وحلقة كان فيها أبو عمر، وحلقة للعماد. بس ثلاثة، هذول لا غير. المقادس، ما ذكرنا غيرهم. لأنه في كم كم واحد المقادس بس يعني غير الكبار هذول الأربعة في حولهم.
طيب، في في السنة في سنة 620. جيد، إحنا طبعًا نرجع نلملم بقية الأحداث، لكن عشان نختم هذه الحلقة ببعض المواقف الجميلة والطيبة. سنه 620، يقول صاحبنا، مين كان صاحبنا في الفترة الماضية؟ أبو شامه في "الروضتين" يقول صاحبنا أبو شامه في سنة 620، في سنة 620، يقول: "فجع الناس بوفاة إمامين كبيرين." شيخي مذهبي الشافعي والحنابلة، علمًا وعملاً. طيب، هو مو هذا الخبر الجميل. الخبر الجميل يعني سيرتهم، الحديث اللطيف سيرتهم، لكنهم توفوا، طبعًا، إحنا بقول توفي هذه السنة يعني هم أدركوا هذه الأحداث، وإن كانوا ليسوا في بلاد المشرق، فما وصل التتار بعد إليهم، لكنهم أدركوا أحداث الاحتلال الصليبي وما إلى ذلك. كان لهم يعني، خاصة الثاني، الإمام الحنابلة كان له مشاركة واضحة في هذه القضية.
خلنا ناخذ الشيخ الشافعي بسرعة، وبعدين ناخذ شيخ الحنابلة، نختم به. شيخ الحنابلة، طبعًا هو الإمام ابن قدامة المقدسي، رحمه الله تعالى. أما شيخ الشافعية فهو فخر الدين ابن عساكر، طبعًا يعتبر ابن أخ ابن عساكر المشهور، تقريبًا واحد من عيال إخوانه. هذا البيت، بيت جليل كبير من الدمشقيين، كثير الفضلاء والحفاظ والأمناء. جمع هذا البيت رئسة الدين والدنيا. وأجل في زماننا دينا وعلمًا، هذا الفخر ابن عساكر. وفي القرن الذي قبله، عماه الصائن هبه الله، والحافظ أبو القاسم، القاسم، هو ابن عساكر المعروف الكبير، صاحب تاريخ دمشق.
طيب، اهتم الشيخ فخر الدين هذا صاحبنا شيخ الشافعية من صغره بالعلم، فاشتغل بالفقه على شيخه قطب الدين النيسابوري. تذكروا، قطب الدين النيسابوري، ما تتذكرون أمر معان في سلسلة صلاح الدين، اللي هو كان اللي كان يدرس أولاد صلاح الدين الأيوبي. تذكروا، أو يدرس صلاح الدين الأيوبي نفسه كان ذكر قاضي بن شداد في بداية ترجمته بصلاح الدين. المهم، القطب النيسابوري هذا كان من المشايخ الذين يعظم صلاح الدين. أظن هو درس عليه صلاح الدين الأيوبي، وجعله يدرس أولاده.
شاهد، ذكر كلامًا كثيرًا. ثم ولاه العادل، أخو صلاح الدين، التدريس في المدرسة التقوية. وكان عنده بها فضلاء الوقت من الفقهاء لجلالته، حتى كانت تسمى نظامية الشام. وكان إذا فرغ من التدريس، يظل بجامع دمشق في البيت الصغير بمقصورة منكون عليه منتفعًا به، ولا يمل من النظر إليه لحسن سمته، واقتصاده في لبسه، ولطفه ونور وجهه. وكان لا يخلو لسانه من ذكر الله تعالى في قيامه وقعوده ومشيه.
وكان يحضر تحت النسر بالجامع بعد العصر، وهو المكان الذي يجلس فيه عمه الحافظ أبو القاسم، إلى أن توفي. فكان الشيخ الفخر يجلس فيه بعده. ثم سمعت عليه معظم كتاب دلائل النبوة للبيهقي، وكان رحمه الله رقيق القلب، سريع الدموع، فكنت أشاهده، هذا نفسه أبو شام، تلميذ ابن عساكر، يقول: "فكنت أشاهده أثناء قراءة تلك الأحاديث عليه، يبكي عند سماع ما يتلى منها، ويردد مواضع المواعظ منها، نحو الشعر المنسوب إلى قس بن ساعدة: 'في الذاهبين الأولين من القرون لنا بصائر. لما رأيت مواردا للموت ليس لها مصادر، ورأيت قومي بعدها تمضي الأصاغر والكبراء، أيقنت أني لا محالة حيث صار القوم صائر.'"
فكان رحمه الله يرددها. ورحمه الله تعالى، وكان السلطان العادل أبو بكر بن أيوب لما عزل القاضي زكي الدين الطاهر بن محي الدين عن قضاء دمشق، أرسل إليه أن يتولى قضاء. فابى، فطلب حضوره عنده ليلاً. فجاء فالتقاه، وأقعده إلى جانبه. فجلس محتبيًا مستوفزًا. فاحضر الطعام، فلم يمد يده إليه، ولم يأكل منه شيئًا. فسأله أن يتولى القضاء، وكثر عليه من القول في ذلك. قال: حتى استخير الله، فاخبرني. من كان معه لازما؟ قال: فلما رجع إلى بيته، جدد الوضوء، ووقف فيصلي، ويتضرع، ويبكي إلى الفجر. فلما أصبح، خرج إلى الجامع، فصلى الصبح بالكلاس. ثم مضى إلى مقصورة الصحابة، فصلى بها على عادته، ودخل بيته الصغير. ثم دخل بيته الصغير، الذي في الحائط. فلما استقر الشيخ بذلك البيت، جلس يذكر الله تعالى.
فلما طلعت الشمس، إذا رسل السلطان قد جاؤوا. في كشف ما فارقهم الشيخ، عليه الجمال المصري والنجم خليل وغيرهما. فردهم، وأصر على الامتناع، وأشار بتولي الشيخ جمال الدين بن حرستاني، اللي أخذناه. فولي، وكان قد خاف أن يتأذى من جهة السلطان. فجهز أهله للسفر، وخرجت المحايل إلى ناحية حلب. فردها العادل، وعز عليه ما جرى. فقيل للعادل: "احمد الله أن في بلادك وفي زمانك من امتنع عن ولاية القضاء، واختار الخروج من بلده على التولية دينا وزهدا." وكان رحمه الله كثيرًا إذا قام من الليل يؤذن الفجر بنفسه، كان في مدرسته، أو خارج البلد من بستان.
وغيره. وبلغني أنه كان لا يأكل وحده. وإذا قدم له غداؤه، استدعى من أهل المدرسة من حضر، من يأكل معه. شوف هذه القصة اللطيفة، لطيفة جدًا. يعني كغريبة. يعني طبعًا تعرف وقتها، كانت بدات المشاكل بين يعني على موضوع الأشاعرة. والآن، الحنابلة، والاشاعرة تصير مشاكل. فشوف، بس شوفوا الجانب الغريب. يعني يقول: "كان يتورع من المرور في رواق الجامع، الذي فيه حلقة الحنابلة، يتورع." ش ليش يتورع؟ يعني هو العادة ما يت، يعني مثلًا، وكان لا يمر كذا لأنه مخاصمهم، يعني، تمام، لا. شوف، شوف اللفتة. غريب يعني وعجيبة، ولفتة لطيفة، يعني. يقول: "وكان يتورع من المرور في رواق الجامع، الذي فيه حلقة الحنابلة، خوفًا من أن يأثم بالوقيعة أنه يتكلموا فيه." فهمتوا الفكرة؟ يعني مو عشان نفسه، عشانهم هم، ما يقعوا فيه.
طبعًا، هو هنا يتكلم عن طبقة معينة من طبقة معينة، من خلينا نقول من شبه العوام. سيذكر هذا الآن، ابن أبو هشام. ليسوا من يعني، ليسوا من طبقة ابن قدامة وأمثاله، يقول: "أبو هشام، وذلك أن الجهالة منهم والعوام كانوا يبغضون شيوخ بني عساكر، لأنهم كانوا أعيان الشافعية الأشعرية. فكان إذا جاء إلى الجامع من ناحية بريد باب البريد، يمر في صحن الجامع إلى آخره. وكان إذا خرج من المقصورة، أو قام من إسمع الحديث تحت النسر، ينعطف ويخرج من من باب كذا، ويقول لمن يسأله عن ذلك: "يا ولدي، أخاف أن يأثم."
بسبب أن أستطيع، يعني أن أقول: إنه لم يكن في عصره. طيب، ختامًا. كان السلطان العادل، لما بنى مدرسته المشهورة، قد عزم على أنها تكون للشيخ الفخر هذا. فاتفق أن العادل توفي قبل كمال عمارتها. وكان ابنه المعظم حنفي المذهب، معظم عيسى، صاحبنا الذي بالمعظمي، وكان في نفسه من الشيخ الفخر، حين العادل، يبغى يولي الفخر ابن عساكر مش شيخه المدرسة، اللي بناها العادل، بعدين مات، فجاء المعظم، كمل المدرسة.
فهو حنفي، هذا واحد. الشيء الثاني أنه في نفسه شيء على الشيخ. ليش؟ وكان في نفسه شيء على الشيخ الفخر، لما أنكر عليه، لما أنكر عليه إظهار الخمور وتضمينها. تذكروا المعظم، من بعد ما وفا، تذكروا إيش البيت، في رجب، حلل المحرم كذا، وخرب القدس في المحرم. طيب، يعني في رجب أن حلل