51 دقائق للقراءة
تفريغ مقطع مرئي
0:00/0:00
سجل دخولك للوصول إلى ميزة التظليل والمزيد من المميزات

أمانة الولايات | شرح كتاب السياسة الشرعية لابن تيمية 01 | أحمد السيد

يرجى تزويدي بالنص الذي ترغب في تدقيقه، وسأقوم بتنفيذه وفقًا للقواعد المحددة.

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهدية، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا. من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد. وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد.

أما بعد، نستعين بالله تعالى ونتوكل عليه ونستفتح هذه السلسلة في التعليق على كتاب السياسة الشرعية لابن تيمية رحمه الله تعالى. وهذا الكتاب من الكتب المهمة والثمينة في التراث الإسلامي في هذا الموضوع.

كنت متردداً ما بين التركيز على عرض المتن سريعاً والتعليق بشكل مختصر جداً، حيث يكون التسلسل مع المتن نفسه، أو أن يجعل المتن أصلاً ويكون في توسع في التعليق على بعض الموضوعات. سأعمل بالطريقتين معاً بحسب الموضوع بإذن الله تعالى.

الموضوعات التي لا تحتاج إلى كبير تعليق سأجمع فيها إجمالاً، بحيث يُقرأ النص واضحاً، والموضوعات التي تحتاج إلى تعليق سأطيل فيها بعض المواضع بحسب النص بإذن الله.

هذا الكتاب عنوانه "السياسة الشرعية"، وهذا أصلاً اسم الكتاب في إصلاح الراعي والرعية. وهذا العنوان، أعني عنوان "السياسة الشرعية"، هو عنوان أصبح عنواناً لعلم من العلوم أو لمجال من المجالات الشرعية. واختلفوا في تعريف هذا المصطلح كثيراً.

تعريف السياسة الشرعية اختلفوا فيه كثيراً. البعض نظر إلى أصل معنى السياسة في معنى التدبير والقيام على الشيء وإصلاحه ومتابعته، ويعني السعي لأن يصلح عبر التدبير والمتابعة والرعاية. هذه يعني أصول معنى السياسة.

ولذلك جاء في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم: "كانت بني إسرائيل تسوسهم الأنبياء". هذا حقيقة لفظ في دلالة تربوية جميلة، وفي دلالة إصلاحية جميلة، أنه يعني ترى الأنبياء لم يكن دورهم مجرد التبليغ، وإنما كانوا يسوسون الناس. وهذا اللفظ يدل على قيامهم على أحوال النفوس واستصلاح الأخلاق ورعاية شؤونهم.

هذا المعنى فيه من قول الله سبحانه وتعالى: "ولكن كونوا ربانيين"، على اعتبار أن الرباني منسوب إلى الرب، ومن جذره قضية التربية والقيام على الشيء. وبناءً على ذلك، قال الإمام الطبري في نص استعمل فيه لفظ السياسة تحديداً في تفسير الربانيين.

قال الإمام الطبري في قوله سبحانه وتعالى: "ولكن كونوا ربانيين"، قال الربانيون هم الجامعون إلى العلم والفقه والبصر بالسياسة والتدبير والقيام على أمور الرعية بما يصلحهم في دنياهم ودينهم.

هذا النص من الطبري نص مهم ومحكم، وغايته في النفاسة. الربانيون هم الجامعون إلى العلم والفقه، يعني عندهم العلم والفقه، لكن يجمعون مع ذلك أيضاً البصر بالسياسة والتدبير ورعاية أو القيام على أمور الرعية لإصلاح دينهم ودنياهم، أو كما قال.

واضح الفكرة، إذاً يمكن لنا أن نجد أصولاً لمعنى السياسة في قول الله سبحانه وتعالى: "ولكن كونوا ربانيين"، باعتبار أن السياسة فيها قيام لإصلاح الأحوال وتدبير الناس وما إلى ذلك. ومن هنا، إذا كانت مرتبطة بالربانيين، فهذا لا يعطيها مجرد أصل لغوي، وإنما يعطيها أصل شرعي.

إذا كان تفسير الربانيين فيه معنى السياسة، فهذا يعطي القضية شرعية عظيمة. طيب، من هم المطلوب منهم أن يكونوا ربانيين؟ في الآية، من هم المخاطبون بأن يكونوا ربانيين؟ هم أتباع الأنبياء، لأن هذه الآية: "ولكن كونوا ربانيين" هي في سياق الأنبياء.

فهذا يدل على أن السياسة ليست فعلاً خاصاً بالحكام، واضح، وإنما السياسة هي فعل يمكن أن يمتد من الحكام إلى العلماء إلى القائمين بأمور الناس.

عموماً، هذا بالاعتبار، اللي هو اعتبار التدبير والإصلاح. وهذا أيضاً أمر مهم جداً، وهذا يبين أن من أدوار العلماء أنه ترى في علماء يمكن أن يعتنون بمجرد العلم، وهناك الربانيون، الذين هم أعلى درجة من العلماء.

طيب، دلالة لفظ هذا المصطلح، السياسة الشرعية اختلف الكتاب والباحثون والعلماء في بيان معناها، ولا بأس من إطلاق هذا المصطلح على عدة أمور. لا بأس، لأنه أحياناً يُلاحظ في السياسة الشرعية المعنى المرتبط بتصرفات الحاكم، إذا قالوا السياسة الشرعية، خلاص، المقصود تصرفات الحاكم، يعني كل ما يدخل تحت الولايات وأمور الولايات وتولية القضاء وتولية والقيام على الأموال وما يتعلق بالأموال والخراج، هذا كله الآن داخل في السياسة الشرعية.

ليش؟ لأنه التصرفات الحاكم المتعلقة بإصلاح أمور الرعية وبإصلاح أمور الحكم وما إلى ذلك. وبعضهم يجعلها نوعاً خاصاً من تصرفات الحاكم، وهذا اشتهر كثيراً، أيش النوع الخاص من تصرفات الحاكم الذي هو ما لم يأت فيه دليل منصوص عليه. فيقول لك: هذا بناءً على السياسة الشرعية.

يعني، إيش يستعمل هذا الأمر؟ وكثيراً ما يطلق هذا الاستعمال الثاني في العقوبات تحديداً، يقول لك: هذه العقوبة نعم لم يأت فيها دليل، ولكنها من باب السياسة الشرعية.

إيش يقصد من باب السياسة؟ طبعاً بعضهم يقول السياسة الشرعية، وبعضهم يقول السياسة عموماً، هذا موجود حتى في التاريخ كثيراً. يعني حتى مرمت معنا ترى في سلسلة صلاح الدين، ومرس أنه أحياناً في بعض العقوبات يقول لك: هذا سياسة، وتكون غالباً عقوبات زائدة عن الحد الشرعي. ليش سياسة؟ لأنه والله ترى الناس ما يصلحوا إلا كذا، يعني عارف الناس يحتاج لهم ردع، يحتاج لهم كذا.

فهذا نعم ليس شرعياً، ولكنه سياسي. وما قصدهم سياسي أنه يخالف الشريعة، وإنما قصدهم سياسي أنه ما وردت به الشريعة. فهمت الفكرة؟

هذا الآن نوع من الإطلاق على قضية إطلاق قضية السياسة الشرعية على قرارات أو تصرفات للحاكم، أو القاضي، مما لم يأت فيه نص شرعي. وكثيراً ما يكون المقصود ما جاء في باب، إيش العقوبات تحديداً، وأيضاً ليس فقط السياسة الشرعية تطلق بهذا الاعتبار على تصرفات الحاكم فيما لم يرد فيه نص، أو تصرفات القاضي، حتى أحياناً في اجتهادات العلماء.

يقول لك: والله، مثلاً هذه المسألة تحتاج اجتهاد العلماء تحت باب السياسة الشرعية. أحياناً، كثيراً لما يطلق هذا اللفظ، إيش يكون المراد؟ يكون أنه هذه المسألة من المسائل النوازل الجديدة التي ما فيها نص شرعي مباشر، وفيها يعني أمور مثلاً مستجدة، فتحتاج إلى سياسة شرعية، أنه تخرج فيها فتوى معينة، تنظر إلى الواقع وإلى المصلحة وإلى المستجد وما إلى ذلك.

واضح الفكرة؟

فهذا من إطلاقات السياسة الشرعية. وهناك إطلاقات أخرى، يعني أيضاً. لكن هي هذه من أهم الإطلاقات.

طيب، الآن ابن تيمية، إيش يقصد لما يقول السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية؟ يقصد المعنى الأول، الذي هو ما يتعلق بتصرفات الحاكم وإصلاحه للناس وما إلى ذلك. وأكثر ما تناوله ابن تيمية هنا هو ما ورد فيه النص أصلاً. يعني هو لا يتحدث هنا عن النوع الثاني.

واضح الفكرة؟ يعني هو لم يقصد ابن تيمية في السياسة الشرعية هنا أنه لنبحث عن الأمور التي لم يرد فيها نص شرعي وكذا، وإن كان يعني يأتي ببعض الأمور التي فيها اجتهاد وفيها نظر، لكن في الأساس ابن تيمية بنى كتابه على الأدلة الشرعية بشكل واضح تمامًا.

واضح الفكرة؟ أصلاً عنوان يعني بين في قضية إرادة الأمر الأول، أنه قال: السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية. فهو يتحدث عن، وطبعا إصلاح الراعي والرعية يتكلم عن واجبات ينبغي أو مسؤوليات على الراعي، السلطان أو الحاكم، ومسؤوليات على الرعية.

أكثر ما تكلم هنا عن الأمور المتعلقة بالراعي، يعني كيف يقوم بتولي الناس، بتولي الولايات، كيف يقوم بأداء الأمانات، كيف يقوم في إقامة الحدود. واضح الفكرة؟ ومسألة الشورى، هذه كلها من المسائل التي تناولها ابن تيمية في هذا.

إذاً نحن الآن لكي نبدأ بالكتاب نفهم أن ابن تيمية رحمه الله تعالى يتحدث عن الأمور والتصرفات المتعلقة بالحاكم، في إقامته للدين، في أدائه للأمانات، في إقامته للحقوق، في أدائه للأموال وما إلى ذلك.

واضح؟ هل تناول أشياء متعلقة بالرعية؟ ممكن تكون بعض المسائل، لا أتذكر الآن جيدًا، لكن ربما تناول، إذا تناول فهو تناوله بشكل متفرق ويسير. لكن الأساس أنه تناول المسائل المتعلقة، بإيش؟ المتعلقة بسياسة الحكم، بسياسة الحكم المرتبطة بالولايات، من يولي، وبالأمانة، التي هي بالأمانات، التي هي الشق الثاني، التي هي الأموال، لأنه الأمانات قسمين: الولايات والأموال.

وكذلك تكلم كثيرًا عن قضية الحكم بالعدل، وفي الحكم بالعدل تكلم كثيرًا عن قضية الحدود، إقامة الحدود. سأشرح خارطة الكتاب إن شاء الله.

طيب، إذا كانت المسائل التي يتناولها ابن تيمية في هذا الكتاب هي المسائل في أساس اختيار الحاكم، وما يتعلق بكيف يختار الإمام، وما هي، دعنا نقول، الشروط التي من خلالها، أو ما هي الصفات التي ينبغي أن يكون عليها الإمام أو الحاكم، وما إلى ذلك، أو أنه يتناول الواجبات والمسؤوليات فيما بعد تولي الحاكم الحكم.

ثانيًا، طيب، الأول الأول الأول هو من موضوعات السياسة الشرعية أيضًا، ولكن لم يتناول في هذا الكتاب، وهو مهم جدًا. ولذلك في الترتيب العلمي من المفترض أن يكون هناك تناول للقضية الأولى، والقضية الأولى مهمة وكبيرة جدًا، وفيها كلام كثير، وفيها أيضًا مؤلفات.

وحقيقة المؤلفات المعاصرة فيها أيضًا جيدة وكثيرة، فقد لعله ييسر أيضًا إن شاء الله خلال هذه المدارسة، إما أن أشير إلى بعض الأمور من خلال الكتاب المتعلقة بما قبل السياسة التفصيلية، أو أنه ييسر كتاب آخر نتناول فيه هذه المسائل القبلية.

جيد، وسبق أن أشرت في سلسلة خير القرون إلى كتاب من الكتب المعاصرة، وأرى الحقيقة أنه كتاب من أفضل الكتب التأصيل لهذه المسائل القبلية، الذي هو كتاب الإمام العظمى، الإمام العظمى للدميجي.

هذا جيد في المسائل القبلية، يعني في الترتيب، أول شيء: تلك المسائل، هذه المسائل التي تعرف فيها الإمامة أصلاً، يعني الخلافة أو الإمامة، ويعرف فيها شروط الإمام، ويعرف فيها كيف يختار الإمام، طرق اختيار الإمام.

جيد، بعدين تعرف فيها واجبات الإمام العامة والكبرى، وحقوق الإمام، وبعد ذلك كل ما يتعلق بما يطرأ على الإمام من مخالفات، إشكالات، طرق انفساخ أو فسخ عقد الإمامة. هذه كلها مسائل قبلية، قبل المسائل المرتبطة بإيش؟ بالسياسة التدبير فيما بعد الحكم.

واضح الفكرة؟ في كتاب الإمام العظمى يتناول هذه المسائل بمختلف القضايا، طبعًا لا يكفي، لكنه كتصيل ممكن إذا أراد الإنسان، يعني سريعًا يأخذ شيئًا تأصيليًا.

[موسيقى]

السكران اسمها "مفاتيح في السياسة الشرعية". ليست كبيرة، رسالة تقرأ في مجلس، فيها بعض المفاتيح المرتبطة بهذه الأمور القبلية، وربما يكون فيها إشارة لبعض الأمور فيما بعد.

إذاً، إذا فهمنا معنى السياسة الشرعية وإطلاقات هذا المصطلح، وأين يقع كتاب ابن تيمية من هذه الخارطة؟ طيب، الآن الخارطة العامة المرتبطة بالمصطلح. الآن خارطة الكتاب نفسه. الكتاب كتاب حقيقة ثمين جدًا، وليس كثير التقسيمات، ولكن فيه تقسيمات مهمة جيدة، أنه تُراعى.

وطبعا مثل تعرفون، مثل عادة ابن تيمية، ابن تيمية ما يذكر لك في البداية: "أنا سأتحدث في ثلاثة أبواب"، والباب الأول يتكون من قسمين. ما يتكلم عن هذه القضية، هذه القضية تجدها عند بعض المؤلفين، عند بعض المؤلفين مرتبة، حتى من المؤلفين، عفوا، السابقين، حتى قبل ابن تيمية، بعض المؤلفين يعتني بهذا الترتيب والعرض والتقسيم.

ابن تيمية لا، فمباشرة يبدأ بالكتاب. حتى لطيف في قسم، يعني في القسم الثاني في الكتاب، بناه على...

[موسيقى]

قسمين. فقال: شوف مثلاً، أقرأ عليكم عشان تعرفوا يعني إيش الاستطرادات ابن تيمية، وانت الله يعينك، أنت اللي تحاول تشوف هذا قسم متعلق بإيش؟ ومتى ذكر القسم الأول؟ قال: "فصل، وأما قوله: 'وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل' فإن الحكم بين الناس يكون في الحدود والحقوق، وهما قسمان ممتاز واضح، وهما قسمان".

فالقسم الأول: الحدود والحقوق التي ليست لقوم معينين، بل منفعتها لمطلق المسلمين أو نوع منهم، وكلهم محتاج إليها، وتسمى حدود الله وحقوق الله، مثل كذا وكذا وكذا وكذا. وهذا القسم يجب على الولاة البحث عنه وإقامته من غير دعوة أحد به إلى آخره.

أنت الآن، إيش تنتظر؟ القسم الثاني، لأنه القسم الأول الحقوق والحدود التي ليست لقوم معينين، وتسمى حدود الله وحقوق الله، صح؟ ممتاز تمام، ابن تيمية ماشي. أنا الآن قلت لي أمثلة ممتاز، وبعدين قلت لي وهذا يجب فيه كذا ممتاز تمام، وبعدين ذكرت لي أحاديث، تمام.

بعدين، أنا وين ألقى القسم الثاني؟ طبعاً، أنا يعني كقارئ شخصية، يعني ما أكمل القراءة زي كذا، من يوم ما يطول، أوقف، واروح أبحث في الفهرس، وأبحث في تتمة الكتاب، وأقلب الصفحة لين ما ألقى وين القسم الثاني.

فهمت الفكرة؟ لما ألقاه خلاص أعرف. وأحياناً أكتب زي ما أنا كتبت هنا نفس القسم، كتبت إنه القسم الثاني في صفحة كذا، كذا، كذا إلى آخره. عشان أعرف هو فين بيروح، وين رايح.

القسم الثاني، هذه الطريقة مفيدة مع ابن تيمية جداً، طيب. الآن، هذه صفحة 83 ممتاز، صفحة 83، طيب، القسم الثاني وين ذكره؟ في صفحة... كم صفحة؟ كم؟ طب بس عشان أقول لكم بس، قبل ما أقول لكم صفحة كم، أقول لكم كيف هو، يعني لما ذكر القسم الثاني ما كانه صار شيء، يعني تمام، يعني ما، ما كانه هو طول في القضية، ولا راح.

ما قال لك مثلاً: لا، بعد ما انتهى من القسم الأول قال: فصل. ولا حتى لما انتهى قال: وهذه نهاية القسم الأول الذي هو لا. قال: فصل، وأما الحقوق والحدود التي لأدم معين.

الأولى، إيش اللي هي؟ إيش ليست لأدم معين، بل هي حقوق الله. قال: وأما الحقوق والحدود التي لأدم معين، ممتاز صفحة 83، القسم الأول صفحة 195، القسم الثاني. تمام.

يعني بعد 11 صفحة، وعادي يعني ما، ما قال إنه يعني وقد أطلنا، وقد كذا، والقسم الثاني، لا، أنت مطلوب منك تعرف. لما يقول، حتى ما قال كلمة القسم الثاني، قال: فصل، وأما الحقوق والحدود التي لأدم معين، أنت الآن وانت تقرأ ما تنتبه إنه هذا هو القسم الثاني. لازم تكون مركز معه.

فهمت الفكرة؟ أنا قصدي إيش؟ بس قصدي إنه هذا الكتاب فيه تقسيمات، بس لازم أنت تنتبه لها. وهذه طريقة ابن تيمية، يسهب إسهاب عادي. القسم الأول ذكره في 110 صفحات، وانتقل للثاني بثلاثة. فانت لازم تفهم طريقته عشان تستخرج الخارطة.

واستخراج الخرائط يعني أمر مهم في كتب ابن تيمية وغيره. يعني فهم خارطة الكتاب أمر مهم. واللي يفكر أو خلينا نقول يسعى لقراءة الكتب، خاصة الكتب المهمة، بطريقة الخرائط ينتبه لها لما ياخذ أقسامها، بعدين يدخل لها وهو عارف كل قسم إيش حدوده يكون أفضل في الفهم. طيب.

وبناءً على ذلك، نقول إيش؟ خارطة الكتاب أول شيء، الكتاب مبني على إيه؟ كل الكتاب مبني على إيه واحدة؟ جيد، إيش الآية المبني عليها الكتاب؟ هي قوله سبحانه وتعالى: "إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها، وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل". متى هو ذكر الآية الثانية، التي هي التالية، التي هي آية: "الذين آمنوا وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم".

فقال إنه الآية الأولى متعلقة بالراعي، وآية الثانية متعلقة بالرعية. صح ولا لا؟ الآية الثانية: أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم، والأولى: يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها، وإذا حكمتم بين الناس تحكموا بالعدل. لكن في الحقيقة ما يعني الكتاب مبني على الآية الأولى.

ممتاز. طيب، الآية الأولى تتضمن قسمين، وهما قسم الكتاب أصلاً كموضوع كبرى. إيش القسمين في الآية؟ أداء الأمانات والحكم بالعدل. تمام. طيب، إذاً، الكتاب مبني على قوله سبحانه وتعالى: "إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها، وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل".

القسم الأول: أداء الأمانات. أداء الأمانات قسمه إلى قسمين. جيد، القسم الأول: الولايات، والقسم الثاني: الأموال. يعني أن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها، الأمانات يدخل فيها الولايات. فكل ولاية هي أمانة. خلاص، اللي بيقول ابن تيمية.

خلاصة الكلام أنه يريد أن يقول للحاكم: يا أيها الحاكم، يا أيها السلطان، يا أيها المسؤول، أي ولاية توليها في أي مجال من مجالات الدولة تراها أمانة. فإذا كانت ولاية مالية فيجب أن تختار إنساناً مناسباً لهذه الولاية، وإذا كانت ولاية عسكرية يجب أن تختار...

...العسكرية، وإذا كانت كذا كذا إلى آخره. واضح؟ فهي بس هي الجميل واللفتة أنه أصلاً أدخلها في قوله: "أدو الأمانات". واضح؟ فهي أمانة. الآن، خلاص، الولاية أمانة. طبعاً هو يوسع من القضية، يقول: ترى هذه مو خاصة بالحاكم.

أي أحد مسؤول عن أي شيء، أي أحد ولي على أي شيء، فهذه أمانة. فهمت الفكرة؟ إذاً، هذا القسم الأول من القسم الأول: تؤدوا الأمانات. القسم الأول: الولايات. القسم الثاني: إيش؟ الأموال.

فيتكلم لك عن الأموال السلطانية. ما هي الأموال السلطانية؟ وأين تصرف؟ يقول لك: الأموال السلطانية ثلاثة: الغنيمة والصدقة والفيء. الغنائم التي من الحرب، والصدقات المعروفة والفيء الذي يأتي بقتال. هذه كلها موارد تُبنى بها الأموال.

أموال الدولة. ويفصل لك، يقول لك: الغنيمة هذه أحكام الغنيمة، والصدقات هذه أحكام الصدقات، والفيء هذا أحكام الفيء. لذلك هذا الكتاب ترى مليء بالمسائل الفقهية. يعني أقول مليء جداً، ولكن في مسائل فقهية ليست بالقليلة. ممتاز.

وإذا انتهى من عرض هذه الموارد المالية، يقول لك: أين تصرف؟ أين يصرفها الحاكم؟ يجب عليه أن يصرفها بشكل صحيح، واضح القضية.

تمام. بعدين خلصنا القسم الأول، اللي هو إيش؟ إن تؤدوا الأمانات إلى أهلها. الآن القسم الثاني، وهو القسم الأكبر في الكتاب: "وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل". هذا الحكم بالعدل هو ذكر في القسمين اللي قبل شوي قلت لكم إياها. اللي هما: القسم الأول، الحكم بالعدل في الحدود والحقوق، اللي هي حدود الله وحقوقه ليست لقوم معينين.

والقسم الثاني، اللي هي إيش، الذي هو إيش؟ الحقوق والحدود التي لأدم معين. هذا القسم، يعني فقهي بامتياز. فهو هذا القسم عن الحدود وأحكام الحدود وما إلى ذلك. فهو مثلاً، مثلاً فصل تفصيلاً واضحًا وطويلاً في قطاع الطرق، مثلاً محكم في قطاع الطرق أو يعني، دعنا نقول: حد الحرابة.

وتعرف أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم أو ينفوا من الأرض. هذه أربعة أمور. طيب، من الذي يقتل؟ ومن الذي يصلب؟ ومن الذي تقطع يديه أو يده ورجله؟ ومن الذي ينفى؟ فهمتم الفكرة؟ والكلام في الحرامية والمفسدين والقطاع الط وما إلى ذلك.

وبعدين طبعاً الكلام عن السراق وعن الزناة، وحتى ليس فقط لأنه قال الحدود، وإيش؟ والحقوق. جيد، يعني الحكم بالعدل مرتبط بالحدود والحقوق. فهذه السابقة حدود، لكن حقوق أيضاً، وهي مثلاً: الوقوف والوصايا التي ليست لمعين.

واضحة؟ الآن قسم وذكره في قبل شوي مثل ما ذكرنا في 110 صفحات تقريباً. هذا اللي هو إيش؟ الحدود والحقوق التي ليست لمعين. ثم القسم الثاني: الحدود والحقوق التي لأدم معين، ذكر فيها الدماء والجراح والأعراض والأموال.

تمام. وبعدين ختم ببعض المسائل، يعني ما قد تكون قسماً كبيراً مستقلاً، يعني ممكن تقول مسائل ملحقة أو متفرقة، تتكلم فيها عن قضية الشورى.

طبعاً، قضية الشورى يا جماعة، وهذا ذكره الشيخ إبراهيم أسكرام في فتح السياسة الشرعية بتفصيل جيد. قضية الشورى، شوفوا، هي قضية الشورى التي ذكرها ابن تيمية متسقة مع محل الكتاب.

إحنا قلنا محل الكتاب هل هو في أساس تأسيس الإمامة، ولا في الواجبات بعد الإمامة؟ الواجبات بعد الإمامة. إذا هو يتكلم عن الشورى، التي هي في إيش؟ في الواجبات اللي بعد الإمامة. فهمت الفكرة؟ بينما الشورى التي تذكر في كثير من الكتب التي تتحدث عن الإمامة وعن السياسة وما إلى ذلك هي المتعلقة بما قبل ذلك، اللي هو أصلاً اختيار الحاكم بناءً على شورى وما إلى ذلك.

وما يتكلم عن هذه المسألة. الآن، أيضاً ذكر في الأخير مسألة، وهذه المسألة يعني من حيث الترتيب، في ذكرناه قبل قليل، مسائل قبلية، والمسائل ما بعد. هذا يعتبر من قبليات، يمكن هي أريد أن أقول المسألة الوحيدة في الكتاب التي تعتبر قبلية، ولكن يعني ربما، يعني تكون هي الوحيدة التي هي كما ذكر، قضية حكم ولاية الولاية أصلاً، وأنها ولاية أمر الناس من أعظم واجبات الدين وما إلى ذلك، من الأمور التي هي أصلاً مرتبطة بفكرة أساس إقامة الإمامة ومكانتها في الدين وما إلى ذلك.

كده. الخارطة واضحة؟ صح، خارطة واضحة. الكتاب، صح ولا لا؟ في أحد موضحات الخارطة تؤدوا الأمانات، الأمانات: ولايات وأموال، تحكموا بالعدل. حقوق وحدود ليست معينه، وإنما حقوق وحدود الله ومعينه مرتبطة بالأمور المرتبطة بآدم معين.

هذه خارطة الكتاب باختصار شديد، وبينا موضع الكتاب من خارطة السياسة الشرعية أصلاً بشكل عام. الكتاب حقيقة يعني أول شيء هو الكتاب يُقرأ أكثر من مرة، لأن نصه مليء بالفوائد.

وحقيقة، نقول استطرادات، هو ابن تيمية هنا ما استطرد في الكتاب. استطرادات خارجة عن الموضوع، لكنه طرد في القسم الأول، يعني أطال النفس في القسم الأول، بعدين ذهب للقسم الثاني. لكن هو كل ما تحدث فيه تقريباً هو مرتبط بالموضوع بشكل مباشر، بدون استطرادات جانبية تذكر.

وهذا يجعل الكتاب كما نعبر اليوم أكثر دسامة. يعني أنه لا، الكتاب كله في الموضوع، كله في الموضوع. فهذا يجعله أكثر كثافة من حيث يعني تكرار، أو عفواً من حيث عدد المسائل وما إلى ذلك. طيب، نستعين بالله ونبدأ القراءة.

المفترض الآن إذا بدأنا القراءة، أنه ستكون في أي موضوع؟ في أداء الأمانات في الولايات، صح ولا لا؟ أليس كذلك؟ خلاص، مثل ما ذكرنا بالخارطة. ونحاول ننهي في هذا المجلس القسم المتعلق بالولايات.

جيد، يعني ما راح ندخل في موضوع الأموال. بس إذا، إذا يعني، إذا يسر الله ننهي الموضوع المتعلق بالولايات. طبعاً، الموضوع المتعلق بالولايات موضوع ليس طويلاً من ناحية عدد الصفحات، لكنه حقيقة فيه فوائد كثيرة وجميلة جداً، وأيضاً مرتب.

يعني من بداية الكتاب إلى نهاية موضوع الولايات 39 صفحة، لا تعتبر لا تعتبر كبيرة، حقيقة لا تعتبر كبيرة أو كثيرة. طيب، سأذكر رؤوس المسائل التي ذكرها في الولايات، بعدين نقراها مفصلاً.

جيد. طيب، هو تكلم عن تولي الأصلح، أنه يعني أداء الأمانة أول شيء، أنه الولاية أمانة. هذا أول شيء، لا أمانة. بعدين أنه هذه الأمانة تبرى بأن تولي الأصلح. وأنه بعدين ذكر أن الأصلح هو أصلح الموجود، وليس الأصلح في ذاته.

بمعنى أنه قد تأتي أزمنة لا يكون فيها الأصلح، وإنما المطلوب من كل حاكم أن يختار الأصلح الموجود. ثم تكلم عن ركن الولاية، اللي هي الأصلح، الأصلح مبني على ركنين، القوة والأمانة. جيد.

ثم قال: إن القوة، إيش هي القوة؟ قال القوة في كل ولاية بحسبها. واضح. ثم، طيب. يعني هل ترجح القوة أم الأمانة في الولاية؟ إذا ما، إذا ما جمع القوة والأمانة نفس الشخص المولى، فيقول لك: بحسب كل ولاية، فالولاية الأنسب لها القوة يرجح جانب القوة، والولاية الأنسب لها الأمانة يرجح، يعني الجانب العسكري يرجح فيه القوة، والجانب المالي إذا كانت ولاية مالية يرجح الأمانة، وإذا كانت ولاية عسكرية، واضح؟

طيب. ثم قال: كيف يعرف الأصلح؟ يقول: بمعرفة مقصود الولاية، يعني كل ولاية إيش القصد منها؟ من خلال هذا المقصود، يعرف إيش يعرف الإصلاح.

أها. طيب كذا، هذه أهم رؤوس المسائل اللي ذكرها ابن تيمية رحمه الله في هذا القسم، سلمكم الله.

طيب، جزاك الله خير. إذاً، قال: بسم الله الرحمن الرحيم، وما توفيق إلا بالله. الحمد لله الذي أوضح لنا معالم الدين، ومن علينا بالكتاب المبين، شرع لنا من الأحكام، وفصل بين الحلال والحرام، فتقدرت به مصالح الخلق، وثبتت به قواعد الحق، ووكل إلى ولات الأمور ما أحسن فيه التقدير، وأحكم به التدبير.

فله الحمد على ما قدر ودبر، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، أرسل رسله بالبينات، وأنزل معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط.

وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس، وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب، إن الله قوي عزيز. البداية بهذه الآية حقيقة بداية جيدة ومهمة، وهذه الآية مركزية في باب السياسة في الإسلام. يعني على كل من هوتن بالسياسة الإسلامية أن يعتني بهذه الآية عناية خاصة، فهذه الآية تبين مقاصد عظيمة في قضية الولايات وقضية الحكم في الإسلام.

لقد أرسلنا رسلنا بالبينات، وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط. إذن، تحقيق قضية العدل بين الناس هي ليست مطلباً، يعني خلينا نقول مثلاً، شعبياً عند بعض الشعوب أو شيء مجرد ذلك، لا، هو مقصد إسلامي عظيم.

وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس، وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب.

إذن، وحماية هذا الدين، وحماية هذا المقصد، الذي هو العدل بالقوة وبالسيف، هو أيضاً مقصد. ولذلك ابن تيمية له العبارة المشهورة جداً، التي هي: "قوام الدين بكتاب يهدي وسيف ينصر". وكفى بربك هادياً ونصيراً.

كتاب يهدي وسيف ينصر. قال: واختتم بمحمد نبينا صلى الله عليه وسلم، الذي أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، وأيده بالسلطان النصير، الجامع معنى العلم والقلم للهداية والحجة، ومعنى القدرة والسيف للنصرة والتعزيز.

لاحظوا جمع بينها، وهي أصلاً واردة في الآية: "ليقوم الناس بالقسط" وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب. قال: وبعد، فهذه رسالة تتضمن جوامع من السياسة الإلهية والنبويّة، لا يستغني عنها الراعي والرعية اقتضاها من أوجب الله نصحه من ولاة الأمور، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما ثبت عنه من غير وجه.

الآن هو يريد أن يأتي بدليل يبين أن فعله هذا في الكتابة هو امتثال لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في نصح ولاة الأمر. اعتبر هذه الرسالة أشم تكم بالنصيحة.

ما هو هذا الحديث الذي صدر عنه ابن تيمية في تأليف هذه الرسالة؟ "إن الله يرضى لكم ثلاثاً: أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئاً، وأن تعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا، وأن تتناصحوا من ولاه الله أمركم". هذا مما يرضاه الله، ونطق به رسول الله صلى الله عليه وسلم، والحديث صحيح، أخرجه الإمام مسلم رحمه الله تعالى.

طبعاً، هذه الرسالة الثمينة العظيمة الجميلة المليئة بالفوائد مشهورة جداً أن ابن تيمية كتبها في ليلة واحدة. إنه كتاب ابن تيمية طبعاً هو يكتب، يعني عامة، ما يكتب، يكتبه من حفظه حتى الأدلة والأقوال، كالمسائل أو كثير مما يكتب، يكتب من حفظه.

يعني قال: وهذه رسالة مبنية على آية الأمراء في كتاب الله، وهي قوله تعالى: "إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها، وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل، إن الله نعم يعظكم به، إن الله كان سميعًا بصيرًا".

يا أيها الذين آمنوا، أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم. فإن تنازعتم في شيء، فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر.

خير وأحسن تأويلاً. قال العلماء: نزلت الآية الأولى في ولاة الأمور عليهم، أن يؤدوا الأمانات إلى أهلها، وإذا حكموا بين الناس، يحكم بالعدل. ونزلت الثانية في الرعية، من الجيوش وغيرهم، عليهم طاعة أولي الأمر.

الفاعلين.

لذلك، الفاعلين. لذلك، إيش معنى الفاعلين؟ لذلك يعني على الرعية أن تطيع الحكام الفاعلين. لما في الآية الأولى، طيب، هذا قصد الفاعلين. لذلك، إيش الفاعلين؟ لأداء الأمانات والحكم بالعدل.

قال: وعليهم طاعة أولي الأمر الفاعلين. لذلك، في قسمهم وحكمهم ومغازي وغير ذلك، إلا أن يأمر بمعصية الله عز وجل. فإذا أمروا بمعصية الله عز وجل، فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.

فإن تنازعوا في شيء، رَدوه إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم. وإن لم تفعل ولاة الأمر ذلك، أطيعوا فيما يأمرون به من طاعة الله، لأن ذلك من طاعة الله ورسوله، وأدوا حقوقهم إليهم كما أمر الله ورسوله، وأعينوا على البر والتقوى، ولا تعينوا على الإثم والعدوان.

يعني إذا قصر الولاة في أداء الأمانات وفي الحكم بالعدل، جيد، فهذا لا يلغي أساس ولايتهم. إيش اللي يلغي أساس ولايتهم؟ الذي يلغي أساس ولايتهم هو خروجهم عن الإسلام، أما في ذواتهم، أو في الدستور العام، أو المرجعية العامة للحكم الذي يقام به في البلد.

إذا تخلوا عن حكم الإسلام أو تخلوا هم عن الإسلام، فانتقضت، انتقض أساس العقد. ومن الأدلة على ذلك ما أخرجه الإمام مسلم في صحيحه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "وإن تامر عليكم عبد يقودكم بكتاب الله". أو نحو ذلك، أو كما قال النبي صلى الله عليه وسلم.

وكذلك في الحديث الأخرى: ما أقاموا الدين. وفي رواية: ما أقاموا الصلاة. وفي رواية: ما صلوا. وفي حديث عبادة: إلا أن تروا كفراً بواحاً. كل هذه استثناءات لأساس القضية.

ثم قال: وإذا كانت الآية قد أوجبت أداء الأمانات إلى أهلها والحكم بالعدل، فهذان جماع السياسة العادلة والولاية الصالحة. جيد.

وبالتالي، على من ولاه الله أمر المسلمين أن ينظر في هذين البابين، إيش أولويات أداء الأمانات والحكم بالعدل.

طيب، الآن سيبدأ بالقسم الأول، الذي هو إيش؟ أداء الأمانات. ومثل ما ذكرنا، أداء الأمانات مكون من قسمين: تولي الأصلح ورعاية شؤون الأموال.

قال: أما أداء الأمانات ففيه نوعان، أحدهما الولايات، وهو كان سبب نزول الآية نفسها. طبعًا، أحدهما إيش؟ الولايات.

والثاني ما ذكره الآن، يعني لازم تمشي معاه لين ما...

إيش تمشي معاه لين ما؟ يعني هو هنا تقريباً بين 30 إلى 40 صفحة. بعدين، قال: القسم الثاني: إيش؟ الأموال. وجيد معرفة هذه الطريقة، خلاص، يعني تريح الإنسان تعرفه ما الذي ينبغي عليه أن يراعيه أثناء فهم الكلام.

قال: أما أداء الأمانات ففيه نوعان. أحدهما: الولايات، وهو كان سبب نزول الآية، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما فتح مكة وتسلم مفاتيح الكعبة من بني شيبة، طلبها منه العباس ليجمع له بين سقايه الحاج وسدان البيت.

فأنزل الله هذه الآية، فدفع مفاتيح الكعبة إلى بني شيبة. فيجب على ولي الأمر أن يولي على كل عمل من أعمال المسلمين أصلح من يجده لذلك العمل.

قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من ولي من أمر المسلمين شيئًا، فولى رجلاً وهو يجد من هو أصلح منه للمسلمين، فقد خان الله ورسوله وخان المؤمنين". رواه الحاكم في صحيحه. طبعاً، هذا الحديث الأصح أنه من كلام عمر بن الخطاب، ولا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم، وذكر ذلك العقيلي.

قال: إن هذا الحديث يروى من كلام عمر بن الخطاب. قال: "وفي رواية: من قلد رجلاً عملاً على عصابة، وهو يجد في تلك العصابة أرضى منه، فقد خان الله ورسوله وخان المؤمنين". وروا بعضهم أنه من قول عمر لابن عمر.

روا ذلك عنه. إذاً، هذا منقول عن عمر رضي الله تعالى عنه، وعمر رضي الله تعالى عنه الذي نقلت عنه هذه العبارة، كان هو متمثلاً لها أكبر تمثل، ومستجيبًا لها أعظم استجابة.

فمن أبرز عناوين سياسة عمر تولي الأصلح وعدم المحاباة في الولايات أبداً. تولي الأصلح وعدم المحاباة في الولايات، هذا من هدي عمر رضي الله تعالى عنه، وهو من سنة الخلفاء الراشدين.

وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "من ولي من أمر المسلمين شيئًا، فولى رجلاً لمودة أو قرابة بينهما، فقد خان الله ورسوله والمسلمين". قال: وهذا واجب عليه. فيجب عليه البحث عن المستحقين للولايات من نوابه على الأمصار، من الأمراء الذين هم نواب ذي السلطنة، والقضاة ونحوهم، ومن أمراء الأجناد ومقدمي العساكر الكبار والصغار، وولاة الأموال من الوزراء والكتّاب والشادين، السعاه على الخراج والصدقات، وغير ذلك من الأموال التي للمسلمين.

الآن، هذه مسؤولية على مين؟ على من؟ على الحاكم، على السلطان. طيب، هذه المسؤولية لا تختص به. لاحظوا إيش قال الآن؟ قال: "وعلى كل واحد من هؤلاء أن يستنيب ويستعمل أصلح من يجده". يعني هذه يجب أن تكون ثقافة عامة.

يعني إذا كان أي أحد بيده سلطان وهو يخاف الله ويريد أن يقيم حدود الله، ويريد أن يقيم الأمر على ما يرضي الله سبحانه وتعالى، فليعلم أن من مفاتيح ذلك أن يختار لكل ولاية من هو أصلح لها، وأن تكون من الثقافة التي يب عليها قادة هذه المهام أن يختاروا هم في المهام التفصيلية وفي الفروع المنبثقة عن هذا القسم الأساسي من هو أصلح لمثل هذه الولاية، من هو الأصلح؟ هو الذي يجمع القوة والأمانة.

طب، إذا لم يكن جامعا القوة والأمانة، فبحسب مقصود الولاية، إذا كان مقصود الولاية يجنح إلى القوة، فليختر الأقوى، وإذا كان مقصودها يجنح إلى الأمانة، فليجن إلى من يكون عنده صفة الأمانة.

على ما سيأتي من تفصيل. إذاً، هذه نقطة مهمة، أنه ليست القضية هذه خاصة بالحاكم.

طبعاً، بعد ذلك سيذكر ابن تيمية رحمه الله أنه ترى، يعني حتى خارج مسؤولية الدولة، أنه ترى تولي المناصب هذه مسؤولية وأمانة.

جيد. إذاً، قال: "وعلى كل واحد من هؤلاء أن يستنيب ويستعمل أصلح من يجده، وينتهي ذلك، يعني يصل الوا إلى من وينتهي ذلك إلى أئمة الصلاة والمؤذنين والمقرئين والمعلمين وأمراء الحاج والبراد، الذين هم الرسل والعيون، الذين هم القصاد، وخزان الأموال، وحراس الحصون، والحدادين، الذين هم البوابون على الحصون والمدائن، ونقباء العساكر الكبار والصغار، وعرفاء القبائل والأسواق، ورؤساء القرى، الذين هم الدهاقين".

جيد، فيجب على كل من ولي شيئًا من أمر المسلمين، من هؤلاء وغيرهم، أن يستعمل فيما تحت يده في كل موضع أصلح من يقدر عليه، ولا يقدم الرجل لكونه طلب في طلب الولاية أو سبق في الطلب، بل ذلك سبب المنع، فإن في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أن قوماً دخلوا عليه فسألوه الولاية، فقال: "أنا لا نولي أمرنا هذا من طلبه".

وقال لعبد الرحمن بن سمره: "يا عبد الرحمن، لا تسأل الإمارة، فإنك إن أعطيتها عن مسألة، أعنت عليها، وإن أعطيتها عفواً، فإنك إن أعطيتها من غير مسألة، أعنت عليها، وإن أعطيتها عن مسألة، إيش؟ وكلت إليها". أخرجا في الصحيحين.

وقال: "من طلب القضاء واستعان عليه، وكل إليه، ومن لم يطلب القضاء ولم يستعن عليه، أنزل الله إليه ملكًا يسدده". رواه أهل السنن.

طيب، قال: "فإن عدل عن الأحق الأصلح إلى غيره، الآن إيش الواجب عليه؟ أنه يختار الأصلح". طب، إذا ما اختار، إن عدل عن الحق، عن الأصلح إلى غيره لأجل قرابة بينهما، أو ولاء، أو ولاء عتاقه، أو صداقة، أو موافقة في بلد، أو مذهب، أو طريقة، أو جنس، كالعرب والفارسية والتركية والرومية، أو لرشوة منه من مال أو منفعة، أو غير ذلك من الأسباب، أو لضغن أو ضغن في قلبه على الأحق، أو عداوة بينهما.

إذا فعل فإنه ترك الأصلح لأي سبب من هذه الأسباب، فقد خان الله ورسوله والمؤمنين، ودخل فيما نهي عنه في قوله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا، لا تخونوا الله والرسول، وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون". وتخونوا أماناتكم داخل فيها أيضاً خيانة إيش؟ الأمانة في قضية الولايات لشؤون المسلمين.

ثم قال: "واعلموا أنما أموالكم وأولادكم فتنة، وإن الله عنده أجر عظيم". قال: "فإن الرجل لحبه لولده أو لعتيقه قد يؤثره في بعض الولايات، أو يعطيه مالاً، عفواً، أو يعطيه ما لا يستحقه، فيكون خان أمانته".

وكذلك قد يؤثر زيادة ماله أو حفظه بأخذ ما لا يستحقه، أو محاباة من يداهن في بعض الولايات، فيقولون: قد خان الله والرسول وأمانته.

طبعاً، هذا إذا كان في الولاية الصغرى، فمن باب أولى أن يكون في الولاية العظمى. ثم إن المؤدي للأمانة مع مخالفة هواه، هذا الآن يقول لك، الآن يريد أن يتكلم عن ثمرة تولي الأصلح، ولو كان الأصلح يخالف هواه.

يقول: "ثم إن المؤدي الأمانة للامانة، مع مخالفة هواه، يثبته الله، فيحفظه في أهله وماله بعده، والمطيع لهواه يعاقبه الله بنقيض قصده، فيذل لله ويذهب ماله".

وفي ذلك حكاية مشهورة أن بعض خلفاء ابن العباس سأل بعض العلماء أن يحدثه عن بعض ما أدرك، فقال: "أدركت عمر ابن عبد العزيز، وقد قيل له: يا أمير المؤمنين، أفَرغت أفواه بنيك من هذا المال وتركتهم فقراء لا شيء لهم؟" وكان في مرض موته.

فقال: "ادخلهم عليّ". فدخلوا، وهم بضع عشر ذكراً، ليس فيهم بالغ. فلما رآهم، ذرفت عيناه. ثم قال: "يا بني، والله ما منعتكم حقاً هو لكم، ولم أكن بالذي أخذ أموال الناس فدفعها إليكم، وإنما أنتم أحد رجلين. وإنما أنتم أحد رجلين: أما صالح، فالله يتولى الصالحين، وأما غير صالح، فلا أخلف له ما يستعين به على معصية الله".

همه عني، قال: "فلقد رأيت بعض ولده حمل على 100 فرس في سبيل الله"، يعني أعطاها لمن يغزو عليها. قلت: "وهذا كان خليفة المسلمين من أقصى المشرق ببلاد الترك إلى أقصى المغرب بالأندلس وغيرها، ومن جزيرة قبرص وثغور الشام والعواصم كطر سوس ونحوها إلى أقصى اليمن. وإنما أخذ كل واحد من أولاده من ماله شيئاً يسيراً، يقال أقل من 20 درهماً".

قال: "وحضرت بعض الخلفاء وقد اقتسم تركته بنوه، تركته بنوه، فأخذ كل واحد منهم 600000 دينار. ولقد رأيت بعضهم يتكفف الناس، أي يسألهم بكفه. وفي هذا الباب من الحكايات والوقائع المشهورة في هذا الزمن، والمسموع عما قبله ما فيه عبرة لكل ذي لب".

هذا الآن كله في إيش؟ في فضل تولي الأصلح. هذه الفقرة كلها في فضل تولي الأصلح، وأنه ترى من يولي الأصلح، وأن كان هذا يخالف هواه.

يعني مثلاً ابنه موجود، لكنه أثر الأصلح على ابنه أو على قريبه. ترى هذه حسنة العاقبة في الدنيا قبل الآخرة. ثم قال: "وقد دلت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن الولاية أمانة يجب أداؤها في مواضع مثل ما تقدم".

ومثل قوله لأبي ذر، وهذا حديث أبي ذر هو من أظهر الأدلة على أن الولاية أمانة. قال: "ومثل قوله لأبي ذر رضي الله عنه في الإمارة التي هي الولاية، إنها أمانة، وإنها يوم القيامة خزي وندامة إلا من أخذها بحقها وأدى الذي عليه فيها". رواه مسلم.

طيب، دليل آخر يدل على أن الولاية أمانة، هكذا بالاسم الشرعي أمانة. قال: "وروى البخاري رضي الله عنه في صحيحه". وروا البخاري رحمه الله في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا ضيعت الأمانة، فانتظر الساعة". قيل: يا رسول الله، وما إضاعتها؟ قال: "إذا وسد الأمر إلى غير أهله، فانتظر الساعة".

قال: وقد اجمع المسلمون على معنى هذا. فإن وصي اليتيم وناظر الوقف ووكيل الرجل في ماله عليه أن يتصرف له بالأصلح، كما قال الله: "ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن". ولم يقل إيش؟ إلا بالتي هي حسنة، لا أحسن.

هذه من الأدلة. قال: وذلك لأن الوالي راعٍ على الناس بمنزلة راعٍ الغنم، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته". فالامام الذي على الناس راعٍ، وهو مسؤول عن رعيته.

والمراة راعية في بيت زوجها، وهي مسؤولة عن رعيتها. والولد راعٍ في مال أبيه، وهو مسؤول عن رعيته. والعبد راعٍ في مال سيده، وهو مسؤول عن رعيته. ألا، فكلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته. أخرجا في الصحيحين.

وقال صلى الله عليه وسلم: "ما من راعٍ يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لها، إلا حرم الله عليه رائحة الجنة". رواه مسلم.

ودخل أبو مسلم الخولاني على معاوية بن أبي سفيان، فقال: "السلام عليك أيها الأجير". يقول لمعاوية، هو الخليفة والملك العام للمسلمين، يقول: "السلام عليك أيها الأجير". فقالوا الحاشية، يعني قل: السلام عليك أيها الأمير. فقال: "السلام عليك أيها الأجير".

قالوا: قل: السلام عليك أيها الأمير. فقال معاوية: "دعوا أبا مسلم، فإنه أعلم بما يقول". فقال: "إنما أنت أجير استأجر رب هذه الغنم لرعايتها، فإن أنت هنأت جربا، وداويت مرضاها، وحبست أولاه على أخرا، فأنفق سيدها أجرها، وإن أنت لم تهنَ جربا، ولم تداوي مرضاها، ولم تحبس أولاه على أخرا، عاقبك سيدها".

هذا المنطق في النظر للسياسة، منصب الحكومة ومنصب الحكم، يعني منظور مهم جداً، اللي هو منظور أنه أنت ترى، يعني هذا عقد. وأنت ترى أجير. يعني أنت، هذه ليست استحقاق كابر عن كابر، وهذه فيها مسؤولية، وفيها أمانة.

داخلة في الدين باسم الأمانة. قال: "وهذا ظاهر الاعتبار. فإن الخلق عباد الله، والولاة نواب الله على عباده، وهم وكلاء العباد على نفوسهم بمنزلة أحد الشريكين مع الآخر".

ففيهم معنى الولاية والوكالة. يعني كأنهم موكلون من الناس ليقوموا بشؤونهم ومصالحهم. وهذا مبني أصلاً في الإسلام على أن أساس الولاية العظمى، الإمامة العظمى لا تكون إلا بإيش؟ بالرضا.

وبالاختيار، وهذا لذلك دائماً العلماء يسمونها عقد، دائماً عقد الإمامة، عقد الإمامة، عقد الولاية، يسمونها عقد. مثل ما أنه، يعني المتبايعين بينهم عقد في عقود تجارية، هناك عقد سياسي بين الرعية والراعي، أو الشعب والحاكم.

هذا في الأساس، بعد ذلك حصل في التاريخ، في مراحل كثيرة جداً، الإخلال بهذا العقد، وأنه تصبح القضية ليست بهذا الطريق، وهذا يعني أمر معروف. وهو من الفروقات بين قضية الخلافة والملك وما إلى ذلك.

طيب، لذلك، إيش يقول؟ يقول: "ففيهم معنى الولاية والوكالة، ثم الولي والوكيل متى استناب في أموره رجلاً وترك من هو أصلح للتجارة أو العقار منه، أو باع السلعة بثمن، وهو يجد من يشتريها بخير من ذلك الثمن، فقد خان صاحبه".

لا سما أن كان بينه وبين من حاباه مودة أو قربه، فإن صاحبه يبغضه، يذمه، ويرى أنه قد خان، وداهن قريبه أو صديقه.

طيب، الآن إيش اللي تقرر إلى الآن من بداية الكتاب؟ من الآن أخذنا، عفواً، 12 صفحة. إيش اللي؟

تقرر؟ أول شيء تقرر، أول شيء تكلم عن أنه الكتاب مبني على آية سورة النساء، جيد. وأن الآية، بعدين قال: "وإذا كانت الآية قد أوجبت أداء الأمانات والحكم بالعدل، فهذان جماع السياسة العادلة وهما أصلاً موضوع الكتاب".

أداء الأمانات والحكم بالعدل. ثم بدأ بإيش؟ قال: "أما أداء الأمانات ففيه أمران". الأمر الأول: الولايات، وتكلم عن أنه واجب شرعي على المسؤول، وعلى الحاكم أنه يولي الأصلح.

وأنه إذا لم يولي الأصلح، فهذه خيانة. وأنه هذه الولاية الأصلح يجب أن تستمر بالتسلسل الأدنى، فكل مسؤول يولي في المسؤوليات الفرعية من هو أصلح.

جب. ثم أثبت بالأدلة شيئاً أن هذا يسمى أمانة، وذكر الأدلة التفصيلية على أنه هذه الولاية أمانة.

طيب، الآن انتهى من التقرير، أساس القضية في أنها أمانة، الآن يريد أن يدخل في التطبيق. قال فصل: إذا عرف هذا، فليس عليه أن يستعمل إلا أصلح الموجود. يعني هو الآن بالتقرير السابقة قد يظن الظان أنه هذه القضية. يعني إيش، كما يسمى اليوم، مثالية تمامًا.

يعني بمعنى أنه طيب، إذا كان الناس فيها فساد منتشر، طيب، إذا كان في قلة في الكوادر، طيب، إذا كان إيش يصير، يعني، فهو يقول لك: إذا عرف هذا، فليس عليه أن يستعمل إلا أصلح الموجود.

وقد لا يكون في موجوده من هو أصلح لتلك. الولاية، إذا ما في من هو أصلح لتلك الولاية، إيش يسوي؟ لا تعطل الولاية، وإنما إيش؟ يختار من هو أصلح الموجود. فيختار الأمثل. فالأنسب في كل منصب بحسبه.

وإذا فعل ذلك بعد الاجتهاد التام، وأخذه للولاية بحقها، فقد أدى الأمانة وقام بالواجب في هذا، وصار في هذه المواضع من أئمة العدل المقسطين عند الله سبحانه وتعالى.

قال: وإذا اختلت بعض الأمور بسبب من غيره، إذا لم يمكن إلا ذلك، فإن الله سبحانه وتعالى يقول: "فاتقوا الله ما استطعتم". وقال عز وجل: "لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها".

وقال جل جلاله في الجهاد: "فقاتل في سبيل الله، لا تكلف إلا نفسك، وحرض المؤمنين". وقال عز وجل: "يا أيها الذين آمنوا، عليكم أنفسكم، لا يضركم من ضل إذا اهتديتم".

فمن أدى الواجب المقدور عليه، فقد اهتدى. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا أمرتكم بأمر، فاتوا منه ما استطعتم". أخرجا في الصحيحين.

لكن إذا كان منه عجز، فلا حاجة إليه أو خيانة. أُعوقب على ذلك وينبغي أن يعرف الأصلح في كل منصب. إذاً، هذا الآن التقرير الأول أنه الأصلح. المقصود: أصلح الموجود.

إذا اجتهد في تحقيق أصلح الموجود، وحصل تقصير وخلل، فليس عليه وزر ذلك، وهو من الأئمة المقسطين لأنه اختار أفضل ما هو موجود. ممتاز. الآن يريد أن يفصل في كيف يختار أصلح الموجود. قال: وينبغي أن يعرف الأصلح في كل منصب. فإن الولاية لها ركنان: القوة والأمانة، كما قال تعالى: "إن خير من استأجرت القوي الأمين".

وقال صاحب مصر يوسف عليه السلام: "إنك اليوم لدينا مكين أمين". وقال تعالى في صفة جبريل عليه السلام: "إنه لقول رسول كريم، ذي قوة عند ذي العرش مكين مطاع ثم أمين".

ثم القوة في كل ولاية بحسبها. شوف، لاحظتم المتن مليان يعني المعلومات متتالية. الآن قال: "أصلح الموجود". وهذا اللي عليك، انتهينا.

كيف تعرف الأصلح؟ أول شيء قال: تعرف مفتاح هذه الأركان الولاية، وهي القوة والأمانة. هذ الآن أصلح الموجود، الأساس أن يجمع بين القوة والأمانة. طيب، إيش هي القوة؟ ما هي القوة؟ قال: "والقوة في كل ولاية بحسبها".

[موسيقى]

بحسب نوع الولاية وطبيعتها، طبيعة المهام التي فيها. فالقوة في إمارة الحرب ترجع إلى شجاعة القلب، وإلى الخبرة بالحروب والمخادعة فيها، فإن الحرب خدعة، وإلى القدرة على أنواع القتال من رمي وطعن وضرب وركوب وكر وفر ونحو ذلك. كما قال تعالى: "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل".

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "ارموا واركبوا، وإن ترموا أحب إليّ من أن تركبوا، ومن تعلم الرمي ثم نسيه فليس منا". وفي رواية: "هي نعمة قد جحدها". رواه مسلم.

طيب، والقوة في الحكم بين الناس ترجع إلى العلم بالعدل، الذي دل عليه الكتاب والسنة، وإلى القدرة على تنفيذ الأحكام.

جيد، والأمانة، هذا الآن القوة قال لك: خلاص، نحن، الولاية تنبني على ركنين: القوة والأمانة. القوة مرتبطة بحسب كل ولاية، ضرب لك مثال على قوة الحرب وعلى القضاء.

طيب، الأمانة ترجع إلى خشية الله وترك خشية الناس، وألا يشترى بآياته ثمناً قليلاً. هذه الأمانة، وهذه الخصال الثلاث، وهذه الخصال الثلاث التي أخذها الله على كل حكم على الناس في قوله تعالى: "فلا تخشوا الناس، واخشوني، ولا تشتروا بآياتي ثمناً قليلاً".

ومن لم يحكم بما أنزل الله، فهؤلاء هم الكافرون. ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: "القضاة ثلاثة، قاضيان في النار، وقاضٍ في الجنة؛ فرجل عرف الحق وقضى بخلافه، فهو في النار، ورجل قضى للناس على جهل، فهو في النار، ورجل علم الحق وقضى به، فهو في الجنة". رواه أهل السنن.

فالقاضي اسم لكل من حكم بين اثنين، سواء سمي خليفة، أو سلطانا، أو نائبا، أو والياً، أو كان منصوبًا ليقضي بالشرع، أو نائبا له، حتى من يحكم بين الصبيان في الخطوط.

إذا تخا. هكذا ذكر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو ظاهر. هذا، قاضي. ويعني يدخل فيه ولو بنسبة معينة الوعيد الذي في القاضي الذي يحكم بغير العدل.

طيب، إذا الأمانة، القوة، إيش تعريف القوة؟ أو إيش تحقق القوة بحسب كل ولاية؟ الأمانة، خشية الله وعدم خشية الناس، وأن يشتري هذا المؤتمن بآيات الله ثمناً قليلاً.

ممتاز. طيب، فصل اجتماع القوة والأمانة في الناس قليل. ولهذا كان عمر رضي الله تعالى عنه يقول: "اللهم اشكُ إليك جلد الفاجر، وعجز الثقة".

طيب، باقي مسألة مهمة نبه عليها ابن تيمية. يعني ذكر أنه إذا لم يجد إلا من عنده نقص، يولي الأصلح بحسبه، وهنا قال: إن اجتماع القوة والأمانة في الناس قليل.

وهنا يعني تبرز قضية، يعني أهمية لا يستسلم للواقع الذي فيه هذا النقص، وأن لا يستسلم للواقع الذي فيه قلة الكوادر، وقلة الأمانة، وقلة القوة. وأن من المسؤوليات ومن المهام العظمى التي يمكن أن تعمل هي أن يستصلح الناس الذين يمكن أن يقوموا على مثل هذه المهام، وأن يستصلح في، كما يقال: المخزون البشري، أو في الأجيال، حتى يمكن سد بعض الاحتياجات بهذا الاستصلاح.

فإذا كان الواقع مثلاً اليوم، يعني في زمن من الأزمان، أنه ترى القوة والأمانة قليلة في الناس، ولا يمكن أداء، وما في إلا الأصلح الذي تتوفر فيه يعني صفات نقص كثيرة، فيجب أن لا يكون الحال كذلك بعد سنوات.

يعني كما أن الحاكم مطلوب منه أن يختار الأصلح لهذه الولاية، فكذلك مطلوب منه أو من العلماء، أو من أهل الدين والتربية والإصلاح أن يستصلح في أحوال الناس، حتى لا يكون الحال بعد سنوات كما هو الحال اليوم.

فهذه قضية مهمة جداً، ويمكن أن يستدل على ذلك بقول الله سبحانه وتعالى: "ولكن كونوا ربانيين"، خاصة بتعريف الطبري الذي ذكرناه في بداية اللقاء، لما قال: "والرباني هو الجامع إلى العلم والفقه، البصر بالسياسة والتدبير والقيام على أمور الناس بما يصلح دينهم ودنياهم".

فهكذا استعمل لفظ السياسة، ولفظ التدبير، ولفظ القيام على الناس، وهذا فيه استصلاح للأحوال.

طيب، قال: اجتماع القوة والأمانة في الناس قليل. ولهذا كان عمر رضي الله عنه يقول: "اللهم اشكو إليك جلد الفاجر، وعجز الثقة".

قال: فالواجب في كل ولاية الأصلح بحسبها، فإذا عُيّن رجلان، أحدهما أعظم أمانة، والآخر أعظم قوة، قدم أنفعهما لتلك الولاية، وأقلها ضرراً فيها. فيقدم في إمارة الحروب الرجل القوي الشجاع، وإن كان فيه فجور، على الرجل الضعيف العاجز، وإن كان أمينًا.

يعني قائد عسكري، أكثر عدالة وصلاحًا واستقامة، أو قائد عسكري مسلم وعنده نقص في الدين وعنده خطأ، وعنده خلل، وعنده يعني قد يكون عنده تجاوزات كذا، ولكنه أبصر بالقيادة العسكرية، وبتحقيق مقاصد القيادة العسكرية.

هنا ابن تيمية يقدم الثاني، هذا الأبصر، لأنه مقصود الولاية العسكريه هنا تحقيق مقاصدها، اللي هي من الانتصار على الأعداء، وحماية البلدان، وحماية الثغور، وحماية بلاد المسلمين، والنكاح في الأعداء، وتحرير، إلى آخره، هذا مقصود الحرب.

ثم بعد ذلك إذا صار الانتصار، هذا شيء آخر، لكن قضية القيادة الآن، الحاكم من يولي في القيادة العسكرية؟ يولي الأقدر عليها. طيب، إذا كان هناك من يجمع بين الأمرين، فهذا هو المطلوب: الجمع بين القوة والأمانة.

لكن إذا لم يكن...

طيب، قال: "فيقدم في إمارة الحروب الرجل القوي الشجاع، وإن كان فيه فجور، على الرجل الضعيف العاجز، وإن كان". كما سئل الإمام أحمد عن الرجلين، يكونان أميرين في الغزو، أحدهما قوي فاجر، والآخر ضعيف صالح، مع أيهما يغزى؟ فقال: "أما الفاجر القوي، فقوته للمسلمين، وفجوره على نفسه، وأما الصالح الضعيف، فصلاح لنفسه، وضعفه على المسلمين".

يغزى مع القوي الفاجر. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله يؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر". وروي بأقوام لا خلاق لهم.

فإذا لم يكن فاجراً كان أولى بإمارة الحرب ممن هو أصلح منه في الدين إذا لم يسد مسده. ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يستعمل خالد بن الوليد على الحرب منذ أسلم، وقال: "إن خالداً سيف سله الله على المشركين".

مع أنه أحياناً كان يعمل ما ينكره النبي صلى الله عليه وسلم، حتى إنه مرّة رفع يديه إلى السماء، وقال: "اللهم إني أبرأ إليك مما فعل خالد". وهذا حديث صحيح البخاري.

لما أرسله إلى جذمة فقتلهم وأخذ أموالهم بنوع شبه. ولم يكن يجوز ذلك، وانكره عليه بعض من كان معه من الصحابة. حتى وداه النبي صلى الله عليه وسلم وضمن أموالهم. ومع هذا فما زال يقدمه في إمارة الحرب، لأنه كان أصلح في هذا الباب من غيره، وفعل ما فعله بنوع تأويل.

هذا صراحة موقف مهم جداً وخطير في اختيار الولاة واختيار المسؤولين. طبعاً خالد موليد، خالد موليد الصحابي العدل الصالح، إلى آخره. لكن هل في الصحابة من هو أصلح منه؟ نعم.

نعم، أصلح منه يوجد أصلح من خالد بن الوليد، ممن تربى مع النبي صلى الله عليه وسلم في مكة، وممن شهد بدراً وأحد. خالد موليد كان قائد من المشركين، يعني خالد موليد تو للتو أسلم، لم يتفقه بعده في الدين، لم... يعني ياخذ الزمن مع النبي صلى الله عليه وسلم، لكنه أسلم وصدق في إسلامه.

ولكن خالد بن الوليد، أولاً، هذه طبعاً في فائدة عظيمة في أنه النبي صلى الله عليه وسلم يعرف المواهب والقدرات والإمكانات.

فالنبي صلى الله عليه وسلم يعرف إمكانات خالد بن الوليد، ويعرف قدرات خالد بن الوليد القيادية والعسكرية، فاختاره لقيادة الجيش، لقيادة الجيش عدة مرات. طيب، اختاره لقيادة الجيش عدة مرات، أخطأ خالد.

أخطأ خطأ استوجب أن يرفع النبي صلى الله عليه وسلم يديه، ويقول: "اللهم إني أبرأ إليك مما فعل خالد". وهذا الخطأ في أمور دماء الناس الذين قتلهم خالد، كانوا في شبهه في قضية إسلامهم، وهو ما فهم القضية.

وقالوا: "صبانا"، وقصدهم: "أسلمنا"، وكذا، فاجتهد خالد رضي الله تعالى عنه، وقتلهم. وهذه القضية ليست سهلة. والنبي صلى الله عليه وسلم لم يجامله في الخطأ، قال: "أبرأ إليك مما فعل خالد".

طيب، وبعدين إيش صار بعد ذلك؟ ما عزله عن الجيش، استمر خالد يقود الجيوش للنبي صلى الله عليه وسلم، مع أنه أخطأ في الحرب، وكلفه مرّة أخرى في الحرب ليقود الجيوش.

هذا منهج عظيم جداً جداً جداً في فهم سياسة الناس والولايات والقيام عليها وما إلى ذلك. وهذا دليل من الأدلة التي استدل بها على أن الذي يولي هو الأقدر لتحقيق مقصود الولاية.

وطبعاً كونه أخطأ المرة الأولى، ورأى خالد بن الوليد، إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد". معناها أنه إيش؟ أنه سينتبه لهذا الخطأ مرة أخرى.

يعني فليس المقصود أن يعيد هذا الخطأ بطبيعة الحال، لكن حقيقة من الأدلة المهمة في فهم الواقع. وحقيقة، نحن واقعنا اليوم غريب. يعني في ثقافة عامة غريبة شوي، ليست فقط في الأوساط الإسلامية، لا، لا، حتى في الأوساط الاجتماعية، وجالسة تعزز وتكرس بصورة خاطئة في شبكات التواصل.

شبكات التواصل فيها ثقافة الإسقاط بسبب الخطأ، إسقاط الزلل. يعني ما أدريت فلان يجيب لك خطأ مثلاً على شخص أو شيء، أتكلم، ترى ليس فقط في الأوساط الشرعية، لا، لا، حتى في الأوساط العامة، لبعض المشاهير أو كذا، أيًا كان.

هذه الثقافة، حقيقة، فيها إشكال كبير. يعني موضوع الخطأ، تكلمنا عنه سابقاً في خير القرون. موضوع الخطأ، ترى موضوع بشري وارد، وارد أن يخطئ العلماء، أن يخطئ الدعاة، أن يخطئ المشايخ، أن يخطئ المصلحون، أن يخطئ القادة المجاهدون.

هذا وارد جداً، وحصل في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، وأخطاء، أثبتها الله في القرآن، وبينها. ودائماً، سبحان الله، المنهج الذي فيه إشكال، هو المنهج الذي يبني تقييمه الأشخاص على أخطائهم، لا على مجموع مسيرتهم.

مثل ما جاء الخوارج إلى عبد الله بن عمر، وكانوا ينتقدون عثمان. سبحان الله، ما شافوا سيرته. كل السيرة هذه، ما يقدروا يشوفوها. ما يستطيعوا. هو طبعًا في كائنات حية هي هكذا تفكر. هي لا تستطيع أن تنظر. أنت عندك مسيرة مثلاً 70 سنة، 40 سنة، 30 سنة، 50 مليئة بالخير، ونصرة الدين وتبليغ الرسالة، نصرة الدين، الجهاد في سبيل الله، التضحية.

بعض الكائنات البشرية لا تستطيع أن تنظر إلى هذا المجموع، لا تستطيع أن تنظر إلا إلى الأخطاء. وهذا مع الأسف، ترى يحصل حتى من بعض الناس الصالحين. أحيانًا الخلل فيها ليس أن الإنسان هو فاسد أو أنه يريد أن يسقط الناس، لا، أحيانًا ثقافة.

يعني مثلاً، أنت الآن في داعية معين، أو شيخ معين، أو كذا. في ثقافة عامة أنه، أنه باللسان، لا أقول إنه معصوم. الناس ما تقول إنه معصوم، لكن فعلهم إيش؟ إيش فعلهم؟ حقيقة، فعلهم أنه يجب أن يكون معصومًا عند الناس. كذا، في أفعالهم، أنه ما دام شيخ أو عالم يجب أن يكون معصومًا.

فإذا أخطأ، لا يستطيعون أن يفهموا خطأه إلا في إطار النفاق. أنه ما دام أنه أخطأ، وقد كنا نظنه شيخًا، إيش معنى شيخًا بالنسبة لهم في التفكير العملي؟ كنا نظنه معصومًا، بس إذنب. الله المستعان. عجيب. يعني كيف شيخ؟ كيف مجاهد ويذنب؟

أه، احنا كنا نحسبه مجاهد. يعني عمليًا كنا نحسبه إيش؟ معصوم. ولكنه إذنب. ما دام إذنب فهذا يتعارض مع العصمة. إذاً يسقط هذا.

تفكير في غاية الإشكال. ولكنه موجود. موجود في ثقافات اجتماعية، موجود في ثقافة شبكات التواصل، موجود حتى في بعض الأوساط أو كثير من الأوساط الإسلامية.

وهذا، حقيقة، إشكال كبير. المنطق العدل هو أن تنظر إلى مجموع حال الإنسان. إذا كان عامةً مجموع حال الإنسان خير ورشد واستقامة، يا أخي الخطأ إذا كان خطأ يستوجب عقوبة شرعية، يعاقب عقوبة شرعية.

وخلاص. إذا كان خطأ يغتفر، يغتفر. والستر مطلوب، وكذا. يعني هذا المنهج، حقيقة، فيه إشكال كبير جداً.

أنظر، يا أخي، النبي صلى الله عليه وسلم، الخطأ الذي أخطأ فيه، بنوع تأويل. هذا الخطأ لا يمكن أن يعني إيش؟ يسكت عليه. اللهم، إني أبرأ إليك مما فعل خالد.

وهذا لا يعني يبرئ النبي صلى الله عليه وسلم نفسه من أنه لا يقر هذا الخطأ الذي حصل. طيب، وبعدين إيش؟ خالد بن وليد، خلاص، أنت تروح، أنت كذا، ويلا، لا. بقي حتى على إمارة الجند.

ففي فرق، في فرق في التعامل مع الأخطاء بين زمن النبي صلى الله عليه وسلم وبين زماننا. هذا، هذا مع كون زمن النبي صلى الله عليه وسلم فيه النبي صلى الله عليه وسلم والقرآن يتنزل، وجمهور الناس هم الصحابة.

والعدل هو السائد، والعدل هو المهيمن والمسيطر، والصلاح هو السائد. والمساجد، كل شيء قائم بالخير. ومع ذلك، الخطأ الذي يعني أصعب، لما يقع الخطأ في بيئة كلها صلاح، ومع ذلك كان الخطأ يغتفر أحياناً، يُعاقب أحياناً، كذا، إلى آخره. فما بالكم بزمن الفتن فيه منتشرة، والفساد فيه منتشر، والجهل فيه عريض، والإشكالات فيه كبيرة، خلافات فيه كثيرة.

ثم بعد ذلك لا يريد الإنسان أن يغتفر خطأ من شخص لأنه رمز ديني أو قائد مجاهد أو قائد، أو يعني داعية، أو مصلح، أو إلى آخره.

هذه إشكال، حقيقة، كبير جداً جداً.

طيب، قال: "ومع هذا، فما زال يقدمه في إمارة الحرب، لأنه كان أصلح في هذا الباب من غيره، وفعل ما فعله بنوع تأويل".

وطبعاً، هذه الجملة مهمة، لأنه فرق، ترى، بين الخطأ الذي يقع فيه الإنسان بنوع تأويل، وأن كان مخطئاً، وبينما يقع فيه مصادمة للأمر الشرعي.

فإذا فعل الخطأ مصادمة للأمر الشرعي، فلا شك أن هذا الخطأ يتعامل معه بأغلظ مما يتعامل مع الخطأ الذي كان بنوع تأويل.

مهم جداً، ترى، هذه القضية مهمة جداً. واحنا حتى لو أخطأ خطأ بغير تأويل، مو معناه أنه يسقط نهائياً. لا، قد يعاقب عقوبة شرعية، كذا، وينتهي أمره. لكن ترى، يا جماعة، دائماً، هذه، دائماً دعوها في بالك.

دائماً، في مسيرة العلماء، في مسيرة الدعاة، في مسيرة القادة، أياً كان، هناك فرق بين الخطأ الذي يقع فيه الإنسان بتأويل، ولو كان مخطئاً، وبين الذي يقع فيه بلا تأويل. هذا أمر مهم جداً جداً.

في الأمر الذي الخطأ الذي يقع فيه الإنسان بتأويل، هذا الخطأ مجال الأعذار فيه أوسع، وهو يعني، وهذه قاعدة مهمة جداً.

طيب، الآن تتكلم عن خالد بن الوليد، ثم رجع الآن إلى شخص في الأمانة، أكبر، أكثر أمانة من خالد بن الوليد، لاه. قال: "القوة والأمانة". هو يريد أن يبين الأمانة.

طبعاً، هنا ليس مقصود الأمانة التي هي ضد. يعني الأمانة واحد أمين، واحد خائن، لا، نقصد الأمانة في درجة خشية الله، في درجة، مثل ما ذكر في البداية، قال: "وكان أبو ذر أصلح منه في الأمانة والصدق".

ومع هذا، قال النبي صلى الله عليه وسلم له: "يا أبا ذر، إني أراك ضعيفاً، وأنا أحب لك ما أحب لنفسي. لا تأمرن على اثنين، ولا تولين ما اليتيم". رواه مسلم.

عجيب، هذا الآن المقارنة بين النصين، عجيبة جداً.

يولي خالداً، ويقول: "أبرأ إليك مما صنع خالد"، في خطأ، ويظل موليه قائد عسكري. ويأتي لأبي ذر، الذي هو ورد فيه ما يعني أنه أصدق الناس لهجة، وأنه كذا ومعروف خشيه أبي ذر لله، وأمانته، ويقول: "لا تولين على اثنين".

عجيب، هذه المقارنة بين الأمرين، وأنا ذكرت هذا، ترى في خير القرون، في حلقة سيرة أبي ذر، وذكرت كلام الذهبي في توجيه هذا النص، اللي هو: "إني أراك ضعيفاً".

ونتكلم عن الضعف، المقصود به ضعف التدبير، وسياسة الأمر القائم.

عليه، ونهى أبا ذر عن الإمارة والولاية لأنه رآه ضعيفاً، مع أنه قد روي: "ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء أصدق لهجة أو أصدق لهجة من أبي ذر".

وأمر النبي صلى الله عليه وسلم مرة عمرو بن العاص في غزوة ذات السلاسل استعطافاً لأقاربه الذين بعثه إليهم على من هم أفضل منه، وأمر أسامة بن زيد لأجل طلب ثار أبيه.

يا جماعة، ترى السيرة النبوية يعني مدرسة في كل شيء. السياسة في اختيار القادة مهمة جداً. لماذا أمر أسامة؟ أسامة صغير كان، وطبعاً أهل للولاية، لكن من أسباب توليته طلباً لثار أبيه. ليش؟ إيش سبب ثار أبيه؟ لأنه قتل في مؤتة، الذين قتلهم الروم، وهذا أسامة زيد رايح للروم الآن.

فهذا الأمر النفسي له تأثير الآن في قوة القتال وفي...

واضح؟

الفكرة؟ وكذلك كان يستعمل الرجل لمصلحة الراجحة، مع أنه قد يكون، مع أنه قد كان يكون مع أمير من هو أفضل منه في العلم والإيمان وهكذا، كان أبو بكر خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم رضي الله عنه، ما زال يستعمل خالداً في حروب أهل الردة، وفي فتوح العراق والشام، وبدت منه هفوات أو هفوات، كان له فيها تأويل.

لأنه أيضاً وقع من خالد في زمن حروب الردة شيء كان متو فيه، واختلف أبو بكر وعمر في تقييم هذا الشيء، وقد ذكر له عنه أنه كان له فيه هواء.

فلم يعزله من أجلها، بل عتبه عليها لرجحان المصلحة على المفسدة في بقائه، وأن غيره لم يكن يقوم مقامه.

والله، يا جماعة، هذا مهم، مهم، مهم في واقعنا جداً.

مهم في واقعنا جداً؛ لأن المتولي الكبير إذا كان خلقه يميل إلى الشدة، فينبغي أن يكون خلق نائبه يميل إلى اللين. وإذا كان خلقه يميل إلى اللين، فينبغي أن يكون خلق نائبه يميل إلى الشدة، ليعتدل الأمر.

إيش المثال؟ قال: "ولهذا كان أبو بكر رضي الله عنه يؤثر استنابة خالد، وكان عمر رضي الله عنه يؤثر عزل خالد واستناب أبي عبيدة بن الجراح، لأن خالداً كان شديدًا كعمر، وأبو عبيدة كان لينًا كأبي بكر".

فكان الأصلح لكل منهما