62 دقائق للقراءة
تفريغ مقطع مرئي
0:00/0:00
سجل دخولك للوصول إلى ميزة التظليل والمزيد من المميزات

الأربعون النووية | المجلس الثاني | برنامج إرواء

غراس العلم طريقك نحو علم شرعي راسخ. بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضى، والصلاة والسلام على النبي المصطفى صلاةً تترى وعلى آله وصحبه ومن لنهجه اقتفى.

اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وارزقنا علماً نافعاً يا أرحم الراحمين. اللهم جنبنا منكرات الأخلاق والأعمال والأهواء والأدواء لا إله إلا أنت سبحانك إنا كنا من الظالمين.

حياكم الله أيها الأكارم في مجلس جديد من مجالس إرواء، نرتوي من الشريعة الغراء ونسأله سبحانه وتعالى أن يثبتنا على هذا الدرب، وأن يرزقنا العلم النافع والعمل الصالح، وأن يحسن ختامنا إنه ولي ذلك والقادر عليه.

وينبغي على الإنسان المسلم عموماً أن يحرص على ما ينفعه في هذه الحياة الدنيا. ومن أعظم ما ينبغي للإنسان المسلم أن يداوم عليه، أن يداوم على حضور مجالس العلم.

فإنك في مجالس العلم تسمع كلمة يكون فيها صلاح دينك ودنياك، وإنك لا تعرف متى تأتي هذه الكلمة التي تصل إلى قلبك فتصلحه. قد تكون في المجلس المئة، قد تكون بعد خمس سنوات أو ست سنوات، لا تعرف ما هي الكلمة التي ستصلح قلبك.

والإنسان إنما تتشكل تصوراته عن الإسلام من خلال هذه المعاني التي تطرح في مجالس العلم. فنحن هنا نتكلم في معاني، معاني في الاعتقاد، معاني في السلوك إلى الله، معاني في صلاح القلب والنفس.

هذه المعاني هي العلم النافع التي إذا أتبعتها بالعمل الصالح فستفلح في الدنيا وفي الآخرة. والإنسان أن يحرص على أن تصل له هذه المعاني.

هذه المعاني لن تأتيك وأنت جالس في بيتك، وأنت منغمس في دنياك، وأن فقط تفكر في دينارك وهمك. هذه المعاني عليك أن تطرق الأبواب من أجل أن تحصلها، وعليك أن تبحث عنها.

وهي لكل مسلم ومسلمة، هذه المعاني الإيمانية، السير إلى الله، لكل إنسان يريد أن يصل إلى الله بأمان، ويريد أن يكون لبنة نافعة في بناء أمته. هذه المعاني تجدد الإيمان في القلوب بعد أن يبلى، فإن الإيمان يبلى كما يبلى الثوب كما جاء في الحديث.

فعليك أن تجدد الإيمان في قلبك، وما أعظم مجالس العلم التي تجدد الإيمان في القلوب، وتزرع المعاني الصحيحة القويمة التي تصلح حال الإنسان في علاقته مع ربه سبحانه وتعالى. تصلح له تصوراته الخاطئة، تبعد عنه شبهة قد نخرت قلبه سنوات وسنوات، تزيده إيماناً ورقياً، يشعر فيها بالثبات على دين الله سبحانه وتعالى.

فكل هذه المعاني تزدحم في مدارس العلم النافع. فأسأل الله الثبات، وأسأله أن يصرف عنك العلائق والعوائق التي دائماً ما يحاول الشيطان أن يضعها في طريقك.

إذا أردت أن تحضر مجلساً علمياً، يحاول أن يصرفك بأي عائق من العوائق، بانشغالات الدنيا، بزحمة الامتحانات، بالفتور، وبإمكانية المتابعة لاحقاً. لا شيء يعوض مجالس العلم، ولا شيء يعوض أن تزاحم بركبتيك فيها، ولا شيء يعوض أن تسمع كلمة خير مع إخوانك، ترتقي بها درجات إلى الله سبحانه وتعالى. فأسأل الله لي ولكم الثبات على هذا الخير.

ما زلنا نعيش أيها الكرام في التعريف على الأربعين النووية، وهذا هو المجلس الثاني من التعريف على هذا الكتاب العظيم، النافع على هذه الأحاديث العظيمة التي تشكل مباني الإسلام وكليات الإسلام والصورة العامة للإسلام يمكنك أن تشكلها ابتداء من هذه الأربعين.

شرحنا وعلقنا على الحديث الأول سابقاً حديث: "إنما الأعمال بالنيات" وعرفنا ما فيه من الفوائد بما يليق بهذه المجالس المختصرة. وشرعنا أيضاً في الحديث الثاني وهو حديث جبريل الذي جاء فيه إلى النبي صلى الله عليه وسلم على صورة رجل بشديد بياض الثياب شديد سواد الشعر، لا يرى عليه أثر السفر ولا يعرفه منا أحد.

حتى جلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأسند ركبتيه إلى ركبتي النبي صلى الله عليه وسلم وجلس جلسة المتعلم ثم سأله عن الإسلام ثم عن الإيمان ثم عن الإحسان. وقلنا هذه اسمها مراتب الدين، الدين ثلاث مراتب أولها الإسلام، فإن ارتقيت دخلت في دائرة الإيمان، فإن ارتقيت أكثر وأكثر أصبحت في دائرة الإحسان.

وهذه المراتب الثلاث للدين جاء ذكرها أيضاً في القرآن في قوله تعالى: (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ) [فاطر: 32]. الظالم لنفسه هذا الذي ما زال في مرتبة الإسلام، يعني عنده ذنوب ومعاصي وأخطاء ظلم فيها نفسه، وعنده أصل التوحيد والالتزام بعموم الأعمال الظاهرة مع وجود ماذا؟ معاصي ذنوب وتقصير.

قال: (فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ) [فاطر: 32]، المقتصد هو الذي حرص على فعل الواجبات وعلى ترك المحرمات، وإن وقع منه محرم فإنما هي فلتات. ولكنه لم يزدد في النوافل والمستحبات، وإنما اقتصر على فعل الواجبات وترك أساس المحرمات وهذا اقتصاده، يعني وقف عند هذه المرتبة وهذه مرتبة مؤمن. قال: (وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ) [فاطر: 32]، وهذا الذي وصل إلى مرتبة الإحسان.

فإذا تقسيم الناس إلى ثلاث مراتب داخل الدين هذا ليس فقط في الحديث حديث جبريل بل حتى في القرآن قسم المسلمون إلى ثلاث مراتب، الظالم لنفسه ثم المقتصد ثم السابق بالخيرات. هي نفسها مرتبة مسلم ثم مؤمن ثم محسن، وعرفنا أن الإنسان يرتقي رقيًا في هذه المراتب كما قلنا.

فتكون أنت في المرتبة الأولى فإذا بك تجتهد لتصل إلى المرتبة الثانية مرتبة مؤمن، فإذا بك تجتهد لتصبح في المرتبة الثالثة مرتبة محسن. وأحياناً الإنسان قد يعني يخرج من الدائرة ثم يعود إليها، يعني من وصل إلى دائرة مؤمن هل يمكن يتراجع إيمانه فيعود إلى دائرة مسلم؟

أي نعم يمكن تتراجع ثم تعود مرة أخرى إلى مؤمن ثم ثم تزيد تصل إلى محسن ثم تضعف ترجع لمؤمن. فهذه الحلقات قد تتبادل في حياتك قد تتبادل، فأحياناً تكون في دائرة ثم تصعد إلى أخرى ثم تعود على حسب زيادة الإيمان ونقصانه.

وهذا أخذناه في العقيدة أن الإيمان عند أهل السنة والجماعة يزيد وينقص بحسب الزيادة والنقصان. أنت تنتقل بين هذه الدوائر ذهاباً وإياباً. طيب اليوم نصل إلى الفائدة يعني العامة وهي الفائدة رقم رابعاً، الفائدة الرابعة في التعليق على هذا الحديث.

وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم لما شرح الإسلام والإيمان قلنا الإسلام والإيمان إذا ذكر في سياق واحد، إذا ذكر في سياق واحد فهناك فرق بينهما صحيح. فيفسر الإسلام في العادة بماذا؟ بالأعمال الظاهرة ويفسر الإيمان بالأعمال الباطنة.

فالنبي صلى الله عليه وسلم لما سأله جبريل ما الإسلام؟ فقال أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله هذا واحد وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصيام رمضان وحج البيت إن استطعت إليه سبيلاً. طبعاً هذه ليست هي فقط الأعمال لكن هذه أساس الأعمال كما سيأتي معنا في الحديث الثالث، هذه أساس الأعمال الظاهرة وليست كل الأعمال الظاهرة.

هذه أساسيات الأعمال الظاهرة، وإلا فهناك أعمال ظاهرة أخرى مثل بر الوالدين وما شابه ذلك هي أيضاً من الفرائض والواجبات، لكن هنا ذكر أساسها. طيب نلاحظ أن هذه الأعمال الظاهرة التي فسر بها الإسلام، أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصيام رمضان وحج البيت متنوعة.

فمنها ما هو لساني وهو شهادة أن لا إله إلا الله، ومنها ما هو بدني مثل الصلاة والصيام هي عبارة عن أعمال بدنية، منها ما هو مالي مثل الزكاة، ومن ومنه ما يجمع بين المال والبدن مثل الحج. فالحج عبادة بدنية مالية فيه بذل مال وفيه بذل لجهد.

فإذاً الأعمال الظاهرة في الإسلام تتنوع ما بين أعمال تتعلق بالبدن، وأعمال تتعلق بالمال، وأعمال تجمع بين البذل المالي والبذل البدني في نفس الوقت. طيب خامساً في قضية الإيمان قوله في الإيمان لما فسر النبي صلى الله عليه وسلم الإيمان قال ما الإيمان؟

قال أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره. فلاحظ أنه فسر الإيمان بالاعتقادات الباطنة، وهذه الأركان الست تم شرحها بحمد الله باستيفاء في مقرر العقيدة.

ما معنى الإيمان بالله؟ ما معنى الإيمان بالملائكة؟ بالكتب؟ بالرسل؟ باليوم الآخر؟ بالقدر خيره وشره؟ لكن لاحظ على بعد أنها عبارة عن عن أعمال باطنة وأمور قلبية يجب أن تعقد قلبك عليها. إذاً أساس الدين الإسلامي هو عبارة عن أعمال ظاهرة وأعمال باطنة.

ما في شخص يأت يقول لك الدين في القلب لا، لا، الدين متكامل، لابد أن يكون فيه باطن ولا بد أن يكون فيه ظاهر. وهناك تلازم كلما كان الباطن قوياً كلما ظهر ذلك على ظاهرك، وكلما كان الباطن ضعيفاً كلما ظهر الضعف على جوارحك.

لذلك إنسان لا يصلي أو لا يقوم بالواجبات، اعلم أنه منهار داخلياً، لا يمكن. وإذا قال لك بس يا شيخ لا أنا في قلبي كثير مؤمن بالله وبحب الله، أقول جزاك الله خير هذه دعاوي، دعاوي لا تمثل الواقع، أنت فقط الشيطان يعدك ويغرك، لكن في الواقع أنت منهار داخلياً.

لأنه عندنا الباطن يلازم الظاهر، كلما كان الباطن قوياً كلما كان الظاهر قوياً، وكلما كان الباطن ضعيفاً كلما كان الظاهر ضعيفاً هي هكذا المعادلة. طيب ثم بعد ذلك وصلنا إلى مرتبة الإحسان بماذا فسر النبي صلى الله عليه وسلم الإحسان؟

قال أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك. الآن جعل النبي صلى الله عليه وسلم الإحسان على مرتبتين، مرتبة الإحسان هي نفسها مقسمة لمرحلتين. المرحلة الأعلى في الإحسان هو أن تعبد الله كأنك أنت تراه، وكما قلنا هل المراد أنك ترى ذاته؟ لا هذا الله لا يرى في الدنيا، وإنما المراد استشعار واستحضار.

وأنت تسير في الدنيا أن الله يراقبني ويلاحظ مني ويشاهد تصرفاتي، فإذا شربت الكأس وأنا عم بشرب عم بحضر أنه شعور داخلي أن الله عم يراني الآن. وأنا ذاهب إلى الجامعة عندي شعور داخلي أنه أي شيء راح أفعله الله يراني، عندما أقدم اختبار، عندما أحضر مجالس العلم، عندما أتعامل مع الناس، عندما أدخل على السوشال ميديا، عندما أتعامل مع أي شيء يكون عندي استشعار داخلي أن ماذا؟ أن الله يراني. طبعاً المرتبة هي ما هي؟ أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك.

فالأعلى في الإحسان هو أن أنت تكون ترى الله يعني أنت عم تنظر إلى الله، وهذه مرتبة عند الصوفية يسموها مرتبة الفناء، يعني أن أنت وصلت لمرحلة أن أنت تشاهد الله سبحانه وتعالى في كل خطوة من خطوات حياتك. الآن إذا لم تستطع إيمانيا أن تصل إلى هذا الاستحضار أن تستحضر أنك أنت ترى الله في كل خطوة من خطوات حياتك على الأقل حقق المرتبة الأدنى في الإحسان وهي شعورك بأن الله هو الذي يراك.

الآن في فرق بين أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك، في فرق بين الجملتين، شو الفرق؟ أنه في الحالة الأعلى في الإحسان أنت من تشاهد الله، في الحالة الأدنى الله هو الذي يشاهدك صحيح. وأن تعبد الله كأنك أنت تراه شعور داخلي، فإن لم تكن تراه، يعني فإن لم تقوى على أن ترى بقلبك الله على الأقل اعمل المرتبة الأدنى فكن واثقاً أنه ماذا؟ يراك كن واثقاً بمراقبة الله لك.

الآن هل يمكن للإنسان أن يصل في حياته لدرجة أن يكون هو يرى الله؟ أن يكون هو يرى الله سبحانه وتعالى؟ أنتم فاهمين طبعاً برجع بقول هي رؤية استشعارية قلبية، رؤية الذات. هل يمكن للإنسان أن يصل مع شدة تعبده أن يرى الله سبحانه وتعالى؟ أي نعم يمكن أن يصل لهذه المرحلة، طيب كيف سأرى الله؟

ترى الله سبحانه وتعالى في كل شيء يحدث من حولك، ترى قدر الله عز وجل وفعل الله في أي شيء يحصر من حولك. إذا جاءك مرض تذكرت هذا من الله، إذا رأيت بلاء تسلط عليك أو على إخوانك رأيت فعل الله فيه وحضور الله فيه، إذا رأيت أي شيء يحصل معك من الحياة من سراء أو ضراء، رأيت أن الله هو الفاعل.

نحن في العادة لضعف إيماننا عندما نرى البلايا إنما نرى فيها البشر، نرى تسلط الظالم على المظلوم، نرى ضعفنا، ونرى فلان ضرني وفلان ساعدني، فنتعلق بالمخلوقين ونتعلق بالأسباب الظاهرة، وننسى أن وراء الأسباب الظاهرة إله عظيم هو الذي أذن لها أن تفعل. قدرتك على أن ترى هذا الإله العظيم خلف هذه الأسباب الظاهرة، هذا معنى أن تعبد الله كأنك تراه.

احنا دائماً نتعامل مع عالم المحسوس فنشاهد الأسباب الظاهرة، أكلت طعام خلص أنا مقتنع أن الطعام شبعني، شربت شراب الشراب شبعني، هذا مش حرام يعني، بس في هناك مؤمن أعلى شوي، أرقى شوي، اللي هو يشاهد أن هذا الطعامي اللي سخره، هذا السبب من الذي أحضره؟ الله سبحانه وتعالى. ففي كل فعل من أفعال حياته وفي كل شيء يباشره يرى وجود الله وحضور الله مع هذه الأسباب ولا يقف فقط عند مشهد الأسباب. طبعاً هذه حالة إيمانية عالية، صحيح أن يكون الإنسان في كل شيء يتعاطاه في حياته يرى أن الله هو الفاعل الحقيقي والخالق الحقيقي وأن هذه مجرد أسباب.

لأنه احنا مع ضجيج الحياة المادية أصبحنا فقط نؤمن بقانون المادة تمام. يعني للأسف أننا نتعامل مع 1 + 1 = 2، هي الماكينة بتطلع كذا، هذا الطعام بيجيب كذا، هذا الزواج ينتج كذا، هذا الشيء خلص نتعامل مع الحياة كأنها معادلات ثابتة، سبب ومسبب وننسى وننشغل عن تذكر أن الله هو فوق كل عالم الأسباب، وأنه الفاعل فيضعف توكلنا على الله سبحانه وتعالى لأننا نقف دوماً مع الأسباب الأرض.

المؤمن الذي يعبد الله كأنه يراه هو درجة التوكل والتفويض والإيمان بحضور الله عنده عالية، لأنه أصبح يرى الله في كل شيء. أصبح يرى الله وهو يتناول الطعام، أي والله ربنا رزق، أصبح يرى الله وهو يشرب الشربة، أصبح يرى الله ويذهب إلى الجامعة، مدحه العين والأذن والبصر والقدرة، يرى الله عز وجل وهو يعمل في عمله، يرى الله سبحانه وتعالى وهو يفكر، حتى وهو يفكر في المستقبل، يرى الإله سبحانه وتعالى الذي منحه القدرة على التفكير والتخطيط.

فأصبحت حياته كلها مشاهدة منه لله سبحانه وتعالى وهذه درجة عالية عالية في الإيمان لا يصل إليها الإنسان إلا مع شدة التعلق بربه. إذا لم تستطع أن تشاهد الله هذه المشاهدة العالية، على الأقل المشاهدة الأدنى منها وهي ماذا؟ فإن لم تكن تراه بس تذكر أنه ايش؟ أنه هو يراك، تذكر أنه هو يراك وهذه جيدة. يعني على الأقل أنا أعتقد أنه هو يراني، سواء في الخلوات أو في الجلوات، في المكان العامة والأماكن الخاصة، فأستحي أن يراني على معصية، أستحي أن يراني على حالة لا يرتضيها، أستحي حتى من خواطري وأفكاري أن تكون رديئة لا تتناسب مع إيماني بأنه هو الذي يراني.

ما هو إخواني اللي يصل لمرتبة الإحسان يصبح عنده حياء من الله، لأنه هو حاس أنه في شيء، يعني هو تحت المراقبة الدائمة صحيح. هو تحت هو يشعر أنه تحت المراقبة الدائمة، تخيل أن والدك واضعك تحت المراقبة الدائمة ستشعر أنك في كثير من الأمور ستستغني عنها جبراً سواء في خواطرك أو في أفعالك، لأنك تستحي أن يراك والدك على ما على حالة لا ترتضيها. فما بالك بملك الملوك سبحانه وتعالى أن تكون أنت موقن أنك تحت المراقبة الدائمة مش فقط في الجوارح بل حتى في الخطر، بل حتى في الأفكار. أنت عارف كل خاطرة وكل تفكير إجا على دماغ تم رصده، كل فكرة دخلت على دماغك تم رصدها ومراقبتها والله شاهد عليها.

هذا بخليك ايه؟ تفلتر الخواطر اللي عم بتدخلها على دماغك، يعني مش فقط تفلتر أعمال جوارحك، لا حتى الخواطر ستصبح تفلترها، لأنه أنت في عندك حياء أنا تحت المراقبة التامة والرصد التام. أي شيء دخل هون وخرج من العقل والدماغ تم مراقبته، فهذه تورث الإنسان حالة من الاستقامة العالية، لأنه خلاص عم بفلتر الداخل والخارج. فهي استقامة عالية يصل بها الإنسان إلى أعلى درجات الدين، من لم يقوى على أن يشاهد الله أو يشعر بمراقبة الله، من لم يقوى على هاتين المرتبتين من مراتب الإحسان. إذا هو ما زال لم يصل إلى هه الرتبة هو ما زال في رتبة مؤمن أو رتبة مسلم، لأنه رتبة محسن والإحسان إخواني ما معناه في اللغة؟ الإحسان كلمة أحسنه ما معناها؟ الإحسان هو الإتقان صحيح، هذا هو الإحسان في الشيء أن تتقنه.

فاتقن الدين، أن تصل إلى هاتين المرتبتين، إما أنك تشاهد الله والأخف منها الأقل مرتبة منها أن تشعر بمراقبة الله، هذا هو الإحسان، يعني الإتقان في التدين، بدك تكون متقن في التدين عليك أن تحصل إحدى المرتبتين. والأولى أعلى من الثانية، ما حصلت هاتين المرتبتين أنت لم تصل في تدينك إلى درجة الإتقان، لكنك مؤمن جزاك الله خير أو مسلم إذا كان لسه وضعك أضعف وأضعف، فهمنا اخوان؟ إذاً ما هو الإحسان بهذا المعنى؟

طيب اقرأ شيخ عمر مرتبة الإحسان. بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله. قوله في الإحسان، أن تعبد الله فمرتبة الإحسان هي أعلى مقامات الدين، ففي الحديث أفضل الإيمان أن تعلم أن الله معك حيث كنت. يستشعر فيها العبد أنه يشاهد الله أمامه في أثناء عبادته، فإن لم يكن يرى الله فهو متيقن بأن الله تعالى ناظر إليه، مراقب لحركاته وسكناته، لا يخفى عليه شيء من أمره.

يستشعر قربه منه بعلمه وسمعه وبصره وكأنه قائم بين يديه. وهذه المراقبة توجب خشية وخوفاً وهيبة وتعظيماً وحياءً من الله عز وجل. ولذا جاء في رواية أبي في رواية أبي هريرة رضي الله عنه: "أن تخشى الله كأنك تراه". وقال بعضهم: "خف الله على قدر قدرته عليك واستحي منه على قدر قربه منك". ومن كانت هذه حاله لزم منه أن تكون عبادته على أكمل وجه وأحسن.

نعم فالإحسان إذا وصلت إلى إحدى درجتي، أنت هنا ستكمل العبادة، ستشعر أن عبادتك صلاتك ذكرك قراءتك للقرآن اختلفت، ليه؟ لأنه أنا في مرتبة إحسان بالتالي أنا إما الله أنا أشاهد الله أو على الأقل الله يشاهدني هذا ما يحضرني. فنوع العبادة ستصبح أفضل جودة، الإنتاج للعبادات صلاة وذكر أنت ستراها أنه اختلفت عبادتي. كنت لما كنت مؤمن بصلي بس ما كان فيها الخشوع الكثير، كنت بفلت يعني بشعر أنه بس مع الإمام مع السلام لا أشعر بالإيمان واستحضار مشهد أنني أرى الله أثناء الصلاة أو على الأقل أن الله يراني. بالتالي أستحي وأنه أنا بصلي أكون بفكر في الطعام والشراب والجامعة والدراسة و و و، وإنه شاعر على الأقل بمراقبة الله.

ضعفنا في مرتبة الإحسان هو بخلي صلاتنا هزيلة شوية، يعني أو كثير، وإن الإنسان لا يعرف ماذا دخل وماذا خرج منها. هذا مهم جداً أن تفهم تأثير مرتبة الإحسان على جودة العبادة أيضاً. قال: وأن يكف نفسه عن المعاصي ويتجرأ على الوقوع في مخالفة أمره أو الوقوع في نهيه، جميل.

إذاً مرتبة الإحسان أيضاً تؤثر يعني كما تؤثر على جانب العبادات فتحسن من جودتها أيضاً تؤثر على جانب المعاصي فتجعلك تتخفف منها. فتصبح المعصية في حياتك شيء نادر ليش نادر؟ لأنه أنا عم بشاهد الله طول اليوم، أو على الأقل أنا أشعر أنه هو يشاهدني طول اليوم بالتالي حجم مقاربته للمعاصي سيصبح متدني جداً جداً. نعم قال: وكانت ثمرة ذلك وما ثمرة ذلك؟ قال جنة الدنيا والآخرة، نعم. فإذا وصلت إلى مرتبة الإحسان أنت حصلت جنة الدنيا والآخرة يعني مش فقط سعادة الآخرة حتى جنة الدنيا.

كثير من الناس لما يتعامل مع العبادات وترك المعاصي بفكر أن ترك المعاصي هو حرمان تمام. يظن أن ترك المعاصي هو حرمان، بتشوفوا دائماً العلمانيين والليبراليين بينادوا بدنا حرية صحيح؟ شو الحرية بده إياها؟ هو في تصوره الرديء أن الشريعة بأحكامها ما هي؟ هي قيود هي بس تحرمك من السعادة في الدنيا مشان السعادة تكون فقط في الآخرة. أما في الدنيا في سعادة وهكذا تصوره للشريعة، أن الشريعة تريد أن تكبرك وتقيدك وتحرمك من ماذا؟ من السعادة في الدنيا حتى تكون فقط السعادة في الآخرة، وهذا هو التصور الرديء للدين.

الدين لما يمنعك من محرمات هو يمنعك من الأمور التي تضرك في دينك ودنياك وليس الدين بقيوده وأحكامه هو حرمان من اللذات في الدنيا حتى فقط نعوضها عليك في الآخرة. أنه أنت أيضاً عندك مشكلة وخلل في مفهوم اللذة أنت ترى اللذة هي شرب الخمر، ترى اللذة في الاختلاط، ترى اللذة في الزنا، وهذه وإن كان فيها لذة قليلة لكن آثارها وخيمة على قلبك وعلى حياتك وعلى سويتك.

بخلاف أن تتناول هذه اللذائذ بالشكل الصحيح وبالقدر الصحيح في الدنيا فهذا يعطيك الحياة القويمة السوية وتحصل اللذة على أكمل وجه. فالتدين هو ليس حرمان من لذائذ الدنيا بل بالعكس هو تحصيل لذائذ الدنيا على أكمل وجه. يصلح لعالم الدنيا على أكمل وجه، يصلح لعالم الدنيا وفيه أيضاً فتح الدين يفتح لك جانب آخر من اللذائذ وهي اللذائذ العقلية والفكرية والذهنية.

واللذائذ العقلية والفكرية والروحانية، هذه أعلى من اللذائذ الجسدية الحسية. لأنه بعض الناس هو يظن اللذة فقط هي ماذا؟ طعام شراب جنس يعني هي هي اللذائذ الأساسية بذهنه. هذا فقط لذاته حسية يحبها بهي اللذات، لكن هناك لذات أعلى وهي اللذات الروحانية والفكرية والعلمية. الدين يقول لك روح حصل هذه اللذات وانشغل بها وحصل من اللذات الحسية بالقدر المناسب الذي لا يفسد اللذات الإيمانية الروحانية.

الدين يريد أن يعطيك جميع اللذات يعطيك اللذات الحسية ويريد أن يعطيك اللذات الروحانية والإيمانية. فإذا أنت بس شغلك وذهنك فقط اللذات الحسية ومنكب عليها وتأخذها بصورة محرمة واعتداء، أنت ستحرم نفسك وقلبك من اللذات الروحانية الإيمانية وهي أعلى كعباً وأجمل. لذلك لما تقرأ في قصص العباد والعلماء تجدهم يتلذذون بالعلم والمعرفة والعبادة أعظم من تلذذ أصحاب الأمور الحسية بذاتهم الحسية.

لأنه أنت حارم نفسك من قسم من اللذات عظيم، أنت حاصر نفسك فقط في لذات الجسد، ولذات الروح أنت حارم نفسك منها. لو انفتحت أمامك لذات الروح والفكر والعقل لأحببت الشريعة وتعلقت بها وقلت أنا اللي بدي الشريعة أنا اللي بدي الدين أن الدين يعطيني جميع المساحات وأما هواي فيريد فقط أن يعطيني مساحة اللذات الحسية. لكنه يحرمني من اللذات الإيمانية والروحانية التي هي أعظم وأعظم.

لذلك لو سألتك ما هي أعظم لذة في الجنة؟ النظر إلى وجه الله، صح؟ مع أنه كثير من الناس لما تحكي له هذا الكلام لك يا شيخ أنا صراحة في الجنة معي مقاييس الحور العين يعني صراحة هذا يعني الموضوع اللي شايفه يعني قضية رؤية وجه الله والله مؤمن فيها بس أكون صادق معك أني أنا أقول لك أعظم لذة. وأحياناً واحد بيضحك على حاله تمام في مخاطبة الناس، أنت تفهم كيف يفكر الجمهور هو حور عين طعام مشوي ولحم مشوي، يعني اللذات الحسية، ليه؟

لأنه إخواني من يفهم أن أعظم لذة في الجنة هي رؤية وجه الله هو من فهم أنواع اللذات، أنه في هناك لذات جسد حور عين طعام شراب هي لذات جسد وجميلة ومطلوبة. بس في أعظم منها وهي اللذات الروحانية العقلية العلمية والفكرية. هسه هذه للأسف عند كثير من الناس ضعيفة أو معدومة لا يعني تفتح لهم قوة عليها إلا بمجالس العلم.

مجالس العلم والقراءة والتعلم الشرعي هو الذي يبدأ يتدرج بك رويد رويد حتى تتذوق نوع آخر من اللذة وهو اللذة الإيمانية الروحانية. وهذه كما قلت من لم يذقها مش رح يعرف طعمها تمام يعني هي تأتي بماذا؟ أن تذ إذا ذقتها ستفضل ستفضل على كل اللذات الجسدية.

لكن من لم يذقها سيبقى يعني مستبعداً أن تكون جميلة. كيف إنسان تصف له طعام لذيذ وكذا بس هو ما ذاقش في حياته؟ كم حجم اشتياقه له محدود صح؟ لأنا وصفت لك شيء أنا شايفه عظيم اللذة من أطعمة الدنيا بس أنت عمرك ما ذقته بالنسبة لك اشتياقك له سيكون ماذا؟ محدود. لأنه بتقول أنا بعرف الطعم هذا فمهما بالغت في وصفه سيبقى بالنسبة لي مجرد كلام. بس إذا ذقته أول مرة اه والله راح أقول لك ممتاز وأصير أشتاق له زي ما أنت بتشتاق له.

هذا الذي يحصل مع عامة الناس في موضوع اللذات الإيمانية. لما تقول له أعظم لذة في الجنة أن ترى وجه الله هو بالنسبة له مستبعد أن يكون فعلاً هي أعظم لذة ليش هي أعظم لذة؟ يعني أنا بقول لك أنا على شيء ثاني شغال، هو لماذا باله في شيء ثاني؟ أن هو في الدنيا حاصر نفسه فقط في لذات الجسد، وهذا الأب أكثر شيء بده يتزوج في الدنيا، أكثر شيء بده طعام وشراب وزواج.

فهو لما حصر نفسه في لذات الجسد أصبح كلام الكلام عن الجنة أو الذي يشوقه إلى الجنة هي اللذات الحسية في الجنة حور عين طعام شراب، وأصبح الكلام أنه أعظم ما أعطي أهل الجنة اشتغالهم بالتسبيح والتحميد ما بقول لك حلوة بس أنا عارف حالياً أني مش قادر أقتنع أنه هي أحلى لذة. أن أرى وجه الله أعلى شي أنا لازم أؤمن بها لأني مسلم بس داخلياً مش شاعر أنها أعلى لذة، ليه؟

لأنه أنت لم تصل إلى تذوق اللذات الفكرية الإيمانية العلمية. هذا نوع آخر وقسم آخر. طيب كيف يا شيخ بدي أذوقه في الدنيا؟ من خلال العلم النافع، كثرة انشغالك بالعلم النافع، انشغالك بتدبر القرآن، انشغالك بتدبر أحاديث النبي عليه الصلاة والسلام، كثرة الانشغال فيها مع الوقت ستفتح لك قوة عليها تبدأ تتذوقها.

فتفهم ما عظم هذه اللذات ويصبح بالنسبة لك فعلاً أعظم شيء في الجنة أنا متشوق لرؤية الله. يعني قضية الحور العين طعام وشراب ماشي جيد، بس أنا أعظم شيء عم بشتاق له هو لذة رؤية الله سبحانه وتعالى. هذا الذي يصل إلى هذه المرحلة هو الذي وصل لمرتبة محسن، الذي وصل لهذه المرحلة هو الذي وصل لمرحلة أنه في الدنيا كان يعبد الله كأنه يراه. لما وصل لهي المرتبة هو اشتاق أن يراه عياناً بعد أن كان يراه قلباً. أنت كنت في الدنيا تراه قلباً لما كنت في مرتبة محسن، في الجنة ستشتاق أن تراه ماذا؟ عياناً وجهاً لوجه كما يقول تريد أن ترى وجهه الكريم.

لأنك هكذا كنت في الدنيا كنت تعبد الله كأنك تراه.

فأصبح شوقك في الجنة لأن تراه فعلاً. أما من لم يكن في مرتبة محسن فسيصبح الكلام عن رؤية وجه الله كلام نظري بالنسبة له، لكنه مش شاعر بعمق هذه اللذة وجماليتها.

طيب، فإذا ما أريد أن أقوله أن الإحسان يعطيك جنة الدنيا والآخرة، كنا نتكلم أن الشريعة هي ليست فقط لذة في الآخرة، أن الشريعة هي لذة حتى في الدنيا. اقرأ قال: "فأما جنة الدنيا بأن يتلذذ بالعبادة ويستشعر حلاوتها ويهنأ ويأنس بمناجاة".

ابن يسار رحمه الله "ما تلذذ المتلذذون بمثل الخلوة بمناجاة" في اللذات الحسية. أما مسلم بن يسار درب نفسه، قوى نفسه في العلم النافع وأعمال صالحة حتى ارتقى مفهوم اللذة في دماغه، فأصبح يرى أنه في باب أوسع للذة. هي اللذة بس أتزوج وأجيب طعام وشراب ومصاري؟ هي هاي اللذة؟ ولا في باب آخر من اللذة؟ هي جنة الدنيا، هي جنة الدنيا وراحتها، آه هو يتكلم عن نوع آخر من اللذات ربما كثير منا لسة مش داخلها.

نعم وقال بك المزني رحمه الله: "من مثلك يا ابن آدم، خلي بينك وبين المحراب والماء، كلما شئت دخلت على الله عز وجل ليس بينك وبينه ترجمان". وإنما يحصل هذا النعيم باستحضار ذلك، نعم، استحضار نعيم الصلاة، أن الصلاة نعيم، الصلاة مش واجب بدي أخلص منه، مش فرض بدي أعمله ويا رب بس أفتك منه لا، الصلاة هي نعيم، هي لذة، تمام.

لذلك النبي عليه الصلاة والسلام لما وصف الصلاة ماذا قال؟ "وجعلت قرة عيني في الصلاة"، لا مش قال عليه الصلاة والسلام، ما معنى جعلت قرة عين في الصلاة؟ هو عليه الصلاة والسلام قال: "حبب إلي من دنياكم الطيب والنساء"، هذه لذات حسية، لكن بعد ذلك شو قال نفس الحديث؟ "وجعلت قرة عيني في الصلاة".

إذاً الإنسان المسلم متوازن، لابد أن يكون لديك لذات حسية، لأن هذا جزء من منظومة الكون والفطرة السوية، لازم يكون لديك لذات حسية، لكن لازم برضه ترتقي شوي وتكون عندك اللذات الفكرية والإيمانية أعلى قيمة من اللذات الحسية. فما أنه صلى الله عليه وسلم قال: "أحبب إلي الطيب والنساء"، لكن قرة العين يعني وهي أعلى اللذات بالنسبة له صلى الله عليه وسلم ما هي؟ ليس الطيب وليس النساء.

أعلى اللذات لديه هي أن يدخل في الصلاة لينادي ربه، أن يدخل في الصلاة لينادي ربه، هذه هي اللذة الإيمانية، نعم. وقيل لمالك بن مغول وهو جالس في بيته وحده: "أتستوحش؟" فقال: "ويستوحي مع الله أحد؟"، نعم. قال: "وأما جنة الآخرة فلهم من جنس ما بذلوه".

يقول ابن رجب رحمه الله في قوله تعالى: (لِّلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَىٰ وَزِيَادَةٌ ۖ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ ۚ أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) [يونس: 26] قال: "وقد ثبت في صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم تفسير الزيادة بالنظر إلى وجه الله عز وجل في الجنة"، وهذا مناسب لجعله جزاء لأهل الإحسان.

لأن الإحسان هو أن يعبد المؤمن ربه في الدنيا على وجه الحضور والمراقبة، كأنه يراه بقلبه وينظر إليه في حال عبادته، فكان جزاء ذلك النظر إلى الله عياناً في الآخرة، سبحان الله. سابعاً: أن علم الغيب من خصائص الله.

هكذا يعني نكون شرحنا مرتبة الإسلام والإيمان والإحسان. بعد ذلك جبريل ماذا قال للنبي صلى الله عليه وسلم؟ "أخبرني عن الساعة"، هيك كان سؤال جبريل في الحديث. أنه يا محمد صلى الله عليه وسلم متى الساعة؟ فقال عليه الصلاة والسلام: "ما المسؤول عنها بأعلم من السائل".

يعني هذه أمور غيب استأثر الله بها ولم يطلع عليها ملكاً مقرباً ولا نبي مرسلاً. إذاً حتى الأنبياء يقفون ويقولون نحن لا نعرف من الغيب إلا ما عرفنا الله. بخلاف الكاذبين من الكهان والسحرة والذين يزعمون معرفة الغيب مطلقاً، وأي شخص يأتيه بقول له: "آه خلص أنا بجيب لك المعلومة"، النبي عليه الصلاة والسلام يقف عند الحدود اللي ربنا سبحانه وتعالى أعطاه إياه. فقال: "ما المسؤول عنها بأعلم من السائل".

إذاً لابد أن نؤمن من عقيدة المسلم أن هناك جزء من الدين يبقى جانب غيبي وهذه أعلى صفات المتقين الذين يؤمنون بالغيب. احنا ما عندناش فكرة أنه لا نؤمن إلا بالمحسوس، نحن نؤمن بالحس ونؤمن بالغيب، هذا الفرق بيننا وبين العالم المادي الرأسمالي عند الغرب. أن الغرب لا يؤمن أصبح إلا بماذا؟ بالمحسوس، بالمادة إلا أمامه.

قضية عالم ما وراء الطبيعة ما يسمونه، هذا عندهم أصبح في طي النسيان. أما المؤمن يؤمن بالمحسوسات ويؤمن أن هناك مغيبات لا يصل إليها بعقله إلا إذا كشف الله سبحانه وتعالى. طيب علم الغيب من خصائص الله قال سبحانه وتعالى في الصفحة التي تليها: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا ۖ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي ۖ لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ) [الأعراف: 187]. فلما جبريل سأل النبي عليه الصلاة والسلام عن الساعة فقال: "ما المسؤول عنها بأعلم من السائل".

قال: "طيب ما أماراتها؟" إذا كنت لا تعرف وقتها على الأقل أعطني علاماتها، وهذا ما يسمى علامات الساعة. وعلامات الساعة مرت معنا في العقيدة باختصار أن هناك علامات ساعة صغرى وعلامات ساعة كبرى. فالنبي صلى الله عليه وسلم يعني ما معنى علامات الساعة؟ يعني هي أمور إذا حصلت دل ذلك على اقتراب وقتها. علامات الساعة هي أمور إذا حصلت في الكون دل ذلك على اقتراب مجيء يوم القيامة.

وهناك كما قلنا علامات صغرى وهناك كبرى. طبعاً الكبرى هي اللي بتكون متلاحقة وآخر شيء وخص بعديها يوم القيامة مباشرة. الصغرى هذه نحن فيها وبعثة محمد صلى الله عليه وسلم منها. يعني بعثة النبي عليه الصلاة والسلام هي أصلاً من علامات اقتراب الساعة.

قال عليه الصلاة والسلام: "بعثت أنا والساعة كهاتين"، تمام. قال العلماء أي الفرق بين السبابة والوسطى هي المسافة التي تفرق بين السبابة والوسطى دلالة على أنها وقت قليل بعد بعثة النبي صلى الله عليه وسلم وتأتي الساعة، وإن كان القليل نسبي طبعاً يعني ممكن يكون 30 قرن 40 قرن قليل بالنسبة لما عاشه الإنسان على هذا الكوكب. طيب الآن هنا في هذا الأحاديث ذكر النبي صلى الله عليه وسلم علامتين من الساعة وتعتبر من علامات الساعة الصغرى وتعتبر من علامات الساعة الصغرى. واحد: "أن تلد الأمة ربتها"، اثنين: "وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان".

دعونا مع العلامة الأولى: ما معنى "أن تلد الأمة ربتها"؟ حقيقة هذه من الأمور اللي اختلف فيها شراح الحديث يعني اللفظة محتملة لعدة معاني. خلونا نأخذ بعض هذه المعاني قال قال: "وهي إما للدلالة على انتشار عقوق الوالدين بحيث تعامل الفتاة أمها معاملة الأمة وكذا يعامل الابن أباه معاملة السيد لمولاه". وقد يكون ذلك إشارة إلى استيلاء المسلمين على المشركين وكثرة الفتوح وحصول التسري وهناك.

إذاً "أن تلد الأمة ربتها" بعض شراح الحديث قال ما معناها؟ قال هذا دلالة على انتشار العقوق في الناس، دلالة على انتشار عقوق الوالدين. كيف يعني كيف الحديث دل على هذا "أن تلد الأمة ربتها"؟ قال بحيث تعامل الفتاة أمها معاملة الأمة، قالوا أن تلد الأمة، الآن في عندنا أمة هي الأمة ولدت بنت، هي البنت اللي ولدتها ستعامل أمها معاملة الأمة. فالمراد إذاً بالأمة على المعنى الأول كل أنثى مش احنا عبيد الله والنساء أيش؟ إماء الله.

فليس المعنى الأول ليس المراد بالأمة المعنى المتداول عند العرب قديماً الأمة التي هي رقيق لا. مش احنا دائماً البشر كلنا عبيد لله والنساء هم إماء لله. فيكون المعنى "أن تلد الأمة ربتها" أن الأنثى بتصير الأم، الأم الأمة الطبيعية تلد بنت، هي البنت تكون عاقة بأمها لدرجة أنها تعامل أمها معاملة الأمة. "أن تلد الأمة ربتها" ربتها يعني سيدتها، تصبح الأم تلد فتاة سيدتها، كيف الأم تلد فتاة تكون هذه الفتاة سيدتها؟ قالوا هذه إشارة إلى أن البنات يكثرن العقوق لأمهاتهن.

كأنه هذه الأم لما ولدت ولدت بنت ستكون سيدة لها وتعامل أمها معاملة ماذا؟ الإماء، تعامل أمها معاملة الإماء. أنت اليوم بتشوف بعض الشباب كيف بعامل أبوه، وتشوف بعض البنات كيف بتعامل أمها. شوف بعض الشباب يعامل أبوه كأن والده خادم عنده، يصر يصرخ على والده، لا يرد عليه، لا ينفذ له ما يطلبه. تجد الفتاة تشتم والدتها، تصرخ على والدتها، تعق والدتها، كأن أمها أصبحت ايه؟ أمة عندها، كأن أمها أصبحت أمة عندها.

وكان والده أصبح خادماً للولد. فهذا قالوا إذاً هي إشارة إلى انتشار العقوق، فتلد الأمة فتاة، هذه الفتاة تكون سيدة على أمها، شو يعني سيدة على أمها؟ يعني هي تعامل أمها معاملة السيد لما يتعامل مع مين؟ مع عبده. وهذا قمة الفجور في علاقة الفتاة مع أمها، أن الفتاة تتصنع وكأنها سيدة، ربة، ربة يعني سيدة، سيدة على من؟ على الأم التي ولدتها، وكأن الأم تصبح خادمة لها.

وقص عليها أيضاً في جانب الشباب يعني أن الرجل ينجب ولداً، هذا الولد يتعامل كأنه سيد لأبيه وأبوه كأنه عبد وخادم لديه. فقال بعض أهل العلم هذا معنى "أن تلد الأمة"، يعني تلد المرأة سيدتها، كناية عن عقوق الأمهات، البنات للأمهات، وعقوق الأبناء للآباء. طيب هناك تفسير آخر مختلف، البعض قال "أن تلد الأمة ربتها" قالوا قد يكون في ذلك إشارة إلى استيلاء المسلمين على المشركين وكثرة الفتوح وحصول التسري.

البعض قال لا هي معنى إيجابي مش معنى سلبي أن الفتوحات الإسلامية تنتشر، تمام، ويغلب المسلمون على المشركين، مما يؤدي هذا إلى ماذا؟ إلى كثرة حصول الإماء، والإماء الآن السيد في الإسلام، السيد إذا كان عنده أمة وأنجب منها، هذه البنت تكون ماذا؟ أو الابن، أنجب منها ولداً أو ولداً ذكراً أو أنثى يكون حراً. تمام يكون حراً. فقال البعض هذا دلالة على كثرة الإيماء والسرايا والسري في آخر الزمان، أن تكثر أن يكثر المسلمون من الفتوحات وتعود الأمور كما كانت عليه في أول الإسلام أن هناك إماء وسبي وما شابه ذلك. وهناك معاني أخرى كثيرة ذكرها الشراح اقتصر فقط على هذين المعنيين.

طيب العلامة الثانية التي ذكرت في الحديث قال: "وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان". هذا المعنى الثاني للحديث، وهو أن ترى الأعراب الأجلاف الذين كانوا عالة فقراء وكانوا حفاة، أن تراهم تكثر أموالهم وكنوزهم، وبالتالي يتخلون عن الخيام والرعي ويتكاثرون في بناء الأبراج وبناء القصور وبناء المباني الضخمة. فهذا أيضاً من علامات الساعة أن يتحول الأعراب الفقراء رعاة الغنم والشاء والخيام إلى أقوام يتنافسون في بناء البنايات الشاهقة والضخمة والأبراج الكبيرة.

نعم قال فمن أشراط الساعة تحول حال الناس من الفقر إلى الغنى. فبعد أن كانوا ينتعلون الأرض وبالكاد يجدون ما يستر عوراتهم مشتغلين برعي الأغنام، أصبحوا من شدة الثراء يتنافسون في طول البنيان وتشييده وتزيينه. ولعل طول البناء لم يكن لأجل منفعتها وإنما للتباهي والتنافس فيها وهذا ظاهر اليوم لا يخفى على أحد وهو إشارة إلى أن نظام الدين والدنيا يفسد وتختلف موازين الحكم على الناس.

نعم فائدة: "إنما خص رعاة رعاة الشاء دون غيرهم من رعاة الإبل والبقر لأنهم أضعف أهل البادية وأقلهم مالاً". نعم لأنه رعاة الإبل هذول بيكونوا أغنياء جداً لأنه الإبل سعرها غالي كذلك رعاة البقر، أما الشاه فهي أقلها سعراً. نعم قال: "بخلاف" نعم. قال تاسعاً: "قوله ما المسؤول عنها بأعلم من السائل يدل على أنه ينبغي ألا يتجرأ على الجواب من لا يعرفه".

نعم هذا فيه أدب من النبي عليه الصلاة والسلام يؤدبنا فيه. إذا كان محمد صلى الله عليه وسلم الرسول المرسل من الله سيد البشر، إذا سئل عن شيء لا يعرفه يقول: "ما المسؤول عنه بأعلم من السائل". إذاً الأصل في كل واحد منا إذا سئل عن مسألة شرعية أو فقهية أو أو أن يقف في الحديث فيها عبودية الصمت عما لا تعرفه. احنا اليوم للأسف مع عالم السوشيال ميديا أصبح هناك الكلام فن، مهارة، أن كل إنسان يريد أن يعلق على أحوال الأمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية وكل إنسان له وجهة نظر وله رأي وله كلام. حقيقة هذه من الآفات الكبرى التي أدخلتها السوشيال ميديا على حياة المسلمين. يعني الإنسان بطبعه يحب الثرثرة، فما بالك تجيب له سوشيال ميديا؟ تصبح الثرثرة بلس، يعني تمام؟ يعني أضعاف وأضعاف.

هذه حقيقة من فساد أمر الدين أن الكل يخوض في أمر العامة والخاصة وأن الكل يريد أن يحلل الواقع السياسي اليوم ويقترح لحل الأزمة السورية ونصائح وتوجيهات ولحل الأزمة الفلسطينية وحل كل الناس تهبد وتتكلم وتنظر، اللي يعرف واللي ما يعرف، اللي أوتي علم واللي ما أوتي علم. الحقيقة هذه من إحدى الآفات الكبرى في واقعنا المعاصر وهذه أصلاً هي سبب كثير من الخلافات وأن يصبح بأسنا بيننا شديد بين الفرق والمسلمين. كثرة الكلام، وإلا لو سكت من لا يعرف لقل الخلاف. هكذا قال العلماء: "لو سكت من لا يعرف لقل الخلاف". يعني سيبقى الخلاف قائم لكن بتقل مساحته لكن ما دام الكل يريد أن يتكلم ولا يعرف الإنسان عبودية الصمت وأن يقول: "الله أعلم". شيء طبيعي أن تنتشر الخلافات والأحن بين المسلم. نعم قال علي قال عاشراً: "أن لفت الانتباه وإثارة العجب في الأذهان من أهم الأمور المعينة على التعليم إذ يحصل معها التركيز والاهتمام كما مر في الحديث".

نعم جبريل عليه السلام لما أتى على هذه الصورة تقصد جبريل عليه السلام أنه يلفت الانتباه صحيح؟ يعني اختيار جبريل هذه الهيئة حتى يأتي عليها ويسأل تعمد هذه الصورة حتى يلفت الانتباه. لو جاء جبريل على صورة أعرابي معروف أو على صورة عادية وسأل السؤال وراح ستشعر أن الصحابة لن يكونوا مشدودين لسماع الأسئلة وسماع الأجوبة صحيح؟ يعني لو يأتي واحد منكم الآن يسألني سؤال وهو من أهل المجلس يعني ستجد أن أكثركم ما راح يشد الموقف عادي شب إجا سأل وغادر. لكن لو يدخل شخص مميز في هيئته غريب في هندامه ولا يعرف منكم أحد ويصل يتحرك ويصل هنا ويسأل ستجد آخر واحد في القاعة عم بده يشوف شو بده يسأل هذا الشخص ليه؟ لأنه الإحداثيات غريبة شوي، جبريل تعمد هذا، جبريل تعمد أن يلفت انتباه الجميع بصورته وهيئته، حتى الجميع يكون مركز في السؤال والجميع يكون مركز في الإجابة، وهذا تعليم لنا، ابتكار وسائل جديدة في التعليم، صحيح؟

ألا تبقى على الوسائل الراتبة لأن الناس تمل. أما إذا استطعت أن تبدع وسيلة من وسائل التعليم تشد فيها انتباه الطلاب وتجعلهم أكثر وعياً وتركيزاً وانتباهاً في الدرس حقيقة هذا من الأمور التي يحث عليها الإسلام التطوير في وسائل التعليم، نعم. قال: "في غرابة جبريل عن الناس وهيئته المميزة". أخيراً ظل شيء هنا قال: "وكذا قوله للنبي صلى الله عليه وسلم صدقت".

قال: "فعجبنا له يسأله ويصدقه". يعني حتى لما قال له: "صدقت" هو أراد أن يحدث غرابة. جبريل قال: "يا محمد ما الإسلام؟" فأجابه النبي عليه الصلاة والسلام فجبريل ماذا قال؟ "صدقت". أيش قال عمر؟ "فعجبنا له هو بيسأل ويقول له صدقت"، طب إذا أنت عارف أنه صدق يعني إذا أنت مش جاي تسأل، أنت جاي وعارف الجواب من أول، إذاً ليش سألت؟ كل ما فعله جبريل هو أراد به إثارة الانتباه وشد انتباه الصحابة للأسئلة ولجوابه عليه السلام، نعم.

نذهب الآن للحديث الثالث اقرأ الحديث الثالث. بسم الله: "عن أبي عبد الرحمن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: بني الإسلام على خمس شهادت أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وحج البيت وصوم رمضان". رواه البخاري ومسلم، تمام.

هذا الحديث لن نطيل فيه كثيراً هو جزء من الحديث السابق من حيث المفهوم صحيح؟ لكنه حديث مستقل، هو حديث مستقل. عبد الله بن عمر يقول قال صلى الله عليه وسلم: "بني الإسلام على خمس". السؤال الآن في هذا الحديث هل ورد ذكر الإسلام والإيمان أو ذكر الإسلام وحده؟ ذكر الإسلام وحده، صح؟ إذاً الأصل على قاعدتنا اللي أعدناها في الدرس الماضي أن يكون المراد بالإسلام ايه؟ أن يكون المراد بالإسلام ما يشمل الإيمان.

فبالتالي سيكون المراد بالإسلام هنا ما دام ذكر وحده الإسلام بالمعنى الشامل الذي يشمل الظاهر والباطن. لكن ممكن البعض يقول لي بس في مشكلة يا شيخ أن أنت بتقول الإسلام هنا ذكر وحده فالأصل أنه يشمل الظاهر والباطن، لكنه لما فسره النبي صلى الله عليه وسلم قال: "بني الإسلام على خمس" فسره بماذا؟ بأعمال ظاهرة فقط وهي شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصيام رمضان وحج البيت، فسره بالأعمال الظاهرة. هنا ماذا سأقول لك؟ سأقول لك والقلب موجود ايه؟ سأقول لك هو النبي عليه الصلاة والسلام هنا هو لم يفسر الإسلام، يعني هو ما قال سئل ما الإسلام؟ فقال الإسلام هو كذا وكذا، هو قال: "بني الإسلام على خمس".

فالآن سنقيم أو سنسير على قاعدتنا أن الإسلام ما دام ذكر وحده في الحديث إذاً نحن نتكلم عن ظاهر وباطن فهو يشمل الإيمان إذا هو يشمل الإيمان ما دام ذكر وحده إذاً هو يشمل الأعمال الظاهرة والأعمال الباطنة. لكن هنا النبي صلى الله عليه وسلم فقط أراد أن يبين أن هذا الإسلام الذي يشمل الأعمال الظاهرة والباطنة بنيانه وأركانه من هذه الأعمال الخمس وفقط أراد أن يبين ما هي الأركان الخمس التي يقوم عليها هذا البناء. الآن عندي هذا الإسلام هو عبارة عن بناء في أعمدة خمس يقوم عليها هذا البناء. الإسلام الذي هو بمفهومه العام يشمل الظاهر الباطن يريد أن يعطينا النبي صلى الله عليه وسلم معلومة أن هذا الإسلام بشموليته هناك أركان معينة يقوم عليها تمام؟ إذاً ودائماً الأركان في الغرفة إذا هدمت شو بصير يا محمد ك المقاولات؟ إذا هدم الركن شو بصير؟ توقع. تمام؟ إذا هدم الركن يعني هي مش عبارة عن أشياء فرعية "بني الإسلام على خمس" يعني على خمس أركان، كل واحد هو ركن.

فإذا وقع الركن كاملاً الأصل أن الإسلام سيقع، إسلام هذا الشخص سيقع معه. فأراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يبين لك في هذا الحديث أن الإسلام بمفهومه الشامل للظاهر والباطن أركانه الأساسية من الظاهر هي هذه الأمور. إذا فعلت هذه الأمور أنت حملت الإسلام، إذاً الآن ممكن أنت ما تصلي صلاة كاملة بس بتصلي شوي، يعني الركن موجود بس في خلل، يعني بشيل الإسلام على ضعف. بس المشكلة أنك تكون ما بتصلي أصلاً، أصلاً لا تركع لله ركعة ولا تسجد لله سجدة، فهنا ما فيش، يعني سقط ركن من الأركان وبالتالي ذهب كثير من أهل العلم على أن الذي يخل بأي ركن من هذه الأركان خرج من الإسلام.

ذهب كثير من أهل العلم إلى أن الذي يخل بركن من هذه الأركان إخلالاً تاماً أن يقصر فيه، بظل الإسلام موجود على نقص، لكن أن تعدم تماماً من حياتك الصلاة والزكاة والصيام والحج فلا تفعلها أبداً أبداً قالوا هذا يسقط الإسلام في حياة هذا الشخص وبالتالي يخرج من دائرة الإسلام والدين كاملاً إلى دائرة الكفر والعياذ بالله. فالنبي صلى الله عليه وسلم إذاً في هذا الحديث باختصار أراد أن يبين الأعمدة الأساسية لهذا البنيان اللي اسمه الإسلام التي إذا سقط ركن منها وقع وقر البنيان على صاحبه. طيب دعونا نقرأ ونعلق تعليقاً سريعاً على هذا الحديث اقرأ في شرح الحديث.

قال أولاً: "أن الإسلام يقوم على أركان خمسة هي قوام الدين ودعائم بنائه ومتى اختل أحد هذه الأركان الخمسة اختل كيانه واختل بنيانه خللاً كبيراً وربما سقط". وبقية خصال الإسلام تتمة لهذا البنيان فإذا فقد منها شيء نقص البنيان لكنه قائم لا ينهدم. باقي الخصال الأخرى من الأعمال الظاهرة باقي الخصال الأخرى مثل بر الوالدين مثل كثير من الأعمال هي جزء من هذا البنيان لكنها ليست الأركان. بالتالي إذا أنت قصرت في بعض الأفعال الواجبة مثل بر الوالدين وما شابه ذلك وصلة الرحم أكيد راح يكون في نقص بشكل من الأشكال في هذا البنيان لكنه لن يكون هذا النقص فيما لو كان الذي سقط من حياتك هو أحد هذه الأعمدة الخمس.

فإذاً أراد هذا الحديث أن يلفت انتباهك إلى الكليات إلى الأعمدة الأساسية اللي مش مقبول أبداً أبداً أنك تترك ركن منها، وباقي الأعمال الواجبة التي من الأعمال الظاهرة هي مش المعنى أنك قصر فيها وخذ راحتك لا، لا بد أن تأتي بها، لكنها ليست من حيث الأهمية بأهمية هذه الخمس. طيب ثانياً: "أن الدين اعتقاد وعمل فلابد أن يكون مع الإتيان بهذه الأعمال الظاهرة شيء من الإيمان القلبي حتى يصح دين العبد". طبعاً هنا النبي صلى الله عليه وسلم ولماذا ركز على الأعمال الظاهرة مع أن الإسلام هنا يمتد الظاهر والباطن؟ لأن كثيراً من الناس يتوهم أنه يكفي حتى يكون مسلماً بالمعنى العام للإسلام تحصيل ما في القلب. فكان النبي صلى الله عليه وسلم ركز على الأعمال الظاهرة لينبه أن الإسلام بالمعنى الشامل للظاهر والباطن لا يكفي فيه الباطن. وهذه لازم معلومة نعلمها للناس، الناس المقصرة في الصلاة والزكاة والصيام وبقول لك يا شيخ الإيمان في القلب يعني ما حدا يزاود على حد، عمي ما بينفع، النبي عليه الصلاة والسلام لما يقول: "بني الإسلام على خمس" وفسرها بأعمال ظاهرة، طيب ليش ما فسرها بأعمال باطنة؟ لأنه في مشترك عام بين الناس أن الكل يعظم الأعمال الباطنة، الكل يعظم التصديق القلبي، بس مشكلة أكثر الناس ما هي؟ الاستهانة بالأعمال الظاهرة. فأراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يعظم قيمة الأعمال الظاهرة وأنها أركان لهذا البنيان وأنه لا يوجد شيء اسمه أعمال باطنة بدون أعمال ظاهرة يقوم عليها هذا البنيان، نعم.

وعليه فالشهادتان لا يكفي نطق العبد بهما حتى يوافق ذلك اعتقاده بمعناه الذي هو التوحيد فقد جاء، أحسنت. الآن مثلاً أول ركن من أركان الإسلام ما هو؟ قال: "بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله". أظن أن الجميع يدرك أنه ليس المراد أن هذا ركن بالجوارح، أنه أن الإنسان يقول هذه الشهادة بدون أن يكون هناك تصديق في القلب. فشهادة أن لا إله إلا الله وإن كان المطلوب أن تؤديها بلسانك لكن هذا اللسان يجب أن يوافقه ماذا؟ القلب. فلا يوجد انفصال هنا بين الظاهر والباطن، فأصلاً شهادة أن لا إله إلا الله حتى تكون أحد هذه الأركان هي ليست فقط فقط عمل لساني، بل هي عمل لساني وعمل قلبي في نفس الوقت. يعني واحد قال: "أشهد أن لا إله إلا الله" لكن في قلبه مش مصدق فيها بينفع ولا ما بينفع؟ مش حينفع، فبالتالي إياك أن تظن أن شهادة أن لا إله إلا الله هي تصلح فقط كعمل لساني، بل لابد وأن يواطئ القلب، نعم.

قال: "فقد جاء في رواية مسلم للحديث على أن يوحد الله فأما شهادة أن لا إله إلا الله فمعناها لا معبود بحق إلا الله". نعم لو سألتك ما معنى شهادة أن لا إله إلا الله ما معنى "لا إله إلا الله"؟ هذه أخذناها في العقيدة يعني لا معبود بحق إلا الله. فهذا فيه نفي لجميع الآلهة والمعبودات في حياة البشر، وإثبات أن العبادة والألوهية إنما تصلح لله سبحانه وتعالى. طيب ويلزم من شهادة أن لا إله إلا الله ما هو؟ إذا أنت قلت أشهد أن لا إله إلا الله ماذا يلزم من هذا؟

قال نفي لحق العبادة عن جميع الآلهة والمعبودات، لا اقرأ ويلزم من هذه الشهادة قال: "ويلزم من هذه الشهادة الانقياد لشرع الله بالتزام أمره واجتناب نهيه قال تعالى" نعم. فلا إله إلا الله إخواني لها شروط، يعني ليس مجرد أن تقولها بلسانك خلاص معناها أنت حققتها بل لها شروط يتوسع فيها علماء العقائد. من أهم شروط لا إله إلا الله بعد أن تكون مصدق بها بقلبك أن تنقاد لدلالتها في حياتك. فلما تقول "لا معبود بحق إلا الله" معنى هذا أنك ستصرف جميع التعبت لله سبحانه وتعالى، وأنك ستتحكم إلى شرع الله سبحانه وتعالى، فلذلك ستنقذ لشرعه لأنك تعلم أنه لا معبود بحق إلا هو.

طيب قال: "وأما شهادة أن محمد رسول الله فمعناها إقرار للنبي صلى الله عليه وسلم بأنه رسول من عند الله وأنه خاتم النبيين والمرسلين لا نبي بعده ويلزم من هذه الشهادة تصديق خبره قال تعالى: (وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ) [النجم: 3-4]، طاعة أمره واجتناب نهيه". نعم شهادة أن محمد رسول الله هي أن تشهد له بالرسالة، طيب شو راح أستفيد إذا أنا شهدت له بالرسالة؟ لا، مو هذا سيتبع أشياء. إذا شهدت له بالرسالة إذا عليك أن تصدق خبره وأن تطيع أمره.

أنت شهدت أنه مرسل من عند الله بالتالي بتيجي أخت متبرجة بقولها النبي عليه الصلاة والسلام أمر بالحجاب، نقول وين شهادة أن محمد رسول الله في حياتك؟ أنت بس شهادة أن محمد رسول الله أقررت له بالرسالة دون أن تفعلي لوازمها من ماذا؟ من طاعة أمره واجتناب نهيه وتصديق خبره. فهذه الأمور إخواني ليست مجرد حركات لسانية. بعض الناس اليوم يفكر أن هذه الأمور مجرد حركات لسانية أنت غير مطالب بلوازمها بل أنت مطالب بلوازم شهادة أن محمد رسول الله ولوازمها أن تصدق جميع أخباره وأن تلتزم بجميع أوامره. نعم قال: "التمسك بشريعته وعدم الابتداع في دينه".

أيضاً هذا من لوازمها أن تتمسك بالشريعة التي أتى بها وأن لا تخترع وتبتدع في الدين ما لم ينزله الله ورسوله، نعم. قال: "والائتساء بهده في كل شان". نعم، والدفاع عنه والذود عن سنته، هذا كله اللوازم أنك تشهد أن محمداً رسول الله. طيب هذا بالنسبة للركن الأول شهادة أن لا إله إلا الله لها لوازم في حياة الإنسان لابد أن تنقاد لها ظاهراً وباطناً، وشهادة أن محمداً رسول الله لها لوازم في حياة الإنسان لابد أن تنقاد لشرعه ولا تبتدع فيه وتدب عنه إلى غير ذلك. ناتي إلى الأركان الأربعة المتبقية سريعاً نعم.

قال: "فالمراد بالصلاة الصلوات الخمس المفروضات في الحديث". طيب، خمس صلوات كتبهن الله على العباد. "والمراد بالزكاة هنا الزكاة الواجبة وتعرف تفاصيلها وأحكامها في كتب الفقه". "والصيام المراد به في هذا"

الحديث صيام رمضان، هو الصيام الوحيد اللي فرضه ربنا سبحانه وتعالى علينا. والحج المراد به حجة الإسلام والبعض يدخل فيها العمرة أيضاً باعتبار أن الحج والعمرة كلاهما واجبان مرة في العمر، والبعض يقتصر على الحج.

طيب، قال رابعاً: "من جحد وجوب شيء من هذه الأركان فهو كافر ليس بمسلم بلا خلاف". الآن اتفق العلماء على أن من جحد ركناً من هذه الأركان الخمس هو كافر من جحدها. قال ما في شيء اسمه صلوات، ما في شيء اسمه وجوب صيام رمضان، جحد وجوب الزكاة، قال ما في شيء اسمه زكاة، ما في شيء اسمه حج، فمن جحدها أو استهان بها أو استهزأ بها كل هذه الممارسات هي كفر باتفاق العلماء ما أحد نازع في أن هذا كفر.

طيب المشكلة أو الخلاف أين وقع؟ في من تكاسل عنها، يعني تركها من دون أن يجحدها. شخص قال أنا مؤمن أنه في شيء اسمه زكاة بس ما بدي أزكي، أنا مؤمن أنه في شيء اسمه صلاة مش جاحد بس أنه ما بدي أصلي، خلص مش مهتم بهذا الموضوع أو متكاثر عنه دوماً، أو أنا مؤمن أنه في شيء اسمه صيام رمضان بس ما بدي أصوم. هنا وقع خلاف بين أهل العلم ما حكم من يفعل هذا؟ من يمارس هذا؟

نعم قال: "وأما تركها من غير جحود فمن ترك جميع هذه الأركان الخمسة أو ترك الشهادتين فقط فهو كافر أيضاً". الآن القول، الآن الحالة الأولى قالوا من ترك جميع هذه الأركان، جميعها، لم يصلي لله صلاة، لم يزكي زكاة، لم يصم شيء من رمضان، لم يحج ولم يعتمر مع القدرة فقط عناداً وتكاسلاً. قالوا هذا ليس مسلماً، خلص كفر. إذا تركها كلها كلها كفر، لأنه لم يحقق جنس الإيمان الواجب، مش قلنا لا تحقق جنس الإيمان الواجب في العقيدة؟ أنت ما حققت جنس الإيمان الواجب.

نعم قال: "وإن تركها تهاوناً وكسلاً فلا خلاف بأنه واقع في شيء من أعظم الكبائر وإن تركها شر من الزنا وشرب الخمر وغيره من الموبقات". وقد وقع خلاف بين أهل العلم في حكم إسلام تارك بعضها تلك الأركان. الحالة الثانية أنه من ترك بعض هذه الأركان، يعني صام رمضان وصلى بس ما زكى ما بده يزكي، أو زكى بس ما صام رمضان، اختار بعضها وترك بعضها ما حكمه من حيث هل نقول أنه كافر ولا مسلم؟ حقيقة هنا المذاهب الفقهية فيها نوع خلاف، فيها نوع خلاف.

فالبعض يقول من ترك الصلاة تهاوناً كفر، أما من ترك الزكاة والصيام والحج تهاوناً مع إيمانه بوجوبه لا يكفر وإن كان واقعاً في كبيرة من الكبائر. بعض العلماء بيقول لا هذه اسمها أركان، وأي ركن أنت لا تأتي به مش زي ما حكينا وقع البناء. فأي ركن من هذه الأربعة أو والخمسة تتركه تركاً كاملاً ولو على غير وجه الجحود، يعني أنت تقر به لكنك ما بدك تعمله، تركته تركاً كاملاً، هذا كفر باختصار. أنت مش مجبر يعني عفواً يعني هذا السؤال يعني هو البعض يقول يعني لا هو كفر ولا ما كفر، مش في خلاف؟ الأصل في الإنسان العاقل ما يحط حاله في دائرة أنه هو كافر ولا مش كافر.

يعني واحد يقول أنا ما بدي أصوم رمضان بكون كافر يا شيخ ولا لا؟ بقول بعض العلماء قالوا أنك بتكون كافر، وبعضهم بيقولوا لا بتكون واقع في كبيرة. خلص إذاً أنا مع الرأي الثاني اللي بقول أنه بكون فاعل كبيرة. طب هو أنت سؤال، أنت شو اللي جابرك تحط حالك في مربع أنه أنت كافر ولا مش كافر؟ بعض الناس بده يحط حاله في الزاوية الصعبة، أنه العلماء مختلفين في هو أنا كافر ولا لا. طيب يا أخي اطلع من هذا الموضوع وصوم رمضان.

يعني مش أنه قضية في قولين معناها أجا الفرج لا. يعني هي الفكرة أنه أنت في أحد الاحتمالين، طيب افرض طلع القول الصحيح عند الله هو القول الثاني أنه تارك الصيام كله كافر. افرض طلع هذا هو القول الصح، ماشي في خلاف، افرض القول الصح عند الله هو القول الثاني واجيت حضرتك يوم القيامة مراهن على القول الأول أنه ايه؟ أنه أنا في قول بحكي أنه مش كافر، فأنا تركت صيام رمضان كله. ولقيت عند الله لا طلع القول الثاني هو الصح أنه تارك الصيام كامل كفر. فاهم؟ بعض الناس كيف بحسبها؟ بحسبها أنه في خلاف ولا فيش خلاف؟ يا أخي في خلاف ولا فيش خلاف، لا تضع نفسك في مربع أن تكون في إحدى الاحتمالات أنت كافر، أحد الاحتمالات الواردة أن تكون كافراً.

فبشتغل أنه يحقق المسألة وكافر ولا لا؟ أنه لا بد أن يشتغل حتى يخلص نفسه من هذه الدائرة بالكامل، ويكون في المساحة الآمنة. فعموماً في خلاف كما قلنا في من ترك ركناً من الأركان. ولكن عموماً هذه أركان مهمة عظيمة ينبغي على المسلم أن يحرص عليها لأن بناء الإسلام يقوم عليها. طيب نأتي إلى الحديث الرابع.

قال: "عن أبي عبد الرحمن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق أن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً ثم يكون علقة مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك ثم يرسل إليه الملك فينفخ فيه الروح ويؤمر بأربع كلمات بكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد. فوالذي لا إله غيره إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها، وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها" رواه البخاري ومسلم. اقرأ المفردات سريعاً.

قال: "الصادق لا يقول إلا صدقاً مطابقاً للواقع، المصدوق المخبر بالصدق مما أوحي إليه، يجمع خلقه يجمع بين ماء الرجل وماء المرأة لخلق الولد منها". نعم، هذا معنى أن أحدكم يجمع خلقه. ما معنى يجمع خلقه؟ يعني يجتمع ماء الرجل اللي هو المني الرجل مع ماء المرأة منيها في داخل داخل البويضة المخصبة بسموها الزاج، هذه البويضة المخصبة فيها يجتمع ماء الرجل مع ماء المرأة ويبدأ يتشكل الجنين.

نعم قال: "نطفة المني، علقة قطعة من دم تكون معلقة في جدار الرحم، مضغة قطعة من لحم وتكون بقدر اللقمة التي". طبعاً كلمة نطفة هي ليست واردة في الحديث على الصحيح، في بعض النسخ "أن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه 40 يوماً نطفة" زيادة نطفة خطأ لأنه الحديث في البخاري ومسلم ليس لا يوجد فيه كلمة نطفة، تمام. بس النطفة بالمعنى العام هي معنى المني لكنها لم ترد في الحديث.

نعم قال: "مضغة قطعة من لحم وتكون بقدر اللقمة التي تنضغ". العلقة هي عبارة عن قطعة من دم، المضغة قطعة من لحم، يعني هكذا الإنسان، الإنسان يبدأ من البويضة المخصبة ثم يتحول إلى دم علقة، ثم يتحول إلى لحم. ثم هذا اللحم تبدأ تتشكل فيه تخلق الإنسان تخلق الوجه واليد والرجل ثم يكبر يكبر حتى يصبح وهكذا.

نعم قال: "فيسبق عليه الكتاب يحصل الذي سبق تقديره وكتابته عليه في علم الله". هذه سنأتي ما معنى "يسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة وبعمل أهل النار". هذا الحديث من الأحاديث العظيمة وفيه كثير من الفوائد الغزيرة التي ينبغي للمسلم أن يفهمها. يعني النبي عليه الصلاة والسلام تخيل قبل 1400 سنة عم يتكلم عن مراحل تخلق الجنين وهو أمر غيبي. والنبي صلى الله عليه وسلم كان أمياً لا يقرأ ولا يكتب ومع ذلك عم يعطي الصحابة معلومات دقيقة عن مراحل التخلق.

فيقول صلى الله عليه وسلم: "إن أحدكم يجمع خلقه" عرفنا ما معنى يجمع خلقه، أي تبدأ تتشكل البويضة في رحم المرأة. "يجمع خلقه في بطن أمه 40 يوماً ثم يكون علقة مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك". ايش معنى "مثل ذلك"؟ آه، الآن المعنى المتبادر إلى ذهن الأكثر أنه 40 يوم المرحلة الأولى 40 يوم المرحلة الثانية 40 يوم المرحلة الثالثة بتصفي كم الأيام؟ 120. هسه هذا الفهم المتبادر من الحديث، لكن حقيقة أنا لا أتجرأ إلى هذا الفهم، أتجه إلى فهم آخر، وهو أن الطور الأول طور جمع خلقه وطور العلقة وطور المضغة كله في ال 40 يوم الأولى، كله في ال 40 يوم الأولى. وهذا أشار إليه حديث حذيفة ابن أسيد في حديث آخر يشير إلى أن نفخ الروح يكون بعد ال 40 يوم مش بعد ال 120 يوم، تمام.

وحقيقة رجعت إلى بعض البحوث الطبية المعاصرة ووجدت أن هذا الكلام هو أقرب إلى الطب المعاصر، أن مرحلة العلقة والمضغة كلها تبدأ تتشكل في ال 40 يوم الأولى. يعني تحول الإنسان من نطفة داخل البويضة وتحوله إلى علقة قطعة دم ثم تحوله إلى المضغة وهي قطعة اللحم هذا كله يكون ضمن المرحلة الأولى ضمن ال 40 يوم. فستظهر مشكلة، طب كيف سنفهم الحديث؟

الحديث قال: "إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه 40 يوماً ثم يكون علقة مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك". شو معنى "مثل ذلك" بناء على الفهم الثاني؟ "مثل ذلك" أي ليس المراد مثل ذلك من حيث الزمن، ليس المراد بالمثلية مثلية الزمن، يعني 40 يوم ثم مثل ذلك يعني ثم كمان 40 يوم، ثم مثل ذلك يعني ثم كمان 40 يوم لا. "مثل ذلك" ليست للزمن، "مثل ذلك" أي على تلك الهيئة، أي على تلك الهيئة المجموعة، لأنه هو ايش قال في البداية؟ "يجمع خلقه في بطن أمه" يجمع خلقه في بطن أمه في داخل البويضة داخل الرحم، يجمع 40 يوماً تمام. "ثم يكون علقة مثل ذلك" أي على مثل تلك الصورة المجتمعة، هذا معنى المثلية على، على مثل تلك الصورة المجتمعة التي ابتدأ عليها. "ثم يكون مضغة مثل ذلك" أي أيضاً على تلك الصورة المجتمعة. فهي عبارة عن صورة مجتمعة داخل الرحم هي التي عم تنتقل من صورة إلى صورة إلى صورة. فابتدأ بويضة وهي البويضة تتحول إلى دم ثم تتحول إلى لحم كلها مجتمعة على مثل تلك الصورة. إذاً فالمثل ليست مثلية زمن بل المراد بالمثلية مثلية اجتماع الخلق.

سيبقى خلقه مجتمعاً سواء في الطور الأول أو في الطور الثاني أو في الطور الثالث. ثم يرسل إليه الملك، بالتالي نفخ الروح، نفخ الروح ليس شرط أن يكون بعد الثلاثة أشهر. حديث حذيفة ابن أسيد وحتى البحوث العلمية يشير إلى أن عملية حتى نفخ الروح يمكن أن تقع بعد ال 40 يوم الأولى. ولذلك عند الحنابلة ماذا نقول؟ لا يجوز للمرأة أن تجهض الجنين بعد ال 40 يوم إلا إذا كان في ضرر على صحتها غير كذا لا يجوز أن تجهض الجنين ولو قيل أنه في احتمال يظهر فيه تشوهات، في احتمال كذا. نحن نعتبر أنه بعد ال 40 يوم الأولى هناك احتمال كبير أن تكون الروح بدأت نفخت فيه، لأنه حديث حذيفة ابن أسيد يشير إلى أن النفخ يحصل بعد ال 40 مش بعد ال 120 هكذا مفهومه.

وهذا الحديث حقيقة لا يعارض حديث حذيفة معارضة صريحة له. كلمة "مثل ذلك" "مثل ذلك" لها أكثر من فهم فأنا ممكن أجمع بين حديث حذيفة وحديث عبد الله بن مسعود أن المثلية هنا ليست في الأزمنة وإنما المثلية هنا في اجتماع الخلق ممتاز. طيب بعد يصبح مضغة ماذا قال النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال بعد المضغة الآن أصبح متهيئاً لنفخ الروح فيرسل الله إليه ملكاً.

أول وظيفة بيعملها هذا الملك هذا ملك موكل بالرحم ملك ربنا عز وجل وكل بماذا؟ بموضوع الأجنة في الأرحام. أول وظيفة الك أنك تنفخ في الروح وهذا الروح عالم إلهي، يعني لا يعرفه البشر (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ ۖ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي) [الإسراء: 85] شو مادتها؟ شو تفاصيلها؟ لا أحد يستطيع أن يتكلم في هذا أمر من الله. ولذلك اليوم مهما حاول الغرب أن يقوم بعملية استنساخ وصناعة كائنات ومذبح حالهم مشان يخلقوا كائن جديد لن تستطيع أن تخلق كائناً، لن تستطيع. لأن الخلق هو ليس جسد فقط أي مخلوق عبارة عن جسد وروح. أنت كغرب ممكن تتعامل مع الناحية البيولوجية الجسدية بس في جانب ولعمرك ما راح تقدر تصل إليه مهما بلغت في التطور وهو جانب الروحي هذا مش من شغل البشر، تمام.

فالبشر فالبشر لا يمكن أن يخلقوا شيئاً ممكن أنه أنت تعمل استنساخ وما شابه ذلك هذا مش خلق أصلاً، هذه عبارة عن توليد شيء من شيء أصلاً موجود. المهم هذا الملك وظيفته الأولى أن ينفخ الروح بعد نفخ الروح أيضاً سيقوم بوظيفة ثانية ذكرناها في كتاب العقيدة في القضاء والقدر سيقوم بكتب ماذا؟ الكتابة العمرية. يكتب رزقك كم راح تحصل مصاريف هالدنيا وطعام وشراب ووزوجة، أي رزق وأجلك كم راح تعيش وعملك كل الأعمال التي ستفعلها من خير أو شر وهل أنت من أهل السعادة عند الله لتدخل الجنة أو أنت من أهل الشقاء. هذه الأمور هو سيكتبها كتابة بملف خاص فيك وإن كانت أصلاً كتبت سابقاً في الكتابة الأولى قبل خلق السماوات والأرض ب 50 ألف سنة كتبت. لكن كأنه ملف توثيقي مرة أخرى، كيف و كل طفل اليوم عند الوزارة بتلاقي له ملف خاص فيه. كل إنسان فينا له ملف خاص فيه، بيد هذا الملك سيقوم بكتابة هذه الأمور وإن كان الله سبحانه وتعالى قد علمها سابقاً وكتبت سابقاً ضمن الكتابة العمرية الكتابة العامة عفواً.

طيب بعد أن يكتب هذه الأمور الأربعة رزقه، أجله، عمله شقي أو سعيد، بعد ذلك النبي صلى الله عليه وسلم لا، هذا الحديث جماليته أنه تكلم عن بدء الخلق وعن نهاية الحياة. اللحظة الأولى في حياتك هي لحظة ايش؟ أنك كنت بويضة مخصبة في رحم والدتك. اللحظة النهائية في حياتك هي لحظة ايش؟ الموت، الختام. فالحديث من جماليته جامع ذكر اللحظة الأولى وذكر اللحظة الختامية.

فقال عليه الصلاة والسلام: "والذي لا إله غيره" أو "فو الذي لا إله غيره إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة". حياتك عم تعمل بعمل أهل الجنة، قال: "إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع". يعني مش ضايل لك شيء وبتموت وبتدخل الجنة، ما بقي بينك وبين الموت إلا ذراع يعني كناية عن أنها مسافة قصيرة وخلاص طايل لك سنة سنتين بتموت وبتدخل الجنة. "إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع شبر وخلاص فيسبق عليه الكتاب".

الكتاب اللي كتبه الملك، مش الملك لما أجا نفخ فيك الروح مش كتب في الكتاب هسه في فلان مكتوب أنه شقي وفي فلان مكتوب أنه ايش؟ سعيد. ففي النهاية سيختم هاه، سيختم حياتك بناء على ما في الكتاب. فإذا كان مكتوب أنك من أهل الشقاوة، لو كان مكتوب أنك من أهل الشقاوة، هسه أنت ممكن كنت تعمل بعمل أهل الجنة بس راح تيجي الآن زيادة في الظاهر وفي اللحظات الأخيرة تخذل وتعمل بعمل أهل النار فتدخل، ليه؟ لأنه مكتوب عند الملك أنه فلان نار شقي ومكتوب في عنده أيضاً أنه فلان سعيد.

فخلينا الآن نفهم هذا الحديث، أن هذا الحديث الفهم الخاطئ له يورث سوء الظن بالله. الفهم الخاطئ له يورث سوء الظن بالله. بيجي شخص بيقول لك معقول يا شيخ شخص طول عمره يعمل بعمل أهل الجنة وماشي دغري ظاهراً وباطناً ممتاز وأخر شبر ما ضل إلا أخر ذراع، خلص ربنا بذله وبخليه يعمل عمل أهل النار وبيدخله. وفي المقابل شخص عم بيعمل بعمل أهل النار وطول حياته زنا وخمور وحياة شهوات وأخر شبر لأنه الملك كاتب أنه هذا رجل من أهل السعادة، أخر ذراع بيعمل بعمل أهل الجنة وبتوب وبحسن حاله بعدين خلص بدخل الجنة. تمام؟ يعني هذا مش، هذا الظلم مقارنة بالثاني، هذا الثاني كان عايش للشهوات وتاب في أخر ذراع، الأول عم بيعمل بعمل أهل الجنة وسقط في أخر ذراع. أنتم فاهمين وين المشكلة الآن التي ستحصل في ذهن الإنسان؟ نعم.

حقيقة العلماء قالوا: "إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع" قالوا: "يعمل بعمل أهل الجنة فيما يظهر للناس، فيما يبدو للناس". وهذه وردت في حديث آخر هذه الزيادة، أن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة فيما يبدو للناس. يعني هو في الواقع ايش؟ منافق. فهو لا يعمل بعمل أهل الجنة في ماذا؟ في الظاهر أنه بصلي معانا في المسجد وبيزكي وبصوم و ما عندش فجور وكذا وكذا، بس هو في الباطن عنده نفاق، عنده ريبة في الدين، عنده تسخط على الله، باطنه غير راضي عن ربه، منافق في الباطن غير صادق في الباطن قلبه مليء بالشكوك والانحرافات و و وان كان في الظاهر، في الظاهر بالنسبة لنا هو ايش؟ عم بيعمل بعمل أهل الجنة. فكن واثقاً أن الخذلان في اللحظة الأخيرة إنما سببه ضياع في المرحلة السابقة. هو في الظاهر كان يعمل بعمل أهل الجنة لكنه لم يفتش قلبه ليعرف كم فيه من النفاق. فالخلل ظهر عليه في اللحظة الأخيرة وهو ميراث لما سبق. وكن واثقاً بعدل الله، مستحيل إنسان طول عمره ماشي على استقامة في الظاهر والباطن ربنا يخذله في آخر لحظات مستحيل، الحسنة ولد الحسنة.

والله سبحانه وتعالى لا يتعامل بانتقائية عمل بعمل أهل الجنة لكن للأسف باطنك مليء بالر، مليء بالشكوك مليء بالتسخط، المنافقين ما هو أنت ممكن يكون عندك كثير من صفاتهم وأنت حضرتك مش مهتم تعالج نفسك في الحياة، مفكر الإسلام فقط ايش؟ صلي وأصوم وكذا. مش منتبه أن باطنك مليء بالر والتسخط على الله والاعتراض و وما شابه ذلك. هذا الفشل اللي في الباطن كان نتيجته أن الله خذلك في اللحظات الأخيرة. فكانت خاتمتك خاتمة سوء فظهرت أعمال الشر على جوارحك وأصبحت في آخر شبرين من حياتك تنطق بالكفر أو تنطق بشيء لا يرضي الله وتفعل الفجور والمعاصي. هذا الانهيار في الظاهر نعم ظهر في اللحظات الأخيرة لكن إياك أن تظن أنه في كل مسيرة عمره هو كان أموره ماشية لا. هو كان الانهيار موجود في الباطن والذي جاء في آخر ذراع هو ايه؟ أن هذا الباطن الهش ظهر على الخارج وكشف واكتشف الناس حقيقة هذا الإنسان. هذا ما يتناسب مع عدل الله ورحمة الله.

إذاً "إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة" لابد أن نقول فيما يبدو للناس. قال: "حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب" يسبق عليه الكتاب، هي معناها أن الكتاب الذي كتب ابتداء، مش كتب الملك أنه شقي أو سعيد. يسبق عليه الكتاب ما كان موجوداً في الكتاب القدري وهو أن فلان سيموت على الكفر، سيموت على الكفر. لا يمكن أنه لن تظهر هذه النتيجة لأنه ما عند الله في كتابه لا يخلف. معناتها الكتابة كانت خطأ، صح ولا لا؟ معناتها الملك لما كتب أنه شقي ايه وذا طلع سعيد معناته الملك خربط وهذا لا يمكن. فحتى إذا فالشخص الذي كتب له الملك أنه شقي حتى لو كانت حياته في الظاهر عم تمشي أعمال المسلمين لكن كن واثقاً أنه في الباطن ولم يكن على أعمال المسلمين ومليء بالنفاق والإشكالات والريبة. وإنما سبق عليه الكتاب أنه سبق عليه ما علمه الله سابقاً وما كتب عليه أنه من أهل الشقاء فسيعمل بعمل أهل النار وتظهر الخواتم السيئة فيختم عليه بسيئات. في المقابل وهناك رجل سيعمل بعمل أهل النار عنده ذنوب ومعاصي وأخطاء لكن الملك كان كاتباً أنه سعيد، تمام. كاتب أنه ماذا؟ سعيد.

فهذا الرجل مع أنه كان يعمل الفجور لكن قال أهل العلم قد يكون عنده حسنة في الحياة فعلها، قد يكون عنده جانب أخلاقي سوي في الحياة بسببه وفقه الله إلى ماذا؟ إلى أن يتوب في آخر عمره ويعمل بعمل أهل الجنة ليدخل الجنة. ترى كثير ناس ممكن يكون مدمن معاصي، مدمن فجور، بس مثلاً عنده حسنة بر الوالدين، بار بأمه وتلاقيه مغني فاجر. قد يكون إنسان يعاقر ويدخل في أمور كثيرة بس عنده حسنة مثلاً أنه مش، تذكروا البغي التي سقت كلباً بغي زانية سقت كلب عملت معروف لحظة إنسانية ربنا وفقها بسبب ذلك إلى حسن الختام تمام. فلذلك لا تحتقر أهل المعاصي فإنه هذا الرجل وإن كان عنده من الفجور ما عنده، ممكن بسبب خصلة جيدة فيه حسن عملها في حياته ربنا يوفقه آخر حياته للتوبة. ممكن يكون ترى يكون كافر هذا حتى يعني الرجل يعمل بعمل أهل النار ويكون كافر أصلاً وربنا أخر شيء يوفقه للتوبة فيموت على الإيمان. في بعض الصحابة أسلموا في غزوة أحد، كان كافراً أسلم في غزوة أحد وقاتل فيها واستشهد ولم يسجد لله سجدة.

الله أعلم شو الخير في حياته الله أعلم شو الخير في حياته اللي خلاه ربنا يوفقه أخر ساعة شبر. لو مات على الكفر دخل جهنم لكن ربنا وفقه للتوبة فتاب في اللحظات الأخيرة وقاتل واستشهد وهو في الجنة. إذاً باختصار الأعمال بالخواتيم مشايخنا، لا يغرنك البدايات وإنما العبرة بالخواتيم ولذلك لا تؤمن على حي فتنة، لا تؤمن على حي فتنة. وإنسان كثير ما يتفاجأ بلاقي إنسان في قمة الطاعة أخر حياته بينتكس يموت على غير من رضاه الله، وإنسان في قمة الفجور تكتب له الهداية ويموت على ماذا؟ على طاعة الله سبحانه وتعالى. إذاً الأعمال العبرة فيها بالنهايات وليس بالبدايات، وأن الأمور الظاهرة لا تعني بالضرورة صدق البواطن. فكم من إنسان ظاهره يعمل بعمل أهل الجنة لكنه قلبه مليء بالحسد بالنفاق بأمراض القلوب فيظهر هذا الانهيار في اللحظات الأخيرة. وفي المقابل كم من إنسان ظاهره مليء بالمعاصي والذنوب والتقصير لكن عنده بعض النقاط الإيجابية وفقه الله بسببها للتوبة في اللحظات الأخيرة وكان كتابه عند الله أنه سعيد. طبعاً في جانب بعد ذلك سيبقى سر من أسرار الله في الصندوق المغلق هو لماذا فلان هكذا وفلان هكذا. في جانب قدري هذا ليس من عمل البشر وإنما عملنا ما هو أو شأننا: (اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُّيَسَّرٌ لِّمَا خُلِقَ لَهُ) [الليل: 5] اعملوا فكل ميسر لما خلق له.

لأنه واحد ممكن يقول طب هذا الملك اللي أجا في البداية وكتب علي أنه أنا شقي أو سعيد، لماذا كتب هذا من البداية؟ هذا علم الله القديم فيك وأن ليس لك أن تتدخل في علم الله القديم فيك وديه الله سبحانه وتعالى بنفسك وماذا سيكون منك هو سبحانه وتعالى صاحب الأمر من قبل ومن بعد. فقدرنا هو سر من أسرار الله يعلمه الله عز وجل فيها كل إنسان ماذا ستكون أعماله وماذا سيكون ختامه. أنت كإنسان على هذا الكوكب أنت لا تعرف ماذا في القدر، عبارة عن صندوق مغلق وسر من أسرار الله. طب أنا شو أعمل ما دام الملك كتب شقي أبو سعيد؟ طب خلص مش استسلم للقدر؟ لا، النبي صلى الله عليه وسلم سئل أكثر من مرة هذا السؤال، أ نستسلم للقدر؟ ألا نقول خلص ربنا عالم من أهل الجنة من أهل النار فنتوقع؟ (فَكُلٌّ مُّيَسَّرٌ لِّمَا خُلِقَ لَهُ) فالنبي عليه الصلاة والسلام أعطاك الإجابة باختصار وهو أنت أيها الإنسان لا تفكر في القدر، لا تفكر أنا شو أنكتب لي.

لأنك إذا راح تظلك تفكر ب أنا شو كتب لي، شو كتب لي الملك لما كنت في رحم أمي ستصاب بوسوسة. أنا كتب لي أني سعيد ولا شقي؟ تظل تفكر من هون لحتى ما تموت على الفاضي، مش راح تعرف. هل راح تعرف؟ في حدا راح يساعدك تعرف شو كتب لك الملك؟ فدائماً الإنسان بده يقول لك كن إيجابي، يعني فكر بالشيء الإيجابي وهو سقف الممكن. أنا ايش متاح بين يدي؟ هل المتاح أني أعرف شو كتب لي الملك ولا المتاح أني أشتغل؟ سؤال الك أنت الآن ما هو المتاح بين يديك؟ هل أنك لو فكرت بماذا كتب الملك ستعرف؟ ما راح أعرف، طيب إذاً الشيء النافع والعملي ما هو؟ أني أشتغل بما هو متاح. المتاح أني ماذا؟ أني بقدر أصلي، بقدر أصوم، بقدر أطلب العلم، بقدر أعمل أشياء نافعة وبالعكس كلما فعلت أشياء نافعة الأصل أن أكون مسروراً، إذا كنت أنا صادق من داخلي وظاهري أن أكون مسرور، لأنه النبي عليه الصلاة والسلام قال: (اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُّيَسَّرٌ لِّمَا خُلِقَ لَهُ).

فأعمالك الصادقة اللي عم تعملها هي إن شاء الله إشارة جيدة بس بتضلها إشارة مش ختامية، صح؟ أنه أنت ممكن عندك مشاكل لازم دائماً تحاسب نفسك وتعالج نفسك، مش واحد يقول أنا خلص منيح لاني أنا والله أني طالب علم أو أنا شيخ أو أنا معي شهادات شرعية معناتها أنا رايح على الجنة ها. "اعملوا فكل ميسر"، لا، هو العبرة بالخواتيم برضه، صح ولا لا؟ أنت ما بتعرف للحظات الأخيرة، وهذا هو سبب الخوف عند المؤمن، ليش المؤمن يخاف؟ لأننا لا نأمن مكر الله، صح؟ (أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ ۚ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ) [الأعراف: 99] أنت لا تأمن ليش لا تأمن؟ لأنه أنت عليك دوماً أن تخشى على قلبك أنه يكون عندك نفاق وبالتالي بدك تضلك دائماً في محاسبة، دائماً في مراقبة، دائماً في متابعة. في ناس عايشين على الغفلة.

هذا اللي عايش غافل لا يحاسب نفسه أسبوعياً شهرياً ماشي في الحياة مش عم بتابع قلبه ماذا يرد علي. هذا آه بده ينتبه ترى ممكن تنتكس في اللحظات الأخيرة ممكن، لأنه قلبك قد يكون النفاق عشعش فيه ونبت فيه وأنت حضرتك ما كنت مهتم بإصلاح القلب. بخلاف الإنسان اليقظ، المنتبه، المتوازن اللي دائماً يفتش قلبه، يفتش أعماله يحاسب نفسه، هذه المحاسبة وهذا هذا التفتيش وهذه المتابعة توصلك بإذن الله إلى الله بأمان. إذاً هذا الحديث هو مش جانب مرعب بقدر ما هو جانب يدعوك إلى التوازن. بعض الناس بالنسبة له هذا الحديث مشكل معضلة أنه أنا كيف بدي أعرف كيف سيختم لي؟ يعني أنا بدي أعمل طول عمري بعمل أهل الجنة بعدين ربنا يخذلني في أخر شبر، في أخر ذراع. بدك تفهم الله لا يخذلك وأنت مستقيم الظاهر والباطن، إياك أن تسيء الظن بربك، وإنما يكون الخذلان إذا كنت غافلاً عن باطنك، مشتغلاً فقط بماذا؟ بالظاهر، وباطنك مليء بالأخطاء والشبهات والأفكار والنفاق وأنت مش منتبه وماشي في هالدنيا، آه هنا بقول لك خاف على نفسك وخاف على ختامك. إني أظن هذه المعادلة لابد تفهمها في الحديث.

إذاً الحديث جمع لك أول الخلق "إن أحدكم يجمع خلقه" وجمع لك الختام "ماذا سيكون ختامك". والمؤمن يبقى في الدنيا خائفاً وجلاً إلى أن يلقى الله سبحانه وتعالى والقبر أول منازل الآخرة. طيب هذا يعني هو الشرح العام للحديث لكم يعني قراءة التفاصيل لأن هذه التفاصيل هي خلاصة ما قدمته لكم. نسأل الله سبحانه وتعالى أن يرحم ضعفنا ويجبر كسرنا ويجعلنا من أهل طاعته إنه ولي ذلك والقادر عليه وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. غراس العلم طريقك نحو علم شرعي راسخ.