الأربعون النووية | المجلس الخامس | برنامج إرواء
غراسُ العلمِ طريقُكَ نحو علمٍ شرعيٍّ راسخ. بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيم، الحمدُ للهِ حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، كما يحبُّ ربُّنا ويرضى، والصلاةُ والسلامُ على النبيِّ المصطفى، صلاةً تتْرى، وعلى آلهِ وصحبِهِ ومن لنهجِهِ اقتفى.
اللهمَّ علمنا ما ينفعُنا، وانفعنا بما علمتنا، وارزقنا علماً نافعاً يا أرحمَ الراحمين. حياكم الله أيها الأكارمُ في مجلسٍ جديدٍ من مجالس إرواء، حيث نرتوي من الشريعة الغراء، ونسألهُ سبحانهُ وتعالى أن يرزقني وإياكم العلمَ النافعَ والعملَ الصالح، إنَّهُ وليُّ ذلك والقادرُ عليه.
ما زلنا نعيشُ في أفياءِ هذهِ الأربعين، الأربعينَ النوويةِ للإمامِ النوويِّ عليهِ رحمةُ الله، وهي الأربعينُ التي تمثلُ مباني الإسلامِ والقواعدَ الكليةَ لهذا الدين، وانتهى بنا الحديثُ إلى الحديثِ السابعَ عشر، فنبْدأُ مستعينينَ بالله.
أقرأ شيخ. بسمِ اللهِ والصلاةُ والسلامُ على رسولِ الله، اللهمَّ اغفر لنا لشيخِنا وللمصرفِ ولسائرِ المستضعفين من المؤمنين، آمين.
قالَ الحديثُ السابعَ عشر، عن أبي يعلى شداد بنِ أوسٍ رضيَ اللهُ عنهُ، عن رسولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلمَ قال: "إنَّ اللهَ كتبَ الإحسانَ على كلِّ شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القِتلةَ، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذِّبحةَ، وليُحِدَّ أحدُكم شفرتَهُ، وليُرحْ ذبيحتَهُ" رواه مسلم.
نعم هذا حديثٌ عظيم، يشكلُ قاعدةً كليةً من قواعدِ الإسلام، وهي ضرورةُ أن تؤديَ الأعمالَ كما يريدُ اللهُ سبحانهُ وتعالى أن تؤدى، وليس كما تريدُ أنت أن تفعلها.
هذا يشكلُ قاعدةً عامةً في أنَّ الإنسانَ المسلمَ عندما يؤدي الأعمالَ الشرعيةَ فعليهِ أن يؤديها كما يريدُ اللهُ سبحانهُ وتعالى أن تؤدى، وهو ما يسمى الإحسانُ هنا. "إنَّ اللهَ كتبَ الإحسانَ على كلِّ شيء"، وليس كما تريدُ أنت أن تؤديها.
فنحن كثيرٌ من العباداتِ التي نمارسُها، كقراءةِ القرآنِ، والذِّكرِ، وطلبِ العلمِ، والسعي في الأرضِ وكسبِ المال، كثيرٌ من الأمورِ التي نسعى بها في حياتنا، نفعلُها كما نشتهي نحن أن نفعلها، وليس كما يريدُ اللهُ سبحانهُ وتعالى أن تكون.
فقراءةُ القرآنِ اللهُ يريدُها أن تكون على صورةٍ معينة، ذكرُ اللهِ لهُ صورةٌ معينة، قيامُ الليل، ممارستُكَ لأيِّ شعيرة، الصلاة، الصيام، هناك صفاتٌ ومعاييرٌ لكلِّ عملٍ تؤديهِ في هذهِ الحياةِ الدنيا، وتتقربُ بهِ إلى الله.
فالمطلوبُ منكَ حتى يكتملَ دينكَ أن تؤديَ هذهِ الأعمالَ وفقَ المعاييرِ الإلهية، وليس كما تشتهي أنت أن تؤديها. كثيرٌ منَّا يصلي، أليس كذلك؟ لكن لو سألتكَ عن صلاتِك كيف هي؟ صلاةٌ قليلةُ الخشوع، ضعيفةُ التركيز، تؤخرُها عن وقتها، وتستيقظُ بل بعضُنا يقضي الفجرَ بعد ساعات، تشعرُ أنك لا تحسنُ في أداءِ الصلاة.
صيامُكَ كيف هو؟ تجدُ أن صيامَكَ صيامُ نومٍ في النهار، وسهرٍ في الليل، يملأهُ الإنسانُ بالغيبةِ والكلامِ الذي لا يصلح، والغضبِ والاستفزازِ وما شابهَ ذلك، هل هذا هو الإحسانُ في الصوم؟
وقس على ذلك في الزواج وفي البيع وغيرِ ذلك من الأمور. كلُّ عملٍ تقدمُهُ أيها الإنسانُ، هناك معاييرٌ شرعيةٌ حتى يكونَ مُحسَناً متقناً، إذا أنت لم تلتزم بهذهِ المعايير فأنت لست مُحسناً في عبادتِك، لست مُحسناً في ممارسةِ الأعمالِ كما يريدُ اللهُ أن تكون.
وهنا ذكرَ النبيُّ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ نموذجاً من الأعمالِ، وهي الذبحُ والقتل. سؤالٌ للأذكياء: لماذا ذكرَ نموذجَ الذبحِ والقتلِ بالتحديد دونَ سائرِ النماذجِ الأخرى؟
الآن هنا عندنا قاعدةٌ عامة "إنَّ اللهَ كتب" يعني كتب بمعنى فرض وألزم، إنَّ اللهَ كتب علينا أن نُحسن في كل شيء نفعله. ثم ذكر مثالاً ماذا قال؟ "فإذا قتلتم فأحسنوا القِتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذِّبحة، وليُحِدَّ أحدُكم شفرتهُ، وليُرحْ ذبيحتهُ".
لماذا ذكرَ هذينِ المثالينِ دون غيرهما من الأعمال؟ يعني لماذا لم يقل فإذا صليت فأحسن الصلاة، وإذا صمت فأحسن الصيام؟ لماذا؟ مع أن الصلاة هي عمودُ الدين. لماذا ضرب نموذجين بالقتل والذبح؟
تفضل. ممتاز أحسنت، لأنَّ القتلَ والذبحَ هو أكثرُ شيء يتصورُ فيه العشوائيةُ وعدمُ الانضباطِ بأحكامِ الشريعة. القتلُ والذبحُ لأن فيه دم، أكثرُ شيء يتصورُ فيه ماذا؟ العشوائيةُ وعدمُ الانضباطِ بالمعايير.
فإذا أنت كنتَ حريصاً على أن تُحسن في الذبح، وتُحسن في القتل، فحريٌّ بك إذاً أن تكونَ محسناً فيما هو أخفُّ منها وأسهلُ منها، أليس كذلك؟
القتلُ والذبحُ عادةً الإنسانُ في لحظاتِ القتلِ والذبحِ بيكونُ متوتر، أو بيكونُ مندفع، أو بيكونُ يعني غير مهتم بأزهاقِ الروح، فيقول بأي صورة أذبح، أنا في النهاية سأقتله، أقتلها قائمةً، جالسةً، نائمةً، في النهاية ميتة ميتة، كما يقولون.
لا، حتى صورةُ إزهاقِ الروح، وهي من الصورِ الحادةِ في النفس ومن أصعبِها، أنت مأمورٌ أن تحسنَ فيها، وليس لك أن تُزهق الروح بأيِّ شكلٍ وبأيِّ صورةٍ أردت. طيب هنا سؤال، قال "فإذا قتلتم فأحسنوا القِتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذِّبحة"، لماذا فرقَ بين القتل والذبح؟
الصفحةُ التي تليها، صفحة 84 ذكرنا لكم الفرق بينهما في آخرها، لماذا فرقَ، فرقَ بين القتلِ والذبحِ؟ القتلُ إذا أطلق في العادة يطلق على قتلِ ما لا يؤكل لحمه، وأما الذبحُ إذا أطلق فيطلق على أن تذبح شيئاً يؤكل لحمه. إذاً قال: القتلُ لما لا يؤكل لحمه، والذبحُ لما يؤكل لحمه.
طب نيجي الآن على القتل، قلنا القتل لشيء لا يؤكل لحمه، هذا يشمل ماذا؟ قتل الآدمي، سواء قصاص، سواء رجم، سواء كافر إذا كان محارباً، أو قتل ماذا؟ حيوانات غير آدمية من أجل أنك تريد أن تتخلص منها ومن أذاها، أليس كذلك؟
إذاً فالقتل لغير المأكول، وهذا يشمل قتل الإنسان، ويشمل قتل الحيوانات التي لا يؤكل لحمها لأجل الخلاص من ضررها، أو إشكالية وقعت فيها. والذبح يكون لما يؤكل لحمه، من الغنم، والبقر، والخيل، والدجاج، وما شابه ذلك.
فلذلك ذكر الصورتين، تمام؟ لذلك ذكر "القتلَ فإذا قتلتم فأحسنوا القِتلة"، وإياك أن تخطئ في رواية الحديث فتقول قَتْلةً وذَبْحة، القِتلة بكسر القاف، والذِّبحة، هذا يسمى مصدر هيئة في اللغة العربية، يعني "فإذا قتلتم فأحسنوا القِتلة"، ما معنى القِتلة بالكسر القاف؟ هيئة القتل وطريقة القتل. وإذا ذبحتم فأحسنوا الذِّبحة، لماذا كسرنا الذال؟ لأن هذا يسمى مصدر هيئة، يعني فأحسنوا طريقة الذبح، وهيئة الذبح، فلذلك كسرت قِتلة وذِبحة وفِعلة، لمرة كجلسة.
نجيء نفصل شوية من باب الدردشة العامة، نأتي كيف يكون الإحسان في القتل؟ وكيف يكون الإحسان في الذبح؟ قلنا القتل يشمل قتل الإنسان، وقتل ما لا يؤكل لحمه، صحيح؟ والذبح يكون لما يؤكل لحمه.
نبدأ بالصورة الأولى "فإذا قتلتم فأحسنوا القِتلة"، قلنا هذا يشمل الإنسان وما دونه، نبدأ بالإنسان، إذا قتلت إنساناً. الآن أنا أصلاً متى يصح لي أن أقتل إنساناً؟ نحن عرفنا إما أن تكون في الحرب، فتقاتل أعداء الدين، أو أن تكون في ماذا؟ مسلم أهدر دمه، وعرفنا في الدرس الماضي متى يُهدر دم المسلم، في حال أنه أي زنى وكان محصناً، أو في حالة أنه قتل شخصاً متعمداً وسنقوم عليه القصاص، فإننا سنقتله، هنا يُقتل الإنسان.
طيب إذا قتلت آدمياً في المعركة، وأنت تقاتل، في هناك إحسان في القتل؟ ما هي صورة الإحسان في قتل الآدمي؟ اقرأ يا شيخ. قال أن يكون القتل بالسيف على العنق في القصاص لكونه أسهل، لكونه أسهل وجوه قتل الآدمي. الآن هذه صورة أولى من صور الإحسان، إذا كان الموضوع قصاص، فإن كثيراً من أهل العلم، كثيراً ولا أقول الجميع، يقول القصاص لا يكون إلا بالسيف، ولو كان الطرف الآخر قتل بطريقة أخرى، فإن القصاص عندنا نحن نتمسك بأحكام، لا نقتل إلا بماذا؟ بالسيف، لأن السيف على العنق أسرع وأسهل طرق القتل، فأنا لن أعذبه حتى أقتله، لا، ما أعذب، أنا أقتل مباشرة بالسيف، آلة حادة وتكون ماضية وعلى العنق، حتى لا أعذب في أثناء إزهاق روحه، خاصة إذا كان الموضوع هو موضوع قصاص.
طيب ثانياً، قال تحريم التمثيل في القتلى كما في الحديث، "لا تُمثِّلوا". تحريم التمثيل بالقتلى، لو أعداء الإسلام لما قتلوا قتلانا مثلوا فينا، هل نحن نجازي بالمثل؟ فنُملئ؟ أحنا نقتل، لكننا لا نمثل في قتلاهم. طيب يا شيخ هم مثلوا في قتلانا، نحن نطلب أجرنا من الله، خلاص، أولاً لا يضر الشاة سلخ، لا يضر الشاة أن تسلخ بعد أن تموت، ولكننا نطلب ثواب من الله، ونعتز بقيمنا، أننا نقاتلكم ونقتلكم يا أعداءنا، لكنكم لو مثلتم بجثث المسلمين فنحن ليس من ديننا ولا من قيمنا أن نمثل بجثث الكافر، فنقطع الآذان والأنوف وما شابه ذلك، وإنما نترك الشهيد يطلب ثوابه من الله سبحانه وتعالى. إذاً تحريم التمثيل بالجثث. اقرأ. قال ولأجل هذا الإحسان في القتل، قال صلى الله عليه وسلم: "أعفُّ الناس قِتلة أهلُ الإيمان". شوف الحديث هذا الجميل، يقول النبي عليه الصلاة والسلام: "أعف الناس في القتل، من هم؟ أهل الإيمان"، المؤمن عفيف حتى وهو يقتل، لأنه أنا ليس المطلوب مني أن أمثل، وأن أروع الناس في أثناء عملية القتل، وإنما المطلوب أن يُحق الحق، ويبطل الباطل، فأعف الناس في القتل هم أهل الإيمان. نعم.
تنبيه، لكن هنا تنبيه جميل، انتبهوا له، قد يكون الإحسان في هيئة القتل منافياً للسهولة في بعض الصور، إذ مناط الإحسان موافقة الشرع. الآن الإحسان في القتل، في بعض الصور ضابط الإحسان قد يكون منافياً للسهولة، لأنه الآن بدي أناقش أنا وإياكم مسألة، يكثر الاعتراض فيها على المسلمين، مسألة رجم الزاني حتى الموت بالحجارة، ممكن شخص تجيه شبهة إيش يقول لك؟ مش الحديث يقول "إنَّ الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القِتلة"، لماذا الزاني المحصن مش قلنا يُرجم بالحجارة حتى الموت؟ أليست طريقة القتل هذه طريقة صعبة؟ لماذا لا نحسن فنقتله بالسيف وخلص ورايحه مرة واحدة؟ لماذا الكل يرميه بالحجارة من جهات متعددة حتى يموت؟ اليس هذا مخالفاً للإحسان في القتل أم هو إحسان في هذه الصورة؟ فهمتم الآن أولاً الاستشكال؟ أن البعض قد يعتقد أن هنا في تعارض بين رجم الزاني حتى الموت بالحجارة وبين الإحسان في القتل، فهنا وضعنا قاعدة، أن الإحسان في القتل في بعض الصور قد يتنافى مع السهولة، يعني قد يكون الإحسان أن أشدد في طريقة القتل.
لأنه هو سؤال أنا ما هدفي من رجم الزاني حتى الموت؟ أنا ما هدفي؟ يعني أنا لو كان عفواً، لو كان المراد أني بس أنهي حياته كان بالسيف أنهيت حياته وخلصت. أكيد هي الصورة لها هدف، ما هو؟ أحسنت، اللي هو احنا بدنا نعطي صورة للمجتمع، أنه احذر أن إذا كنت متزوجاً أو سبق لك الزواج أن تزني، لأن هذه جريمة بشعة اسمها جريمة الزنا، تؤثر على النسل وعلى المجتمعات، فأنا بدي أعاقب شخص واحد وإن كان فيها شدة صورة العقوبة، حتى يتربى جميع من تسول له نفسه، فلا يفكر مرة أخرى.
أحياناً السهولة في القتل قد تجعل البعض يتساهل في ارتكاب المعصية، لكن لما يرى صورة القتل كم هي صعبة ومرعبة ومتعبة، هذا سيجعله يفكر 23000 مرة، هذا المحصن قبل أن يفكر في ماذا؟ في الزنا.
فالإحسان في القتل هنا واقع، من حيث أننا وضعنا عقوبة رادعة، وهذا بحد ذاته إحسان، لأنني أنا لا أريد أن أكثر إزهاق الأرواح، أنا أريد حل جذري. ولذلك في كل المجتمع المدني وفي كل زمن الصحابة كم حالات الزنا للمحصنين؟ كم حالات الزنا لهم؟ ربما مثالين ثلاث، ليه؟ لأنه الكل بده يحسب حساب أنه ستزهق روحه وبأعلى صورة، في حال أنه فكر أن يزني وهو محصن.
إذا هنا أيها الشباب، صورة رجم الزاني هي فيها إحسان، وجهة الإحسان ليس للميت بحد ذاته، لا، جهة الإحسان أننا قررنا عقوبة رادعة تجعل الجميع يخشى ويهاب من الوقوع في الجريمة مرة أخرى، فأنا أحسنت للمجتمع، أنا أحسنت للمجتمع لما قللت حجم ارتكاب جريمة الزنا في وقس على هذا. طيب، إذاً بس هي هي كانت الفكرة، أن الإحسان في القتل في بعض الحالات قد يتنافى مع السهولة، بل قد يكون الشدة في صورة القتل هي الإحسان. طيب اقرأ مثلاً من أمثلة ذلك.
قال "إذ مناط الإحسان موافقة الشرع، سهلاً كان أو صعباً، ومن ذلك باب المعاملة بالـ" إذ مناط الإحسان لما نقول الإحسان في القتل ما هو؟ هو أن توافق الشريعة في طريقة القتل، ها، الإحسان في القتل هو أن أوافق الشريعة في طريقة القتل التي طلبتها الشريعة، سواء كانت الطريقة اللي طلبتها الشريعة للقتل سهلة، أو الطريقة اللي طلبتها صعبة، فإنها بالتأكيد لم تطلب هذه الطريقة، إلا وهناك حكمة في المطالبة بها، فمثلاً ومن ذلك باب المعاملة بالمثل والعدل، سواء ما يتعلق بالقصاص فيُقام من الجاني نفس ما فُعل بالمجني عليه في بعض المسائل والمذاهب مثلاً. هنا بعض المذاهب الفقهية، أنا هنا أشرت لبعض المذاهب، بعض المذاهب تقول القاتل إذا قتل بطريقة معينة، فالقصاص يكون بنفس الطريقة وليس بالسيف، احنا قبل قليل ذكرت القول الأول الذي عليه كثير من أهل العلم أن القصاص لا يكون إلا بالسيف، لذا قلت لكم كثير، لكن بعض الفقهاء وهذا رأي محترم يرى أنه لا، أنه الإحسان في قتل القاتل يكون بماذا؟ الإحسان في قتله أن يقتل بنفس الطريقة التي قتل بها الضحية. قتل بالحجارة نقتل بالحجارة، قتل الضحية بالسم نقتل بالسم، قتل الضحية بخشبة نقتل بالخشبة، هذا هو الإحسان في وجهة نظر بعض أهل العلم مثلاً.
الحالة الثانية قال أو ما يتعلق بقتل الكفار ومعاملتهم في الحرب بمعاملة العدو بالمثل في بعض الصور التي يذكرها أهل العلم. نعم، كذلك العدو مثلاً يعامل بالمثل عند بعض الفقهاء، ليس بالتمثيل بالجثث طبعاً، وإنما بآلية القتل، يعني قتل قرية من قرى المسلمين حرقاً، لنا أن نعامله بالمثل، فنقتل قرية من قراهم حرقاً. قتل قرية من قرى المسلمين بالصواريخ، لك أن تعامل بالمثل، فتقتل قرية من قراهم بالصواريخ، بغض النظر كم سيموت في ذلك. فبعض أهل العلم قال لنا أن نعامل بالمثل، وهذا من الإحسان، لأنه العدو إذا شاف أن هو يقتل منا كما يشاء واحنا بنكون كثير مؤدبين بس نيجي نقتل منه بيقول لك هذول خذ راحتك معهم، لأنه إذا احنا بنفعل فيهم العشرة، هو بفعل واحد، لا، أحياناً بده يكون في نوع من المجانسة، حتى يعرف أنه لا تأخذ أريحك وتظن أننا يُهضم حقنا، فأنت إذا كنت تبيد قرية فنحن نبيد قرية، وإذا كنت تحرق مكاناً نحن نحرق مكاناً، فهذا أيضاً من صور الإحسان المطلوبة، لأن الإحسان هنا يحقق الردع والحماية للمجتمعات المسلمة. طيب.
قال وباب الحدود كحد الرجم أو حد الحرابة، فمثل هذه الآيات مع شدتها تعد إحساناً لموافقتها. الآن بس هذه باب الحدود هذا عفواً رجع إلى أين؟ نعم، في باب المعاملة بالمثل والعدل، هذا نموذج من نماذج أي الإحسان. كذلك في باب الحدود، كحد الرجم أو حد الحرابة، الآن مثلاً في حد الحرابة البعض ممكن يعتبر أنه هذا حد الحرابة حد قاسي، لأنه في بعض صوره تُقطع اليد والرجل من خلاف، أليس كذلك؟ طب مش هذا عدم إحسان؟ مش تشويه لهذا الإنسان أنك تقطع يده من هنا ورجله من هنا، بنقول هذا إحسان، ليه؟ لأنه هذا إيش كان شغلته لما قطعت يده ورجله؟ كان قاطع طريق، كان ماسك سلاح ويؤذي الناس في الطرقات، وعامل رعب في الطرقات العامة والخاصة، فأنا نعم كنت شديداً عليه، لكن هذا هو الإحسان، لأن الشدة عليه ستؤدي إلى ردع وإلى توقف قطاع الطرق عن ممارسة أفعالهم.
فإذاً الإحسان يا إخواني في القتل، قد يكون أحياناً لمصلحة الشخص نفسه، وقد يكون الإحسان لمصلحة إيه؟ المجتمع وتحقيق أمنه. لكن حتى هذا الشخص اللي قطعناه حرابة، وقطعنا يده ورجله من خلاف، هل راح نقطعه بأي طريقة؟ ولا بقطعه مباشرة، بنضم جراحه، ونحط أيده في الزيت وبندير بالنا عليه حتى لا يؤدي إلى غرغرينا ولا هلاك، يعني احنا في النهاية ما راح نقطع يده ورجله ونرميه في الشارع، لا. ستُقطع اليد والرجل، يُنقل للمستشفى، وتوضع يده في الزيت، وقدمه في الزيت، حتى نعالجها سريعاً ولا تصبح هناك أي مضاعفات، ونعالج و ويس، هذا إحساناً. إذاً هي الصورة صعبة بس سامحنا، الإحسان أن تكون الصورة صعبة حتى نردع أمثالك من التفكير في قطع الطرقات، ولكن حتى والصورة صعبة بنحاول ناخذ الإجراءات والاحتياطات اللازمة حتى لا يحصل هناك مضاعفة. طيب.
نيجي الآن على قتل غير الآدمي. قال، قال فتقتل بأسهل طريقة ممكنة وأقلها إيلاماً، بحيث مثلاً عندنا مثلاً كلاب عقور داخل الأحياء هذه يجب قتلها، صحيح؟ لكن لما نقتلها ما بعذبها، حتى وإن كان كلب عقور مؤذي، أسهل طريقة لتصفيتها بتصفي بالرصاص أو بأي أسلوب من الأساليب التي تتخذها الهيئات المعنية، ولست أنت معنياً بأن تقتلها بقتلة أو بقتلة شنيعة. نعم.
قال ويجتنب في قتلها بعض الصور المؤذية المنهي عنها كالحرق بالنار مثلاً. هل يجوز مثلاً الكلاب العقور نحرقها بالنار؟ ما يجوز، حتى لو كنت أنا بدي أصفيه، لا يجوز أني أحرقه بالنار، حتى ولو كان حيوان مؤذي، إنما يعذب بالنار الله سبحانه وتعالى. اثنين أو قتل البهائم صبراً. قتل البهائم صبراً، ما معنى صبراً؟ أنك تمسك بهيمة، حيوان لا يؤكل، والله حاب أتعلم عليه الصيد، تمسكه وتصبر، يعني تربطه وتحطه هدف، وتصير تحاول إيه؟ تصيد عليه، حتى لو كان الحيوان لا يؤكل لحمه لا يجوز أن تفعل به هكذا، تمام؟ لأنه هذا تعذيب له، أنك تربطه وتصبح تجعله هدف وتشا طر عليه أنت وأصحابك مين اللي يقتله؟ هذا أذى، هذا أذى. فبالتالي نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يقتل شيء من الحيوانات صبراً. نعم.
قال سادساً: "وإذا ذبحتم فأحسنوا". طيب، الآن انتهينا من موضوع القتل، إذا عرفنا وبشكل مختصر أن القتل يكون في غير مأكول اللحم، وأن المطلوب من أن نحسن فيه على قدر المستطاع، وأن الإحسان لا يعني دائماً السهولة، وإنما يعني موافقة الشرع فيما أمر به.
نيجي الآن على الحيوانات مأكولة اللحم، مثل الغنم، البقر، الإبل. النبي صلى الله عليه وسلم يقول "وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح"، وأظن أن لديكم قاموس جيد في معرفة آداب الذبح سريعاً، اقرأ لي بعض النقاط، كيف يكون آداب الذبح والإحسان في الذبح؟
قال "وما ورد من الإحسان فيها الرفق بها عند الذبح، ففي الحديث أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم يا رسول الله إني لا أذبح الشاة وأنا أرحمها، وقال النبي صلى الله عليه وسلم والشاة إن رحمتها رحمك الله". شوف يعني هو يذبح الشاء وهو حزنان عليها، يا رسول الله أني أذبح الشاء وأنا أرحمها، يعني أنا حزين عليها أنها تُذبح، بس بدنا نأكل عشان نسوي تمام، فقال إذا رحمتها رحمك الله، حتى وأنت تذبحها. نعم.
قال "ومن صور هذا الرفق أن توارى عنها السكين، وأنا تُحد أمامها مثلاً" من صور الرفق في الذبح، أنه لا تريها السكين، خليها ورا ظهرك. إخوانا اللحامين الله يكرمهم، بعضهم ولا مهتم يعني وين ما جت السكينة في ايده تيجي، لا، الأصل الإنسان يتقي الله سبحانه، لا تظهر السكينة أمامها إلا في اللحظة الأخيرة الحاسمة. اثنين.
قال "وأن تُقاد برفق". أن تُقاد برفق تمام، بعضهم بتلاقيه بعتلها شعته، ومعط فيها وكأنه داخل معها في معركة، حاول أن تكون رفيقاً في أخذها إلى الموت، ما هي رايحة رايحة على الموت تمام، فحاول أن تكون رفيقاً بها، لعل الله أن يرفق بك في عرصات القيامة. نعم.
قال "وأنا تُذبح أمام بقية البهائم". نعم، ما بصير تذبح شاة أمام أخواتها، لأنه هذا يلقي الرعب في قلوبهن. قال "وأن لا يفرق بينها وبين ولدها، ولا تُذبح أمامه خاصة". نعم، ألا يفرق بينها وبين ولدها، تمام، بدك تذبحهم ذبحهم الاثنين مع بعض، طبعاً هذا على قدر المستطاع. إذا بدك تذبحهم اذبح الاثنين، حتى لا تذبح الأم على قلب قلبها على أيه؟ على ولدها.
طب لا أنا والله يا شيخ ماليش مصلحة أذبح الأم، أنا فقط بدي أذبح الطفل، وهذا كثير ما يحصل، صحيح؟ أنه بعض الناس بيقول لك أنا بدي الأم تضل عندي، لأن بدي إياها تضلها تحمل، أنا فقط بدي أذبح الطفل، ممتاز، إياك تذبح الطفل أمام أمه، ماشي؟ يا شيخ غنم؟ لا، ما هو له مشاعر، ما بصير تذبح الطفل الشاة الصغيرة أمامه أمه، أو العكس، فرضاً بدك تخلي الشاه الصغيرة وتذبح الأم، من الجريمة الكبرى أن تذبح الأم أمام ابنها، في بعض الناس ترى قساوة عن هي المشاعر مش عندهم، يعني عادي يذبح الشاة الأم قدام ابنها، أو يذبح الابن أمام أمه، أنت لا تعرف كم يعني أحدثت جرحاً كبيراً في قلبها، فهذه الدواب لها مشاعر، فاتق الله سبحانه وتعالى. تمام.
قال "وأنا يُصرعها بُغتة". الآن "بـ" قال البعض، ألا يُصرعها بُغتة، يعني بهدوء، يعني عملية صرعها ما تكون يعني كأنك داخل عملية عسكرية، مباشرة تلاقي حالها على الأرض، يعني بالرفق، باللين، تمسح على راسها وشعرها، ثم بعد ذلك تجعل يكون برفق ولين. نعم.
قال "ومن الإحسان ذكر ذكر اسم الله والتسمية عند ذبحها، وتوجيه"، أكمل، قال وتوجيه إلى القبلة وشكر الله سبحانه وتعالى عليها. إذاً هذه فكرة الحديث، وعرفنا إذاً خلاصته، أنه إذا كانت هذه الأمور التي فيها دم وإزهاق روح، أنت مطالب بالإحسان فيها، فمن باب أولى أن تحسن فيما ليس فيه إزهاق روح، من صلاة وصيام وذكر وقرآن وما شابه ذلك.
الحديث الثامن عشر قال: عن أبي ذر جندب بن جنادة، وأبي عبد الرحمن معاذ بن جبل رضي الله عنهما، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "اتقِ الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن". رواه الترمذي وقال حديث حسن، وفي بعض النسخ حسن صحيح. هذا من الأحاديث العظيمة حقيقة، وقد شرحه شيخ الإسلام بن تيمية في رسالة كاملة اسمها شرح الوصية الصغرى، شرح هذا الحديث، لأنه يشكل حياة الإنسان عامة.
قول النبي صلى الله عليه وسلم: "اتق الله حيثما كنت"، علاقتك مع الله. "وأتبع السيئة الحسنة تمحها"، سياستك مع نفسك. "وخالق الناس بخلق حسن"، علاقتك مع الآخرين. فكأن هذا الحديث ينظم لك ثلاث علاقات، علاقتي مع الله تقوم على ماذا؟ على التقوى، اتق الله، يعني اجعل بينك وبين غضب الله وعذاب الله وقاية، هذا معنى التقوى. ما معنى أنا اتقيت هذا الشيء؟ يعني جعلت بيني وبينه حاجز، أليس كذلك؟ فتقوى الله يعني أن تجعل بينك وبين مساخطه وعقابه ماذا؟ حاجز، تمام؟
فعليك أن تتقي، أن تتقي الله حيثما كنت، كنت في غرفة النوم ما حدا شايفك والأبواب مغلقة، في خلوتك، اتق الله. كنت في السيارة اتق الله، كنت أمام الناس اتق الله، كنت في الجامعة اتق الله، في علاقاتك، في نظراتك. كنت في بيئة عمل اتق الله، في المال الذي يدخل ويخرج على الكاش اتق الله. في أي مكان، شخص سلمك مهمة وأمنك على شيء اتق الله. "اتقِ الله حيثما كنت"، هذه النجاح، "ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله"، هذه وصية الله للأولين والآخرين، ولاحظ "حيثما كنت"، فالنبي عليه الصلاة والسلام يعلمك، أنه في بعض الناس فقط يتقي في الجلوات، لما يكون أمام الناس، لكن إذا خلا بمحارم الله انتهكها. إذا جالس في بيته، ما حدا شايفه، زوجته مش موجودة، أو هو والده مش موجود، بيفتح التلفاز على ما يرى، يفتح الجوال، خاصة هذه الجوالات كوارث لكثير من الشباب والبنات، الأب ما بشوف الجوال، أو الأم ما بتابع وراك، فبتاخذ أنت أريحك في علاقات محرمة، في أمور، كلام لا يرضي الله سبحانه وتعالى، في نظر إلى المحارم، وين تقوى الله؟ النبي صلى الله عليه وسلم يقول لك "اتق الله حيثما"، يعني في أي مكان كنت عليك، وهذا أصلاً مقام الإحسان اللي شرحناه في الحديث الثاني، أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك، في أي مكان. طيب. هنا سيشرح موضوع التقوى أظن، اقرأ بالله.
التقوى في الصفحة التي صفحة 90 قال: "والتقوى أن تجعل بينك وبين عذاب الله وغضبه وسخطه وقاية تقيك منه، وإنما تحصل هذه الوقاية كيف أحصل التقوى في حياتي؟ التقوى إخواني عمل من أعمال القلوب، هو شعور داخلي، أن الله سبحانه وتعالى يراني، بالتالي يجب أن لا أفعل شيئاً يغضبه، هذه هي التقوى. من ناحية الآلية هو شعور داخلي، أنت برمجت عقلك ودماغك عليه، أنه حتى لو ما كان في حدا معي في الغرفة، أو ما حدا من أصدقائي أو أهلي يرى الجوال، أنا في عندي شعور داخلي، أني لازم أتقي الله، أنه ما بصير أتجاوز الخطوط الحمر التي وضعها الله سبحانه وتعالى لي، لابد أكون منضبط. هذا الشعور كيف أتعلم التقوى يا شيخ؟ يعني كيف يصبح عندي قدرة حتى لو كنت في خل وحدي، أن أستشعر وجود المراقبة الإلهية، أن أستشعر أن هناك أنا لست وحيداً، بالتالي ما ينبغي أن آخذ أريحي في الخلوات؟ كيف أولد هذا الشعور في داخلي، حتى أضبط مصلحة الحياة لدي؟
طيب. قال قال بفعل أوامره واجتناب نواهيه فبها التقوى، فأصل التقوى يحصل بفعل الواجبات واجتناب المحرمات. الآن التقوى لها أصل وكمالاته، هو أن تفعل الواجبات وتترك المحرمات، وكمال التقوى أن تحرص على المستحبات وتترك المكروهات، هذا كمالها. طيب، اقرأ عن أبي الدرداء.
قال فعن أبي الدرداء قال: تمام التقوى أن يتقي الله العبد حتى يتقيه من مثقال ذرة، حتى يترك بعض ما يرى أنه حلال خشية أن يكون حراماً. هذه أول ممارسة بتساعدك على أن تولد في داخلك شعور التقوى، أن تترك شيئاً من المشتبهات. تذكر، حاول أن تترك شيئاً من المشتبهات، لأنه هذا سيدرب على أنك إذا أتيت إلى الحرام الصرف تتركه، أما من لا يدرب نفسه على اتقاء الشبهات، سيسقط أمام أيه؟ المحرمات الواضحة، وهذه إحدى المعاني التي قلناها، أنه من حام حول الحما يوشك أن يقع فيه، أليس كذلك؟ من لا يعرف مسألة أنه شيء في شبهة اتركه، هذا ما ربى نفسه على قضية التقوى. تريد أن تربي نفسك على التقوى، حاول بعض الدوائر اللي فيها شبهة اتركها، حتى إذا جاء الحرام الصرف تجد عندك، الحرام الصرف عن الخالص تجد عندك قوة على ماذا؟ على تركه. يعني كثير من الشباب سألني عن العملات الرقمية، بقول له أخي على الأقل فيها شبهة، اتركها. بقول لي يعني هي شبهة يا شيخ مش حرام، صح مش حرام حرام، أه، بقول له شبهة بقول، خلص لا، ما هو أنا بدي اياك تتعلم أنه حتى لو شيء شبهة اتركه، لأنه إذا أنت لا تبرمج نفسك على ترك هذه الزوايا، صدقني ستسقط أمام الحرام الواضح، ستتعود هتك الاستار. هذه آلية. نعم.
قال "فإن الله قد بين للعباد الذي يصيره إليه، فقال فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن".
يعمل مثقال ذرةٍ شراً يره. ولا تحصلُ التقوى إلا بالعلمِ والتعلم، ليعلمَ العبدُ ما يتقيه، ليتقي. كما رُويَ عن بكرِ بن خُنيسٍ قال: كيف يكونُ متقياً من لا يدري ما يتقي؟
هذه فكرةٌ مهمةٌ أيضاً، لا بد أن تطلبَ العلمَ وتأتيَ دورَ المجالسِ، حتى تعرفَ ما هي الأشياءُ التي أنا أصلاً مطالبٌ أن أتقيها. لأنه بعضَ الناسِ قد يتقي شيئاً قد يكون التقوى فيه نوعٌ من التنطع، أليس كذلك؟ وتحميلِ النفسِ ما لا يحتمل، وفي النهاية تجده مفرطاً في شيء هو مجالٌ للتقوى ومكانٌ للتقوى، فعليك أن تتعلمَ العلمَ النافعَ الذي يعلمكَ ما هي الأشياءُ المطلوبُ مني أن أتقيها.
شوف أنت لما هون إجيت على المجلس وعلمت أن دائرةَ الشبهاتِ من الدوائرِ التي التي لازم أتقيها، صحيح ولا لأ؟ هذا علمٌ نافع، أنت الآن استفدت معلومةً في حياتك، أنني لا بد أن أتقي الشبهاتِ حتى لا أقعَ في الحرامِ الواضح، أن تتعرفَ على ما هي الأشياءُ المطلوبُ مني في الحياةِ أتقيها، هذا علمٌ نافعٌ يساعدك أيضاً على تحقيقِ التقوى. ولا تحمل نفسك فوق طاقتك. شوف مما يتعبُ بعضُ الناسِ، أنه يحملُ نفسَهُ اتقاءَ أمورٍ هو غيرُ مطالبٍ أن يتقيها، فمع الوقتِ تثقلُ عليهِ فيتركُ كلَّ شيء.
فأيضاً أن تفهمَ سماحةَ الإسلامِ ويسرَ الإسلامِ، وتعرفَ أنه الإسلامُ بدُّه منك واحد اثنين ثلاثة، ها الشغلات يا أخي لا تقربها، والباقي فيه مساحة ومفتوح، وفي أريحية في التعامل. معرفتك وين المساحات اللي بدك تلتقيها، والمساحات اللي فيها سهولة، هذا بيخليك تعرف البدائل الشرعية، تمام؟ وأنا تكون تشد على نفسك في مساحات جعل الله فيها سعةً وفرجاً، أو تعرفَ الحلولَ البديلةَ لبعض الأشياءِ اللي فيها منكرات، جيدٌ أنك عرفت ما هي الحلولُ البديلةُ اللي ما فيها مشاكل. وهذا بالتالي يساعدك حقيقةً على ممارسةِ التـ. نعم.
قال طلق بن حبيب رحمه الله: التقوى أن تعمل بطاعة الله. وقال عون بن عبد الله. الصفحة البادية. قال وقال عون بن عبد الله رحمه الله: تمامُ التقوى أن تبتغي علم ما لم يعلم منها إلى ما علم منها. قال "واللهِ تمامُ التقوى أن تبتغي"، يعني أن تطلب، علم ما لم يعلم منها، يعني الآن في أشياء أنت عرفت أنها من التقوى، وفي أشياء ما زلت أنت جاهل، هل هي من التقوى أو ليست من التقوى؟ أن تبقى تتعلم طوال عمرك، في أشياء أنا عرفتها وفي أشياء لسه ما عرفتها، أن تبقى تتعلم من أهل العلم ما هي الأماكن التي يجب أن أتقيها، حتى أضمها إلى ما سبق لي علمه. تمام؟
فالعلم الشرعي هي عملية تراكمية، والأشياءُ المطلوب منك تتقيه أنت اليوم، ممكن في المجلس عرفت شغلتين ثلاثة، في مجلسٍ آخر بتاخذ لك كمان معلومتين ثلاث، فتبقى مع الوقت تتعلم مواطن التقوى مواطن التقوى. تمام؟
قال والله سبحانه أهلٌ لأن يُتقى ويُخشى ويُخاف، ويُهاب ويُجل ويعظم، نعم، بكمالهِ وجلالهِ وكبريائهِ وعظمتهِ وقوتهِ وشدةِ بأسهِ وبطشهِ وقدرتهِ. قال تعالى: "هو أهلُ التقوى وأهلُ المغفرة". قال وقوله "حيثما كنت"، أي في كلِّ حالٍ من الأحوال، وفي كلِّ زمانٍ ومكان، وفي السر وفي العَلانية، في السفرِ والحضر، في السراءِ والضراء، لابد أن تكون، لابد أن تكون تقوى الله، لابد أن تكون تقوى الله حاضرةً في قلبِ المؤمن.
قال أبو سليمان رحمه الله: الخاسر الخاسر من أبدى للناس صالحَ عملِهِ وبارز بالقبيح من هو أقرب إليه من حبل الوريد. شوف سبحان الله أبو سليمان الداراني، أحد أئمة السلوك ماذا يقول؟ الخاسر هو الذي يظهر للناس صلاح نفسه، ولكنه إذا خلا مع من هو أقرب إليه من حبل الوريد، أظهر الفضائح والعيوب، صحيح، هذا إنسان خاسر، اللي هو أمام الناس يستحي من الناس ويستغفر من الناس، ولا يستخفون من الله.
إذا كان أمام الناس بحاول يظهر أنه طالب علم أو إنسان صالح أو إنسان على خير واستقامة، وإذا راح يخطب فتاة، بتعرف هذول الشباب بخطب الفتاة يوميته بصير ماسك المسبحة والمسواك، تمام؟ ورايح تمام، وإذا خلا بمحارم الله انتهك، يقول هذا خاسر، يستحي من الناس ولا يستحي من الله سبحانه وتعالى. طيب.
ملازمة العبد للتقوى وثباته عليها في كل حال. اقرأ من هذا النص. قال "ما هو نابع من استشعار قرب الله عز وجل ودوام مراقبته". نعم، عليك أن تفعل هذا المفهوم في حياتك، أن الله قريب وليس بعيد. هذا شعور عليك أن تستشعر دوماً، أن الله ليس بعيداً عني، ونحن أقرب إليه من حبل الوريد. وحقيقة القرآن يفعل جداً هذا الشعور، كلما قرأت القرآن بتمعن وتركيز سيورث هذا الشعور، شعور أن هناك إله قريب. الصلاة بخشوع تفعل هذا الشعور، يعني حتى أكون واضح معك، نحن لماذا ضعفنا في باب تقوى الله؟ صلاة بلا خشوع، وقرآن بلا تدبر، وذكر بغفلة، هذه الأمور دمرت مفهوم الاستشعار للقرب الإلهي.
صلاة بلا خشوع، وقرآن بلا تدبر، وذكر مشوب بالغفلة، هذا ماذا أورثنا؟ حتى نتكلم عن كمت دينين، يعني ماذا أورثنا؟ أورثنا عدم استشعار لقرب الله. الآن، طب اللي ما بيقرأ قرآن أصلاً، اللي ما بيصلي أصلاً، يعني هذا أصلاً هو بعيد أن يفكر في تحصيل ماذا؟ تقوى الله سبحانه وتعالى. لكن نتكلم عن أنفسنا، كيف نستشعر؟ عليك أن تفكر في تفعيل الخشوع في الصلاة، تفعيل التدبر مع القرآن، وتفعيل التركيز أثناء أذكار الصباح والمساء والأوراد. طيب.
نذهب إلى القاعدة الثانية. قال "واتبع السيئة الحسنة تمحها". إذا اتقِ الله حيثما كنت، ها، لتنظم علاقتك مع الله. "واتبع السيئة الحسنة تمحها"، هذه لتعالج نفسك، طبعاً هي في النهاية أكيد تصب في جانب علاقتك مع الله، لكن هي أساساً لتعالج ماذا؟ أخطاء الحياة، أنا إنسان مذنب وكثير الخطأ في الحياة، كيف أتعامل مع هذه النفس مع كثرة الأخطاء والذنوب والسقطات؟ يعلمك النبي صلى الله عليه وسلم "واتبع السيئة الحسنة تمحها"، تمام؟ طبعاً الحسنة هنا قد يراد بها التوبة، ولكن المتبادر إلى الذهن وهو يعني ما عليه شراح الحديث، أن الحسنة هنا الأعمال الصالحة. أنت ممكن تكون إنسان ضعيف، ويومياً عندك نظر للحرام، وعلاقات محرمة، وأشياء خطأ، حاول أن تزاحم السيئات بالحسنات، حاول أن تزاحم، ركز في هذا المفهوم يا شباب، حاول أن تزاحم السيئات بماذا؟ بالحسنات، خاصة أنه في بعض المعاصي أنت قد تكون مدمن عليها، فلا تستطيع أنك تتخلص منها مرة واحدة، أو تشعر أنه عم بكرر السقوط، أو كلما حاولت أتركها عم بعود فأسقط.
هنا القاعدة العامة، زاحم، ما هي القاعدة؟ زاحم. يعني أنا اليوم عملت معصية بروح بتصدق، اليوم عملت خطأ، بروح بصوم، عملت شغلة خطأ، بروح بصلي ركعتين التوبة، عملت موقف خطأ، بروح مثلاً بحكي ذكر معين بواظب عليه. المهم أني مبرمج نفسي على ماذا؟ أنه إذا في خطأ في مقابله راح يكون إيش؟ كأنه نوع من عقوبة النفس، بس هو نوع من الإصلاح، أنني أزاحم المعصية التي فعلتها بماذا؟ بطاعة أخرى.
وشيخ الإسلام بن تيمية في الوصية الصغرى يقول: "ومن الجميل أن تكون الحسنة التي ستفعلها عقوبةً للسيئة". فهموني ا ها القاعدة. أنت الآن كما قلت أنا عملت معصية بدي أعاقب نفسي، وبدي أعمل مكانها إيش؟ هي مش عقوبة، بس أنا من باب تقريب الذهن، بدي أفعل طاعة مقابلها. يقول شيخ الإسلام "من الجميل ومن الكمال أن تكون هذه الطاعة طبيعتها من جنس المعصية". كيف يعني؟ أحسنت. يعني إذا كانت المعصية باللسان، اعمل طاعة باللسان. إذا كانت المعصية بالمال اعمل طاعة بالمال. إذا كانت المعصية أنك مشيت إلى حرام، امشي بقدمك إلى طاعة، فهمت؟ معصية أنك حضرت مجلس في سوء، احضر مجلس في علم. فتحاول أن تكون الحسنة التي ستزاح بها السيئة من جنس ماذا؟ من جنس السيئة. فهمت ما معنى من جنس السيئة؟ يعني من جنس طبيعته، هل هي لسانية؟ ولا من الجوارح أو ما شابه ذلك؟ لأنه هذا سيعلمك أن تجد البديل.
لماذا يفضل أن تكون من جنسها؟ لأنه أنت لما تفعل مثلاً معصية أنك جلست مجلس خطأ، ثم تعاقب نفسك فتجلس مجلس خير، أنت فعلياً عم تشعر أنه في بديل، بس أنا كنت مستهلك نفسي في المكان الخطأ، صح؟ يعني كان في بديل بدل ما أشتم أن أذكر الله، هي الدقيقة اللي شتمت فيها أنا أخسر ذكر الله، هي الساعة اللي جلست فيها مجلس باطل، كان بإمكاني أجلس مجلس خير وحق، أليس كذلك؟ وقس على ذلك. شخص يعاني مثلاً من إدمان لأفلام ونظر إباحي، أو ما شابه ذلك، انظر في القرآن، إذا إذا أنت تنظر للحرام انظر إلى القرآن كحسنة تتبع تلك السيئة، انظر في شيء يصلح قلبك وروحك.
طيب، أو روح تزوج برضه حل كمان. طيب. إذاً "واتبع السيئة الحسنة تمحها". لاحظ خص بعض الأعمال، وهذه من رحمة الله، أنه بعض الأعمال الله عز وجل إخواني بيعرف ضعفنا، صحيح؟ وبيعرف أنه احنا منتوب بس للأسف النفس الأمارة بالسوء بتشتغل علينا، فنعود فنسقط مرة أخرى في الذنوب. من رحمته أنه جعل بعض الأعمال الحسنة التي نزاحم بها السيئات، بعض هذه الأعمال أصلاً فيها خاصية محو السيئات. بعض الأعمال فيها خاصية أيه؟ محو السيئات. اقرأ يا شيخ، من عند "وخصت بعض الأعمال".
قال "وخصت بعض الأعمال بمزيد من هذه الميزة". فكان بمزيد من هذه الميزة، يعني أنه فيها قدر زائد، يعني هي فيها خاصية قادرة أنها تمحو سيئاتك. قال "فكانت مكفرات للسيئات"، فهي الأعمال تسمى إيش؟ مكفرات السيئات. مثل إيش؟ مين يعطيني أكيد يعني عندكم خبرة؟ إيش أعمال نص عليها في الأحاديث أنه من واظب عليها كفر عنه؟ نعم. أحسنت. الصلاة إلى الصلاة كفارة لما بينهما إذا اجتنبت الكبائر. ايوه. الوضوء. ذكر الله سبحانه وتعالى. ركعتي التوبة. الصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام. مجال، إذا عندك أفعال وردت فيها أحاديث نبوية أنه من فعل كذا غفرت خطاياه ولو كانت مثل زبد البحر، من واظب على كذا غفرت له كذا وكذا، فهي الأعمال اللي طبيعتها أنها مكفرات، بدك تتعلمها وتجمعها، لأن هي بالنسبة لك رصيد ممتاز. في حال أنه أنا في معاصي مش قادر أتخلص منها، طبعاً ما في معصية أنت ما بتقدر تتخلص بس هو في العادة ضعف إرادتك وضعف عزيمتك. وهنا ركز برضه على جزئية بخاف منها، أنه لا تفكر صح احنا بنحكي أن الحسنات تزاحم السيئات، لكن لا تجعل هي شِماعة بالاستمرار في السيئات، انتبهوا أه؟ يعني بعض الشباب ممكن يخرج بقاعدة أنه أنا يا شيخ إذا لو عملت سيئة، خلص أعمل بعديها طاعة والأمور طيبة، لا، بقول لك الأمور طيبة أنا بمعنى أنك تفكر أنه يصير هذا هو نظام حياتك، خلص ا بتطلع الليل على فيلم وبكرة الصباح بقرا لي جزء قرآن وخلصت، أو بعمل لي كذا حرام، واليوم الثاني بعوضه بعمل صالح. لا. هذا هو نوع من الأشياء المساعدة في العلاج، لكن إذا رآك الله تستهين وتتعمد في للمعصية، وتظن أنه خلص السيئة بتشيلها، لن يسامح، إلا أن يشاء. بس الفكرة أنه عليك أن لا تخادع الله، أنت أنت ما بتتعامل مع مدير شركة، أنت تتعامل مع الإله سبحانه وتعالى، فهو سبحانه يراقب طريقتك في التفكير، يراقب ماذا؟ طريقتك في التفكير. إذا كنت أصبحت تفعل المعاصي، ثم تتبعها بحسنات، حتى تجعل الحسنات شِماعة للاستمرار في المعاصي، لا هذا غير مقبول، وإنما تكون الحسنات كفارة للمعاصي التي فعلتها، إذا كنت أنت نادم على السيئة، وفعلاً تريد الإقلاع عنها، وتعتبر فعل الحسنات سبب لمحوِها. أما إذا أنت مصر اليوم التالي على ارتكاب نفس المعصية، ومش عم بتعالج الموضوع، وتخادع نفسك أنه خلص بصلي بعدين كم صلاة، وبعمل كم شغله وخلص مشى الحال. لا، هنا الأعمال الصالحة لن تمحو والسيئات. فهمتم هذا الشرط؟
إذاً الأعمال الصالحة تمحو الأعمال السيئة بشرط، أن يكون الإنسان عازم على ترك العمل السيئ، ويريد أن يعوضه بعمل صالح، أما إذا كان يفكر بالاستمرار عليه، وهنا الأعمال الصالحة ما راح تجاوب. نعم.
قال "ومن ذلك الوضوء، وركعتا والصلوات الخمس وصوم رمضان والعمرة والحج وكثرة الخطا إلى المساجد وانتظار الصلاة بعد الصلاة والتبكير لصلاة الجمعة وقول سبحان الله وبحمده 100 مرة". في حديث عقبة بن عامر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مثل الذي يعمل السيئات ثم يعمل الحسنات"، شوف هذا الحديث الجميل. "مثل الذي يعمل السيئات ثم يعمل الحسنات". نعم. "كمثل رجل كانت عليه دِرع ضيقة قد خنقته". الدرع كانت تلبس هنا في هذه المنطقة، وكانت تكون ملاصقة للجسد، وقد تخنق المحارب لشدة ضيقها. طيب. قال "ثم عمل حسنة فانفكت حلقة"، لأنه الدرع تكون منطقة في الأمام وفي الخلف، وتكون مربوطة بماذا؟ عند العرف تكون مربوطة بحلق، تمام؟ فهي لما تكون ضيقة على المحارب بيكون تعبان منها. فقال الذي يعمل الحسنات بعد السيئات، السيئات كأنها بتخنقك، والحسنات كأنها بتفك حلقات هذه الدرع حبة حبة، حتى تصل إلى الاريحية مرة أخرى. نعم.
قال "ثم عمل حسنة أخرى فانفكت أخرى، حتى يخرج إلى الأرض". حتى يخرج إلى الأرض، يعني حتى خلص تنفك عنه هذه الدرع، ويستطيع أن يمارس حياته. فهو صور فاعل السيئة بإنسان لبس درعاً ضيقة عليه خنقته، كيف بده يصل إلى الرحى، إلى الرحابة من جديد؟ افعل الحسنات، كل حسنة بتفعلها كأنها بتفك زر، حتى تنفك جميع الأزرار والحلقات للدرع.
طيب. لكن هذه الكفارات خاصة بصغائر الذنوب، وأما الكبائر فلا بد فيها من الاستغفار والتوبة بشروط علم. على أن هذه الأفعال المكفرات إنما تكفر ماذا؟ الذنوب الذنوب الصغائر. أما الكبائر، يعني شخص فعل زنا، بس راح صلى صلاتين مثلاً، هل هذا يكفر الزنا؟ شخص يأكل الربا وفعل فعل من هذه الأفعال، راح توضا، شخص فعل كبيرة من الكبائر، هل كبائر الذنوب تزيحها هذه الأفعال الصالحة؟ أم كبائر الذنوب تحتاج إلى توبة خاصة؟ أكثر أهل العلم على أن كبائر الذنوب تحتاج إلى توبة خاصة، وتحتاج إلى إلى توبة نصوح، وتستمر لعهد طويل، وليس فقط مجرد عمل صالح يرفع عنك الجرائم الكبرى، وهذا قد أشارت إليه بعض الأحاديث كما جاء "الصلاة إلى الصلاة كفارات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر"، أما إذا لم تجتنب الكبائر، فالكبائر تحتاج إلى أن تزاحمها بكمية كبيرة من الأعمال الصالحة، مع توبة نصوح، وندم عالي جداً له، أكيد بحسب طبيعة الجريمة تكون طبيعة التوبة، الجريمة الصغيرة ليست كالجريمة الكبيرة. نعم.
قال "ففي الحديث الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة كفارت لما بينهن ما لم يغشى الكبائر". نذهب إلى النقطة الثالثة. قال "وخ". قال "وخالق الناس بخلق حسن". ها، القاعدة الثالثة في الحديث، وهي خالق الناس، خالق الناس، يعني عامل الناس معاملة حسنة، وهذه تضبط علاقتك مع من؟ المجتمع. هذه الوصية الثالثة العظمى من النبي الأعظم عليه الصلاة والسلام، عامل الناس بالأخلاق الحسنة، فإن الإسلام أتى ليتمم مكارم الأخلاق، عامل الناس كما تحب أن يعاملوك، وتحب لأخيك ما تحب لنفسك، كما مر معنا في الدرس السابق. طب حسن الخلق، من باب "وخالق الناس بخلق حسن"، ما هو الخلق الحسن؟ هنا في صفحة 95. اقرأ.
"وحسن الخلق ما هو؟" قال "وحسن الخلق هو بذل الندى وكف الأذى واحتمال الأذى". طب هذه خلاصة "وخالق الناس بخلق حسن"، بذل الندى، كف الأذى، احتمال الأذى، ثلاث أمور، خلينا نشرحها سريعاً. ما معنى بذل الندى؟ قال "البذل والعطاء ويشمل ذلك البذل المعنوي". الندى هو العطاء للناس، والعطاء للناس قد يكون أيها الشباب عطاء معنوي، الابتسامة في الوجه، الكلام الجميل الطيب، وقد يكون عطاء مادي، تمام؟ أن تساعد بمال أو تساعد في إنجاز مشاريع معينة باليد.
طيب. قال ثانياً "كف الأذى"، أنك تكف أذاك عن من؟ عن الناس، لا تؤذي الناس بكلمة، أو بموقف، أو تصرف. ثالثاً "احتمال الأذى من الناس"، أن إذا الناس آذتك أن تصبر وتحتسب، كما مر معنا في الدرس الماضي لما علقنا على حديث "لا تغضب"، ليس الشديد بالصرعة، وإنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب. فإذا البذر والعطاء، والكف عن أذى الناس، واحتمال أذى الناس هي خلاصة "وخالق الناس بخلق حسن". طيب.
الحديث الذي يليه. قال الحديث التاسع عشر، عن أبي العباس عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، قال "كنت خلف النبي صلى الله عليه وسلم يوماً، فقال: يا غلام إني أعلمك كلمات، احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف" رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح. وفي رواية غير الترمذي "احفظ الله تجده أمامك، تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة، واعلم أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك، وما أصابك لم يكن ليخطئك، واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسراً".
نعم، هذا الحديث حقيقة من أعظم أحاديث الإسلام حقيقة، ومن أعظم ما يوجه المؤمن في هذه الدنيا، من أعظم ما يوجه المؤمن في علاقته مع الله سبحانه وتعالى، وتضمن هذا الحديث نستطيع أن نقول أربع وصايا، وصية كيف تحصل حفظ الله سبحانه وتعالى لك في دينك ودنياك، النصيحة الثانية ضرورة الافتقار إلى الله سبحانه وتعالى في تحقيق الحوائج. النصيحة الثالثة ضرورة التسليم للقضاء والقدر، والنصيحة الرابعة "واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسراً"، أن توقن أن يسر الله يتبع عسره، وأن نصره يتبع بلاءه، وأن الفرج يتبع الصبر. في هذه أربع رسائل وسنمر عليها في الحديث تباعاً.
فيقول ابن الجوزي، لاحظ ابن الجوزي ماذا يعلق عندما قرأ هذا الحديث. يقول ابن الجوزي. نعم. قال "تدبرت هذا الحديث فأدهشني"، أدهشه هذا الحديث، "وكنت أطيش"، يعني يطيش عقله من جماله وروعه، من جماله وروعه وحسن كلامه صلى الله عليه وسلم. نعم. قال "فوا أسف من الجهل بهذا الحديث، وخيل التفهم معناه، وأسفاً على من لا يعرف هذا الحديث ولا يتفكر في معناه". طيب. نبدأ بالوصية الأولى. قال "احفظ الله يحفظك". فـ ط الوصية الأولى، بدك تجمعها بين الرواية الأولى والرواية الثانية للحديث. في الرواية الأولى للحديث "احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك". انزل على الرواية الثانية في الأسفل "احفظ الله تجده أمامك، تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة".
إذا عندي كم عبارة؟ أربع عبارات، "احفظ الله يحفظك"، "احفظ الله تجده تجاهك"، هذا في الحديث الأول، وفي الرواية الثانية "احفظ الله تجده أمامك، تعرف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة". هي أربع جمل كلها تصب في نفس الاتجاه، وتوصل إلى المحصلة النهائية، ما هي؟ تعامل مع الله عز وجل في لحظات الرخاء بالتقوى، وأن تحفظ وجوده في حياتك، وأن تراقبه في خلواتك وجلواك، لا ينساك الله عز وجل في لحظات الضيق والشدة والهم والكرب، هذه معادلة إلهية. يعني النبي عليه الصلاة والسلام هنا أيها الكرام هو لا يتكلم باختصار عن تجربة، هذا وحي إلهي. الله سبحانه وتعالى يعطيك كيف المعادلة عنده. الله سبحانه على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم يعطيك كيف هي المعادلة، إذا حفظتني في رخائك، فإنني أحفظك في شدتك، "احفظ الله يحفظك"، "احفظ الله تجده تجاهك"، وتجاه هذه عامة، تجاهك وأنت بتدور على شغل، تجاهك وأنت تد تبحث عن الارتباط بفتاة، تجاهك وأنت تمر بمشكلة من مشاكل الحياة، تجاهك وأنت تبحث عن تخصص جامعي، يوفقك الله للخير، تجاهك في أي مشروع تريد أن تطلقه في الحياة، تجاهك في أي مرحلة من مراحل حياتك، وتجاهك حتى يوفقك للأعمال الصالحة التي ترفعك في جنات النعيم. إذاً المطلوب منك، وهذه أظن معادلة مفهومة، لكن احنا نحتاج أن نصبر عليها، صدقوني إخواني أن أطيب الناس عيش هم أهل الخير وال والصلاح والالتزام، ولو كان في ضائقة مالية، ولو كان البلاء يحيط به، ولو كان في سجن بين أربع جدران، إنه شاعر بماذا؟ بوجود الله معه، لماذا؟ لأن هو حفظ الله فالله يحفظه.
ما معنى الله يحفظه؟ هو بعض الناس أيضاً هو غير متصور هذا المعنى، يظن أن الله يحفظه معناته أنه لن يبتلى في حياته، لا ستبتلى، لأنه هذه طبيعة الحياة الدنيا "ليبلوكم"، صحيح؟ و"لَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ"، هذا موجود، لكن "احفظ الله يحفظك" حتى في ساعات البلاء تجد هذا البلاء برداً وسلاماً على قلبك، ها هي الفكرة. فلما نقول "احفظ اللهلا يحفظك" لا يعني أنك لن تبتلى، لكن يعني وأنت في ساعات البلاء ستجد الله معك يخفف عنك الألم، لأنه هو عادة البلاء هي ما هي مشكلته؟ الألم الداخلي، صحيح؟ ألم الفراق، ألم الفقر، هي في العادة الآلام ماذا؟ داخلية. نعم، في آلام جسدية، لكن جل البلاء إنما يكون في الألم الداخلي، الله عز وجل يقول لك "احفظ الله يحفظك"، يعني أكون معك في لحظات البلاء، أدعمك، وأقف معك، وأسدد في كل لحظة من لحظات، هذا معنى "احفظ الله يحفظ"، "احفظ الله تجده تجاهك". خص العبارة الأخيرة "تعرف على الله في الرخاء يعرفك في ماذا؟" في الشدة. "تعرف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة"، ما معنى أنه يعرفك في الشدة؟ يعرفك يعني ينصرك، يؤيدك، وهو عارفك سبحانه وتعالى، لكن ما معنى يعرفك؟ يعني لا ينساك، لا يهملك، لا يكلك إلى نفسك طرفة عين. فهذه وصية أولى والله عظيمة. طيب اقرأ سريعاً، ماذا نقرأ من هذا الموطن؟
"وأما حفظ الله للعبد" اقرأ. "فهو على نوعين" آخر صفحة 97. قال "على نوعين الأول أن يحفظ عليه مصالح دنياه فيتولاه وتوفيقه وتسديده ويكف عنه كيد الكائدين ومكر الماكرين ويقيه الشرور ويحفظه في بدنه وولده وأهله وماله ويبارك له فيهم وقد وقد وقد ذكر عن الإمام الطبري رحمه الله أنه وثب وثبة شديدة وقد جاوز المئة فعُتب في ذلك فقال هذه جوارح حفظناها عن المعاصي في الصغر فحفظها الله علينا في الكبر". شوف ما عظم هذه الخلق، يعني هو وثب عمره كان في الثمانينات، قفز قفزة شديدة، قالوا له يعني عمرك في الـ 80 وتقفز هذه القفزة، قال "هذه جوارح حفظناها في الصغر عن الحرام فردها الله ومد فيها وحفظها لنا عندما كبرنا"، لذلك ن دائماً ندعو "ومتعنا بأسماعنا وأبصارنا وقواتنا أبداً ما أبقيتنا"، فإذا يعني هو بدك تفهم شغلة في حياتك يا مسلم، ما في إنسان فينا إلا وهو يحتاج إلى حفظ الله، صحيح؟ في كل خطوة من خطواتك، من لما أتيت إلى الدرس إلى أن تعود إلى الـ، في كل شيء في الحياة، الإنسان لو حاول يفكر ويسبح، نحن فقط نعيش بحفظ الله، إياك أنما نعيش فقط بماذا؟ بحفظ الله. وإلا لو شاء الله لوقف، لوقع السقف علينا، لو شاء الله حادث سير ينهي حياتك، لو شا لو شاء الله لا افتقرت، لو شاء الله ومسؤول في الشغل فصلك من الشغل، لو شاء الله لابتليت بابنك، لو شاء الله لابتليت بزوجة لا توافقك، الأمور كثيرة التي أنت تحتاج فيها إلى حفظ الله، بل لو قلت أن كل حياتك هي تقوم على حفظ الله، فهذا الكلام في تمام الصحة. ما دمت أيها العاقل تحتاج أن يحفظك الله في كل خطوة من الخطوات، إليك الوسيلة التي تعينك على أن يحفظك الله "احفظ الله يحفظك"، هذه معادلة من الله لك واضحة. وأكثر الناس إنما يكون بالشقاء لأنه لم يحقق هذه المعادلة، تجده عاصياً مذنباً مبتعداً عن ربه، فإذا وقع في البلاء أساء ظنه بالله، ولا ينبغي أن تسيء ظنك بالله، وإنما عليك أن تسيء ظنك بنفسك وبأعمالك القبيحة التي جرت أن يتخلى الله عنك في ساعات الشدة. كثير من الناس في ساعات الشدة يسقط، لماذا؟ كن واثقاً أنه كان متخلياً عن ربه في ساعات الرخاء، فتخلى الله عنه في ساعات الشدة. في حالات الرخاء ما كان يراقب الله، ولا يراقب قلبه، ولا يراقب خطراته، ولا خطواته، فالله عز وجل خذله في ساعة الشدة ووكله إلى نفسه، لذلك من أعظم الأدعية "ولا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين". نعم.
قال "فمن حفظ جوارحه وحواسه في المعاصي في صباه في صباه وقوته وأعملها في طاعة الله حفظها الله عليه عند كبره وضعفه ومتعه بها". شوف قال سعيد بن مسيب قال قال لابنه "لأزيدنكم" شوف هذا الأب ماذا يقول لابنه "لأزيدنكم". نعم. قال "رجاء أن احفظ فيك". "رجاء أن احفظ فيك" كثير من الناس يشكو من أن ابنه تعبان في الأخلاق، يا أيها الأب يا أيتها الأم، احدث طاعة أن شاء الله الله يحفظ لك ذريتك، إذا كنت تعاني من ابن عاق، أو ابن مذنب، ابن ضائع وتاف في الحياة، أحدثوا الطاعات أيها الآباء والأمهات يحفظ الله لكم ماذا؟ الأبناء. نعم.
قال "ثم تلى هذه الآية "وكان أبوهما صالحاً"". نعم، "وكان أبوهما صالحاً" أليست في سورة الكهف؟ بماذا حفظ الله اليتيمين وأخرج له الكنز من تحت الجدار؟ بصلاح الآباء، حفظ الله الأحفاد بصلاح الأجداد. نعم. قال "وقال ابن المنكدر: إن الله لا يحفظ بالرجل الصالح ولده وولد ولده والدويرات التي حوله فما يزالون في حفظ من الله وستر". يعني حتى جيرانك قد يحفظهم الله بسببك، إذا كنت رجلاً صالحاً، تخيل الدويرات، الجيران، العمارة اللي أنت فيها، ربنا بيحفظها بأعمالك الصالحة، ولو كان فيها من المذنبين. نعم. قال "وفي المقابل من ضيع الله ضيعه الله ولم يحفظ له مصالحه وفسدت عليه دنياه". قال بعض السلف "إني لأص، إني لأعصي الله فأعرف ذلك في خلق خادمي ودابته". تمام؟ "إني لأعصي الله فأعرف ذلك في خلق دابتي"، يعني السيارة لما تتعطل معاي وتسكر أمورها، بعرف أنه ها معصيتي. لما تشوف حالك رايح كثير على محل السيارات بتصلح سيارتك، والسيارة ما عادت تمشي بشكل منيح، راجع حساباتك مع الله. قال "إني لأعرف أنني أعصي الله من خلق دابتي، لما أشوف الدابة ما بتمشي زي ما بدي وأمورها تعسكرت". لما تشوف الحياة ضاقت عليك، في دراسة، في وظيفة راجع نفسك، فإنه في العادة إنما تكون ماذا؟ من ذنوبك ومعاصيك. نعم. قال "الثاني أن يحفظ عليه دينه وإيمانه". إذا أول شيء أن يحفظك الله في دنياك، اثنين أن يحفظ الله عليك ما هو أهم من دنياك، أن يحفظ عليك دينك، يحفظك من ماذا؟ من الزيغ والضلال، يحفظك من الشبهات، يحفظك من البدع، يحفظك من أن تنحرف قبل الممات، وتموت على غير الإسلام، و"أن الله يحول بين المرء وقلبه"، فأنا خايف، طب كيف بدي أضمن أنه ربنا يحفظني في خاتمتي، فأموت على خاتمة حسنة؟ احفظ الله في حياتك يحفظك الله عند موتك، فتموت على أشرف الميتات، وعلى أجملها وعلى أحسنها، فالختام هي نتائج البدايات.
الختامات إنما هي نتائج ماذا؟ البدايات. أنت كيف كانت حياتك بتكون ختامك. نعم.
قال فيدل عليه. طيب. اذهب إلى النقطة التي تليها، الصفحة التي تليها. وبهذا المعنى، إذاً "احفظ الله يحفظك"، "احفظ الله تجده تجاهك"، وفي الرواية الثانية "احفظ الله تجده أمامك" أيضاً، وفي الرواية التي بعدها "تعرف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة". طيب.
قال ابن رجب: "فمن عامل الله بالتقوى والطاعة في حال رخائه، عامله الله باللطف والإعانة في حال شدته". وكذلك قال، قال، وقال أبو الدرداء: "ادعو الله في يوم سرائك لعله أن يجيبك أن يستجيب لك في يوم ضرائك". جميل. فيونس عليه السلام إنما نُجي من بطن الحوت بمعرفته لله وكثرة دعائه لـ له وقت الرخاء. نعم، يونس، ما الذي نجاه من بطن الحوت؟ "فلولا أنه كان من المسبحين لبث في بطنه إلى يوم يبعثون". نعم. قال "ومعرفة العبد ربه هنا هو حبه وتعلق القلب به مع تعظيمه ورجائه والحياء منه والانس والطمأنينة به وليس مجرد معرفته العامة فتلك يشترك بها الجميع". قال بعضهم: "مساكين أهل الـ مساكين أهل الدنيا خرجوا منها وما ذاقوا أطيب ما فيها". قيل له وما هو؟ قال "معرفة الله عز وجل". نعم، المعرفة التي تثمر خوفاً ومراقبة وخشية.
طيب. "وأما معرفة الله لعبده هي" قال "هي محبته وتقريبه إليه، وهذه المعرفة تقتضي استجابة دعائه وتفريج كرباته وحفه بمعيته الخاصة من نصره والـ من النصر والتأييد والتوفيق". في الحديث "إذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها". إذاً القاعدة الأولى أصبحت واضحة للجميع فلسفة أن الله يحفظ عبده في الساعة في كل شيء حقيقة إذا كان العبد حافظاً لله سبحانه وتعالى.
نذهب إلى الوصية الثانية في الحديث. قال، الصفحة التي ترير. قال "الوصية الثانية إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله". نعم. فلا يعلق المؤمن قلبه إلا بالله سؤالاً واستعانة، ولا يلتفت قلبه لأحد غيره، أو يتعلق بمن، أو يتعلق بمن دونه. قال "الوصية الثانية أظهر افتقارك لله، هذه خلاصتها، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله". لا تكن ذليلاً إلى المخلوقين وأظهر افتقارك إلى من؟ إلى الله سبحانه وتعالى. "يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله". هذا لا يعني أنه الإنسان لن يحتاج إلى إخوان في الحياة، نحن نعين بعضنا بعضاً، لكن قلبك وين؟ هل قلبك متعلق بمسؤول الشغل؟ وبذاك الشخص الذي هو يدير ويدير حياتك، أم متعلق بالله سبحانه وتعالى؟ هذا معنى إذا سألت فاسأل الله، يعني اجعل قلبك متعلقاً بالله. وإذا استعنت فاستعن بماذا؟ بالله. يعني فليكن أول مطلوبات وأول استعانتك هي من الله. كثير منا إذا مرض فعقله يفزع إلى الطبيب، ولكنه لا يتذكر الله سبحانه وتعالى. كثير منا إذا افتقر يبحث عن من يعني يدينه أو يقرضه، ولا يبحث عن ربه سبحانه وتعالى ليفتح بين يديه. كثير منا إذا سدت الأبواب يفكر بالناس، ويلقي باللوم على الناس، ولا يعرف كيف يفتقر بين يدي رب الناس سبحانه وتعالى. فهذا معنى إذا سألت فاسأل لا، وإذا استعنت فاستعن بالله، يعني فليكن تعلق قلبك بمن؟ بالله. الآن تحتاج إلى الناس وستتعامل معهم، هي الحياة تقوم على التعاون، لكن قلبي ليس متعلقاً بهم، وإنما أعرف أنهم أسباب أرضية، وإنما هم أسباب أرضية يحركها الله سبحانه وتعالى لقضاء الحوائج، فاجعل قلبك متعلقاً بسيدك وخالقك. طيب.
الوصية الثالثة. قال "واعلم أن الأمة"، الحديث. نعم. الوصية الثالثة تتعلق بالقضاء والقدر، وهذه مرتبطة بالوصية الثانية وهي الافتقار إلى الله سبحانه وتعالى. قال "واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإذا اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك". وفي الرواية الأخرى "واعلم أن ما أصابك من رزق، من زواج، من وظيفة، من أي شيء، من مرض، من داء، من بلاء لم يكن ليخطئك"، مقسوم لك. "وما أخطأك شيء ما انكتب لك ولم يحصل معك، سواء تحبه أو لا تحبه لم يكن ليصيبك، رفعت الأقلام وجفت الصحف"، يعني انتهى الله عز وجل من كتب المقادير، كما مر معنا في درس العقيدة أن الله كتب كل شيء قبل أن يخلق السماوات والأرض بـ 50,000 سنة. فكن مستريحاً بالنسبة للشيء الخارجي.
احنا قلنا بالنسبة للأمور الخارجية اللي أنت ليس لك علاقة بها، مفروضة على حياتك، كمية الرزق، شكلك، طولك، كثير من البلايا التي تصاب بها، من أمراض، من فراق، اعلم أن هذه أمور فرغ من كتابتها، فرغ من كتابتها وكتابة أسبابها، فاطمئن لله سبحانه وتعالى ولا تطمئن إلى غيره. واعلم أنه أيضاً مما كتبه الله الدعاء، أن الدعاء هو مما كتبه الله، أليس كذلك؟ وقد دُعي. فإذا وفقك الله للدعاء فاعلم أنه يريد أن يصرف عنك شيئاً، أو يجلب لك خيراً. إذا وفقك الله للدعاء، فإذا هو قد كتب لك أنك ستدعو، فإذا كتب لك أنك ستدعو فاعلم أنه يريد أن يعطي. إذا "واعلم أن ما أصابك"، اقرأ.
قال "فإيمان المؤمن بالقدر راسخ كرسو الجبال أو أشد يسلم لقدر الله وقضائه في في كل ما يصيبه من خير أو شر، فلو اجتمعت الأمة كلها أولها وآخرها إنسها وجنها قويها وضعيف، فإنهم لا يملكون أن يغيروا شيئاً مما قدره الله عليه من خير أو شر، بل نفعهم وضرهم تابع لإرادة الله وتقديره المسبق فلن يجلبوا لك خيراً فلن يجلب لك خيراً ما قُدر لك أو يضروك بما لم يقدره الله عليك". فلن نجلب لك خيراً هذا الخير ما قُدر لك. وهذا إخواني هذه قضية القضاء والقدر هي تولد شعور من الطمأنينة في الحياة، يعني لماذا يجب أن نؤمن بهذه القضية؟ أن كثير من الأحقاد والإشكالات وطول الحقد والحسد و و و هي ناتجة عن ماذا؟ عن عدم الرضا بالقضاء والقدر.
القضاء والقدر يريح الإنسان في نظرته للآخرين، في تعامله مع الآخرين، في موقفه من البلايا التي تحل به. الإنسان اللي ما عنده عقيدة وعلم "أن ما أصابك لم يكن ليخطئك" يبقى حاقد على إخوانه، ومدير الشركة، والناس اللي حواليه، وأقاربه، وكل شيء. ليه؟ لأنه هو يظن أن الرزق عند هؤلاء، لكن إذا الإنسان واثق أن كل شيء بقدر الله، سيحسن التوازن في المواقف، ويعرف أنه إذا ربنا قدر شخص يظلمني فهو بقدر الله، أدافع وأحاول وأسعى، لكن في النهاية أنا مطمئن للنتائج النهائية، لأنه النتائج النهائية ما كتبها مدير الشركة، ولم يكتبها حاكم في بلد، ولم يكتبها شرطي في مكان، وإنما الذي كتب النتائج النهائية من؟ الله سبحانه. وإذا كان الله فالله رحيم، الله كريم، الله رؤوف، فأنا واثق من طبيعة النتائج، وواثق أين ستصل، ولكن شيء طبيعي أن الإنسان يحزن، يأسف، لكن لا يصل الأمر إلى السخط، لا يصل الأمر إلى الحقد، لا يصل الأمر إلى الاكتئاب، والأحوال النفسية والأزمات والمشاكل وتفعيلها في حياتك، بل الرضا والسكون. ما استطعت أن تدفعه من الأقدار تدفعه، وما فرض عليك وما استطعت أن تدفعه فرض به. هذه هي خلاصة أمر النبي صلى الله عليه وسلم.
الوصية الرابعة. قال "مهما اشتد البلاء، وضاقت وضاقت الحيل، وعظم المصاب، فإن نصر الله ويسره وفرجه قادم لا محالة". نـ الوصية الرابعة هي المقطع الأخير في الحديث، "واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسراً". هي وصية لكل مبتلى، ولكل محزون، ولكل مهموم، ولكل مغموم، ولكل من تسلط عليه أعداء الأمة، ولكل إنسان ضاقت به الحيل والسبل، اعلم أن الفرج قريب، هذه وصية من الله لك. الله يمتحنك، يختبرك، لكن اعلم أن الفرج قريب، وإنما النصر صبر ساعة. واعلم أن النصر قال بعد الصبر ولا مع الصبر؟ "واعلم أن النصر" لماذا قال مع وليس بعد؟ حتى يشعرك بقرب الزمان، ما قال "واعلم أن النصر بعد الصبر، وأن الفرج بعد الكرب"، قال "وأن الفرج مع" كأنه ملتصق به، بس اصبر شوي وتفرج. طبعاً ها الشوي تختلف باختلاف الوقائع والزمان والحال، يعني مش شوي ضروري تكون خمس ثواني، بعض الناس بيقول صبرت شوي، لا، ما هي مش هيك، يعني قضية أنك تصبر وتتحمل. واعلم أن النصر والفرج قادم، حتى لو مت فإن موتة المؤمن فرج. اسمع، حتى لو استشهدت فإن استشهادك ماذا؟ فرج. خلصت من الدنيا وهمها، أليس كذلك؟ فالفرج حاضر لا محالة، لكن دعِ الله هو الذي يحكم كيف سيكون فرجك، وبأي طريقة من الطرق سيأتيك الفرج، وكن واثقاً أنك سترضى. تمام؟ "ولسوف يعطيك ربك فترضى" ولسوف يرضى. لكن الله عز وجل يعني وكل أمرك إلى الله أن يأتي الفرج بالطريقة التي يريدها وفي الوقت الذي يريد ربك لك، وأنت اسعى. وإياك أن تسيء ظنك بالله. يعقوب لم ييأس مع أن أولاده فقدهم من سنوات، وبقي ينصح أبنائه، ويقول "لا تيأسوا من روح الله، إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون". أنك عدم ثقتك بالله كفر، ثقتك أن الله يحقق لك الأماني بعد الكروبات، هذا من صلب إيمان المؤمن بربه سبحانه وتعالى.
إذاً "واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسراً"، "إن مع العسر يسراً". قال تعالى. "حتى إذا استيأس الرسل" اقرأ يا عمر. قال تعالى: "حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا فنجي من نشاء ولا يرد بأسنا عن القوم المجرمين". وقال التنبيه في آخر الصفحة. كما أن النصر لا يحصل إلا بعد شدة الكرب، ولا يكون إلا، والله تركزوا في هذا التنبيه أنه كلنا نحتاجه، خاصة كلنا مبتلى بذنوب ومعاصي، ونحاول نتخلص منها، أليس كذلك؟ فلما نقول "واعلم أن النصر مع الصبر" احنا عادة بروح ذهننا على وين؟ على القتال الخارجي، لكن أيضاً "واعلم أن النصر مع الصبر" في القتال الداخل. أنت عم بتقاتل حتى تتخلص من ذنوب، أنت عم بتقاتل حتى تتخلص من أخلاق سيئة، أنت عم بتقاتل حتى تصلح نفسك، اعلم أن النصر مع الصبر أيضاً. اعلم أن النصر صبر ساعة. بعرف عندك إدمان على أشياء خطأ في الحياة، اصبر شوي، حاول تشتت خواطرك، بعرف في ألم داخلي لأنك بتحاول تكتسب عادات جديدة، أنت مش معتاد عليها من غض البصر عن الحرام، وتشتيت الذهن عن السوشيال ميديا، و و و. شيء بضايق، شيء بتعب، بس اعلم أن النصر مع الصبر، وستس عندما يأتيك النصر، وتشعر أنك تخلصت من ه العادة اللي أنت مدمن عليها، سواء كانت دخان، أو نظر إلى الحرام، أو علاقات محرمة، أو أي شيء خطأ في حياتك، بدك تصبر، ما في علاج سريع، وهذا العلاج مر، ويخالف أهواء النفوس، لكن اعلم أنك ستنتصر في النهاية بإذن الله إذا صبرت.
إذاً "واعلم أن النصرة مع الصبر" ليست فقط في العدو الـ الخارجي، بل حتى في مجاهدتك لنفسك، ومحاولة إصلاحها. حتى في طلب العلم للشباب، طلاب العلم هنا ممن يريد أن ينبغ في العلم، اعلم أن النصر مع الصبر، اصبر على القراءة، اصبر على حضور مجالس العلم تنبغ، أليس كذلك؟ حتى في حياتنا الشخصية، عندك مشروع مالي تجاري، بعض الناس كل يوم في مشروع، ليه؟ ما بيعرفش يصبر، في ناس هيك، والله بعض الشباب بعرفه كل يوم فاتح مشروع، طيب مشروع امبارح ما هو ما نجح يا شيخ، هو أنت ما ما قعدت يوم يومين في مشروع بينجح اليوم الثاني، يعني أي مشروع حتى تجاري بده ينجح بدك تصبر وتستحمل وتقف عليه حتى يؤتي أكله. هذه قاعدة عامة. "واعلم أن النصر والظفر" بده صبر وهو قريب منه جداً. طيب.
الحديث الذي يليه. قال "عن أبي مسعود عقبة ابن عمر الأنصاري البدري رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن مما ما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى إذا لم تستحي فاصنع ما شئت" رواه البخاري. هذا حديث عظيم في أهمية الحياء في حياة المؤمن، ضرورة اكتساب خلق الحياء. لأن الحياء مما اتفق الأنبياء جميعاً على الوصية به. "إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى" إيش يعني؟ يعني هناك وصية تواطأ الأنبياء من لدن آدم إلى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم على الوصية بها، ما هي هذه الوصية؟ الحياء. "إذا لم تستحي فاصنع ما شئت"، يعني هذه العبارة ليس أول من تكلم بها محمد صلى الله عليه وسلم، هذه عبارة توارثها الأنبياء. فهمتم؟ "إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى"، يعني في عبارة توارثها الأنبياء، كل نبي ورثها للنبي الذي بعده، ما هي هذه العبارة؟ "إذا لم تستحي اصنع ما شئت"، يعني عبارة تاريخية، ها، عبارة تاريخية. لكن بقي علينا أن نفهم معناها، لأنه حقيقة اختلف العلماء في معناها اختلافاً شديداً. افتحوا صفحة 108 حتى نعرف وشوف كيف سبحان الله الحديث حمَّال لعدة وجوه. الحديث، هذه العبارة "إذا لم تستحي فاصنع ما شئت"، لها ثلاث معاني كلها محتملة. نشوف المعنى الأول. قال "إنه أمر على سبيل التهديد والوعيد لمن عدم منه الحياء". هذا أول احتمال، أن تكون أمر تهديدي، أن تكون أمر أيه؟ تهديدي. إيش يعني أمر تهديدي؟ كقوله تعالى في سورة فصلت "اعملوا ما شئتم إنه بما تعملون بصير". "اعملوا ما شئتم" يعني ربنا بقول لك خلاص اعمل اللي بدك إياه، خذ راحتك ولا بَهدَدك. كيف الأب يقول لابنه سوي اللي بدك إياه يا أبوي بفرجيك شو يعني سوي اللي بدك إياه؟ يعني عن جد بده إياك تسوي اللي بدك إياه؟ ولا هو بـ بـ حلف لك؟ هذا معنى أمر تهديدي. فالمعنى الأول أن الحديث تهديد "إذا لم تستحي اصنع ما شئت"، وأنا بفرجيك، كان الحديث فيه لهجة التهديد. اقرأ.
قال "الثاني أنه من باب الخبر لا لا بس كمل الحالة الأولى". قال "فتعدى حدود الله ومحارمه، بمعنى إذا نُزع منك الحياء فلن يردك شيء فاصنع ما شئت، فإن مرجعك ومردك إلى الله ما شئت فإن مرجعك إلى الله والله سيحاسبك على ما فعلت". طيب.
المعنى الثاني المحتمل للحديث، أنه خبر، وأن كلمة "اصنع" هي صح فعل أمر، لكن معناها فعل ماضي، "صنعت". كأن هي أمر لكنها بمعنى الفعل الماضي. كأن معنى الحديث "إذا لم تستحي صنعت ما شئت"، يعني كيف تحكي لواحد، الإنسان اللي ما بيستحي راح يعمل كل شيء، كأنه معنى الحديث، الإنسان اللي ما عنده حياء من الله، ولا حياء من الناس راح يعمل كل شيء. أنت بتتعجب ففتحوا اليوتيوب، صحيح؟ بتفتحوا بعض الشغلات والله يا أخي، يعني بعض المقاطع أنا يعني كيف صوروها والله، يعني كيف استطاع؟ يعني أحياناً القضية مش يعني قضية أنه ديانة، أحياناً قضية يعني ما فيش عنده أخلاق. واحد بصور بيته وزوجته وأولاده وهم بيفطروا و في غرفة النوم وهم كذا ولقف لق على الـ طب كيف ضبطت معك يعني؟ يعني أحياناً بتقول فعلاً "إذا لم تستحي خلص" يعني صنعت ما شئت. تجد أن الناس أصبحت تنتهك حرمات بيوتها بأنفسها، وتصور كل شيء تمام؟ واخ، وتجد شخص عادي أمام الناس يأخذ فتاة ويغادر بها وعادي، الفتاة تصور، بعضهم حتى أمام أبوها وأمها، أحياناً بتشوف في مشكلة صار في التركيبة الدماغية. يعني فعلاً "إذا لم تستحي صنعت ما"، كيف تصور بيتك وحرمتك وأولادك وكل شيء، وتعرض على الناس. بعض الناس بحاول يخادع نفسه لا أنه ها حرية، ها مش حرية هي قلة حياء. يعني حتى يحاول أن ها حرية، أنت بتعرف كلمة حرية لها هيك صبغة نفسية، يعني بحاول أن يبرر نفسه، لا لا عادي، احكي أنك قليل حياء حتى ترتاح، أنه أنا ما عندي حياء، وفعلاً صدق النبي صلى الله عليه وسلم "إذا لم تستحي صنعت ما شئت"، يعني خلص فش حاجز يحول بينك وبين أنك تصور زوجتك، وأنت تضع يدك في يدها، وهي تلبس أفضح الملابس، وأنت تقبلها وتحملها وبناتك، خلص "إذا لم تستحي" لم يبقى حاجز "صنعت ما شئت". هذا إخبار من النبي عليه الصلاة والسلام. هذا هو المعنى الثاني، أنك ستستطيع أن تفعل أشياء تشيب منها الولدان، بحيث لما يأتي الإنسان الحـ الحي ينظر فيها يقول هذا كيف استطاع أن يفعل ذلك؟ يعني ما عنده حاجز حياه. خ. طيب.
قال "الثالث أنه أمر بفعل ما يشاء في الظاهر إذا كان مما لا يستحيا منه". المعنى الثالث راح تستغربوا منه، أنه يختلف في الحديث 180 درجة. أن سيصبح معنى الحديث على المعنى الثالث، أنه قيِّم الأعمال التي تريد أن تفعلها. إذا رأيت أن الشيء الذي تريد أن تفعله أنت تستحي من فعله أمام الناس، فهذا معنى أنه مشكلة وريبة فاترك. وإذا الفعل الذي تريد أن تفعله لا تشعر أنت بوضعك الطبيعي تستطيع أن تفعله ولا تستحي من الناس، وتراه شيء طبيعي فهذا أمارة أنه خير فافعله. بس هذا طبعاً لمين؟ هذا المعنى لأصحاب النفوس السوية، أما هذه راحت عند كثير من الناس. يعني هو كان النبي عليه الصلاة والسلام على المعنى الثالث عم يعطيك معيار للفعل الفاضل والفعل السيئ، كيف الحديث الذي سيأتي معنا إن شاء الله أن "الإثم ما حاك في صدرك وكرهت أن يطلع عليه الناس"، والحسن هو الشيء اللي أنت مش مستحي يطلع عليه الناس. فكأن الحديث يقول لك "إذا لم تستحي"، يعني إذا أردت أن تفعل شيئاً فوجدت أنه ليس شيء مما يستحى منه، لا، شيء طبيعي خلص اصنعه، معناته هو شيء طبيعي وليس شيء يخدش الحياء. لكن هذا لمن إخواني؟ لأصحاب النفوس السوية والقلوب العاقلة اللي معايير الحياء عندهم ما انضربت. هذول ممكن يعودوا إلى أنفسهم وضمائرهم، ليجعلوا الحياء معيار من معايير أني أفعل ولا ما أفعل. أما اللي معايير الحياء عندهم ضربت كحال كثير من مجتمعاتنا لا أعطي هذا المعنى، لأنه بعض الناس تقول له إذا شفت الشيء ما في حياء، خلص تستطيع تفعله شرعاً عادي، وحدة متبرجة بتقول أه أنا ما عندي مشكلة، يعني مش شايف لو خرج متبرجة أن هذا يخدش الحياء. إذاً أكيد الشرع ما عنده مشكلة معه، لأنه الحديث "إذا لم تستحي خلص فاصنع ما شئت". أه، هذا واضح أنه تتكلم عن شخص معايير الحياء عنده ماذا؟ اختلت، ضاربه، كما يقول الأخ، ضاربه، بالتالي لا هذا المعنى الثالث خطير، لأنه سيعتمد على ماذا؟ على وجود شخص متوازن نفسياً، يريد أن يجعل نفسيته هي المعيار، أنه فعلاً ما أراه فيه خدش للحياء، إذا الشريعة لا تريدني أن أفعله، وما أراه ليس خادشاً للحياء، خلص اصنع ما شئت، فهو ليس مما يُعاب عليك. إخواني فهمتوا الفرق بين المعاني الثلاث؟
إذاً المعنى الأول فصل "اصنع ما شئت" تهديد. المعنى الثاني "فاصنع ما شئت" هو خبر، يعني إذا لم تستحي راح تعمل كل شيء خطأ، ما حداش راح يوقفك. المعنى الثالث "إذا لم تستحي" معيار. إذا شعرت الشيء مما لا يستحى منه فاصنعه، فإنه لا إشكال فيه. طيب.
رابعاً الوصية الرابعة، التعليق الرابع على الحديث، أظن أنه واضح. اذهب للحديث الحادي. قال "عن أبي عمر وقيل أبي عمرو سفيان بن عبد الله رضي الله عنه قال قلت يا رسول الله قل لي في الإسلام قولا لا أسأل عنه أحدا غيرك، قال قل آمنت بالله ثم استقم" رواه مسلم. نعم. يقول شيخ الإسلام بن تيمية: "الكرامة لزوم درب الاستقامة". أعظم كرامة من الله لك أيها الإنسان، ليس أن تُخرق لك العادات، وليس أن ترى أشياء عجيبة في الحياة لم يرها غيرك، كما يريد بعض الناس حتى يعرف أنه هل عندي كرامة عند الله يا رب اخرق لي العادات، كما يهتم بها كبار الصوفية. يقول شيخ الإسلام الكرامة العظيمة ليس أن تخرق لك العادات، وتمشي على البحر والنهر، وتستطيع الصعود إلى السماء، والهبوط إلى الأرض. الكرامة العظيمة أن يرزقك الله ماذا؟ الاستقامة حتى الممات. "إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا". إذاً ليست الفكرة أن تقول ربنا الله ابتداءً، الفكرة أن تموت عليها، صح؟ أن كثير من الناس تقول ربنا الله لكنها لم تمت عليها، ولم تستقم عليها. فربنا الله أو آمنت بالله هي الشعلة الأولى، لكن عليك أن تحافظ على هذه الشعلة متقدة في حياتك، وأن تسقيها، وأن تتعاهدها حتى تكون شجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء.
إذاً النبي صلى الله عليه وسلم هنا ينصح هذا الصحابي نصيحة، وهذا الصحابي ماذا قال؟ سفيان بن عبد الله "قلت يا رسول الله قل لي في الإسلام قولاً" يعني أعطيني نصيحة لا أسأل عنها أحد بعدك. كلمتين: "قل آمنت بالله"، يعني أعلن البداية. "ثم استقم حتى النهاية". هذه خلاصة حياة الإنسان، أعلن البداية لا إله إلا الله، ثم عش من أجل لا إله إلا الله، استقم على لا إله إلا الله، كن من جند لا إله إلا الله، مت على لا إله إلا الله، هذه هي خلاصة آية المؤمن. لذلك الحديث لا يحتاج إلى ط تعليق، وسأترك لكم مساحة التعاليق التفصيلية، لكن أعطيك خلاصته. إذا آمنت بالله فأنت أشعلت البداية، وإذا استقمت حتى النهاية فهذا هو المطلوب. لذلك السلف كانوا يخشون من سوء الخاتم. هذا ما يعني قض مضاجعهم، خلينا نقول، الخوف من ماذا؟ من سوء الختام. هم يعرفون أنفسهم قالوا "آمنا بالله"، صلوا و و و، لكن العبرة ليست في البدايات، وإنما العبرة في النهايات. ودائماً كانوا يقولون "لا يغرنك حماس البدايات"، والله شاب وما شاء الله، ومعنا ومجالس علم، بنقرأ ونحفظ، طيب. بس بعد خمس سنين هل ستبقى أنت ذاك الشخص؟ بعد 10 سنين هل ستبقى أنت ذاك الشخص؟ طب بعد 20؟ طب على 50 على 60 أين سيكون حالك؟ فالعبرة أن تبقى محافظاً وفي ازدياد كذلك، مش محافظاً تبقى في نفس، لا، أن تبقى في ازدياد حتى تجد بعض الناس سبحان الله، وبعض مشايخنا ومن أدركنا ما شاء الله إلى الثمانين وهو يدرس العلم، ودخل قبره وآخر شيء من حياته أنه درس علماً، أليس كذلك؟ شيخنا الشيخ صلاح الخالدي، أسأل الله أن يتقبله ويغفر له، قبل وفاته بدأ يؤلف كتاب جديد، صحيح؟ ختام فاخر. عاش للعلم ومات، وآخر فعل فعله بدأ يضع خطة كتاب جديد. أنت ما هو الختام الذي تريد أن ترسمه؟ هذا هو الشيء الذي ستعيش عليه. فكر دائماً في ختامك، فكر دائماً في الثبات حتى النهايات. ولا تغتر أنك أنت الآن ملتزم، هذا جيد، جميل، لكن العبرة أن تبقى ملتزماً، أن لا تغيرك الحياة. فالحياة قوية وآخذة، قادرة أنها تغيرك، ربما حتى الشباب الجدد خاصة جيد أنك في مجالس العلم، لكن العبرة أن تبقى تحضر، وأن الحياة لا تذهب بك بعيداً. بكرة بتتزوج، بيجيك أبناء، كثير من الناس كانوا معنا في يوم من الأيام، لكنهم غادروا هذا الطريق. كثير من الناس كان متديناً ومن طلاب العلم، لكنه الآن أنا أعرف أنه ترك الاستقامة كلها. كان من طلاب العلم، ومن الكفاءات مش ترك طلب العلم، وعاد إنسان طبيعي، لا، ترك كل التدين والاستقامة. إذاً لذلك قالوا لا يؤمن على حي فتنة، وإذا كنت مقتدياً اقتدي بمن مات، فإن الأحياء لا تأمن عليهم الختامات. فنسأل الله سبحانه وتعالى أن يرزقني وإياكم حسن الختام. الحديث الذي يليه.
قال "عن أبي عبد الله جابر بن عبد الله الأنصاري"، بس فقط لـ حتى صفحة 112 أريد أن أعلق على حديث. وفي الحديث في أعلى صفحة 112، حتى تفهموا معناه. نعم. قال "وفي الحديث إذا أصبح ابن آدم، فإن الأعضاء كلها تكفر اللسان" ما معنى تكفر اللسان؟ بس حتى أعلق. تكفر اللسان مش يعني بتقول له أنت كافر، لا، تكفر اللسان يعني تخضع له، في كل صباح الأعضاء تعلن خضوعها للسان، تقول له. قال "فتقول اتق الله فينا فإنما نحن بك، فإن استقمت استقمنا وإن اعوججت اعوججنا"، تمام؟ فا استقامة اللسان أيضاً من الأمور التي عليك أن تحافظ عليها، لأن استقامة اللسان تعني استقامة الجوارح، ومن استقامة اللسان أن يبقى دائماً منشغلاً بما ينفعه.
الحديث الأخير لهذا اليوم. نعم. قال "عن أبي عبد الله جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما أن رجلاً سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال اللهم صل وسلم، أرايت إذا صليت المكتوبات وصمت رمضان وأحللت الحلال وحرمت الحرام ولم أزد على ذلك شيئاً، أدخل الجنة؟ قال نعم". رواه مسلم. تمام.
الآن إخوانا الكرام شوف عظمة النبي عليه الصلاة والسلام في التعامل مع الصحابة على اختلاف مستوياتهم وقدراتهم، صحيح؟ الآن ممكن شخص جديد على الالتزام أو على التدين، يسألك شو المطلوب مني حتى أدخل الجنة؟ أنت بتقول المطلوب منك تحفظ البخاري ومسلم، وألفية ابن مالك، وكم ألفية زيادة، وتفعل كذلك، وشوف ذان كيف يجاهد في سبيل الله ويقاتل، ونذر حياته. يقول لك طيب مبدئياً خليني أنا أرجع أفكر، لأنه واضح الأمور صعبة. تمام؟ أي النبي صلى الله عليه وسلم مما يعلمنا إياه أن ننظر في حال السائلين، أليس كذلك؟ وكل شخص ماذا يستحمل من الأعمال الصالحة حتى أدل عليها، لأنه المهم في النهاية أن الجمع يوصل الجنة، صحيح؟ الجنة درجات، والناس تتفاوت فيها، لكن المهم ابتداءً للجميع ما هو؟ أنه كلنا نوصل. الآن كثير من الناس تأتي تسألك، قد يكون إنسان منهمك تماماً في هموم الحياة، أو منشغل، قد يكون الشخص قدراته العقلية أصلاً ضعيفة، ما هي الله عز وجل وزع القدرات العقلية، قد يكون إنسان بسيط إمكانياته محدودة من الذكاء في الدعوة إلى الله، أن تعرف وتقرأ الشخص اللي أمامك قبل ما توجه له النصيحة، صحيح؟ تعرف هذا الشخص ماذا يستحمل؟ ماذا يستحمل؟ هذا أولاً أنت كداعية، ومن الذكاء أنه أنت أيضاً كشخص تبحث عن طريق الاستقامة تعرف قدراتك في الاستحمال، صحيح؟ وأنت أنت نعم، أنت أيها المدعو أن تعرف أنا ماذا أستطيع أن أستحمل حتى أدخل الجنة، لأنني لا أريد أن أحمل نفسي فوق طاقتي. هذا الرجل ما أعجبني فيه أنه رجل يعرف إمكانياته، أجا على النبي عليه الصلاة والسلام قال يا رسول الله أنا في كم عمل بقدر أحافظ عليهم، أكثر من هيك صعب، ما هي "أرايت أن صليت المكتوبات وصمت رمضان" قال العلماء وواضح أن هذا الرجل كان فقيراً، فما سألش عن الزكاة. وواضح أنه ولا يستطيع أن يحج، ولم يفتح هذا الملف، ما عنده مال لا يستطيع. قال "إذا صليت المكتوبات وصمت رمضان، وأي شيء ربنا أحله أنا أحللته"، إيش يعني أحللته؟ يعني اعتقدت أنه حلال، اعتقدت أنه حلال وفعلته، وأي شيء ربنا حرمه اعتقدت أنه حرام فاجتنبته. إذاً بس واظبت على هاي، أنا صعب أني أعمل مستحبات وأصلي السنن الرواتب، وحتى الوتر صعب علي، وأني أعمل زي المشايخ، وأحضر مجالس والله أنا هي إمكانياتي بدخل الجنة؟ لو شخص أجا قال لك زيك، شو راح تقول له أنت؟ لو شخص قال لك زيك "أنا أسا، بس بدي أصلي الصلوات الخمس، ولا تحكيلي شيء ثاني، فقط الصلوات الخمس، بدي أصوم رمضان، والحلال بعمله، والحرام بتركه، بس بدخل الجنة؟" أه، ممكن بعض الشباب يبدأ يفتح معه ملفات ثانية، هذا اللي أنا بخاف منه، هذا رجل.
جاي وعارف إمكانياته، عارف كيف يستطيع أن يتدين، وشو نمط التدين اللي بيقدر عليه. لو شخص ممكن يكون شوي متحمس شباب لا بس ما هو أنت لازم تصلي سنن الرواتب، ما هو أنت برض الوتر، طب قيام الليل ما، طب حفظ القرآن، مو لازم تحفظ القرآن، تبلش تفتح معه ملفات، بالنسبة له أنت عم بتصعب المهمة عليه، أنت عم بتصعب المهمة عليه.
المنطق وما أجاب محمد صلى الله عليه وسلم. قال نعم، خلاص. هذا رجل أنا قرأت شخصيته هي طاقته، نعم. والله يخلِف عليه، إذا واظب على ه الخمس صلوات وبصوم رمضان، وبوقف عند حدود الله، رائع. الآن بعد سنوات إذا شفته ثبت ممكن افتح معه الملفات الثانية، صحيح؟ لكن مبدئياً أنا سأثبت معه على الخطوط العريضة، أن هو جزاه الله خيراً وضع الخطوط العريضة، غير كده هو مش مسؤول أمام الله عز وجل عن شيء أعلى من ذلك، من المستحبات أو المكروهات، أنه هذه طاقته.
طبعاً برجع بقول، لماذا هو لم يذكر الزكاة؟ أنه ليس من أهلها، قالوا كان فقيراً. لماذا لم يذكر الحج؟ إما أنه لم يكن مفروضاً في ذاك الوقت، أنه فرض الحج تأخر في الإسلام كان في السنة السادسة من الهجرة، أو لأنه كان يرى أنه ليس لديه مال أصلاً أن يحج، بالتالي هو إذا كان فقير ما عليه زكاة، وما عليه حج لعدم وجود الاستطاعة المالية، هذه من شروط وجوب الحج.
فهذا الرجل عرف إمكانياته، والنبي صلى الله عليه وسلم يعلمنا دائماً عامل الناس على قدر طاقاتهم، ولا تـ لا تظن كل الناس مثلك. لا تظن كل الناس، بعض الشباب يكون متقدم في العلم، أو متقدم في العلاقة مع الله، أو عنده بعض الأمور الجيدة، يريد أن كل الناس تصبح مثله، هذا لا يمكن. هناك البدوي والحضري، شمالي والجنوبي، هناك الشخص الفقير والأفريقي والآسيوي والأوروبي، وكل شخص جاي من بيئة، ومن مجتمع، ومن حياة. الداعية إلى الله عليه أن يحسن النصيحة، ويحسن التوجيه، حتى نحصل على أفضل النتائج. لاحظ ليس المطلوب أن أحصل على أكمل النتائج، المطلوب أحصل على أفضل النتائج. هسّ في كمان، بس مش كل الأشخاص بيعطي الكمال، بل ولا أنا ولا أنت سنعطي الكمال، صحيح؟ ما في شخص فينا بيطلع من الدنيا بالعلامة الكاملة، فيها ذنوب، فيها تقصير. ولن يدخل أحد منكم الجنة بعمله، قالوا ولا أنت يا رسول الله؟ قال "ولا أنا إلا أن يتغمدني الله". كلنا نحتاج إلى رحمة الله. فنحن كلنا نعيش على الستر، فتعامل مع الناس على ما يستطيعون.
إذاً "إذا صليت المكتوبات وصمت رمضان وأحللت الحلال" يعني اعتقدت أن أنه حلال وفعلت بناءً على أنه حلال. "وحرمت الحرام" يعني اعتقدت أنه حرام واجتنبته لأنه حرام، ولم أزد على ذلك شيئاً، أدخل الجنة؟ قال نعم. إذاً خطوط عريضة في الحياة. طبعاً هو يدخل تحت "حللت الحلال" أني أكلت من الرزق الحلال واجتنبت من الرزق اجتنبت الرزق الحرام، تزوجت امرأة بالحلال، وابتعدت عن الزنا والفواحش والحرام، فهو إذا ماشي بالحدود الحلال والحرام فقط، ومن حيث التعبت ماشي على الصلوات المكتوبات وصيام رمضان، جزاه الله خيراً. أحياناً بعض الناس يريد أشياء كبيرة فلا يفعل شيئاً. قليل دائم خير من كثير منقطع، صحيح؟ بعض الشباب بتلاقي ماسك برامج، وحاطط في أفكار للألفية الأولى، والألفية الثانية، والبرامج الكبرى، و و و، وبعدين صلاة مكتوبة وهو مش محافظ عليها، صلاة الفجر في وقتها مش محافظ عليها، وعم بتكلم لي عن إيه؟ عن برامج، وبدي أحفظ، وبدي أ، وبدي أسوي، وبدي وبدي أحقق للإسلام. هذا الرجل صادق، "أنا بدي أحافظ على الصلوات الخمس"، كل صلاة في وقتها. ليست العبرة إذاً أنك تكثر البرامج، أو أنك تحط طموحات عالية، وأنت الأساسيات لسه عم بتضيع فيها، صحيح؟ ثبت الأساسيات، رسخها، بعدين بنتكلم معك عن ماذا؟ عن شيء أعلى. أما الانشغال بالمندوب والكمالات وأنت مضيع للأساسيات هذا يدل على عدم فقه في الدين. نقتصر على هذا وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. غراس العلم طريقك نحو علم شرعي راسخ.