الأربعون النووية | المجلس الأول | برنامج إرواء
موجود بس القلم. غراس العلم طريقك نحو علم شرعي راسخ.
بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين، الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضى، والصلاة والسلام على النبي المصطفى، صلاة تترى وعلى آله وصحبه ومن لنهجه اقتفى. اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وارزقنا علماً نافعاً يا أرحم الراحمين.
حياكم الله أيها الأكارم في مجلس جديد وفي لقاء جديد وفي مادة جديدة من مواد هذا البرنامج الطيب. الذي نسأل الله سبحانه وتعالى أن يبارك فيه وأن يعم أثره، برنامج إرواء لتأسيس المسلمين عموماً فيما يهمهم من أمر دينهم.
ووصلنا أيها الكرام إلى مادة جديدة ألا وهي مادة الأربعون النووية. ولا بد أن أذكر دوماً بتجديد النية لله سبحانه وتعالى، وأن يستحضر الإنسان ثواب الخطوات والسير إلى مجالس العلم، فإنها نعمة عظيمة، والملائكة تضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يصنع.
وأن يزاحم الإنسان، لا بد أن يزاحم أهل الحق أهل الباطل في كل الميادين وفي كل الساحات. فبهذه المزاحمة تحصل المدافعة ويدفع الله سبحانه وتعالى باهتمامكم بدينكم البأساء والضراء عن بلادنا وعن بلاد المسلمين. ما دام هناك مصلحون ويصلحون أحوال الناس، فهذا مما يدفع الله سبحانه وتعالى به الشر والبلاء عن بلاد المسلمين.
فينبغي للمسلم أن يستحضر هذه النية في مزاحمته ويعرف أن الله سبحانه وتعالى في كل زمان وفي كل أوان قدر على هذه الأمة البلاء والصراع بين الحق والباطل. وهذا الصراع لن ينتهي إلى قيام الساعة، يعني لن تصل مرحلة أن أهل الحق خلص يصبحون في حالة من الرخاء والسعادة الدائمة ولا يوجد من يزاحم من أهل الباطل، هذا لن يوجد.
لأن هي طبيعة الحياة الدنيا تقوم على المدافعة، لأن الله سبحانه وتعالى يريد أن يرى اصطفافكم. أين؟ يعني الله سبحانه وتعالى كان قادراً وهو قادر في كل وقت وحين أن يجعل عباده المؤمنين منتصرين على الفاجرين وتنتهي القضية، ويعم السلام والأمان على هذا الكوكب وينتهي الأمر.
لكن ليس هكذا فكرة الحياة الدنيا، هي فكرة الحياة الدنيا ليبلوكم، وقضية ليبلوكم من أجلها كان هناك الصراع بين الحق والباطل وبين أهل الخير وأهل الشر. لأن الله يريد أن يرى اصطفافكم، وبالتالي في كل علو للإسلام يكون بعده نزول لتبدأ الرحلة من جديد. واصطفاف ما بين مؤمن صادق يجاهد في سبيل الله ويرابط في العلم، وما بين منافق يخادع المؤمنين، وما بين كافر يواجه.
ثم بعد ذلك ينتصر المسلم ثم نعود مرة أخرى للقصة من جديد، هكذا هي تاريخ الإسلام وتاريخ الإنسان. مش فقط تاريخ الإنسان منذ خلق الله سبحانه وتعالى البشرية على هذه الأرض هي هكذا حقب بعدها حقب، لأن الله سبحانه وتعالى يريد أن يرى اصطفافكم.
بالتالي إياك أن تقول والله غيري يطلب العلم، أو غيري بيشيل أمر الدين، لا هو الله عز وجل يريد أن يراك أنت. هو يريد أن يراك أنت، الدين الحمد لله منتصر بأمر الله، والمستقبل لهذا الدين، والأمور تسير بأقدار الله. لكن العبرة أين أنت من هذا الدين؟ ما موقعك من الإعراب؟ هل أنت تقف مع أولياء الله، أم تقف مع أولياء الشيطان؟
هل أنت مع حزب الله المؤمنين فتجاهد نفسك وتصارع الشهوات والشبهات وتحاول أن تتعلم وتقدم لهذا الدين، أم أنت إنسان غافل مقبل على دنياك تماماً منغمس بذاتك. هو هذا الذي ينتظره الله سبحانه وتعالى منك، فهمت أخي الكريم؟ بالتالي إياك أن تضعف، إياك أن تتراجع، إياك أن تخذل دينك.
لأن العبرة في موقفك أنت عند الله سبحانه وتعالى، والمسؤولية تتعلق بكل واحد منا على انفراده وليست المسؤولية جماعية. كل واحد منا مسؤول أمام الله عما فعل وعما قدم وعما بذل في هذه الحياة الدنيا. فنسأل الله سبحانه وتعالى أن يعيننا على أن نقدم ما يرضيه وأن تجعلنا ممن يترك أثراً وراءه يحمد ربه سبحانه وتعالى عليه عند لقياه إنه ولي ذلك والقادر عليه.
وصلنا أيها الكرام كما قلنا إلى مقرر جديد ألا وهو مقرر الأربعون النووية. وهذا مقرر أظن أنكم سمعتم كثيراً بهذه الأربعين. وهذه الأربعون أيها الكرام ميزتها التي يعني كانت طبعاً بسبب هناك أسباب كثيرة سبحان الله لقبول الكتب والمصنفات واشتهارها بين الناس.
من أسبابه أولاً صدق النوايا، فالعلامة الإمام النووي عليه رحمة الله تعالى من خيرة الأئمة ومن خيرة العلماء الربانيين. الذين تركوا لهذه الأمة إرثاً طيباً في شتى الأمور، حتى قال الذهبي رحمه الله تعالى عليه عندما يعني كان يترجم للنووي قال: ولا أعرف ما بين هذا الرجل وبين ربه حتى كتب الله لمصنفاته القبول. فصدق النوايا هذا سبب في أن يكتب الله سبحانه وتعالى القبول لهذا المصنف ولصاحبه.
طبعاً هذه الأمور لا يعني أن الإنسان أو هذا العالم أو غيره من العلماء لم يقع في أخطاء، يقع في أخطاء. وقد تكون حتى أخطاء عقدية وأخطاء فكرية. لكن الأمور عند الله سبحانه وتعالى لا تقيم فقط بوقوع الخطأ، قد يكون الإنسان اجتهد وبذل وحاول أن يصل لم يفتح له في ميادين، فتح له في ميادين أخرى.
فدائماً يعني النظر إلى العلماء وإلى الأثر الطيب الذي تركوه لا يقتضي أن الإنسان فقط ينظر إلى السيئات ولا ينظر إلى الحسنات. ينظر دائماً إلى السلبيات والأخطاء ولا ينظر إلى الإيجابيات. وفي نفس الوقت لا يوجد تزكية عامة تامة، نعم، فالعلامة النووي رحمه الله عليه وقع في بعض الأشياء في العقدية الخاطئة التي وافق عليها بعض الفرق البدعية.
لكنه في جل أموره الفقهية والحديث، وهذا هو تراثه الكبير الذي قدمه للأمة، كان عالماً محرراً مصنفاً بارعاً في الفقه. فهو أحد أعمدة الفقه الشافعي رحمه الله تعالى عليه، وهو أحد أعمدة شروح الأحاديث النبوية وشراح والتعليق عليها. فنسأل الله أن يجزيه عن أمة الإسلام والمسلمين خير الجزاء.
فكما قلنا صدق النوايا هذا كثيراً ما يؤثر في قبول الكتاب وتجري به الركبان ويسير في البلدان. أيضاً التوفيق في اختيار الكتاب والتصنيف فيه، وهذا أيضاً علم بديع. هناك كثير من الأئمة والعلماء عبر تاريخ الإسلام صنفوا كتباً تحت عنوان الأربعين، أليس كذلك؟ هناك كثير.
والنووي إنما هو جزء من هذه السلسلة التي ابتدأت قبله وما زالت تستمر إلى يومنا هذا، من يجمعون الأحاديث تحت عنوان الأربعين. لكن هذه الأربعون التي خصها النووي بالجمع سبحان الله انتشرت وشرحها العلماء واحتفى بها، لأن النووي أحسن اختيار الأحاديث وانتقائها. الآن عندنا المكتبة الحديثية ضخمة، وأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم عدد كبير بالآلاف المؤلفة.
عملية أن تنتقي من هذه الآلاف المؤلفة، أن تنتقي 40 حديثاً تمثل قواعد الإسلام الكبرى، هذه تحتاج إلى مهارة ودراية، اطلاع واسع، فهم ثاقب. وهذا ما أظن أن النووي رحمه الله تعالى عليه وفق إليه. أنه استطاع أن يستخلص من بين الأحاديث أن يستخلص 40 حديثاً تشكل قواعد الإسلام العامة.
إذاً يمكن أن نسميها نظرية الإسلام الشاملة الكاملة، استطاع أن يجمعها في هذه الأربعين. ولذلك هذه الأربعون تسمى مباني الإسلام، الأربعين التي جمعها النووي حتى تجدون ذلك على بعض تراجم الكتب. أنها 40 في مباني الإسلام، لماذا هي مباني الإسلام؟ لأنها تمثل القواعد العامة للدين الإسلامي.
سواء في الجانب العقائدي أو في جانب الفقهيات أو في جانب الأخلاق والسلوكيات. استطاع بتوفيق الله سبحانه وتعالى أن يصل إلى هذه الأربعين التي تشكل القواعد الكلية. وبالتالي يحسن بالمسلم عموماً وبطالب العلم خصوصاً أن يعيد النظر في هذه الأربعين في كل فترة.
وأن يجدد استخلاص الفوائد منها والعبر والأحكام، لأنك كل ما نظرت فيها وجدت علماً عظيماً وفهمت كلية الإسلام وعظمة هذا الإسلام. كيف بنى الدين من جميع جوانبه؟ فأنت إذا أردت الاعتقاد القواعد واضحة، إذا أردت الفقهيات القواعد محكمة. إذا أردت الأخلاقيات والسلوكيات هناك شمولية في الطرح الإسلامي ومعالجة لكل ما يحتاجه المسلم في حياته.
فكما أنك إذا قرأت كتاب ربك سبحانه وتعالى تجد القرآن كلما قرأته جدد لك المعاني. كذلك إذا نظرت في أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم فهي شطر القرآن وهي وحي من الله. وخاصة في كلياتها تجد فيها من المعاني العظيمة والأفكار الكلية ما تجعل الإنسان يزداد ثقة بدينه واعتزازاً به.
واحتكاك أن هذا الدين لم يترك شاردة ولا واردة إلا بينها وأحكمها. فنسأل الله سبحانه وتعالى أن يعيننا على تدبر هذه الأربعين وأن نقف معها الوقفات النافعة بما يرضيه، طبعاً مع هذه المجالس. نسأله سبحانه وتعالى أن يبصرنا وأن يفهمنا إنه ولي ذلك والقادر عليه.
نبدأ إن شاء الله بالتعليق على هذه الأربعين وفق الشرح الذي دوناه لكم أو تم كتابته لكم. ونعلق على الفوائد العامة للأحاديث. في أحاديث بطبيعتها ستجدون أنها طويلة بالتالي رح تاخذ منا وقت في الوقوف على معانيها. وفي أحاديث طبيعتها قصيرة نقف على معانيها العامة الكلية.
نبدأ بالحديث الأول وهو الحديث المشهور وهو أم الأحاديث وأصل أحاديث الإسلام وهو حديث: "إنما الأعمال بالنية". بسم الله. بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين والسامعين وللمصرف ونجي إخواننا المستضعفين من المؤمنين، آمين.
الحديث الأول عن أمير المؤمنين أبي حفص عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله عليه وسلم يقول: "إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله. ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه". رواه إمام المحدثين أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيره بن بردزبه البخاري وأبو الحسين مسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري النيسابوري رضي الله عنهما في صحيحيهما اللذين هما أصح الكتب المصنفة.
هذا هو حديث إنما الأعمال بالنيات وكما قلنا هو أصل أحاديث الإسلام، وأصل انطلاق المؤمن في حياته. فالانطلاقة إنما تكون في النية، انطلاقتك في جميع أعمالك إنما تكون بالنية. وطريقتنا في هذا التعليق ستكون أننا نقرأ المعاني الغريبة التي وردت في الحديث. ثم بعد ذلك يسمى غريب الحديث ثم بعد ذلك نبدأ نشرح الجمل العامة له.
هذا الحديث أو أولاً ورد فيه مصطلح أو مفهوم النية. فنقول النية أيها الكرام ما هي النية؟ هي في أصلها القصد والعزيمة والإرادة ومحلها القلب. لما أقول نويت ما هي النية عند العرب أصالة؟ النية أيها الكرام هي عزيمة وقصد وإرادة للشيء ومحلها أين؟ في القلب.
لذلك قلنا وهي في الشرح العزم على فعل شيء من وجوه العبادات تقرباً إلى الله سبحانه وتعالى. هذا أصل تعريف النية في الشريعة الإسلامية. أن تنوي يعني أن تعزم وأن تقصد فعل شيء من الأمور لله سبحانه وتعالى. أيضاً ورد في هذا الحديث لفظة الهجرة.
هاتان اللفظتين والهجرة بمفهومها الشرعي، ما هي الهجرة أصلاً؟ هي الانتقال من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام، هذا أصل معناها. ثم أصبحت تطلق أيضاً في في أحاديث نبوية أخرى على معاني واسعة. أصبحت تطلق على هجران المعاصي والذنوب إلى واحة الطاعة والإيمان.
ولذلك جاء في الحديث: "والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه". فالهجرة بمعناها الأصلي كحقيقة الانتقال، لكنها أيضاً بمعنى الهجرة بالقلوب، أي الهجرة بالقلوب إلى ربه سبحانه وتعالى وإلى طاعة الله ورسوله. فعليك أن تعمم مفهوم الهجرة.
لأن الإنسان ممكن يقول يعني أنا ربما الهجرة لا تتعلق بي لأنني أعيش في بلاد الإسلام عموماً. أقول هناك هجرة لكل مؤمن وهجرة يومية وهو أن يهجر ذنوبه وخطاياه إلى طاعة الله ورسوله. فإن كان معنى الهجرة ابتداء هو المعنى الانتقال من البلدان لكنه أيضاً يأتي بمعنى إيماني وهو الانتقال بالقلوب.
طيب نأتي إلى إلى منزلة الحديث، هذا الحديث العظيم الذي حقيقة يقبح بالمسلم ألا يكون حافظاً له. هو أساس الإسلام وله منزلة عظيمة عند العلماء قديماً وحديثاً. نقرأ منزلة هذا الحديث. منزلة الحديث، يعد هذا الحديث من أشهر الأحاديث وأكثرها عناية عند أهل العلم.
قال أبو عبيدة رحمه الله: ليس في الأحاديث النبوية شيء أجمع، ليس في الأحاديث النبوية شيء أجمع وأغنى وأكثر فائدة منه. طبعاً أنت أحياناً ستسمع كلام من العلماء ربما أنت لا تعرف بعدهم. أن العلماء يحررون هذه الأحاديث ويبنون عليها الكثير من الأحكام الشرعية. فأنت قد تقول معقول هذه الأسطر الثلاث هي أغنى الأحاديث النبوية؟ نعم، هذه الأسطر الثلاث هي أشهر وأعظم الأحاديث النبوية.
لكن كلما تعمقت في الشريعة أكثر كلما ستدرك قيمة هذا الحديث وشموليته. طيب فهو من جوامع كلمه صلى الله عليه وسلم، هو من جوامع الكلم. وما معنى جوامع الكلم؟ كما قلنا سابقاً جوامع الكلم أنه صلى الله عليه وسلم نعم، يتكلم بسطرين أو كلمات قليلة. وتكون بعد ذلك المعاني المنبثقة معاني هائلة وضخمة وتشمل جميع مناحي حياة الإنسان.
نعم، ومن الأحاديث التي عليها مدار الإسلام بلا خلاف في عده. نعم يعني لم يختلف العلماء، الآن العلماء اختلفوا في الأحاديث التي هي تشكل كليات الإسلام، هذا معنى مدار، ما معنى هي مدار الإسلام؟ يعني هناك أحاديث معينة احنا قلنا الأحاديث بالآلاف، بس في أحاديث مميزة هي تشكل القواعد العامة، التصورات العامة للدين الإسلامي. كل العلماء الذين عدوا الأحاديث التي تمثل مدار الإسلام وكليات الإسلام الكل عدى هذا الحديث، ما في أحد قلل أو اعتبر هذا الحديث من الأحاديث الثانوية، الكل اعتبره من الأحاديث الأساسية.
نعم، احتفى به العلماء واستفتحوا به كتبهم كالبخاري وغيره، حتى قال بعضهم لو صنفت 100 كتاب لبدأ في أول كل كتاب بهذا الحديث، سبحان الله. نعم، وقال عبد الرحمن بن مهدي رحمه الله: ينبغي لكل من صنف كتاباً أن يبتدئ فيه بهذا الحديث تنبيهاً للطالب على تصحيح النية. نعم، وقد نقل عن الإمام الشافعي رحمه الله أنه قال: يدخل هذا الحديث في سبعين باباً من الفقه.
يعني الإمام الشافعي يقول هذا الحديث إنما الأعمال بالنيات نستفيد منه في 70 باباً من أبواب الفقه لأهميته وللفكرة التي يتكلم عنها، وفكرة اهتمام الإنسان بالنيات والمقاصد. نعم، وعنه وعن غيره أنه ثلث العلم أو ثلث الإسلام، البعض قال هذا الحديث يمثل ثلث الشريعة. البعض والبعض عبر عن أنه ثلث الإسلام هذا الحديث. نعم، ومنهم من قال ربعه ومنهم من قال هو العلم كله.
هذه الأمور عموماً المقصد منها إنما أتينا بها ليعرف الإنسان أنه يتحدث عن حديث عظيم من كليات الإسلام. وبالتالي هذا يجعلك على أقصى درجات الاهتمام والاحتفاء أن تعرف سر هذه العظمة وما هي المفاهيم الكبرى التي يؤسس لها هذا الحديث. الآن سنأتي إلى مناسبة هذا الحديث.
اختلف علماء الحديث وشراحه، هل هذا الحديث قاله النبي صلى الله عليه وسلم لمناسبة ما، أم قاله ابتداء بدون مناسبة. زي ما أسباب النزول في القرآن، بتعرفوا أسباب النزول في القرآن أن تكون الآية نزلت بسبب واقعة معينة. كذلك هناك ما يسمى في علم الحديث أسباب ورود الحديث.
فالآن وقع خلاف بين شراح الحديث هل هذا الحديث قاله النبي صلى الله عليه وسلم بسبب مشهد رآه أو واقعة حصلت فعلق بهذا الحديث. أو أنه قاله ابتداء في خطبة جمعة أو مجلس عام بدون وجود سبب من أجله ذكره. الآن هناك تجد خلافاً بين أهل العلم.
البعض قال هذا الحديث قاله النبي صلى الله عليه وسلم ابتداء ولم يثبت أنه قاله بسبب قصة أو مشهد رآه. ومنهم من قال لا هذا الحديث له قصة، ما قصته؟ أن أحد الصحابة الذين هاجروا أو أحد الرجال الذين هاجروا، هاجروا من مكة إلى المدينة. بتعرفوا لما بدأت الهجرة من مكة إلى المدينة توافد الصحابة خاصة من المستضعفين لهذه الهجرة.
فقيل أن هناك رجل هاجر من مكة إلى المدينة، لكن لم يكن قصده بهجرته، لم يكن قصده بالهجرة هو الانتقال فعلياً من دار الكفر إلى دار الإسلام وحماية دين ومعتقداته. لا كان هدفه من هذه الهجرة أن هناك امرأة في المدينة يريد أن يتزوج منها اسمها أم قيس. فهاجر من مكة إلى المدينة رغبة منه بالزواج منها، فأصبح اسمه مهاجر أم قيس.
مهاجرة أم قيس، هذه القصة ذكرها بعضهم. وبالتالي علق النبي صلى الله عليه وسلم عليها: "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى. فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله هذا كان هدفه من الهجرة فهجرته إلى الله ورسوله. ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها عاد فهجرته إلى ما هاجر إليه".
فأنت لن تحصل ثواباً إلا على اعتبار نيتك. فمن كانت هجرته إلى دنيا أو امرأة فهجرته إلى ما هاجر إليه. فهذا تأسيس عام لهذا الحديث في ذكر سبب وروده كما ذكر ابن مسعود. قال: كان فينا رجل خطب امرأة قالوا لها أم قيس.
فأبت أن تتزوجه حتى يهاجر، فأبت أن تتزوجه حتى إيش هاجر. الظاهر أنه كان مسلماً خطب هذه المرأة وين في مكة؟ هذه المرأة قالت له ايه أنا ما راح أتزوجك حتى تهاجر إلى المدينة. فهاجر فتزوجها فكان هجرته بسبب الزواج منها وليست يعني نية خالصة لوجه الله.
هذا طبعاً في ما قيل وإلا فهناك كثير من العلماء يعتقدون أن هذا لم يثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر هذا الحديث بناء على هذه الواقعة. طيب دعونا الآن نفصل جمل الحديث وهذا هو أعمق ما في الحديث. أن نفصل جملة جملة جملة. قال أولاً قوله "إنما الأعمال بالنيات" يفهم على وجهين بحسب المراد بالأعمال.
الآن النبي عليه الصلاة والسلام يقول في الجملة الأولى من الحديث "إنما الأعمال بالنيات". الآن هذا الحديث حقيقة العلماء اختلفوا هذه الجملة، هذه الجملة اختلف العلماء في طريقة فهمها. هل يقصد النبي صلى الله عليه وسلم بكلمة الأعمال هل يقصد أي عمل يعمل الإنسان في هذا الوجود سواء عمل خير أو عمل سيء؟ فإنه يحتاج إلى نية هذا هو الفهم الأول للحديث أو لهذه الجملة "إنما الأعمال بالنيات".
المراد بالأعمال أي عمل أنت تفعله في حياتك طعام، شراب، ذهاب لجامعة، دراسة، نظر إلى شيء حلال، نظر إلى شيء حرام، أي شيء تفعله، صلاة، زكاة، بيع، شراء، نكاح، فتح مشروع تجاري، فتح مشروع. يقول بعض العلماء هذا الحديث يؤسس لفكره عامة في الجنس البشري. وهو أن أي عمل يقوم به الإنسان لا بد أن يكون مسبوقاً بماذا؟ بنية. نية يعني بقصد، ما هي النية بمعنى القصد؟
لابد أن يكون بقصد وإرادة أنت لما اجيت اليوم إلى هذا المكان كان لك نية وقصد. لما الآن ستذهب إلى المنزل وتعود تريد تدرس في هناك نية وقصد. وكل الأعمال طبيعتها هكذا وهذا ما أكده شيخ الإسلام بن تيمية في شرح الحديث. هو يرى أن هذا هو التفسير الصواب للحديث. أن الحديث على عمومه، الحديث على الرأي الأول لا يتكلم فقط في الأعمال الصالحة والعبادات.
لا، الحديث شامل يريد أن يخبرك أنه أي حركة اختيارية للإنسان هي نابعة وناجمة عن ماذا؟ عن نية وإرادة سابقة، أنت نويت أن تفعل خير نويت ففعلت، وأنت نويت وقصدت أن تفعل شر نويت ففعلت. فإذا هذه طبيعة إنسانية عامة أن الدافع للعمل والذي يخرج الأعمال هو ماذا؟ هو النيات. "إنما الأعمال بالنيات" أنت تنوي فتفعل.
فاذا كان هنا الجملة الأولى تتكلم عن ماذا؟ عن الدافع لوجود الأعمال في حياتك أيها الإنسان نياتك. عاد بعدين عاد أنت بدك تصوب نيتك. كأنه بقول لك أي عمل هو ناتج عن نية، بالتالي عليك، عليك أن تهتم بموضوع النية وتشتغل على تزكيتها وتهذيبها وإصلاحها لتكون نيتك ودوافعك تولد أعمال صالحة. لأنه إذا لم تكن هكذا نيتك، فإن النية ستتجه بالاتجاه الآخر.
فستكون نيتك وإرادتك في ما لا يرضي الله، فما من عمل إلا وأصله نية وهم في القلب. لذلك يقول النبي عليه الصلاة والسلام: "أصدق الأسماء حارث وهمام". لماذا أصدق الأسماء حارث وهمام؟ لأنه ما من إنسان يعني هذا أصدق اسم في الوجود أن يسمى الإنسان حارث أو همام. لأنه ما من إنسان إلا وله هم وما من هم إلا ويتبعه حرث، الحرث العمل.
فكل إنسان هو همام أي كثير الهم، يعني كثير الإرادة والقصد. أنت من نهارك إلى ليلك بجوز في هناك 30، 70، 80، 90 ألف هم وإرادة وقصد اجا عندك. وكل هم وقصد أنتج عملاً، طعاماً، شراباً، كلاماً، تصرفاً من الصباح إلى المساء. هكذا الإنسان إلى أن يكون آخر هم لك إيش؟ أنك تحط رأسك على الفرشة وتنام. هذا آخر هم بعدين بتنام بيبلش يوم جديد.
طيب المعنى الثاني للحديث؟ أيوة، وإن كان المراد الأعمال وإن كان المراد الأعمال الشرعية، العبادات، فالمعنى إنما مدار العبادات واعتبارها من جهة قبولها أو صحتها بحسب أحوال نيات أصحابها. طيب، إذاً "إنما الأعمال بالنيات" هذه أول جملة عظيمة تأسيسية للجنس البشري يقولها النبي صلى الله عليه وسلم. قلنا كلمة الأعمال هناك فهمان للعلماء لها.
الفهم الأول من يرى أن كلمة الأعمال عامة صحيح، تشمل الأعمال الجيدة والأعمال السيئة، تشمل يعني الخيرة والسيئة. فالنبي صلى الله عليه وسلم يؤسس لنا فكرة في الإنسان أن الإنسان إنما أعماله تنتج بسبب نياته. القول الثاني للعلماء من يرى أن أن الأعمال هنا لا يتكلم النبي صلى الله عليه وسلم عن عموم الأعمال في حياة الإنسان. لا يتكلم عن الأعمال الشرعية بالتحديد، الأعمال الشرعية بالتحديد، هذا فهم آخر للحديث.
فيكون المعنى على الفهم الآخر: إنما الأعمال الشرعية بالنيات. طيب، شو يعني "إنما الأعمال الشرعية بالنيات"؟ هناك احتمالات، إما أن يكون المقصود "إنما الأعمال الشرعية قبولها بناء على نيتك". وإما أن يكون "الأعمال الشرعية صحتها، خلينا نعدلها شوي، صحتها بناء على نيتك". طبعاً وكلاهما يعني له معنى صحيح، يعني هنا إذا إذا قلنا الأعمال المراد بها الأعمال الشرعية.
فيكون السياق "إنما الأعمال الشرعية بالنيات"، يعني "إنما الأعمال الشرعية قبولها عند الله بناء على النيات". و احتمال آخر "إنما الأعمال الشرعية صحتها من فسادها متعلق بماذا؟ بالنيات". وكل معنى له وجه صحيح سواء قبولها أو صحتها. طيب، لكن على الحالة الأولى إذا قلنا الأعمال واسعة تشمل الأعمال الخيرة والشريرة.
فسيكون التقدير "إنما الأعمال وجودها بالنيات"، فهمتم؟ إذاً هو في نقاش بين العلماء أنه هنا لازم يكون في كلمة مقدرة. "إنما الأعمال بالنيات" لازم هنا في هذا المكان في كلمة لابد تكون مقدرة حتى نفهم شو المراد بالجملة. فالذين قالوا الأعمال المراد بها كل الأعمال الخيرة والشريرة قالوا إذا المراد "إنما الأعمال وجودها في واقع الإنسان بسبب النية". فقدر كلمة الوجود.
أما الذين قالوا أن الأعمال هنا لا المراد الأعمال الشرعية بالتحديد، صلاة زكاة صيام فقط وليس الكلام عن الأعمال الشريرة وما سببها ذلك. فقالوا الكلمة المقدرة هنا ستكون ماذا؟ "إنما الأعمال قبولها بالنيات" أو "إنما الأعمال صحتها بماذا؟ بالنيات". خلونا شوي شوي ندخل أكثر وأكثر لنفهم هذا العمق. اقرأ، قال وذلك لأن للنية إطلاق الأول. النية، الآن سنتكلم خلص، الآن هذا أظنه واضح مفهوم، رح نتكلم فقط عن الحالة الثانية.
إذا قلنا أن المراد بالأعمال الأعمال الشرعية، وقلنا أن الأعمال الشرعية قبولها بالنيات أو صحتها بالنيات. لماذا يوجد هناك احتمالان قبول وصحة؟ لأنه كلمة النية لها أكثر من مفهوم في الشريعة الإسلامية. كلمة النية لها أكثر من مفهوم ودلالة في الشريعة الإسلامية مما جعل هناك عدة احتمالين لقضية أن الأعمال الشرعية قبول أو صحة.
طيب الاحتمال الأول لكلمة النية: النية باعتبار المنوي له هو المقصود والواجب أن يكون الله عز وجل. والواجب أن يكون الله أول، النية أحياناً تطلق النية في كتب السلوك والتزكية ويكون المراد بالنية ماذا؟ النية يكون المراد بها ما هو المقصود المطلوب بهذا العمل. يعني أنت من تقصد بهذا العمل؟ من تطلب؟ الله سبحانه وتعالى أم الناس؟
فتقول والله أنا نيتي لله يا شيخ، مش تقول أنا نيتي لله، شو يعني نيتي لله؟ يعني أنا مقصدي الله سبحانه وتعالى. فهنا التفسير الأول للنية، النية بمعنى ماذا؟ المقصود الذي فعلت العمل من أجله. فلما أقول "إنما الأعمال بالنيات" الاحتمال الأول أو التفسير الأول للنية أن يكون النية بمعنى ماذا؟ من هو المنوي له؟ أنت عملت هذا العمل لمين؟ لله سبحانه وتعالى أم للناس؟ من قصدت بهذا العمل؟
فهذا المعنى الأول للنية. طيب والمعنى "إنما قبول الأعمال بالنيات" والله إذا قلنا بناء على المعنى الأول للنية سنختار التقدير "إنما الأعمال قبولها بالنيات". ليه؟ لأني سأقول لك "إنما الأعمال بالنيات" وأنا أقصد بالنيات أي باعتبار من نويت له، من قصدته. فإذا أنت قصدت بأعمالك الله سبحانه وتعالى فسيكون عملك مقبولاً.
وإذا قصدت بأعمالك الشرعية مراءاة الناس وطلب الثناء من الناس وأن يثنوا عليك فسيكون عملك ماذا؟ غير مقبول. ليه؟ لأنه أنت وين نيتك؟ والله أنا نيتي الله قصدت الله، إذاً عملك مقبول، أنا نيتي لا مراءاة الناس أو الثناء علي أو أن يقال فلان قدم أو أعطى إذاً عملك مش مقبول. إذا ما الذي جعل هذا مقبول وهذا مش مقبول؟ نيتك. شو معنى نيتك بالمعنى الأول؟ يعني من قصدت بهذا العمل.
"والله لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصاً وابتغي به وجهه" قال تعالى: (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) [البينة: 5]. فمن قصد بعمله الله عز وجل قبل عمله واستحق أجره، ومن قصد بعمله وعبادته غير الله عز وجل لم يقبل عمله وخسر أجره. طيب الآن باقي عبارة هيك أفكار إيمانية تقرونها، اذهب للإطلاق الثاني.
النية باعتبار العمل المنوي، أي قصد العبادة المرادة، هذا الآن المعنى الثاني للنية. النية في الشريعة الإسلامية في كتب الفقه تطلق النية بمعنى ماذا؟ أكيد أنتم يعني على الأقل درستوا لكم شوية فقه في حياتكم، مش دائماً بتحكي شيخ شو نية الصيام؟
أكيد بتسمعوا الناس ما هي النية الصحيحة في الصيام؟ طيب نية الصلاة، شو لازم أنوي في الصلاة؟ شو لازم أنوي في الوضوء؟ هذا موضوع آخر صحيح. هذا إطلاق آخر للنية، المراد به ماذا؟ أن تنوي يعني أن تحدد العمل الشرعي الذي تريد أن تفعله.
والله أنا الآن بدي أصلي، لازم أنوي أنها ظهر، أو الآن لا أنا بدي أنوي أنها عصر، لا طب الآن وقت إيش؟ وقت المغرب، إذاً لازم أنوي أنها مغرب. هذا معنى آخر للنية والمراد به، يمكن أن يعبر عنه بماذا؟ النية بمعنى تحديد العمل الشرعي الذي تريد فعله. الآن بدي أصلي ركعتين، والله هذول سنة فجر ولا فرض الفجر؟
شو الفرق بين سنة الفجر وفرض الفجر من حيث؟ شو الفرق بينهم؟ النية، صح. أنت الآن صليت ركعتين بعد الفجر، شو اللي بده يحدد إنه هذول سنة فجر ولا ركعتين فرض الفجر؟ نيتك. إذا أنت نويت إنهم سنة فجر رح يكونوا سنة فجر، وإذا نويت يكونوا فرض الفجر رح يكونوا فرض الفجر.
إذا النية مهمة جداً أيضاً في تحديد العمل الشرعي الذي تريد أن تفعل. أنا بدي فرض ولا نفل؟ وإذا فرض إيش؟ بدي ظهر ولا عصر ولا مغرب ولا عشاء؟ نفس الشيء اليوم أنا، اليوم بدي أقضي قضاء ظهر، وبدي أصلي نفل لأنه خميس. النية هي التي تلعب الدور المهم في هذا الجانب، هذا المعنى الآخر إذاً للنية.
النية بمعنى "إنما الأعمال بالنيات" هنا معنى آخر للنية. النية بمعنى تحديد العمل الشرعي الذي أريد أن أفعله. على المعنى الثاني للنية سنحتاج أن يكون التقدير "إنما الأعمال الشرعية صحتها بناء على النيات". فأنت الآن صليت أربع ركعات في هذا الوقت، ممتاز.
إذا نويت النية الصحيحة أنها نية صلاة عصر رح تكون صلاتك العصر إيش؟ صحيحة. لكن لو أنا الآن كبرت في وقت العصر كبرت وما نويت أنها عصر، شو حكم العمل؟ باطل. الآن صليت ونويت بدل، والله يا شيخ بالغلط أنا كنت مفكر إنه الوقت وقت ظهر ولا طلع وقت عصر، رح نحكي لك صلاتك هي غير صحيحة.
فبالتالي على المعنى الثاني للنية سيكون التقدير "إنما الأعمال الشرعية صحتها بناء على نيتك". إذا نويت نية صحيحة رح يكون عملك من الناحية الفقهية صحيح، وإذا نويت نية خاطئة سيكون عملك من الناحية الفقهية خاطئ. إحنا هنا مش عم نتكلم أنت قصدت الله ولا قصدت المخلوقين، لا لا أنت قاصد الله، بس وين أخطأت؟ في تحديد العمل. أخطأت في تحديد العمل، هي ظهر ولا عصر؟ هي مغرب ولا عشاء؟
بالتالي المعنى الأول للنية يا شباب هذا يتكلم عن في علم العقائد والسلوك. المعنى الثاني للنية هذا يتكلم عن في أي علم؟ في علم الفقه. فعلماء العقائد والسلوك لما بيجي بيقول لك عن النية هو بيتكلم لك عن إيش؟ عن إنك تقصد الله سبحانه ولا ترائي الناس ولا تقصد وجوههم. علماء الفقه لما بيحكي لك عن النية بيحكي لك عن إيش؟ عن تحديد طبيعة العبادة، هي فرض ولا نفل؟ هي ظهر ولا عصر؟ وما شابه ذلك.
وبناء على هذا، بناء على تفسيرك للنية، ستختار أحد التفسيرين التاليين، واضح؟ طيب. أخيراً شيخ عمر قال: والمعنى "إنما صحة الأعمال بالنيات" بأن يقصد المكلف العبادة ويعزم عليها. كنية في الصلاة وفي الصيام وفي الزكاة وفي الحج، ولا يكفي في العبادة مجرد الفعل من غير قصد العبادة به.
طبعاً عبادة أنت عملتها ما عندك نية العبادة باطلة، تمام. أنت أخرجت مال ما نويت إنه زكاة وراح، هل يحسب لك زكاة؟ ما راح يحسب لك زكاة لأنك ما نويت. تمام؟ شخص طاف حوالين الكعبة سبع أشواط مش ناوي أي شيء بس، وبيقول لك أنا ما اختر ببالي أي شيء. هل سيقبل هذا الطواف؟ لا، لأنه في نية.
شخص دخل على أي الحمام بعد ما استيقظ من النوم اغتسل مشان يتبرد هيك، شاعر إنه الدنيا حرارة فيه. هل هذا الغسل يعتبر غسل جنابة ويرفع الجنابة لو كانت موجودة؟ لا، لأنه ما نوى هذه الأمور. فإذا هنا أنت تحتاج إلى النية حتى تصح العبادة، ولا بدونها لن تصح أي عبادة من العبادات، نعم. قال عمر رضي الله عنه: لا عمل لمن لا نية له. نعم.
تنبيه: لا تشترط النية في إزالة النجاسات، ولا في ترك ونحوها. ولأحكام النية وما تشترط له وما تشترط فيه تفاصيل وتذكر في مكانها. هذا بعض التفاصيل تتعلق يعني، هل طب شيخ مثلاً إزالة نجاسة لو بدي أزيل نجاسة عن الأرض هل لازم أنوي نية حتى يصح إزالة النجاسة؟ في باب الفقه إن شاء الله تدرسون أو ما منكم يختص يعرف إنه في بعض الأعمال لا تحتاج إلى نية.
تمام، لأن بطبيعتها هي إزالات وتروك. يقولون الإزالات والتروك، الأغلبها لا تصح بدون نيات كما أسلفت. طيب. ثانياً قوله: "وإنما لكل امرئ ما نوى". طيب، إذا بعد ما حللنا الجملة الأولى، وخلاصة الجملة الأولى، أنا عندي الآن احتمالين في فهمها، دائماً واحد لما يحلل ما هو بتصير أمور واضحة.
أنا عندي احتمالين في فهمها، يا أن الحديث يتكلم عن عموم الأعمال، يا أما الحديث بتكلم عن الأعمال الشرعية. إذا كنا نتكلم عن عموم الأعمال فالنبي صلى الله عليه وسلم يتكلم عن فلسفة الإنسان في الوجود. أن أعمال الإنسان وجودها بالنيات سواء خير أو شر. إذا كان الحديث يتكلم فقط عن الأعمال الشرعية، فإذاً النبي صلى الله عليه وسلم يريد أن يخبرني أن الأعمال الشرعية قبولها أو صحتها على حسب نيتك.
طيب كيف ساختار القبول أو الصحة؟ على حسب تفسيرك للنية. إذا كان المراد بالنية المقصود الذي تريد أن تفعل له الشيء، فسافسر الحديث: "إنما الأعمال قبولها عند الله بالنيات". إذا فسرت النية بتحديد العمل الشرعي الذي أريد أن أفعله دون سائر الأعمال، سافسر "إنما الأعمال صحتها بالنية"، ممتاز. وعلى كل هذه المفاهيم كلها تؤكد وتركز على محورية النية في حياة الإنسان.
الإنسان إخواني لما يمارس أعمال، الأعمال مش فقط شيء جوارح، كل الأعمال لابد تراعي فيها نيتك ومقصدك وإرادتك. فالأعمال ليست أشباح وأشكال بل هي روح ومعاني. نيجي الآن للجملة الثانية في الحديث قال عليه الصلاة والسلام: "وإنما لكل امرئ ما نوى". أي أن ما يحصله ويجنيه كل امرئ من ثمرة عمله هو بحسب ما نواه وقصده.
فجاءت إذاً "وإنما لكل امرئ ما نوى" هذه الجملة الثانية تؤكد على فكرة أخرى هي ثمرة الجملة الأولى. هنا النبي صلى الله عليه وسلم يقول "وإنما لكل امرئ" أنت رح تلاقي عند رب العالمين ما إيش؟ أي ما نويت في الدنيا. "وإنما لكل امرئ" ما ستحصل من نتائج إنما هو بناء على ايه؟ ما نويت ابتداء.
وبالتالي لو بدي أرسم مخطط للجملتين "إنما الأعمال بالنيات" و"إنما لكل امرئ ما نوى" أستطيع أن أقول هناك نية، ثم بعد ذلك عمل، ثم بعد ذلك نتيجة، صحيح. قضية النية هي تمثلها الجملة الأولى "إنما الأعمال بالنيات". والنتيجة تمثلها الجملة الثانية "وإنما لكل امرئ ما نوى".
فالنبي صلى الله عليه وسلم ليش هذا الحديث إخواني من جوامع الكلم؟ أعطاك البداية والنهاية. الآن في النص هناك عمل أنت راح تعمله في حياتك، وبقول لك في البداية العمل بدايته نيات. ثم يحصل عمل، النتيجة التي ستكون بناء على العمل "إنما لكل امرئ ما نوى".
فالنتيجة هي مبنية على النية، النتيجة النهائية هي مبنية على النية الابتدائية. "إنما الأعمال" انطلاقتها بالنيات، "وإنما النتائج النهائية" بناء على النيات الابتدائية. فكلما صوبت نيتك واحتفيت بنيتك وراعيت و و و، كلما كانت كانت النتائج أفضل. وكلما كانت النية رديئة ضعيفة أنت مش مهتم فيها كلما كانت النتائج أيضاً رديئة.
فالنبي صلى الله عليه وسلم يعلي من شأن النية، وضرورة احتفاء الإنسان واهتمامه بها. سواء النية بمعنى العقائد السلوكي، النية بمعنى من تقصد. وكذلك النية بالمعنى الفقهي أنك تهتم أن تحدد نوع العبادة وطبيعتها. وكلما كنت ذكياً في باب النيات كلما حصلت نتائج أكثر، وسناتي عند الله سبحانه وتعالى ورح نكتشف إنه احنا عندنا إشكالية كبيرة في استثمار موضوع النية.
نخطئ كثيراً لأننا نعتقد أن الأعمال هي فقط أشكال وأشباح، وإنما الأعمال روحها ولبها في نياتها. فلا بد للمؤمن أن يكون ذكياً في استثمار النية. لأنه النبي عليه الصلاة والسلام بيقول لك: "وإنما لكل امرئ ما نوى"، يعني نتيجتك يوم القيامة بناء على الاستثمار الصحيح للنيات ابتداء. فهذا المخطط مهم يكون عندك في ذهنك لتفهم خلاصة الحديث.
"إنما الأعمال بالنيات" دوافع، "وإنما لكل امرئ ما نوى" نتائج. نعم. فجاءت الجملة لبيان نتيجة ما قبلها من أن ثمرة ونتيجة العمل المترتبة عليه تكون بحسب نية صاحبه. وبناء عليه فإن أجر العمل في الآخرة بحسب إخلاص نية صاحبه. فبناء عليه الآن سنضع لك مجموعة قواعد. القاعدة الأولى أن أجر العمل في الآخرة هو بحسب إخلاص نية صاحبه، إذا فسرنا النية بالمعنى الأول وهو من تقصد.
اقرأ. فإن قصد الله بعمله وأخلص له في نيته استحق الأجر والمثوبة من الله. وإن قصد غير الله حبط عمله ورجع بما ناله من حظ الدنيا أو مدح الناس الذي قصده من غير أن يكون له من أجل الآخرة شيء. للأسف "من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وما له في الآخرة من نصيب".
هذه النية بالمعنى الأول اللي هو إيش؟ الدافع والمقصود. كمل. في الحديث: فمن عمل منهم عمل الآخرة للدنيا لم يكن له في الآخرة نصيب. وفي الحديث الآخر: "إذا جمع الله الأولين والآخرين ليوم لا ريب فيه نادى مناد من كان أشرك في عمل عمله لله عز وجل فليطلب ثوابه من عند غير الله عز وجل فإن الله أغنى الشركاء عن الشرك".
نعم، فإذا أنت نويت بمعنى قصدت بعملك الله وغيره، يوم القيامة الله عز وجل ينادي. من عمل عملاً كانت نيته يعني أشرك فيه غيري، كانت نيته يتقرب إلي ولغيري ما يجي يطلب مني نتيجة، روح اطلب النتيجة ممن قصدته معي. اطلب، قصدت البشر؟ اطلب النتيجة من البشر عاد، إذا بيزبط معك يوم القيامة تطلب نتيجة من البشر. نعم. ثانياً: وأن الإنسان يبلغ بحسن نيته الدرجات العلى والمنازل الرفيعة.
القاعدة الثانية المستفادة من هذا الحديث أو من هذه الجملة أيضاً أن الإنسان يبلغ بحسن النية. شوف ضرورة اهتمام الإنسان بنيته. أن الإنسان بحسن نيته يبلغ الدرجات العلى، حتى ولو كان هناك تقصير في عمل الجوارح. يعني إذا كانت نيتك عالية وأنت تحتفي وتهتم بها، حتى لو كان أعمال الجوارح عندك فيها ضعف.
قد يكون ضعف بناء أصلاً على عجز بشري، قد يكون إنسان عنده إعاقة، قد يكون عنده أتعاب جسدية، قد يكون عنده مشاكل متعددة في الحياة لم تجعله من حيث العمل الجوارح، لم تجعله ينتج كثير من الأعمال. بس والله يا شيخ أنا نيتي عالية وهمتي دائماً كبيرة، بس عندي عجز عندي ضعف عندي مشاكل ما خلت الأعمال الموجودة كبيرة. أقول لك هذه النية إذا احتفي بها واهتممت بها حتى ولو كان هناك ضعف في الأعمال، هي قادرة أن ترتقي بك وتجعلك في المنازل العلى من الجنة وحدها. نعم.
وذلك بأن ينوي الخير ويعزم عليه دائماً، ولو لم يعمله فيكتب له بذلك أجره. قال يحيى ابن أبي كثير، الآن احنا قلنا أن الإنسان يبلغ بحسن النية درجات العلى، كيف يكون ذلك؟ وهذا يسمى الاستثمار الذكي كما قلنا. الاستثمار الذكي للنيات، أولاً دائماً انوي الخير واعزم على الخير. أنت مستيقظ من الصباح تستطيع أن تنوي العديد من النيات الطيبة. والله أنوي عيادة مريض، وأنوي والله التصدق، وأنوي أمر بالمعروف وانهى عن المنكر.
من الصباح تستطيع أن تضع العديد من النوايا الطيبة تريد أن تفعلها في هذا اليوم. الآن يمكن إنك تستطيع تنتج فعلياً في اليوم 50% منها، صحيح، 60%، 70% لكنك ستحصل ثواب جميع النوايا. يعني بمجرد إنك نويت تعود مريض، تشهد جنازة، تتصدق، تأمر بالمعروف، حصلت الثواب. الآن ماذا سيحصل في اليوم؟ والله ممكن ما استطعت تزور المريض، ممكن صار معك ظرف ما استطعت والله تتصدق، صار معك شيء معين عجزت عن القيام بالعمل.
على الأقل حصلت ثواب ماذا؟ النيات الصالحة اللي ابتدأت فيها يومي. فهذا معنى أن ينوي الخير ويعزم عليه دائماً ولو لم يعمل. حتى لو لم تستطع أن تعمل خلي الخير حاضر في حياتك. نعم. قال يحيى ابن أبي كثير: "تعلم النية فإنها أبلغ من العمل". شوف إيش يقول يحيى بن أبي كثير؟ "تعلم النية" يعني تعلم فن النية، كيف تكون ذكي واستثماري في هذا الموضوع. "فإنها أبلغ من العمل"، يعني النية قد تبلغك درجات كثيرة في الجنة مع إنه فعلياً أنت ما عملت كثير بس إيش كنت ناوي الخير؟ كنت مستحضر إنني أريد وبعد ذلك على حسب السعة والطاقة اعمل. نعم.
في الحديث: "من سأل الله تعالى الشهادة بصدق بلغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه". شوف هذا الشاهد. إذا أنت سألت الله الشهادة بصدق حتى ولو لم يكتب لك الجهاد الفعلي باليد ولم تستطع أن تستشهد فعلياً، بلغك الله منازل الشهداء بسبب ايه؟ نيتك. نيتك الصادقة. نعم. وفي الحديث الآخر: "رجل آتاه الله مالاً وعلماً فهو يعمل بعلمه في ماله ينفقه في حقه، ورجل آتاه الله علماً ولم يؤته مالاً فهو يقول لو كان لي مثل هذا عملت فيه مثل الذي يعمل".
قال: "فهما في الأجر سواء". شايف، رجل ربنا آتاه العلم وآتاه المال، فوظفوه، يا ريت أعطيت مال رح اعمل فيه من الأعمال الخيرة كما فعل فلان. فقال صلى الله عليه وسلم: "هما في الأجر سواء" يعني في أصل الأجر في أصل الأجر هما سواء. لأنه حتى هذا هو يريد لو رزق مالاً أن يعمل أعمال خيره فيه.
شايف هي النية، أنت تكون تنوي يا رب أني أصير مثلاً مهندس حتى أفعل كذا وكذا لأمتي، مثلاً. هذه النية أنت مثاب عليها حتى لو ما صرت مهندس. بدي أصير طبيب حتى أفعل كذا، بدي أصير مبرمج حتى أفعل كذا. يا أخي لما تنوي تخصص جامعي، لما تنوي مشروع استثماري ما أنت داخل في هالدنيا داخل، خلي عندك نيات جيدة.
لأنه النية الصادقة ستثبت، شو اللي متعبك في النية يعني؟ هل أنت يعني في شيء بيغلبك لما تنوي مني خيره؟ هل راح تتعب؟ ولا هي خاطرة إيمانية صادقة تكون في قلبك في ساعة صفاء. النية ليست صعبة، لكنها توفيق، هذا هو وضوح النية مش صعبة كعمل يعني. مش محتاجة جهد ولا عضلات ولا تعمل الرياضة من أجلها، هي ليست صعبة، لكنها إيش يا جماعة؟ توفيق.
في إنسان يوفق لاستحضار، وبالتالي يحصل نتائج باهرة يوم القيامة. وفي إنسان لا يوفق لاستحضار ف لله حسن النوايا. نعم. اثنين مثلاً، الفكرة الثانية في استثمار النيات، نعم. أن ينوي في عاداته العبادة. تمام.
الفكرة الثانية في الاستثمار الناجح للنيات إنه عاداتك الحياتية اللي بتمارسها، العادات الحياتية اللي بتمارسها طعام، شراب، نوم، رياضة، بتطلع رحلة مع أصحابك، عادات حياتي، مش عبادات، عادات. أنوي فيها أيضاً الخير، أنوي في طعامك وشرابك إنك تتقرب إلى الله. يعني أنت ماكل هذا المنسف ماكله، بإمكانك أنك بس تقول يا رب إن شاء الله هذا بدي يعني يكون هذا اللحم وهذا الرز وهذا اللبن تقوية على طاعتك.
ماكل ماكل، أنوي النوم بدل ما تنام على الفراش كما تنام الدواب والبهائم، خلص بس حاط راسك، والله أكبر، أنوي يا أخي بنومك أن أستيقظ إن شاء الله أتقوى على صلاة فجر، أتقوى على قيام ليل، أجهز جسدي لأعمل أعمال خيره في الصباح. يعني أنت ستمارس ستمارس الأعمال الحياتية، بإمكانك بالاستثمار الذكي للنيات إنك تحصل عليها ثواب عظيم عند الله وتجد نتائج باهرة. تجد في صحيفتك والله هي النومة حصل عليها حسنات كذا وكذا، وأكل المنسف حصل عليها حسنات، بتقول ايه؟ حتى المناسف وحتى النوم وحتى كذا لقات عليه حسنات. نعم. ليه؟ لأنه كان في استثمار جيد للنية ابتداء. نعم.
كان ينوي في طعامه وشرابه ونومه التقوية على الطاعة، وفي نكاحه العفة عن الحرام. وفي نفقة، شوف الحديث الجميل عن النبي صلى الله عليه وسلم: "إنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أثبت عليها". حتى اللقمة تجعلها في في امرأتك. حتى إنك الشباب متزوجين ها، بس يا جماعة. تمام. حتى اللقمة تضعها في في امرأتك أنت تثاب عليها، أي تضعها في فمها. حتى النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "وفي بضع أحدكم صدقة".
يعني حتى وأنت تقضي شهوة النكاح في الزواج الشرعي، وهي أعلى اللذات بالنسبة للشباب، حتى وأنت تقضي هذا استحضر النية، استحضر النية. يقول صلى الله عليه وسلم: "وفي بضع أحدكم صدقة". يعني في ممارسة العشرة الزوجية وهي دافع إنساني غريزي، تستطيع بالاستثمار الذكي للنيات يا أخي حصلت الدنيا حصل معها الآخرة، جيد. قال أن يشرك في نيته فينوي. ثالثاً: من الطرق الذكية في استثمار النيات أن تشرك في النية.
شو يعني أن تشرك في النية؟ إنه عمل واحد أنوي فيه أكثر من نية خيره. العمل الواحد تستطيع أن تنوي فيه، شوف سعة الإسلام، أكثر من نية خيره. مثلاً صيام اثنين، وكان يوم الاثنين من الأيام البيض. هو عمل واحد رح أصوم يوم الاثنين، أستطيع أن أنوي نية صيام الاثنين، وأنوي فيه أيضاً نية ماذا؟ أنه من الأيام البيض. إذا اجا 13 هجري 14 هجري 15 هجري.
أحياناً مثلاً عند الحنابلة، ذبيحة واحدة حده بتذبح في الأضحى، قادرة أنها تكون طبعاً وفق ضوابط شرعية، أن تكون أضحية وعقيقة. يعني نفس الخروف اللي ذبحته تستطيع إذا ذبحته في عيد الأضحى يكون عقيقة عن ابن لك أنت ما عقيت عنه ويكون ماذا؟ أضحية. فعل واحد استطعت أن أجمع فيه نيتين. أحياناً ممكن تزور أخ لك في الله تجمع أكثر من نية. نية والله عيادة مريض لأنه كان مريض، ونية أيضاً أخوة صالحة أجددها معه، ونية برضه طلب علم ممكن نناقش إحنا هي مسألة علمية.
من زيارة واحدة، عمل واحد استطعت أن أنتج العديد من النوايا الصالحة. فهذا أيضاً من الذكاء في استثمار النيات، أن العمل الواحد بقدر ما تستطيع أن تنوي فيه من الأمور الجيدة انوي أربعة، خمس، ست نيات. وهذا يحتاج إذاً إلى إلى ايه يا إخواني؟ أن تتعلم النية. لذلك كان السلف يقولون: "تعلموا النية" يعني تعلم واسأل شيخ هذا العمل إيش في مساحة للنيات؟ إيش بقدر أنوي فيه نيات؟
بدك تروح تتعلم إذا أنت إنسان مهتم عفواً بهذا الجانب. نعم. فينوي بعمله أكثر من عبادة متماثلة في الهيئة ومتوافقة في الوقت، فيحصل ثواب الكل بعمل واحد. والسر في النية، سر النجاح إنك أحسنت النية. نعم. مثاله أن يتوضأ رجل ويدخل المسجد فيصلي ركعتين، ينوي بهما سنة الظهر وركعتي الوضوء وتحية المسجد. شوف ما أجملها، أنت الآن صل توضيت في البيت، توضأت في المنزل وذهبت إلى المسجد.
دخلت المسجد صليت ركعتين، هاتان الركعتان كم نية بتقدر تنوي فيهم؟ بتقدر تنوي أولاً ركعتين سنة وضوء، هم نفسهم ركعتين سنة وضوء، وركعتين تحية مسجد. وممكن ركعتين أيضاً ماذا؟ سنة ظهر، إذا كانت صلاة ظهر. هي بس ركعتين أنت استطعت تجمع ثلاث نوايا، ستحصل ثواب على النية الأولى، وثواب على النية الثانية، وثواب على النية الثالثة من خلال عمل واحد، هذا استثمار ممتاز. نعم.
وتسمى هذه المسألة التشريك بالنية ولها شروطها وضوابطها التي تذكر في بابها. اه طبعاً لأنه هي المسألة بسموها تداخل النيات في الشريعة الإسلامية. طبعاً لها ضوابط وقواعد تدرس في الفقه الإسلامي. رابعاً، ثالثاً، ثالثاً لا خلص هنا خلصنا الاستثمار الذكي في النيات هي ثلاث شغلات حكيناها. أن ينوي الخير ولو لم يستطع العمل، أن ينوي في الأمور العادية نية التقرب إلى الله. ثالثاً أن يتعلم كيف يشرك في النية.
طيب، الآن طبعاً أنتم فاهمين مفرقين إخواني في تصنيف الكتاب يعني، في دائرة مفرغة وفي دائرة سودا. الدائرة السودا بتكون فروع تحت الدائرة المفرغة. إذا شوف دائرة مفرغة بدك ترجع تشوف وين بداية الكلام. فنرجع الآن، إذا هذا كله تعليق على جملة "وإنما لكل امرئ ما نوى". التعليق الأول أن أجر العمل في الآخرة بحسب إخلاص النية. التعليق الثاني أن الإنسان يبلغ بحسن نيته الدرجات العلى وعرفنا كيف يكون ذلك بثلاث أمور.
طيب، الفكرة الثالثة: ضرورة تعيين العمل المنوي، كالظهر والعصر من الصلاة والفرض أو التطوع بالصيام. وبهذا التعيين يحصل تمييز العمل المراد. وبهذا التعيين يحصل تمييز العمل المراد وإن تشابه مع غيره في الصورة والظاهر. فـ إخواني هنا بدي أعود لهذا المخطط اللي رسمناه مع بعض.
لما نقول النية تنتج عمل، العمل أنت تنتظر نتيجته، صحيح. هنا النية دائماً بدك تشرحها بالشرح النية بالمعنى العقائدي، والنية بالمعنى الفقهي. فالنية بالمعنى العقائدي كما قلنا يعني أن تنوي وجه الله سبحانه وتعالى وتقصده. فهنا النية إذا كانت لوجه الله ستحصل نتيجة تتلاءم مع ما نويت، وإذا كانت النية لغير وجه الله ستحصل نتيجة بناء على ما نويت.
كذلك النية بالمعنى الفقهي وهو تعيين العمل المراد، هل هو ظهر عصر فرض نفل؟ فبناء على نيتك أنت عملت، وبناء على ذلك ستحصل نتيجة. فإذا أنت نويت الظهر أن النتيجة ستكون ثواب ظهر، وإذا نويت العصر النتيجة ستكون ثواب عصر. نويت أصلي بهذول الركعتين فرض، إذاً النتيجة ستكون ثواب فرض. نويت أصلي أصلي نفل، النتيجة ستكون نفل. نويت قضاء رمضان، النتيجة قضاء رمضان. نويت لا صوم تطوع النتيجة صوم تطوع.
فكذلك إذا النية، عمل، نتيجة، هذا المخطط على المعنيين للنية. المعنى العقائدي، وكذلك على المعنى الفقهي. ولذلك هنا لما قال: ضرورة تعيين العمل المنوي، هنا نتكلم عن النية بالمعنى الفقهي. لازم تحدد طبيعة عملك فرض، نفل، وضوء، غسل. طيب إذا غسل، غسل جمعة ولا غسل جنابة؟ لازم تتعلم كيف تنوي هذه النيات.
طيب فالنية تميز بين العبادات والعادات، فغسل الجنابة وغسل الجمعة وغسل التنظف والتبرد متماثلة في الصورة. لكن ميزت بينهما النية، فهذا واجب وذاك مستحب والأخير مباح. نعم. أنت في النهاية جلست تحت المروش والدش، و عليك مية، شو رح يفرق إنه هذا واجب ولا مستحب ولا مباح؟ هذا الحمام اللي أخذته نيتك.
إذا نويت في الجنابة أخذت عم، نتيجة غسل جنابة. إذا نويت في التنظف اللي كان الرائحة طيبة أمام المسلمين، والله حصلت نية مستحبة. نويت في بس التبرد أنه أنا والله حران وبدي دوش مش أكثر من كده، يعني حصلت نية مباح لا أكثر من ذلك. نعم. وتميز بين أجناس نفس العبادة، فصورة صلاة الظهر وصلاة العصر واحدة، فرقت بينهم النية.
وكذا صيام التطوع وصيام النفل، لكل أحكامه، ميزت بينهما النية. وعليه فقوله: "وإنما لكل امرئ ما نوى" صلى الله عليه وسلم من جهة حصول الأجر والثواب من عدمه. إذا "وإنما لكل امرئ ما نوى" إذا هي أصبحت تشمل أمرين. من حيث قبول العمل والثواب عليه وهذا بناء على النية بالمعنى العقائدي. و اقرأ مرة.
قال: من جهة حصول الأجر والثواب من عدمه، ومن جهة تعيين العبادة. و ومن جهة تعيين العبادة وهذا النية بالمعنى الفقهي. نعم. قال: فله ما نوه وقصده. تنبيه: الفرق بين جملتين سابقتين. أن قوله "إنما الأعمال بالنيات" تقرير للأصل من قيمة الأعمال بحسب صلاح النيات وفسادها كما قلنا. إذا هذا هو المخطط.
إذا عندنا جملتان، الجملة الأولى تتكلم عن قيمة العمل، قيمة العمل بناء على النية. طيب. وأما قوله، وأما قوله: "وإنما لكل امرئ ما نوى" بيان لثمرة العامل وحظه وما يحصله من عمله. و النتيجة اللي هي الثمرة، النتيجة هي الثمرة. نعم. قال: وهو بحسب ما نوه وقصده. ثالثاً انتقلنا إلى الجملة الثالثة في الحديث. قال صلى الله عليه وسلم: لأن هذه الجملة الثالثة هي تفصيل أو خلينا نسميها ضرب مثال.
النبي عليه الصلاة والسلام وهذا من نهج الإسلام العظيم، شوف الأسلوب الراقي. النبي عليه الصلاة والسلام وضع لك قاعدتين، بعدين ضرب لك مثال. "إنما الأعمال بالنيات" و"إنما لكل امرئ ما نوى" الآن عليه الصلاة والسلام بده يعطيك مثال على "إنما الأعمال بالنيات" و"إنما لكل امرئ ما نوى". فقال: "فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله".
الآن الهجرة عمل، صح؟ الهجرة عمل. ماذا بماذا ستختلف هجرة عمر بن الخطاب من مكة إلى المدينة عن هجرة مهاجر أم قيس؟ عمر بن الخطاب ومهاجر أم قيس، شو الفرق بين هجرة هذا وهجرة هذا؟ الاثنين قطعوا نفس المسافة، الاثنين قطعوا نفس المسافة من مكة إلى المدينة. طب ما الفرق في النهاية بين هذا وهذا؟ بين عمر وأبو بكر وعثمان والذين هاجروا، وبين مهاجر أم قيس؟ النية، مع إنه صورة الشيء في النهاية واحدة، نفس المسافة 400 كيلو تم قطعها.
لكن هناك من نوى بهذه الهجرة شيئاً شريفاً عالياً، وهناك من نوى بهذه الهجرة أمراً من أمور الدنيا وبناء على ذلك النتائج. نعم. هنا ضرب النبي صلى الله عليه وسلم بالهجرة مثالاً على ما سبق تقريره، ثم سائر العبادات حذوها. فالفاء في قوله فمن تفريع على ما سبق. هي تسمى الفاء التفريع، يعني إذا عرفنا ما سبق يتفرع على هذا أن من هاجر إلى الله ورسوله فهجرته أي، تسمى في علم اللغة العربية الفاء التفريع. نعم.
من أراد بهجرته الله والدار الآخرة ونصرة الإسلام وتقوية المسلمين فهذا هجرته شرعية مقبولة، يجد مدخرة له يوم القيامة. طيب، طبعاً لاحظوا هنا إنه هي جملة شرطية صح؟ "فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله". بعض بيقول أنا شايف إنه جملة الشرط هي نفسها جملة الجواب. تمام، إذا زرت خالد فقد زرت خالد، يعني ما هي، طب ليش، ليش في تكرار؟
فهمتم الآن؟ البعض ممكن يستشكل هذه، النبي عليه الصلاة والسلام يقول: "فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله". لماذا جملة الشرط هي نفس جملة الجواب؟ هي هي نفسها من حيث الشكل لكن من حيث المعنى لا، هي مختلفة. المراد "من كانت هجرته إلى الله ورسوله" نية وقصداً. فـ"هجرته إلى الله ورسوله" نتيجة وجزاء. لازم تقدر هذا التقدير هذا.
لذلك اتحدت جملة الشرط وجملة الجواب لكن معناها مختلف. "فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله" نية وقصداً، فاكمل الحديث "فهجرته" اسمها "إلى الله ورسوله" ثواباً وجزاء. فـ يعني فستحصل نتيجة من هاجر إلى الله ورسوله، وانعم بها من نتيجة، وانعم به من جزاء. طيب قال: "ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هجر إليه". ثم قال: ومن.
كانت هجرته نية إلى دنيا يصيبها، هاجر بس من أجل دنيا، هاجر من أجل يتزوج بامرأة. قال: فنتيجة قرر النبي صلى الله عليه وسلم هذه النوايا الدنية، قال: "فهجرته إلى ما هاجر إليه" حتى ما لم يذكر شيئاً، "إلى ما هاجر إليه" من أمور الدنيا التافهة. بخلاف الأول قال: "فهجرته إلى الله ورسوله"، أعطاه الاسم الشرف العظيم له. نعم.
فمن قصد بهجرته تجارة أو خطبة، فيكفيه من الأجر حصول ما قصده من متاع الدنيا وليس له من أجر الآخرة شيء. في الأثر عن شقيق قال، قال عبد الله من هاجر يبتغي شيئاً، فهـ، قال عبد الله بن مسعود. نعم، قال: هاجر رجل ليتزوج امرأة يقال لها أم قيس، وكان يسمى مهاجر أم قيس. يعني شوف الفرق الهائل بين رجل يقال له مهاجر إلى الله، ورجل يقال له مهاجر فلانة. يعني حتى الاسم يختلف، حتى الاسم والشرف يختلف. نعم.
فائدة: قال ابن رجب رحمه الله: وفي قوله "إلى ما هاجر إليه" تحقير لما طلبه من أمر الدنيا واستهانة به حيث لم يذكره بلفظه. فلم يقل: "فهجرته لدنيا يصيبها" أو "امرأة ينكحها". شوف، يعني في الجملة الأولى قال: "من كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله". طيب في الجملة الثانية ليش قال: قال "فمن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها"، لماذا لم يقل على غرار الجملة الأولى "فهجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها"؟ لماذا لم يكن الجواب نفس الشرط؟ استحقاراً. نعم.
رابعاً: أن الهجرة تطلق في النصوص على أحد معنيين. معنى خاص وهو الانتقال من مكة إلى المدينة وهي التي كانت وهي التي كانت بداية العهد النبوي. حين كانت مكة دار كفر والمدينة دار إسلام حكمها انتهت بفتح مكة حيث أصبحت دار إسلام. قال صلى الله عليه وسلم: "لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية". معنى عام وهو الانتقال من بلد الكفر إلى بلد الإسلام حكمها باقية إلى يوم القيامة.
إذاً الهجرة إخواني أيها الكرام في زمن النبوة، في زمن النبوة كانت تطلق الهجرة على من هاجر من مكة إلى المدينة. ولكن بعد فتح مكة السنة الثامنة من الهجرة، وأصبحت دار إسلام ما عاد في هناك هجرة من مكة إلى المدينة، لأن مكة أصبحت داراً من ديار الإسلام. لكن بقيت الهجرة بالمعنى العام وهي الهجرة من بلاد الكفار إلى بلاد الإسلام. وهذا المفهوم قائم إلى يوم القيامة وإلى يومنا هذا.
وللأسف كثير من الشباب وكثير من الناس تجد طموحه بعد لما يخلص جامعة يذهب يعمل في بلاد الكفار أو يعيش فيها، يفتح باب رزق. وهذا حرام، وهذا حرام إلا للضرورة القصوى. للضرورة القصوى، يعني إنسان مطارد في بلده، بعرف القصص هذه، إنسان يعني سيهلك جوعاً. سيهلك جوعاً إذا لم يذهب ليأكل لقمة عيش في بلاد الكفار كما يحصل مع إخواننا المهجرين من الشام وغيرها، كما حصل مع فرج الله قربه.
هذه حالات اضطرارية مفهومة. أما إنسان متعايش في بلاده الإسلامية، على ما عندنا من المنكرات بس يبقى الحمد لله بنسمع التكبير وهي الأذان والأمور طيبة، أن يهاجر إلى بلاد الكفار بدون ضرورة هذا حرام، وهذا باق إلى يوم القيامة. للأسف إحنا اليوم مع التمييع في الأفكار العقدية والفكرية أصبح الناس يعني يقول لك يا أخي ما هي كل الدنيا خربانة وكذا وكذا. لا، هو في شهوة عندك في نفسك وأنت تحاول أن تبرر هجرتك إلى بلاد الكفار.
إنه يا أخي في منكرات في بلاد المسلمين، يا أخي في معاصي، يا أخي في كثير من الأحكام الشرعية لا تطبق، في أشياء كثيرة، هي شماعات أنت بتحاول تقنع نفسك من خلالها أن تلبي هواك وشهوتك أن تذهب إلى تلك الديار بحثاً عن الرفاه الاجتماعي ولا الحياة ولا ما شابه من ذلك. علينا أن نعرف إخوانا أن هذا أصل عظيم من أصول الإسلام وهي ضرورة أن يعلم الناس أن الهجرة من بلاد الكفار إلى ديار الإسلام وتكثير سواد المسلمين وهذا بعد فقهي عظيم في هذه المسألة.
يعني أنت ليس فقط، وإن كان هذا أعظم الأمور أن نمنع أن تذهب إلى بلاد الكفار حماية لدينك، وإن كان هذا هو الأصل أن تحمي دينك ودين عائلتك وأولادك. لكن هناك مقصد آخر وهو أن يكون المسلمون البا واحداً ومجتمعاً واحداً وكلهم مع بعضهم البعض في نفس البقعة، وأن يكثر المسلم سواد المشركين. أنت لما تقيم معهم وتدفع لهم الضرائب وتقوي اقتصادهم وتلبي علومهم أنت ترى تخدمهم، يعني أنت تخدم الكفار، أنت تخدم الكفر.
بدلاً من أن تخدم بلاد الإسلام والمسلمين على ما عندنا من المنكرات. بخلاف ذاك الشخص اللي بيفكر يفتح مشاريع في بلاد المسلمين وشركات ومؤسسات ويوظف هؤلاء الشباب خريجي الجامعات ويجد لهم فرص عمل. لا صاحب المال للأسف كثير منهم بيفكر بطريقة نفعية شخصية. إنه أغادر إلى أوروبا وال أمريكا وأفتح لي مشروع وأستثمر وهناك بعيش حياة الشباب المسلم المجتمعات كل واحد يدبر حاله، ها الأنانية يرفضها الإسلام.
أنت ربنا فتح، ما عنا مشكلة، استثمر واشتغل واربح وجيب أموال وأصبح غنياً، لكن لا تفكر بنفسك فقط. فكر بمجتمعك وأمتك ودينك، هذه قضية أساسية ومهمة في تقرير الهجرة إلى الله ورسوله. اقرأ. حكمها باقية إلى يوم القيامة من دار الكفر التي لا يستطيع المسلم فيها إظهار شعائر دينه إلى دار الإسلام. في الحديث: "لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة، ولا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها".
وهذا يدل على أن الهجرة ستبقى إلى أن تطلع الشمس من مغربها في آخر الزمان ستبقى. طيب. ويدخل في معنى الهجرة بالمفهوم الشرعي ما ذكرنا في بداية المحاضرة أن يهاجر الإنسان الذن، أن يهجر الإنسان الذنوب والمعاصي. طبعاً فقط ب ارجع نقطة عفواً على الهجرة من بلاد الكفار إلى ديار الإسلام. في هناك نقطة أيضاً يعني من أحب أن يكتبها يكتبها.
هناك أيضاً هجرة من ديار المعاصي إلى ديار الصالحين، ومن ديار البدع إلى ديار أهل السنة والجماعة، وهذه ذكرها العلماء. يعني كما أنك تهجر دار الكفر إلى دار الإسلام أيضاً من الهجرة العملية أن تهجر أرض المعاصي إلى أرض الخير والصلاح. شخص يعيش في عمان في حارة أو في مكان كثير النساء المتبرجات فيه وهو يقع كثيراً في فلتان النظر فيه، ومنطقة لا يوجد فيها مسجد، وكلما يعني خرج أو نزل تذكره بالمعاصي. هذا يلزمه أن ينتقل إلى حي آخر في عمان أو مكان آخر لا تكون فيه هذه المعاصي والذنوب.
من يعطيني دليل على الهجرة من أرض المعاصي إلى أرض الطاعة في حديث مشهور؟ أحسنت اللي قتل 99 نفس. مش راح على الشيخ الأول قال له هل لي توبة؟ قال له لا خلص عليه، كمل على 100. بعدين راح على الشيخ الثاني قال له هل لي هجرة عفواً هل لي توبة؟ قال نعم، بس هناك شرط لتوبته، اهجر أرض قومك فإنها أرض سوء. فالرجل صادق حمل نفسه وأراد يهجر هذه الأرض، ليش؟ أرض سوء. واضح أنه هذا الرجل في حواليه أصحاب في هذيك القرية زعران بيموهوا القتل، وبيعلموا هذه الحركات وبيعلموا السفه. هؤلاء الأصدقاء اللي حواليه، كل ما شافهم بيتذكر المعاصي كلما رآهم يهيجون له هذه القضايا.
فالشيخ الثاني عالم فقيه عرف أنه هذا الإنسان لن تستقيم له توبة إلا إذا ترك البقعة اللي هو عايش فيها، وانتقل إلى أرض صالحة فيها أناس صالحين يعينونه على طاعة الله سبحانه وتعالى. فدائماً هذا مفهوم عام في الشريعة الإسلامية. أنه بعض الناس فقط فاهم الهجرة من بلاد الكفار إلى ديار الإسلام، لكن حتى في ديار الإسلام ترى البقاع بتختلف. في أحياء وحواري ومدن سبحان الله الشهوات فيها شديدة والأماكن المنكرات فيها كبيرة.
وبالتالي أنت عم تسقط أنت عم تقع فيها، يلزمك أن تهاجر إلى قرية فيها صلاح أو فيها خير أو حي أقل فيه تلك المنكرات حتى تحافظ على دينك. أيضاً من الهجرة أن تهجر أرض فيها أهل البدع إلى أرض فيها أهل الإسلام، عفواً فيها أهل السنة والجماعة. فأهل البدع في الجملة مسلمون، أليس كذلك؟ هم مسلمون لكن يقعون في بدع عقدية أو بدع عملية وعم بتأثر عليك وعم بتورث شبهات في دينك، وأصبحت تخشى أن تصبح على طرائقهم وعلى مللهم.
فهنا نعم يلزمك أن تهاجر إلى أرض يكثر فيها أهل السنة والجماعة وأهل الخير والصلاح. فهذه أيضاً من مفاهيم الهجرة العملية. وأما الهجرة المعنوية الإيمانية فهذه هجرة ينبغي أن تفعل كل يوم وهي قلناها في بداية المجلس. أن تهجر الذنوب والمعاصي إلى أعمال الخير والطاعة والإيمان. هذه لا عذر فيها لأحد، يعني الهجرة العملية بالجوارح ماشي بحكي إنه كل إنسان ربما تعرض له ظروف.
أما أن تهجر بقلبك الخطرات الرديئة، أن تهجر بقلبك الأفكار المـؤمِة، أن تهجر التفكير الدائم بالشهوات والمعاصي إلى التفكير بالأمور الطيبة والنافعة وإلى الأعمال الخيرة والمنتجة. هذا عمل يومي لا ينبغي للمسلم أن يقصر فيه ولا عذر لإنسان حقيقة أن يقصر فيه. كلنا يستطيع ذلك يومياً. هذا مفهوم عظيم وتذكروا دائماً النية هي تنتج العمل، والعمل إنما النتيجة التي ستحصل عليه بناء على صلاح النيات وصوابها. هذا تأسيس للحديث الأول.
دعونا نشرع يعني رويضة في الحديث الثاني استغلالاً للوقت اليوم، لكن لن أستطيع أن أكمله كاملاً. بسم الله. بسم الله، الحديث الثاني عن عمر رضي الله، رضي الله عنه أيضاً، قال: بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم، إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر، لا يرى عليه أثر السفر ولا يعرفه منا أحد، حتى جلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأسند ركبتيه إلى ركبتيه، ووضع كفيه على فخذيه.
وقال يا محمد عليه الصلا، أخبرني عن الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا. قال: صدقت. فعجبنا له يسأله ويصدقه. قال: فأخبرني عن الإيمان، قال: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره. قال: صدقت. قال: فأخبرني عن الإحسان، قال: أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك. قال: فأخبرني عن الساعة.
قال: ما المسؤول عنها بأعلم من السائل. قال: فأخبرني عن أمارتها. قال: أن تلد الأمة ربتها وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان. قال: ثم انطلق فلبثت مليا ثم قال لي يا عمر أتدرى من السائل؟ قلت: الله ورسوله أعلم. قال: فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم. رواه مسلم.
هذا الحديث مشهور عند أهل العلم باسم حديث جبريل، اسمه حديث جبريل. جبريل عليه السلام، أنا سأعرض عرضاً عاماً ثم ندخل في التفاصيل. جبريل عليه السلام أتى على صورة رجل، أتى على صورة رجل شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر، لكن أهل المدينة لا يعرفونه. قالوا: من هذا الرجل؟ لا يرى عليه أثر السفر، مش مبين إنه غريب يعني جاي من سفر ولا يعرفه منا أحد. حتى جلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة متفاجئون من جرأته، وأسند ركبتيه إلى ركبتيه، حط الركب على الركب، وقال: يا محمد صلى الله عليه وسلم أخبرني عن الإسلام. فأجابه، قال: صدقت. والصحابة متعجبين.
يعني الإنسان اللي بيسأل في العادة ما بيقول صدقت، إنه كيف عرفت إنه صدق؟ كيف عرفت إنه صدق؟ هذا مما زادهم عجباً. ثم سأله عن الإيمان، ثم سأله عن الإحسان، ثم سأله متى الساعة. قال النبي عليه الصلاة والسلام: "ما المسؤول عنها بأعلم من السائل" ما بعرف زي ما أنت ما بتعرف. قال طب أعطيني علاماتها؟ فذكر شيئاً من العلامات سيأتي معنا. ثم انطلق هذا الرجل.
فالنبي صلى الله عليه وسلم لبث ملياً، وقيل هذه ملياً البعض قال أنها ساعات، البعض أنها قال ثلاثة أيام بناء على رواية أخرى. ثم قال للصحابة: تذكروا هذا الرجل الذي جاءكم ولم يعرفه منكم أحد؟ قالوا: نعم يا رسول الله بس ما عرفناه. قال: هذا جبريل أتاكم يعلمكم دينكم. إذاً جبريل نزل من السماء ليعلمنا جميعاً. هذا التعليم ليس للصحابة فقط.
جبريل نزل من السماء ليعلمنا نحن أمة الإسلام، ليعلمنا أمر ديننا. فحري بالمؤمن أن يتعلم أمر دينه، يعني يكفيك شرف أن الذي جاء ليحصل لك هذه المعلومات من جبريل عليه السلام. يعني هذا مش موقف من صحابي أو من أعرابي فقط لا، هذا موقف من السماء. وبالتالي ينبغي للمسلم أن يتلقاه بالاحتفاء والاهتمام، لأن المعلومات الواردة في هذا الحديث عظيمة جداً جداً. لذلك استحقت أن ينزل جبريل يسأل عنها، لأن المعلومات اللي في الحديث عظيمة ومحور وأساسية.
استحقت أن ينزل جبريل من السماء حتى هو الذي يسأل عنها وليس أي صحابي آخر يبادر بسؤال هذه الأمور. طبعاً بحمد لله أكثر ه الأمور شرحناها في مقرر العقيدة. فلن أطيل يعني في شرح تفاصيلها المتعلقة بالإيمان والإسلام والفرق بينهما وأركان الإيمان، يعني أسهبنا فيها بحمد لله ما فيه الكفاية. لكن سنعلق على الأمور العامة اللي واردة في الحديث. اقرأ المفردات.
قال: رجل شديد بياض الثياب، إشارة إلى حسن هيئته وثيابه. نعم، لما تكون الثياب بيضاء إخواني، ما عليها يعني يسامحوني قاذورات، دلالة على أن هذا الإنسان ليس آتياً من سفر. الإنسان لما يكون جاي من سفر بتكون ثيابه مغبرة، خاصة في الصحراء العربية القديمة، الثياب مغبرة وكذا وعليه. لكن هذا الرجل ثوبه أبيض أبيض أبيض دلالة على ماذا؟ إنه لم يقدم من سفر، طب مين هذا الرجل؟ الأصل يعني أهل الحي الأصل بيعرفوا مين السكان الموجودين فيه وهم استغربوا إنه لا يظهر عليه أثر السفر، لكن ثيابه بيضاء. نعم. شديد سواد الشعر إشارة إلى كونه شاباً.
إلى كونه شاباً، وإلى أنه كما قلنا لا توجد غبرة على شعره. لا يوجد غبرة على شعره دلالة على أنه يعني مضبط حاله أيضاً وجاي. نعم. لا يرى عليه أثر السفر لكونه شديد بياض الثياب وسواد الشعر وحال المسافر على خلاف ذلك. لا يعرفه منا أحد، إشارة إلى أنه ليس من أهل المدينة، ويحصل العجب بأن لا يكون من أهل المدينة ولا قادماً من سفر. هنا حصل العجب، إنه لا هو من أهل المدينة ولا قادم من سفر، طب من وين جاء؟ نعم. قال: إن استطعت إليه سبيلا في الحج وردت وحج البيت إن استطعت إليه سبيلا.
وهذا معروف أن الحج متعلق بماذا؟ بالقدرة والاستطاعة، أليس كذلك؟ ومن لا يستطيع أن يحج عفا الله عنه. نعم. قال: القدرة والاستطاعة وتفاصيل في كتب الفقه. أماراتها علاماتها التي تدل على قرب وقوعها. ربتها قال: أن تلد الأمة ربتها. طبعاً إخواني الغريب هي الكلمات، الكلمات الصعبة في الحديث أنت بدك ترجع وين وردت الكلمة في الحديث حتى تعرف وين بيشرح. تمام؟ يعني احنا أنت ما بتشرح كل الكلمات، أنت بتشرح الكلمات الصعبة.
لما تتكلم عن الغريب قال: "أن تلد الأمة ربتها"، الأمة بتعرفوا الإماء اللي كانوا موجودين في تاريخ العرب. "أن تلد الأمة ربتها" يعني سيدتها وملكتها. طب ما معنى هذا؟ خلوه بيجي معنا إن شاء الله. نعم. قال: ربا، قال: الحفاة الذين لا يلبسون النعام. ما معنى حفاة؟ الذي يمشي على قدميه بدون نعل، حافي حافي. نعم. العالة الفقراء. رعاء الشاء رعاة الغنم. رعاء الشاء هم رعاة الغنم. نعم.
فلبثنا مالية زماناً طويلاً، قيل ساعات وقيل ثلاثة أيام كما ورد في بعض الروايات. نعم. شرح الحديث: يسمى هذا الحديث بحديث جبريل المشهور، وهو من الأحاديث التي لها حظها من الاهتمام عند أهل العلم. إذ شرح فيه الدين كله، وجمعت فيه مراتبه. وقد ألفت في معانيه رسائل وأبحاث وأبحاث قديماً وحديثاً. نعم. لأن هذا حديث كما قلت يعلمك الدين.
هذا الحديث إخواني يخبرنا أن الدين ثلاثة أقسام، الدين ثلاثة أقسام، إسلام ثم إيمان ثم إحسان. هي اسمها مراتب الدين، أدناها مرتبة الإسلام. إذا أنت أصبحت أقوى وأقوى إيمانيا وسلوكياً انتقلت لمرتبة إيمان. إذا أنت ارتقيت أكثر وأكثر في العمل أصبحت في مرتبة إحسان. وفي داخل كل مرتبة في هناك تفاصيل. إنه سألوا ما الإسلام، ثم ما الإيمان ثم ما الإحسان. فهذا كلام جملي.
طيب نبدأ بالفائدة الأولى في هذا الحديث يخبر عمر رضي الله عنه بحديثه شاهدا زمن النبي صلى الله عليه وسلم. وهي مجيء رجل غريب بهيئة وصفه حسنة ليجلس بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم جلسة المتعلم. لاحظ الأدب في جلسة جبريل. جلسة جبريل جلسة متعلم. بعض الناس في مجالس العلم يعني بتلاقيه الله يكرمه ماخذ أريحه زيادة عن اللزوم. صحيح؟ يعني راي مد رجليه والدنيا رايحه، لا. جبريل جلسة متعلم.
وبعض الناس برضه بغفي ورايح ونام. وجيد نصحيه يا شباب يعني، لا. جبريل واضع جلسة المتعلم. وهي أنه أسند ركبتيه، طبعاً جلسة المتعلم يعني يعني كما جلس هذا الأخ جلسة عادية تضع ركبتيك على الأرض. طيب. قال: ثم طرح عليه عدة أسئلة وفي ذلك توجيه إلى أهمية التزود من العلم والحرص عليه.
من خلال توجيه السؤال لأهل العلم فـ بس يستنطق العالم وتستخرج درره من العلم والحكمة. والسؤال والجواب من أهم سبل العلم. نعم. لابد الإنسان يسأل إخواني في أمر دينه. للأسف الناس تسأل في الدينار والدرهم، تسأل في الزواج، تسأل في أي أمر من أمور الدنيا. لكن في أمر دينه يأخذ الأمر باستخفاف وعدم اهتمام واحتفاء. وكأن الدين تحصيل حاصل، وكأن الدين بيجي لحاله يا شيخ وربنا غفور رحيم. فيتساهل في السؤال لأهل العلم، ويقع في الموبقات والمنكرات.
ثم بعد ذلك رجل خمسيني أو بعد 50 سنة يسألني عن مسألة. فإذا به ب اكتشف إنه 50 سنة يتوضأ خطأ. طيب خلال 50 سنة وأنت موجود وتعيش معنا في بلدنا، ما فكرت تسأل عن كيفية الوضوء الصحيح وتتعلم؟ واكتشف إنك تتوضأ خطأ على جميع المذاهب الفقهية. هذا يدل إخواني أن في هناك حالة من عدم الاهتمام بالتعلم وعدم الرغبة في حضور مجالس العلم أو الظن أن مجالس العلم والله هي فقط لطلاب العلم أو المتخصصين بالشريعة. إخواني الدين هذا لجميع المسلمين.
يعني نعم في مراتب للمت متخصصين هذه لها مجالسها، لكن في هناك حد أدنى يجب على كل مسلم ومسلمة أن يتعلمه. الدين ليس للعلماء، الدين ليس لطلاب العلم. هؤلاء مرشدون موجهون، لكن أنت مسؤول أمام الله سبحانه وتعالى عن أعمالك، هل جاءت وفق الشريعة ولا لم تأتي وفق الشريعة؟ نعم. قال: ولهذا قال صلى الله عليه وسلم في نهاية الحديث "فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم" من خلال طرح السؤال على رسول الله وأخذ الجواب عنه. يقول ابن شهاب: هو السؤال كيف جبريل أتانا يعلمنا ديننا؟ هو جبريل ما أعطى درس ومين اللي أجاب؟ النبي عليه الصلاة والسلام. لكن المراد: أتاكم يعلمكم دينكم من خلال طرح الأسئلة علي وأنا أجيب. نعم.
ويقول ابن شهاب: العلم خزانه مفتاحها المسألة. افتاح العلم خزائن، كيف نفتحها؟ المسألة، يعني أن تسأل العالم. العالم الرباني عبارة عن صندوق، أنت عليك أنك تسأل عن المسائل الشرعية حتى يفتح لك هذا الصندوق. نعم. ويقول الخليل: العلوم أقفال والسؤالات مفاتيحها. العلوم كأنها مثل قفل الباب، من سيفتح القفل؟ السؤال. إذا سألت تتعلم، وإذا لم تسأل ستبقى جاهلاً. نعم. ثانياً طيب، الفائدة الثانية في هذا الحديث، نعم. أن بين الإسلام والإيمان فرقاً. نعم.
الآن من خلال إجابة النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث إحنا نلاحظ أن السؤال الأول أن جبريل ماذا قال؟ أول سؤال سأله: ما الإسلام؟ صحيح. فالنبي صلى الله عليه وسلم ماذا قال؟ "أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلاً". قال: صدقت. ثم سأل السؤال الثاني، فال: ما الإيمان؟ فقال: "أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره".
ما دام سأل عن الإسلام وعن الإيمان وكانت الإجابة مختلفة، إذا أنت ماذا ستفهم؟ إنه في فرق بين الإيمان والإسلام. هذا أول شيء راح تفهمه بالبداهة، ما دام هنا أعطى جواب هنا أعطى جواب، إذاً هناك فرق بين مفهوم الإسلام وبين مفهوم الإيمان، لازم أفهم الفرق بينهم. لكن هل هذا الفرق بين الإسلام والإيمان دائماً، أم أحياناً يمكن يطلق الإسلام ويراد به الإيمان؟ يمكن يطلق الإيمان ويراد به الإسلام؟
أظن إني أشرت إلى هذا في دورة العقيدة أنني قلت أن الإيمان والإسلام إذا ذكر في حديث واحد، إذا ذكر في حديث واحد يراد بالإسلام شيء وبالإيمان شيء آخر كما ورد معنا هنا. أما إذا ذكر في الآية القرآنية أو في الحديث الإسلام وحده أو الإيمان وحده ففي الأغلب وأنا هون مركز على كلمة في الأغلب. ففي الأغلب يكون المراد بالإسلام نفس المراد بالإيمان، ويكون المراد بالإيمان نفس المراد في الإسلام.
مثلاً عندما يقول ربنا سبحانه: (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ) [آل عمران: 19] هي الآية ما تطرقت للإيمان بس تكلمت: (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ) هنا الإسلام والإيمان بنفس المعنى يشمل الأعمال الظاهرة والأعمال الباطنة، تمام. ولما يقول الله سبحانه وتعالى وينادينا: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) أو يقول النبي صلى الله عليه وسلم "الإيمان بضع وسبعون شعبة"، فالإيمان هنا يشمل الإسلام، ممتاز. أما لما يذكر الإيمان والإسلام في نفس السياق فالإيمان شيء والإسلام شيء آخر.
أيضاً في القرآن مما يدلل على الفرق بين الإيمان والإسلام إذا ذكر في نفس السياق قوله تعالى: (قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا) ليس ما آمنتم، (وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا) ليش خلاهم يقولوا أسلمنا وما يقولوا آمنا؟ لأنه في فرق بين مرتبة الإسلام ومرتبة الإيمان عند التحرير والتفصيل. فهنا نحن بدنا نعرف شو الفرق بين الإسلام والإيمان إذا ذكر في سياق واحد بناء على فهمنا لهذا الحديث. النبي عليه الصلاة والسلام لما شرح الإسلام شرحه بماذا؟ بأعمال ظاهرة.
شهادة أن لا إله إلا الله، إقام الصلاة، إيتاء الزكاة، صوم رمضان والحج. ولما شرح الإيمان لجبريل شرحه بأعمال باطنة "أن تؤمن بالله" يعني أن تصدق بوجود الله وتوحيده زي ما شرحنا في العقيدة، وملائكته وكتبه ورسله وتؤمن بالقدر خيره وشره. فسر الإيمان بأشياء قلبية. بناء على هذا قال العلماء: الإسلام والإيمان إذا ذكر معا فالإسلام يقصد به الأعمال الظاهرة أ الجوارح سواً واللسان. تمام. والإيمان يقصد به الأعمال الباطنة وهي تصديقات القلوب. هذا هو الفرق بينهما إذا ذكر في نفس السياق. اقرأ.
قال فقد فسر النبي صلى الله عليه وسلم الإسلام بالأعمال الظاهرة كما ذكرنا، والإيمان بالاعتقادات الباطنة كما ذكرنا. حتى اختصر المسافة ثم قال. والإسلام والإيمان القاعدة العامة زي ما حكينا هي من الألفاظ التي إذا اجتمعت افترقت. شو يعني إذا اجتمعت افترقت؟ إذا اجتمعت في سياق واحد في حديث واحد أو آية واحدة، افترق معناها. وإذا افترقت يعني ذكر كل واحد وحده في الحديث اجتمعت، يعني كل يدل على ما يدل عليه الآخر. فإذا ذكر الإسلام والإيمان معا في نفس الحديث في نفس الآية، يكون الإسلام يتكلم عن الأعمال الظاهرة أعمال الجوارح، والإيمان يتكلم عن الأمور الباطنة.
ومنه الآيات قاله الأعراب، وإذا ذكر أحدهما منفرداً عن الآخر يكون الإسلام بمعنى الإيمان، والإيمان بمعنى الإسلام كما شرحنا. طيب. الفائدة الثالثة التي تستمد من هذا الحديث أن مراتب الدين كما قلنا ثلاث مراتب: الإسلام ثم الإيمان ثم الإحسان. فيرتقي العبد فيها من منزلة إلى منزلة. طيب. فأوسع هذه الدوائر، لو أردنا أن نرسم الدين على شكل دوائر، تمام، نقول ما هي أوسع دوائر الإسلام؟ ها الدائرة الأولى ها، نقول هي دائرة الدين. أوسع دائرة هي الإسلام.
إذا أنت اشتغلت على حالك أكثر وأكثر مندخلك على الدائرة الثانية وهي دائرة إيمان. والله إذا اشتغلت حالك أكثر وأكثر ظاهراً وباطناً رح تدخل في الدائرة الأصغر وهي دائرة الإحسان. إذاً هي دائرة إسلام، هذه دائرة إيمان، هذه دائرة إحسان. هذه ما بوصل لها إلا اللي اشتغله صح، اللي تعب على حاله صح في حياته هو الذي يستطيع أن يدخل، لذلك هي الأصغر، ليش الأصغر؟ إنه عددها أقل من الناس. يعني أكثر المسلمين هم في الدائرة الأولى، بعدين نسبة ثانية أحسن شوي بتكون في الدائرة الثانية، الأولياء الأولياء اللي اشتغلوا على حالهم هم النصب الأقل، هم في الدائرة الثالثة دائرة الإحسان. طيب اقرأ.
فأوسع هذه الدوائر وأولها دائرة الإسلام التي يدخل بها العبد هذا الدين ويكون ملتزما بالأمور الظاهرة من الأركان الخمسة المذكورة مع وجود شيء من الإيمان في القلب. مع وجود شيء في الإيمان في القلب، هي حطوا لي تحت خط لأني بدي أفهمكم شغله، ممكن تفهم خطأ من الحديث. يمكن تفهم خطأ من الحديث. الآن لما نحكي إنه أغلب الناس هم في دائرة الإسلام، وهي الدائرة الأولى. والنبي عليه الصلاة والسلام شو فسر الإسلام؟ لما قال ما الإسلام؟ ماذا قال؟ "أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله واقام الصلاة وايتاء الزكاة وصيام رمضان وحج البيت". الآن هذه أعمال ظاهرة، صحيح.
طب هل الإنسان يدخل في دائرة الإسلام بالأعمال الظاهرة بدون وجود شيء من التصديق القلبي وهو الإيمان؟ مستحيل. أنت ما راح تدخل أصلاً في هها الدائرة إلا بعد وجود حد أدنى، حد أدنى من الإيمان القلبي اللي هو التصديق القلبي. فإذا عندما نقول إن أغلب الناس هم في الدائرة الأولى دائرة الإسلام وليسوا في دائرة إيمان، نحن لا نقصد إن اللي قاعد في دائرة الإسلام ما عنده إيمان أبداً. هذا مستحيل.
لكن عنده حد ضعيف من الإيمان. فلذلك لم يذكر، بس لازم يكون موجود. لأنه إذا ما عنده هذا الحد الضعيف من الإيمان أصلاً ما راح يكون في دائرة الدين كلها، راح يكون كافر صح ولا لا؟ فإذاً لما نقول أن الأغلب في دائرة الإسلام ولم يدخل في دائرة إيمان، لا يعني هذا أن الذي هو في دائرة الإسلام ما عنده حد أدنى من الإيمان، لازم يكون معه حد أدنى من إيمان، بس لأنه مش قوي مش مشعشع مش قوي لساته ما دخل في دائرة أن نقول إنك إيش؟ مؤمن. صح أنت مؤمن بس.
ضعيف مشان كده ربنا إيش قال للأعراب "لا تقولوا آمنا". الأعراب ما كانوا كفار طبعاً على قول جمهور أهل العلم. لما قالت الأعراب "آمنا" الأعراب نطوا مرة واحدة إلى الدائرة الثانية. ربنا قالهم: شوي شوي ترى أنتم لا لسه ما آمنتم، يعني لم تتمكنوا من الإيمان الواجب. ولكن قولوا إيش؟ أسلمنا، يعني لساتكم في دائرة الإسلام، عندكم إيمان ضعيف لا يجعلك تزكي نفسك وتقول أنا مؤمن، لسه بدك شغل شوي. لم ترتقي لهذه المرتبة.
طيب. إذا اشتغلت على نفسك، ففعلت الواجبات وتركت المحرمات وأصبحت تاماً في هذه المقامات ولا تصدر منك المعاصي إلا فلتات. والآن اللي في داخل دائرة مؤمن هل معناته إنه هذا إنسان ما بيعصي ربنا؟ لا، بضل يعصي. في واحد فينا ما بيعصي؟ ولا لو كان بدخل دائرة إيمان ما بيعصي هذا؟ ولا واحد فينا في دائرة إيمان، أكيد عنده معاصي. بس في فرق بين العاصي اللي هنا والعاصي اللي هنا. اللي عاصي في مرتبة الإسلام هذا ممكن يكون مدمن.
مدمن نظر حرام، مدمن نظر إباحية، مدمن عادات سيئة. أما اللي بده يصل لدائرة إيمان هسا في معاصي 100% بس المعاصي بتكون إيش؟ فلتات، يعني عينه فلتت هون بعدين رجع زبط أموره. قصر في موقف معين طلعت منه كلمة في غير مكانها فتصدر منه معاصي، لكن لا تكون عادات مستمرة متجذرة في حياته. لأنه حتى تنتقل من الإسلام للإيمان بدك تقوي نفسك أكثر وأكثر لتتخلص من العادات السيئة في حياتك.
وتدخل في دائرة مؤمن الذي تكون عنده معاصي، لكن تكون على وجه الفلتات. اللي في دائرة إحسان بتكون عنده معاصي برضه يا شباب، بس بتكون أقل وأقل في الفلتات. يعني قالوا تعد معاصيه في الشهر، تعد معاصيه، فلتاته تصبح محدودة جداً. لأنه يعبد الله كأنه يراه. والإنسان اللي واصل لمرحلة أنه يعبد الله وهو يرى ربه.
طبعاً هي لسة مراد رؤية عينية، مراد رؤية قلبية، شاعر أن الله معه. هذا لشدة حيائه من الله، يعني الغلطة إذا بتطلع منه كمعصية بتكون يعني ها في الأسبوع مرة مرتين. فحجم التفلتات أقل من حجم تفلتات الموجود في دائرة إيمان. نكمل إن شاء الله تعليقنا على هذا الحديث في محاضرة قادمة. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. غراس العلم طريقك نحو علم شرعي راسخ. الصلاة شيخ.