35 دقائق للقراءة
تفريغ مقطع مرئي
0:00/0:00
سجل دخولك للوصول إلى ميزة التظليل والمزيد من المميزات

السيرة النبوية | 9. أمور غريبة تحصل للنبي قبيل بعثته!

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله. اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلاً، وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلاً. اللهم علمنا ما ينفعنا، وارفعنا بما علمتنا، وزدنا علماً. اللهم اجعل عملنا كله خالصاً لوجهك الكريم، ولا تجعل لأحد سواك فيه شيء. يا رب العالمين.

مرحبا بكم أيها الأخوة الأحباب، قبل أن نبدأ، كان سبحان الله يعني اليوم نحن في صلاة الجمعة. كان أحد أصحابنا من أعمدة المسجد، ممن يصلي معنا دائماً في المسجد، وممن يبكر إلى الصلاة. سبحان الله، كنا في آخر الخطبة، فإذا به يسقط ميتاً. وهو من أحبابنا أهل الشام من دمشق، وقد جاء إلى هذه البلاد مع الظروف التي تعرفونها جميعاً.

كان قد اعتقل، وحدثني أنه اعتقل في بداية الثورة السورية، ثم استطاع أن يرشو هؤلاء السفاحين الظلمة، فخرج هنا. ولكن، أنا في خلال هذه السنوات التي سكنت فيها إلى جوار المسجد، كان نموذجاً للذين يحافظون على الصلاة ويبكرون إلى الصلاة، ولا تمنعهم عن الصلاة حر ولا برد. وهذه من حسن الخاتمة، فهو قد مات في آخر خطبة الجمعة، يعني بعد نهاية الإمام من الدعاء.

فانتهزوها فرصة لكم، ولمن سيشاهدنا على يوتيوب فيما بعد. نسأل الله تبارك وتعالى أن يغفر له ويرحمه، وأن يكرم نزله ويوسع مدخله، وأن يسكنه الفردوس الأعلى من الجنة، وأن يجعل هجرته في ميزان حسناته، وأن يربط على قلب زوجته وأولاده. ونسأله تبارك وتعالى أن يجمعنا كما اجتمعنا وإياه في الدنيا في حلق الذكر وفي المساجد، أن يجمعنا في الآخرة في مستقر رحمته ودار كرامته. ونسأل الله تبارك وتعالى أن يحسن ختامنا وختامكم وخاتمة المسلمين.

وهذه الدنيا، قال الله تبارك وتعالى فيها: "إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث، ويعلم ما في الأرض، وما تدري نفس ماذا تكسب غداً، وما تدري نفس بأي أرض تموت". وقال تعالى: "تكونوا يدرككم الموت لو كنتم في بروج مشيدة". قال تعالى: "كل نفس ذائقة الموت، ونبلوكم بالشر والخير فتنة". وقال تعالى: "كل نفس ذائقة الموت، وإنما توفون أجوركم يوم القيامة، فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز، وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور".

ونحن طبعاً نعيش مذابح يومية تحدث لأهلنا في غزة وأهلنا في الشام، وكذلك في السودان وأمور وبلاد أخرى. يعني من لم يمت بالسيف مات بغيره. تعددت الأسباب والموت واحد. وهذه الدنيا دار ممر لا دار مقر، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يزهدنا وإياكم في الدنيا، وأن يرغبنا وإياكم فيما عنده.

وقيل للنبي صلى الله عليه وسلم: "يا رسول الله، من أكيس الناس؟" قال: "أكثرهم ذكراً للموت، وأكثرهم استعداداً لما بعد الموت". وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أكثروا من ذكر هادم اللذات"، وقال صلى الله عليه وسلم: "فإنه ما ذكر في قليل إلا كسره، وما ذكر في كثير إلا قلله".

يعني الموت حين الإنسان إذا كان غنياً وفي سعة وذكر الموت، فإذا الكثير الذي هو فيه يكون قليلاً، وإذا كان في قلة وذكر الموت، فإذا القليل الذي هو فيه يراه كثيراً. فهذه الدنيا أيام، قد مات رسول الله، وقد مات رسول الله، وقال الله له: "وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد، أفإن مت فهم الخالدون".

فهذه تذكرة لنفسي ولكم، ويعني نتواصى بالدعاء أن يرحم الله أمواتنا، إخوان المسلمين أجمعين، وأن يختم لنا بالباقيات الصالحات. يعني هذا أقل الواجب، كل الواجب عليَّ بالنسبة لرجل عاشرته سنوات، فلم يجمعنا إلا المسجد.

نعود إلى ما كنا فيه من حديث السيرة النبوية، فنقول: هذا هو المجلس التاسع في السيرة النبوية، ونحن كنا توقفنا في المرة الماضية عند الأحداث البارزة في حياة النبي صلى الله عليه وسلم قبل الهجرة وقبل البعثة. يعني كنت ذكرت في المرة الماضية أني كنت أنوي الكلام عن زيجات النبي صلى الله عليه وسلم. مع تعرضنا لزواجه من خديجة رضي الله عنها، ثم بدا لي أنه نجمع الكلام في زيجات النبي صلى الله عليه وسلم فيما بعد.

يعني في أواخر السيرة، يقدر الله لنا البقاء واللقاء. فاتنا أن نذكر، يعني من أحداث النبي صلى الله عليه وسلم فيما قبل البعثة، حادثة تبنيه لزيد بن حارثة. وهذه من الحوادث المؤثرة والتي تظهر أخلاق نبينا صلى الله عليه وسلم وتظهر وفاءه كذلك. وزيد بن حارثة هو مولى النبي صلى الله عليه وسلم، والمولى بمعنى العبد. وكما تعرفون كانت العبيد، كانت الحروب ليس فقط عند العرب وإنما عند العرب وغيرهم من الأمم، من الفرس والروم وغيرهم.

فكان القوم إذا غلبوا الآخرين استعبدوا أولادهم، وكذلك اتخذوا نساءهم جواري. ففي غارة من غارات العرب على بني كلب، أسر زيد بن حارثة وقد كان غلاماً ثم بيع في الأسواق عبداً حتى وصل إلى خديجة، فاهدته خديجة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فكان مولاه.

ولأن مكة، كما ذكرنا، كانت مركز تجارة عالمي، وكان فيها يحج الناس إليها، فبعض من عرف زيد بن حارثة في مكانه رآه في مكة وعرف أنه مولى عند النبي صلى الله عليه وسلم، فأخبر أهله بذلك. يعني أخبر أهل زيد بأن ولدهم قد صار في جوار واحد من قريش. هرع أهله إليه يريدون أن يستنقذوا ولدهم من الرق، من العبودية. فجاء أبوه وعمه حتى وصلوا إلى مكة، ووصلوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وكان ذلك قبل بعثته.

فقالوا له: "يا ابن عم، قد عرفنا أنك من خير الناس ومن أحسن الناس أخلاقاً، وإن لنا عندك ولداً؟" قال: "وأي ولد هو؟" قالوا: "زيد، فنحن نعظم لك فيه". يعني المال الذي دفعته في شرائه نعظم لك فيه، ورده علينا.

قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أفلا أدلكم على خير من ذلك؟" قالوا: "وما ذاك؟" قال: "ادعوه، فإن اختاركم فهو لكم، وإن اختارني فما كنت أوثر بالذي يختار علي أحداً". يعني لا أختار من يختارني. فقالوا: "والله، هذا من الكرم، لأنه أفضل مما تصوروا".

فاستدعى النبي صلى الله عليه وسلم زيداً، قائلاً: "يا سيد، أتتعرف هذين؟" قال: "نعم، هذا أبي وهذا عمي". قال: "فإنهم يريدونك أن ترجع معهم". فقال: "ما كنت بالذي أختار عليك أحداً"، صلى الله عليه وسلم.

فأنت ترى في جواب زيد رضي الله عنه مدى ما كان يتمتع به النبي صلى الله عليه وسلم من حسن الخلق. أنه يفضله الناس في الجاهلية على آبائهم ويفضلون العبودية في ظله على الحرية بأقوامهم. طبعاً استغرب أبوه وعمه أمراً ما لم يكن متوقعاً أبداً، فقالوا: "ويلك، تختار الرق وما أنت فيه من العبودية على أن تعيش في قومك وأهلك؟" قال: "لقد رأيت من هذا الرجل ما لم أره من أحد قط".

فالنبي صلى الله عليه وسلم خرج إلى بطحاء مكة، يعني الساحة الكبيرة في مكة، يعني بمصطلحنا الآن، مش ميدان التحرير أو ميدان تقسيم، لا، بمصطلحنا الآن على التلفزيون، وقال: "يا أهل مكة، اشهدوا أن زيداً ولدي، وأنا والده يرثني وأرثه". وبذلك لم يعتقه فقط وإنما اتخذه ولداً. وهذا أيضاً فوق الكرامة. ولذلك نبينا صلى الله عليه وسلم كان يجزي فوق ما يتوقع من أكرمه ومن أحسن إليه.

فهذا يعني هذا موقف يدلنا على أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم وعلى حضوره في مجتمعه. وظل يقال زيد بن محمد حتى نزل قول الله تبارك وتعالى بإبطال التبني، وذلك في العام الخامس للهجرة حين نزلت سورة الأحزاب، وفيها قول الله تعالى: "ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله، فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم".

الآن نحن لو أردنا أن نتوقف عند حياة النبي صلى الله عليه وسلم قبل البعثة. يعني نحن الآن اقتربنا من عمر الأربعين، وأردنا أن ننظر في حياة النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الأربعين سنة.

سنرى أن هذه الأربعين سنة في حياة النبي صلى الله عليه وسلم هي حياة رجل عادي. يعني لا أقول عادي بمعنى أنه مثله مثل الناس، بل هو مميز على هذا المستوى، ولكن حياة رجل لم يكن يطمح إلى الزعامة، لم يكن يطمح إلى السيادة. لم تبدُ عليه أخلاق أنه ينافس على السلطة.

يعني الطبيعي في الزعماء والقادة والسياسيين وأصحاب المواهب أنه تنشأ لديهم هذه المواهب منذ عصر المراهقة وعصر الشباب. يعني أنت إذا تأملت في سير الذين تولوا زعامات قومهم، تكاد تجدهم منذ البداية وهم رئيس على الأولاد في فترة صباه، رئيس على الشباب في فترة الشباب. أما أن يكون الرجل عادياً هادئاً ساكناً، يتجنب ما كان عليه قومه من الباطل، حتى يعني لا يشبههم به، هو يتجنبه، لا يقاومهم فيه، لا يحاول تغييرهم عما كانوا عليه، ثم يأتي بعد هذه الأربعين سنة ليُعْلِنَ أنه نبي، وأنه قد أُرسل إليه.

فهذه من حكم الله تبارك وتعالى في أن الأنبياء يبعثون عند الأربعين، لأنه يندر جداً أن يتغير أو ينقلب ميزان الإنسان بعد الأربعين سنة. هذا نادر جداً. الأمر الثاني، وهذا الأمر الحقيقة لفت النظر إليه الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل، فك الله أسرّه. وهو الشيخ حازم يقول: وأنا الذي لفت نظري إليه أحد الأوروبيين حين كنت أكلمه في الإسلام. يقول الرجل اندهش وانتبه إلى أن حياة النبي صلى الله عليه وسلم تلاثة وستين سنة، حياته في الرسالة تلاثة وعشرين سنة فقط، بينما أربعين سنة من حياته هو نفسه لم يكن يعرف أنه نبي، ولا تكلم في دعوى النبوة.

يقول هذا الرجل الأوروبي المسيحي، لأنه طبعاً الأوروبي المسيحي هذا يقيس على الاستثناء الوحيد في حياة الأنبياء تقريباً، وهو سيدنا عيسى، أنه سيدنا عيسى قال إنه نبي، متى؟ في لحظة ولادته، قال: "إني عبد الله، آتاني الكتاب وجعلني نبياً". وسيدنا عيسى مات وهو في الثالثة والثلاثين من عمره. يعني رُفع وهو في الثالثة والثلاثين من عمره. وهنا أيضاً يجب التنبيه على أنه يمكن القول في حق سيدنا عيسى إنه توفي، لأن الله تبارك وتعالى قال فيه: "وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم، أليس إني متوفيك ورافعك إلي"، فيعني إذا عبر أحدهم عن رفع المسيح بالوفاة أو حتى بالموت فإن هذا يصح، وهو ليس بمستنكر، لأنه جاء في لفظ الآية.

فإذا نحن نتكلم الآن عن نبي عاش أربعين سنة، ولذلك لم تظهر عليه يعني علامات أنه يريد أن يسود قومه، ويريد أن يعني يتزعمهم، ويريد أن يحطم ما هم عليه من الباطل. وهذه الأربعين سنة هي أربعين سنة من الصدق والأمانة وحسن الأخلاق، ولم تكن مجرد أربعين سنة يحياها كما يحيا الناس. فهم كانوا يعرفونه في هذه الأربعين بما يجعلهم يصدقونه إذا دعا فيهم بدعوى النبوة. ولذلك نحن ذكرنا هذه الآية أكثر من مرة، ولكن يزيد في معناها الآية التي قبلها، الآية في سورة يونس، يقول الله تبارك وتعالى: "وقال الذين لا يرجون لقاءنا، أئت بقرآن غير هذا أو بدله".

يعني هذه الرسالة، طوف الله تبارك وتعالى يقول: "فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون". وهذا في كلام الأنبياء لأقوامهم أنه: والله أنت كويس، لكن الرسالة التي أنت جاي بها هذه رسالة صعبة، والرسالة يعني ضد مصالحنا، وضد منافعنا، وتثير علينا القوى الدولية والقوى الإقليمية، وتسير علينا عبيدنا.

وقال الذين لا يرجون لقاءنا: "أئت بقرآن غير هذا أو بدله". قل: "ما يكون لي أن أبدله من تلقاء نفسي، إن أتبع إلا ما يوحى إلي، إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم". قل: "لو شاء الله ما تلوته عليكم، ولا أدراكم به، فقد لبست فيكم عمراً من قبله، أفلا تعقلون؟". فاستدل النبي بصدقه على دعواهم: ما يكون لي أن أبدله من تلقاء نفسي.

طيب، لو أن النبي يملك تبديل الرسالة من تلقاء نفسه، أكان يكون نبياً؟ يعني الداعية، الداعية يا جماعة الخير، الداعية الذي يحمل الفكرة، الذي يوصل الرسالة، الذي يبلغ الدين، وظيفته البلاغ. يعني من جلس مجلسي هذا أو جلس مجلساً يرشد فيه الناس، أنا ليس من وظيفتي أن يعني أُطوع الدين ليوافق هواك أو يوافق مصلحتك أو لكي أقنعك به. وظيفة المرسل هي البلاغ.

أن يعرض الدين كما جاءه من الله تبارك وتعالى. واجب عليه أن يحسن هذا العرض ما استطاع، وأن يخلص في هذا العرض ما استطاع، لكن ما يكون له أن يتلاعب بهذا الدين أو أن يغيره أو أن يبدله. ولكي نفهم خطورة هذا الموقف، يجب أن نعرف أن الذين حرفوا الكتب لم يكونوا أعداء المرسلين، بل كانوا أتباع المرسلين.

يعني الذي حرف التوراة، أعداء موسى أم بنو إسرائيل، الأحبار والرهبان؟ نعم، هذا أمر يجب أن ننتبه له جيداً. الذين حرفوا الكتب هم أتباع المرسلين. حينما تداخلت مصالحهم، ويحصل هذا أيضاً للمسلمين مع الأسف الشديد. ولعلنا نأتي في آخر هذه الحلقة إلى شيء من ذلك. تجد المسلم في العصر الحاضر مع ضغط الثقافة الغالبة عليه، مع قوة الأفكار التغريبية، مع شدة البطش والاستبداد، فإنه يذكر من الدين أشياء ويخفي أشياء، أو يتداخل ليتلاعب بالدين وبالذات في الأمور التي فيها ضغط الثقافة الغالبة.

يعني مثلاً، نحن الآن نعيش في عصر الحضارة الغربية، فمسألة تعدد الزوجات، مسألة حقوق المرأة في الميراث، مسألة حرية الحجاب، حرية الارتداد، فكرة جهاد الطلب وجهاد الدفع. المناطق التي فيها تناقض بين الإسلام وبين الحضارة الغربية والفكرة الغالبة، هذه المناطق كثيراً ما ينكسر فيها الداعية إلى الإسلام، فيريد أن يطوع الدين لكي يوافق الثقافة الغالبة.

هذه الآية هي من الآيات التي ترد عليهم: "قل ما يكون لي أن أبدله من تلقاء نفسي، إن أتبع إلا ما يوحى إلي، إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم". وبعدين أنا كنبي، يعني النبي صلى الله عليه وسلم منطق الآية يقول: "لو أني ساتيكم بما تحبون، أنا أصلاً ما كنت تلوته عليكم، ولا أدراكم به، فقد لبثت فيكم عمراً من قبله". لم أحاول أن أفعل هذا، ولم أحاول أن أحملكم على هذا، ولم أحاول أن أكسر أصنامكم أو أن أُسفّهها.

أفلا تعقلون تمام؟ فالآن نحن أمام أربعين سنة من حياة النبي صلى الله عليه وسلم تشهد له بهذا الصدق. الآن، لو تأملنا في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، فسنجد أمراً آخر، وهو أنه صلى الله عليه وسلم نشأ يتيماً، وكلما تعلق في صغره بأحد فقده. فنحن ذكرنا أنه أبوه مات وهو في بطن أمه، ثم نشأ في البادية، وفجأة حصل له حادث في البادية فعاد إلى أمه، ما لبث سنتين عند أمه حتى فقدها، ثم ما لبث سنتين عند جده حتى فقده.

وهنا، وأيضاً هذه من لفتات الشيخ حازم أبو إسماعيل، فك الله أسرّه. كان يقول إنه لو تأملنا لوجدنا أن الأنبياء الثلاثة أصحاب الدعوات الكبرى كانوا أيتاماً. يعني نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ولد يتيماً، سيدنا عيسى ولد بلا أب، سيدنا موسى أيضاً كان أبوه قد مات، وإنما ربته أمه في قصر فرعون.

وبعض العلماء الذين يفسرون قول الله تعالى: "وإذ قال إبراهيم لأبيه آزر"، بعض العلماء يقولون إن آزر كان عمه، وخصوصاً أن علماء الأنساب يقولون إن أبى إبراهيم كان اسمه تارح أو تارخ، على حسب الخلاف. فحتى إذاً، يعني لو أننا أضفنا إلى هذا، فالأربعة من الأنبياء أولي العزم من الرسل، يعني أربعة من خطبة. نحن لا نعرف عن سيدنا نوح، هذه المعلومة، وعلى الأقل أنا لم أقع عليها، يعني لم أَرَها.

لكن الآن نحن نتكلم إنه صفوة الصفوة من الخلق، أفضل البشر على الإطلاق كانوا أيتاماً، على الأقل ثلاثة منهم كانوا أيتاماً بلا أب، ولا شك أن هذا يشبه فيه من يعني اليتيم الذي ينشأ في أي وقت في أي زمان ومكان يتشابه في هذا الفضل مع النبي ومع الأنبياء رضوان الله، صلوات الله عليهم أجمعين.

ذكرت في حلقة سابقة بأنه أحد علماء النفس أو الاجتماع، كان تتبع الملحدين، أشهر الملحدين وذكر أن هؤلاء الملحدين في كتابه "الإيمان" فاقد الأب هو مألماني. كان يقول بأنه الملحد، كبار الملحدين، إما أن نشأوا في بيوت ليس فيها أب، أو كانت علاقتهم بآبائهم علاقة سيئة، فلذلك الإلحاد هو نوع من التمرد على سلطة الأب أو سلطة الأسرة، وتطورت إلى التمرد على سلطة الدين.

وهذا يعني يصدقه حتى بعض الأحداث التاريخية، يعني شخصيات كثيرة اشتهرت بالدموية والقتال كانوا أيضاً نشأوا على هذا النحو. فهنا يجب أن يتصحح الموقف بأننا نذكر بأن أفضل البشر على الإطلاق إنما كانوا أيضاً أيتاماً. وأن الله تبارك وتعالى كان من حكمته أن يخرج هؤلاء في اليتم، لكي نبصر فيه أن أكثر الناس شعوراً بأحوال الفقراء والأيتام والمساكين.

واليتم غير الفقر، هذا أمر أيضاً يجب أن ننتبه إليه. اليتم غير الفقر. وقد يكون اليتيم غنياً، قد يكون اليتيم غنياً، ورث أموالاً طائلة. ولكن الله تبارك وتعالى قرن هذا اليتم بالضعف. فالله تبارك وتعالى قال عن عباده المؤمنين: "ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيراً".

ما الذي يجمع بين هؤلاء؟ الضعف، الانكسار. وفي آيات كثيرة، ولكن: "البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين، وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين". والله تبارك وتعالى يقول: "فلا اقتحم العقبة، وما أدراك ما العقبة؟ فك رقبة أو إطعام في يوم ذي مسغبة، اللي هي الجوع، يعني يتيمًا ذا مقربة أو مسكيناً ذا متربة". المسكين، المسكين ذا متربة، يعني المسكين الذي من كثرة فقره التصق بالتراب.

وآيات كثيرة، وحتى في الميراث، قال: "وإذا حضر القسمة أولوا القربى، واليتامى والمساكين، فارزقوهم منه، وقولوا لهم قولاً معروفاً". وفي آية أخرى قال تعالى: "وليخشى الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليهم، فليتقوا الله وليقولوا قولاً سديداً".

والنبي صلى الله عليه وسلم قال: "أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة". وقال صلى الله عليه وسلم: "أبادر إلى الجنة فتسبقني امرأة، فأقول: من هذه؟ فتقول: كفلت أيتاماً". وسئل النبي صلى الله عليه وسلم، سأله رجل يشكو إليه قسوة قلبه، فقال: "امسح على رأس يتيم".

فالمجتمع الإسلامي يحف هذه الفئة، فئة الأيتام بالرعاية التامة الوافرة. حتى بعض مشايخنا يقول: إنك حين تقرأ عن حقوق اليتامى في الإسلام، تشعر وكأن الإسلام يريد أن يبث الناس في الشوارع لكي يبحثوا عن الأيتام. فتماسك المجتمعات لابد له من رعاية هذه الطوائف الضعيفة والفقيرة، يعني الطوائف التي تشعر بانكسار، حتى لو لم يكن هذا الانكسار انكساراً مادياً.

والله تبارك وتعالى ذكر في آية مزلزلة، قال تبارك وتعالى: "إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيراً". وعلى قول القائلين بأنه الأصل في الزواج الإفراط، طب، أنت بين الفقهاء خلاف. هل الأصل الزواج الأفراد ولا التعدد؟ فخلافهم حول الآية: "وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى، فإنكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورابع".

يعني هنا حضور اليتامى، وهو خلاف الفقهاء فيه حول هذا الحضور. القصد يا جماعة الخير إنه مثلما أخرج اليتم أشد الناس الذين عادوا الإله وتمردوا على الدين، وكانوا دعاة إلى الإلحاد، فإن أفضل الأنبياء كانوا أيتاماً. فالمعول هنا على ما يلقاه هذا اليتيم من رعاية وعناية في المجتمع الذي هو فيه.

فمن أراد مجتمعاً متضافراً متكافلاً، ومن أراد مستقبلاً رحيماً طيباً، فإنه فلا بد أن تكون مسألة رعاية الأيتام هذه في صدارة هذا الأمر. وطبعاً، ليس هذا المقام لكي نحكي عن مسألة اليتيم، المسألة أوسع من هذا. حتى زواج المرأة، يعني طبعاً مما يستحب للمرأة أنها إذا ترملت أن تتزوج. ومن الجاهلية التي تنتشر في عصرنا هذا هو حمل المرأة على ألا تتزوج بعد وفاة زوجها أو بعد طلاقها من زوجها، هذا من الجاهلية.

الأصل أنه المرأة تتزوج، ويكون لها من يكفلها ويرغب في زواجها. وكان في الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين، كان من حسن وفاء الرجل لصديقه أن يتزوج أهله من بعده. هذا من حسن وفاء الرجل لصديقه. من الأمثلة المشهورة طبعاً في هذا السيدة أسماء بنت عميس رضي الله عنها، كانت زوجة جعفر بن أبي طالب، ولما قُتل عنها، تزوجها أبو بكر رضي الله عنه، ولما قُتل مات عنها أبو بكر، تزوجها علي رضي الله عنه.

حتى كانوا يقولون: "من أراد الشهادة فليتزوج أسماء بنت عميس". من الجاهلية حمل المرأة على ألا تتزوج بعد أن تترمل أو بعد أن تطلق، هذه من حقوق المرأة التي جاء بها الإسلام، وأخذتها منه، يعني نزعته منها الجاهلية الشعبية المعاصرة.

طيب، عارفين بالمناسبة، بمناسبة الثقافة الغالبة في الهند قديماً، ويوجد حتى الآن، ولكنه قل، أنه من وفاء المرأة لزوجها أن تحرق نفسها معه حين يموت. يعني الرجل مات وستحرق جثته. فمن وفاء المرأة أن تحرق نفسها معه. تعرفون لو أن الثقافة الهندية هي الثقافة الغالبة، يعني الهند الآن مكان الغرب، والناس ما بتتفرجش على هوليوود، بتتفرج على هوليوود، تمام، ساعتها كنا.

كانت المسائل التي ستثار في الفكر الإسلامي: لماذا الإسلام لا يقدر الوفاء، ولماذا الإسلام يشجع الإنسان على الإسلام، يشجع المرأة على خيانة زوجها، ولماذا الإسلام يرفض أن تحرق المرأة زوجها بعد؟ ونفضل أن نقول: "هذا من حقوق المرأة". فلذلك سأأتي لكم بعد قليل في مسألة الثقافة الغريبة، لأنها أمر مهم. الخلاصة، الخلاصة، مسألة اليتم هذه من المسائل التي ينبغي أن تنتبه إليها المجتمعات.

وطبعاً هناك كثير من الدراسات التي لا يتسع الوقت لها الآن للحديث عن زيادة أطفال الشوارع، وزيادة الأطفال التي يعني لا يربيهن آباؤهن، لا يربيهم آباؤهم، على معدلات الجريمة وعلى التفكك الأسري. وهذا أمر شائع ومنتشر في الغرب.

لو حاولنا الآن أن نتكلم عن خبرة النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الأربعين سنة، فسنجد أن النبي صلى الله عليه وسلم عاش خبرات متنوعة، منها خبرة العيش في البادية والعيش في المدينة.

العيش في البادية حيث لا يوجد سكون والصفاء والجو العليل والفصاحة. وعاش في المدينة حيث تختلط اللهجات ويأتي التجار والعمليات التجارية العنيفة. فهذه هاتان خبرتان جمعهما النبي صلى الله عليه وسلم.

عاش في عمل برعي الغنم، وهي ما يعني أشغال الفقراء، وكذلك تاجر، وهذه أشغال الأغنياء. النبي صلى الله عليه وسلم عاشر قبائل متعددة، لأنه كان في مدينة كبرى، وكانت قابلته حبشية سوداء، وهي السيدة أم أيمن بركة الحبشية. وكذلك كان عبده زيد بن حارثة.

أيضاً النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن في مكة فقط، وإنما سافر إلى الشام مرتين على الأقل فيما نعرف. فهو بالتالي جمع خبرة الحضر وخبرة السفر. جمع خبرة الحرب في حرب الفجار، وحرب أو حرب الفجار، كما ذكرنا في المرة الماضية، وجمع خبرة السلم والسياسة كما في حلف الفضول الذي كان في دار عبد الله بن جدعان.

فنحن الآن نتحدث عن رجل تكونت له عدد من الخبرات التي يتهيأ بها أن يكون نبياً لطياف الناس في أطياف الناس. ولذلك قال نبينا صلى الله عليه وسلم: "الذي يخالط الناس ويصبر على إذاهم خير المؤمن، الذي يخالط الناس ويصبر على إذاهم خير من المؤمن الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على إذاهم".

من إلهامات النبوة، يعني حين اقترب النبي صلى الله عليه وسلم من سن الأربعين، الآن نتحدث عن سن السابعة والثلاثين، هنا نحن ذكرنا أن النبي تجنب ما كان عليه قومه من شأن الجاهلية، فلابد مع طول الوقت أن يتسع ما بينه وبين قومه من الأفكار ومن الحالات النفسية، فحبب إليه الخلاء.

حبب إليه أن يخلو بنفسه وأن يعتزل في الغار. فصار يخرج إلى غار حراء يتعبد فيه الليالي ذوات العدد. أن يتعبدوا فيه كثيراً، ينزل إلى بيته فيأخذ يتزود من الطعام، ثم يصعد إلى غار حراء مرة أخرى. وكان هذا في السنين الثلاثة الأخيرة في هذه السنة الأخيرة، اعتكف فيه شهر رمضان كله.

هو كان يعني يتحين شهر رمضان لكي يعتكف فيه أو يخلو فيه في هذا الغار. طيب، سأرجع الآن إلى مسألة الخلوة. قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم بشهور، بدأ النبي يقول لخديجة رضي الله عنها، والحديث صحيح عند أحمد: "يا خديجة، إني أسمع صوتاً وأرى ضوءاً".

بدأ يحصل نوع من التغيرات الروحية للنبي صلى الله عليه وسلم، ويقول: "إني لأعرف حجراً بمكة كان يسلم علي، كنت إذا مررت يقول: السلام عليك يا رسول الله، وأنا لأعرفه حتى الآن". إذاً، كانت هذه من إلهامات النبوة قبل ستة أشهر من بعثته، بدأ النبي صلى الله عليه وسلم يرى الرؤى الصالحة، فتحدث كفلق الصبح.

طبعاً، كل هذا هو نوع من التهيئة والاعداد للنبي صلى الله عليه وسلم. أنتم تعرفون، طبعاً نحن الآن في عالم مليء بالدورات التدريبية والشهادات التي يجب أن تحوزها لكي تذهب إلى منصب أو تذهب إلى مهمة.

فهذا النوع من التهيئة الروحية هو نوع من الضروري، لأن الله تبارك وتعالى وصف كلامه بأنه: "القول الثقيل". "إنّا سنلقي عليك قولا ثقيلا". ومن كان لكم، يعني من كان منكم له خبرة بالصوفية أو خبرة بهذه الأمور، فإنه يرى في برامج الطرق الصوفية السنية المعتدلة طبعاً، وإلا ففيها شطحات في بعض الطرق شطحات، يرى فيها هذه الوسائل التدريبية لمحاولة تهذيب النفس وتجريد النفس والتخلص مما يسميه الشهيد سيد قطب رحمه الله "تقل اللحم والدم".

الإنسان طالما يطيع شهواته في الأكل والشرب والنوم، فإنه يثقل عليه المادة. لا يتحرر الإنسان من هذا إلا أن يتخفف من مطالب الجسد. وطبعا نحن عندنا في الإسلام ما يتخفف به من مطالب الجسد هو الصيام والقيام. وأفضل الصيام صيام نبي الله داود كان يصوم يوماً ويفطر يوماً.

والخلاصة، أنه كان هذا نوع من إعداد من إعداد الله تبارك وتعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم لكي يستقبل الوحي. لكن أرجع إلى الأمر المهم، وهو مسألة العزلة والخلاء. طبعاً، الأجانب وعلى وجه التحديد، يعني الأجانب والمستشرقين يتوقفون طويلاً عند هذه الفترة التي خلا فيها النبي صلى الله عليه وسلم في غار حراء.

طبعاً هم يريدون أن يفسروا رسالة النبي صلى الله عليه وسلم تفسيراً مادياً. يعني المستشرق الذي لا يؤمن أن النبي نبي، أوحى الله له الطريق الذي يسلكه في تفسير ما حصل هو طريق نفسي واجتماعي. يعني لابد أن يجد أسباباً مادية تفسر كيف كان هذا الرجل الذي ظل أربعين سنة هادئاً لم يفكر فيها أن يصادم قومه فجأة خرج على قومه ليقول: "لا إله إلا الله، وهذه الأصنام باطلة، لا تضر ولا تنفع، وأني رسول الله إليكم، ومن أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني دخل النار".

هذا الانقلاب إن لم تفسره بالوحي فلابد أن تلتمس له تفسيرا مادياً. فبعضهم مثلاً ذهب إلى القول بأنه يعني ما كان محمد إلا رجلاً من بني هاشم، وأراد أن يعلو ببني هاشم على بقية الناس. هذا نوع من التفسيرات الاجتماعية. وبعضهم كان يعني أراد أن يوسع نظره فقال، إن محمد أراد أن يعلو بالعرب على بقية الأعراق والأجناس.

الذين فسروه تفسيرا نفسيا، توقفوا طويلا عند هذه الفترة، فترة العزلة. لأنه الشيء الذي طرأ على حياة النبي صلى الله عليه وسلم، فخرج من الغار يقول أنه رسول قد أوحى الله له.

الآن يا جماعة الخير، العزلة أمر مهم للإنسان، العزلة أمر في غاية الأهمية للإنسان. بل إن الله تبارك وتعالى وجه المشركين إلى هذا المعنى في سورة سبأ. طرد سبق هذه. أكنت قد كتبت فيها مقالا عن ما في هذه السورة من علوم النفس والاجتماع.

سورة سبأ تناقش فكرة المتغلبين، المتغلبين الذين يؤثرون في الناس تأثيراً نفسياً وليس تأثيراً مادياً. يعني حتى الحوار الذي جرى بين أهل الجنة وأهل النار في سورة سبأ، حوار فيه هذا المعنى النفسي الروحي. يعني فيه التأثير المعنوي، فيه تأثير الثقافة الغالبة، ما يسميه ابن خلدون "المغلوب المولع بالاقتداء بالغالب".

يعني حتى لو لم أجبرك على تقليدي، لكن لأنني غلبت، المغلوب ينبهر بهذا الغالب. ولذلك ورد في هذه السورة، يعني الحوار الذي جرى بين أهل الجنة وأهل النار، قالوا: "أإن صددناكم عن الهدى بعد إذ جاءكم؟" إحنا قلنا لكم ما تسلموش، قلنا لكم لا تهتدوا.

ما قلناش. فرد عليهم هؤلاء بقولهم: "بل مكر الليل والنهار". يبقى الإجبار ما كنش إجبار مادي، ولكن كان مكر الليل والنهار، كان رسائل معنوية ورسائل إعلامية وهيمنة ثقافية.

زي دلوقتي ما الغربي لما بيجي يقول لك: "أنا يعني أنا علماني، ما بقولكش أدخل في العلمانية، وبقولكش أدخل في المسيحية". لكن هذه العلمانية هي نظام مهيمن، فتجد أنه ينشر العلمانية بمجرد هيمنته، ويتأثر به الناس، لأنه الغالب الذي انبهروا به.

الله تبارك وتعالى ضرب الله على ذلك أمثلة، أنه هؤلاء المترفين، الأغنياء، المترفين الأغنياء بشكل عام هم أعداء الرسل، لا يحملون الناس دائماً على التكذيب بالأنبياء بشكل مادي، ولكن كونهم أغنياء وكونهم مترفين وكونهم أهل سطوة، فإن الناس تتبعهم.

ولذلك الله تبارك وتعالى في هذه السورة سورة سبأ قص علينا قصتين، قصة قوم مترفين بلغوا من الطرف أن قالوا: "ربنا باعد بين أسفارنا". يعني ناس الأرذاذ، اللي هم أهل سبأ، الأرذاذ كانت تأتيهم صبحاً وعشياً بينهم وبين الشام قرى لا يتعبون في السفر. لا يتعبون، لكن هم لما رأوا أن هذا قد أترفوا ورأوا أن هذا ملكاً لهم، قالوا: "ربنا باعد بين أسفارنا". فعاقبهم الله تبارك وتعالى وقال: "فبدلناهم بجنتيهم جنتين ذواتي أكل خمط وأكل وشيء من سدر قليل".

ذلك جزيناهم بما كفروا، وهل نجازي إلا الكفور؟ المسال الساني كان مثالا لنبي الله سليمان، داود وسليمان. هؤلاء أعطاهم الله ما لم يعطيه أحد من العالمين، لكن ظلوا على عبوديتهم لله تبارك وتعالى.

الخلاصة السورة، يعني لا مجال الآن لاستعراضها، لكن القصد الله تبارك وتعالى جاء في آخرها وقال: "قل إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا لله مثنى وفرادى ثم تتفكروا ما بصاحبكم من جنة".

الله تبارك وتعالى قال: يعني الذين يتشككون في محمد: "أنا أعظكم بشيء بطريقة، بوسيلة، سيبك من كل التشوش ومن كل الشائعات ومن كل ما يقال عن محمد، واخلو بنفسك أو اخلو بأقرب الناس إليك، ثم تفكروا".

هذه هي الوسيلة للنجاة من الثقافة الغالبة. طبعاً نحن الآن في عصر صارت الهواتف في أيدينا، فلا ليس هناك دقيقة ولا ثانية يمكن أن تخلو فيها إلى نفسك. وهذا تفسير ليه الأفكار العزيمة والمهمة بتجيلك في الحمام مثلاً. المكان الوحيد الذي تخلو فيه بنفسك. طبعاً الآن صارت الناس تصطحب معها هذه الهواتف.

الخلوة بالنفس أمر مهم. مهم لصلاح النفس. والعلماء الذين تكلموا عن المحاسبة، أخذوا ذلك من قول الله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد". العزلة، الخلوة أمر مهم للنجاة من الواقع المشوش، من التفاصيل الكثيرة، من المطالب الكثيرة، من المهمات والتكاليف الكثيرة التي تملأ عليك حياتك.

وهذه العزلة التي تثير التأمل. التأمل أصلاً أيضاً مطلوب شرعي. والقرآن الكريم حافل بالآيات التي تطلب من الناس أن يتأملوا ويتفكروا. قال تبارك وتعالى: "وفي أنفسكم أفلا تبصرون". الإنسان لو تأمل في نفسه، الإنسان لو تأمل في التاريخ، الإنسان لو تأمل في الشجر وفي النبات، وفي السماء وفي الطبيعة، وفي الطيور، الإنسان لو تأمل في حركة الحياة، فإنه يكون قاب قوسين أو أدنى من الهداية.

نحن تكلمنا عن الحنفاء، أولئك الذين لما خلوا بأنفسهم عرفوا أن ما عليه هؤلاء القوم من الجاهلية هو أمر لا يرضاه الله. وذكرنا منهم زيد، زيد ابن عمرو ابن نفيل، وهو يقول: "والله يا ربي لو أعلم ديناً هو أقرب لعبادتك لعبدتُك به". وقبل ذلك كانوا يروون عن المتأملين، المتأملين حتى في الجاهلية، أنهم كانوا قاب قوسين أو أدنى من الهداية.

ومن أشهر هؤلاء رجل في الجاهلية كان يسمى قص بن ساعدة. هذا كان من حكماء العرب وجاء في شعره وهو يقول: "لما رأيت موارد للموت ليس لها مصادر". يعني لما رأيت الناس تذهب إلى الموت ولا ترجع، ورأيت قومي نحوها يسعى الأكابر والاصاغر، أيقنت أني لا محالة حيث صار القوم صائر.

ويقول: "سماء ذات نجوم". له خطبة مشهورة في كتب الأدب وهو يقول إن هذه السماء، هذه الأرض، هذه الجبال لابد تدل على خالق. لو أن واحد فينا رأى هذا الموبايل مرمي على الأرض، لابد أن هذا له صانع وله صاحب، لم يكن ليخلق، يعني ليخلق نفسه أو ليوجد نفسه.

الشيخ الغزالي رحمه الله كان يقول: "إني لأعرف ربي وأعرف وجود ربي بالأسباب المادية". فقيل له: "كيف؟". يعني كيف عرفت ربك بسبب مادي؟ قال: "إن اللقيط يعرف أن له أبا، فكيف بالذي ولد في أسرة؟".

يعني مجرد أدنى مشاهد التأمل، لابد أن تهديك إلى طريق التأمل في النفس، التأمل في التاريخ، التأمل في الواقع، التأمل في... ونحن سمعنا الشيخ يتلو في صلاة المغرب: "فلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت، وإلى السماء كيف رفعت، وإلى الجبال كيف نصبت، وإلى الأرض كيف سطحت".

والله تبارك وتعالى ذكر أشياء كثيرة تدل على خلقه، وأشياء كثيرة تدل على قدرته: "قل أرأيتم إن جعل الله عليكم النهار سرمداً إلى يوم القيامة، من إله غير الله يأتيكم بليل تسكنون فيه".

"وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتاً ومن الشجر ومما يعرشون، ثم كلي من كل الثمرات فاسلكي سبل ربك ذللاً، يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه".

الله تبارك وتعالى يقول عن هذا المشهد، وهو الله تبارك وتعالى يقول لهم إنه استخرج لهم اللبن من الضرع، من بين فرس ودم لبناً خالصاً سائغاً للشاربين.

وقال في النبات يسقى بماء واحد، ونفضل بعضها على بعض في الأكل. والله تبارك وتعالى: "أولم يروا أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينا أنعاماً".

"كلهما نسيت أن أجعله صامتا". "أولم يروا أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينا أنعاماً، فهم لها مالكون، وذللناها لهم، فمنها ركوبهم".

شوف الذبابة غير المذللة لك، ماذا تفعل بك. لكن الجمل المذلل لك، كيف تستخدمه وتستفيد منه. تصور كده لو أن هذا الجمل غير مذلل، هذه البقرة غير مذللة، هذا الحمار غير مذلل، الذبابة لما كانت غير مذللة، أنظر ماذا تفعل بك.

والله تبارك وتعالى ضرب مثلاً بهذه الذبابة، قال: "يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له، إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذباباً ولو اجتمعوا له، وإن يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه".

وهذه يعني آية معجزة. الله تبارك وتعالى يقول: "أنت لو اجتمعت لن تخلق ذبابة، أشد من هذا". إنه الذباب إذا سلبك شيئاً، لا تستطيع أن تستنقذه منه.

ضعف الطالب والمطلوب. "ما قدروا الله حق قدره". وقرأت عند بعض الأخوة الذين يبحثون في الإعجاز العلمي في هذه الآية في مسألة أنه الذباب، إن الذباب من أكثر الحشرات الأمور التي يعني يلتقطها أو يختطفها، سرعان ما يتحول في لعابه إلى مادة أخرى.

فكأن هذا مراد قول الله: "لا يستنقذوه منه"، لأنه سرعان ما يتحول إلى شكل آخر وشيء آخر. لكن حتى لو أننا جرينا على المعنى، يعني المعروف المعتاد من الآية، ففعلاً من الذي يستطيع أن يستنقذ من الذباب شيئاً؟

على كل حال يا أحباب، كل إنسان، لا سيما خاصة صاحب الدعوة، صاحب الفكرة، صاحب الرسالة، طالب الهداية، من يريد أن ينجو من الحيرة، لابد لهؤلاء من لحظات يختلون فيها بأنفسهم، وينعزلون فيها عن واقعهم، ويتخلصون فيها من مشوشات الدنيا، لكي يعرف أين يسير، ولكي يعرف ماذا يمكن أن يفعل، ولكي يوقف هذا الانهيار الذي تدفعه إليه الدنيا.

التكاليف المستمرة، فلذلك كان عزلة النبي صلى الله عليه وسلم لمدة يعني حبب إليه الخلاء، يعني بدأ الخلاء من أول ثلاث سنوات قبل بعثته. هو نوع من التهيئة له.

مما من الذين صاغوا هذا الموقف صياغة جميلة مستشرق بريطاني اسمه توماس كارلاين. وهذا المستشرق كتب كتاباً اسمه "الأبطال". الكتاب الذي اسمه الأبطال، فكرته خرافية ليست فكرة صحيحة. هو يقول: إن الأبطال البشرية في أولها كانت ترى أن البطل في صورة الإله، وبعد كده بدأت تشوف البطل في صورة النبي، وبعدين صارت ترى البطل في صورة قائد.

فاختار من كل فصل من هذه الفصول نموذج. فعندما تكلم عن البطل النبي، اختار سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم. هذه المحاضرة التي ألقاها توماس كارلاين، يقول عنها منذ جمر وط، وهو أيضاً أحد أهم المستشرقين البريطانيين، يقول: إن هذه المحاضرة تعتبر حجر زاوية في تعديل أفهام الأوروبيين نحو الإسلام.

يعني النخبة المثقفة في الغرب بعد هذه المحاضرة بدأت تفكر في الإسلام تفكيراً مختلفاً. كتاب مهم، وطبع ونشر، وترجم ترجمة رجل أديب اسمه محمد السباعي، لغته جميلة. تقوم ماسك الريل توقف مع هذه اللحظة.

يقول: إن محمد لما خلا بنفسه في الغار، ماذا كان يرى؟ كان يرى النجوم في السماء الصافية، كان في ظل هذا الهدوء يسمع الأصوات المختلفة، يتأمل في هذا الكون، ينظر إلى الكعبة، ينظر من على إلى قومه وهم يعبدون الأوثان والاصنام، وينشغلون بتجارتهم.

حاول أن يضع نفسه في هذا الغار، لكي يرى المشهد الذي كان يمكن أن يراه النبي صلى الله عليه وسلم. ثم يقول: ومن المؤكد أنه من يرى هذه المشاهد ويتأمل ويتفكر فيها، سيخرج من الغار وهو ينكر عبادة الأصنام.

أنت إذا سحبت نفسك إلى أعلى الجبل، ونظرت إلى المدينة مكة، ونظرت إلى الكون، فلا يمكن أن يبقى في ذهنك تصور لأن هذه الأصنام تضر وتنفع، تسمع وتبصر.

يعني مقتطف جميل إذا أحببتم أن تقرأوه، ثم حتى إذا بدأ النبي صلى الله عليه وسلم يتهيأ للوحي، بينما طبعاً الوحي نزل على النبي صلى الله عليه وسلم وهو في الأربعين من عمره، بالضبط أربعين سنة وستة أشهر واثني عشر يوماً قمرية، وهي توازي بالشهور الشمسية تسعة وثلاثين سنة وأشهراً وأياماً.

لا أذكرها الآن. بينما النبي صلى الله عليه وسلم في غار حراء، إذ جاءه الوحي. جاءه سيدنا جبريل في القصة التي تعرفونها جميعاً، ولكم أن تتخيلوا، وبالمناسبة، هنا من الأمور الطريفة بحسبة هذه الليلة في عمر النبي صلى الله عليه وسلم، فهي الليلة التي توافق يوم الاثنين، واحد وعشرين رمضان.

ولذلك هذه من أدلة القائلين بأن ليلة القدر هي ليلة واحد وعشرين رمضان، تمام؟ عند من يقول بأن النزول المقصود في الآية هو ابتداء نزوله إلى الدنيا ليلة القدر. "إنّا أنزلناه في ليلة مباركة". تعرفون المفسرين اختلفوا في معنى النزول هنا، هل هو النزول من السماء من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا، أم هو النزول من السماء إلى النبي صلى الله عليه وسلم ابتداء النزول؟

الذين يقولون ابتداء النزول ويتلمسون ليلة القدر من بين النصوص والأحاديث، هذه من دلائل من يقول بأنها ليلة الواحد والعشرين من رمضان. إذاً جاء الوحي إلى النبي صلى الله عليه وسلم في القصة التي تعرفونها جميعاً، والتي رواها النبي صلى الله عليه وسلم وروتها عنه عائشة رضي الله عنها، فقالت: "إذ جاءني الملك، الملك فأخذني وغطني حتى بلغ مني الجهد، ثم قال: اقرأ".

فقلت: "ما أنا بقارئ". هذه لها معنيان. المعنى الأول: ماء النافية التي تقول: لست بقارئ، يعني لا أستطيع القراءة. والمعنى الثاني: ما الموصولة التي معناها ماذا اقرأ. فقلت: "ما أنا بقارئ، ما أنا بقارئ" مرة واثنتين وثلاثة حتى قال: "اقرأ باسم ربك الذي خلق، خلق الإنسان من علق، اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم، علم الإنسان ما لم يعلم".

طبعاً، إذا حاولنا أن نتخيل هذا المشهد وأن نتأمل في هذه الأجواء، ليلة من ليالي شهر رمضان، غار في جبل، ويظهر لك شخص لا تعرفه، فيضمك ويقول: "اقرأ"، ثم يلقي عليك هذه الآيات القصيرة. آيات قصيرة معدودة، يعني بحس البلاغة والفصاحة الذي كان لدى العربي، وهو يرى هذه الآيات، كأنها طلقات أو كأنها طلقات.

فنزل النبي صلى الله عليه وسلم وبوادره ترجف وهو يقول: "زملوني، زملوني"، السيدة خديجة رضي الله عنها، التي تضرب المثل للمرأة الصالحة، المرأة التي تفهم زوجها والمرأة اللاتي تعينه وتساعده.

طبعاً، الأول نحن عندنا مساعدتها له في أثناء خلوته وعزلته، المرأة التي تفهم الرجل من نعم الله على الرجل. ولكم أن تتخيلوا، هؤلاء الذين يحبون العزلة، كم بالمئة من النساء من يمكن أن يتفهم هذا الموقف؟ الأكثرون على أن هذا الرجل يعني إيه؟ سيمسه قدر من الجنون.

لكنها كانت خديجة رضي الله عنها تعد له الطعام، وربما صحبته، لكنها لم تكن تمكث عنده كثيراً، لأنها كانت تعرف أنه يحب هذه العزلة ويحب هذه الخلوة. ولما عاد إليها، يعني الآن لو أنت تنظر إلى الموقف من وجهة نظر السيدة خديجة، فماذا ترى؟ ترى رجلاً في السنوات الثلاث الأخيرة، بدأت تحصل عليه اضطرابات نفسية، بدأ يخلو بنفسه، يصعد إلى الجبل، ومن غار حراء هذا، تصعد إليه في الجبل حوالي ساعة ونصف، يعني ليس مسافة قصيرة،

ويبقى فيه الليالي ذوات العدد، ثم يقول: "إني أرى ضوءاً، وأسمع صوتاً، وحجر يقول لي: السلام عليك يا رسول الله". يعني المشهد لو لم يكن عند امرأة كخديجة رضي الله عنها، فهو مثير لكل أنواع المخاوف. رضي الله عنها.

وهنا ترى أيضاً يعني عمق العلاقة التي كانت بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين خديجة، بأنه هرع إليها ولم يخجل أو لم يستحي، أو لم يكتم عنها ما نزل به. وأكثر الناس، أكثر الرجال في زماننا هذا، يكتمون عن زوجاتهم الأمور التي قد تشعر بأن فيهم ضعفا.

يعني الكثير من النساء لا يرى زوجها فيها من القرب له ما يجعله يطمئن إليها في أن يصف أوقات ضعفه أو لحظات ضعفه أو اضطرابه لها. فأنت ترى أيضاً في أن يهرع النبي إليها ويقول: "زملوني، زملوني"، ثم يحكي لها، ويقول: "يا خديجة، والله لقد خشيت على نفسي". من يعني حتى النبي صلى الله عليه وسلم، في هذه اللحظة، قد تكون هذه تهيؤات.

هو يرى في نفسه أن هذه قد تكون تهيؤات، وأن شيئاً ما قد أصابه مع طول العزلة. وهذا مما رأى فيه كثير من العلماء والباحثين دلائل صدق النبي صلى الله عليه وسلم. الكاذب في دعوى النبوة والكاذب في دعوى الزعامة والكاذب في دعوى السيادة والرئاسة، لا يصف هذه، يعني، يعني هو يعد نفسه لهذه اللحظة.

فهي لا تحدث له رغماً عنه، ولا يصفها وصف الخائف منها. فمن دلائل صدق النبي صلى الله عليه وسلم أنه وصف هذه اللحظة، هذا الوصف، فقالت له خديجة الكلمة التي ذكرناها في الحلقة الماضية، وهي: "والله لا يخزيك الله أبداً، إنك لتصل الرحم، وتحمل الكل، وتقري الضيف، وتكسب المعدوم، وتعين على نوائب الحق".

ثم لجأت إلى ابن عمها ورقة ابن نوفل. ورقة ابن نوفل ذكرنا أنه كان أيضاً أحد الحنفاء الذين عرفوا أن ما عليه قومهم، إن ما عليه قومهم إنما هو من الجاهلية ومما لا يرضاه الله تبارك وتعالى.

فلذلك تنصر، هذا هو أقرب الأديان التي كانت موجودة في ذلك الوقت، وتعلم العبرانية وقرأ في الكتاب، قرأ كتب أهل الكتاب. فصار من علماء النصارى، إذا صح التعبير، لكنه كان في بيئة وثنية. فلما قصت عليه خديجة ما حصل، أراد ورقة أن يستمع بنفسه إلى هذا الذي حصل.

وكان شيخاً كبيراً قد ضعف وعمي بصره. فجاءت خديجة رضي الله عنها بالنبي صلى الله عليه وسلم إليه، وقالت: "هذا ابن عمك". هو طبعاً ابن عم السيدة خديجة وورقة. قلنا السيدة خديجة هي مين؟ خديجة بنت خويلد. ابن أسد ابن عبد العزى ابن قصي ابن كلاب.

إذن، العشاء. طيب، إذاً نتوقف هنا إن شاء الله، نستكمل مع ورقة ابن نوفل، وحديث النبي صلى الله عليه وسلم في المرة القادمة. نسأل الله تبارك وتعالى أن يعلمنا ما ينفعنا، وأن ينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.