السيرة النبوية | 6. من عجائب مولده ﷺ يتيما، ومن أسرار نشأته ﷺ في البادية
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله. اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلاً، وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلاً. اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علماً.
اللهم اجعل عملنا كله خالصاً لوجهك الكريم، ولا تجعل لأحد سواك فيه شيئاً، يا رب العالمين.
مرحباً بكم أيها الإخوة الأحباب، وهذا المجلس الخامس من مجالس السيرة النبوية. ويعني بدايةً يجب أن أؤكد على شيء مهم.
فالسيرة النبوية بحر عظيم، منهل ينهل منه كل الناس. وبغير شك فالذين تكلموا في السيرة النبوية علماء كبار كثيرون، ولكن مقصد هذه السلسلة من السيرة النبوية هو الإشارة إلى أمور أشعر أنها لم تأخذ قدرها ولم تُعطَ حقها من التدبر والتأمل في مسيرة الإصلاح المعاصرة. يعني نحن نأخذ من السيرة ما نريد أن ننتفع به في حياتنا المعاصرة، ليس لكي نتمتع أو نتلذذ بسماع السيرة، وإن كان لا شك أنها من أهم المتع. فكل إنسان يعني يهوى الكلام عن حبيبه، نعم.
وبشكل عام، الإنسان طالما إذا ذُكر الحبيب، إذا ذُكر حبيبه يعني صلى الله عليه وسلم. لكن أقصد القول إنه إذا ذُكر أي شيء محبوب بالنسبة للإنسان فإنه يستلذ بالحديث عنه. فكيف وحبيبنا صلى الله عليه وسلم هو أعظم محبوب من البشر؟ لذلك، يعني من كان طالب علم وأراد أن يأخذ من هذه الحلقات علم السيرة النبوية كما يُدرس في المعاهد الشرعية أو كما هو في مجالس العلم، فليس ها هنا بغيته. وهذا ليس من قبيل التواضع، فإن هذا المتحدث أصغر من أن ينسب حتى إلى طلبة العلم. وأسأل الله تبارك وتعالى أن ينفعنا بما علمنا.
إذاً، فهذه المجالس هي مجالس نحاول الوقوف معها في السيرة النبوية لكي ننتفع بها في إصلاحنا المعاصر. وصلنا الآن إلى لحظة مولد النبي صلى الله عليه وسلم. وقد ذكرنا أن النبي صلى الله عليه وسلم وُلِد في اليوم الثاني عشر من ربيع الأول. هذا هذا الأشهر، طبعاً كون أن النبي وُلِد يوم الاثنين فهذا ثابت. لأنه في الصحيح، يوم الاثنين التاسع من ربيع الأول أو الثاني عشر من ربيع الأول، موضع خلاف بين المؤرخين، والأشهر في الثاني عشر من ربيع الأول. هذا يوافق يوم عشرين أو اثنين وعشرين من شهر أبريل سنة خمسمائة وواحد وسبعين ميلادية. وهنا نتوقف وقفة بسيطة جداً، فتاريخ نبينا صلى الله عليه وسلم هو أدق التواريخ قاطبة. شوف، يعني نحن نتكلم الآن عن اليوم الذي وُلِد فيه النبي صلى الله عليه وسلم، والرواية تقول وُلِد في فجر هذا اليوم أو في صباح هذا اليوم. لن نفهم قيمة هذه الدقة إلا لو عرفنا أنه بقية الأنبياء قبل نبينا صلى الله عليه وسلم تاريخهم غائب وغائم وغير معروف. يعني سيدنا عيسى، هناك يعني المعروف من تاريخ سيدنا عيسى بمناهج المؤرخين شذرات شذرات، بل المعروف من سيرة تلاميذ عيسى شذرات أيضاً لا تقيموا شيئاً.
ويعني هناك حتى كتاب صدر قبل حوالي سنة في مصر اسمه "نقد التقليد الكنسي" لشيخ أزهري اسمه الشيخ محمد الهنداوي، وهذا الكتاب أثار ثائرة الكنيسة المصرية حتى صادرته السلطة المصرية. مصر صادرت هذا الكتاب، طبعاً بمجرد أن صادرت هذا الكتاب قرأناه. ومن العجيب جداً أنه الكنيسة المرقسية المصرية التي وهي منتسبة إلى مرقص، تلميذ عيسى، المعروف عن مرقص، تلميذ عيسى شذرات شذرات لا يمكن أن يهتدى بها، فضلاً عن أن يُقتدى بها. والمعروف عن عيسى أقل من ذلك.
طيب، إذا أردنا الكلام عن موسى عليه السلام، فبين المؤرخين العلمانيين، يعني الذين لا يأخذون بالأديان، موسى رجل مشكوك في وجوده. يعني المؤرخون العلمانيون، الله أعلم، موسى ده موجود، شخصية حقيقية أم شخصية فلكلورية اخترعها اليهود. لكن الذي اريد ان اتكلم فيه الان انه هذه الامة حفظت تاريخ نبيها صلى الله عليه وسلم بأدق ما يحفظ به تاريخ بشر، لأن النبي صلى الله عليه وسلم نقل إلينا الصحابة سائر شؤونه، حتى عدد الشعرات البيض في رأسه، وعدد الشعرات البيض في لحيته، ووجهه وكفه، وأشار بإصبعه، وشبك بين أصابعه، وابتسم حتى بدت نواجذه. هذه الأمور الدقيقة غير موجودة في تاريخ أي إنسان آخر. ولذلك، كما في الأرجوزة المائية لابن أبي العز الحنفي، هذه أرجوزة لتلخيص السيرة النبوية، العلماء المسلمون أرادوا أن ييسروا العلوم الإسلامية على طلبة العلم. فكانوا يجعلون العلم الإسلامي على هيئة الشعر، بحيث يسهل حفظه. ومن سهل عليه حفظ هذه الأرجوز أو المنظومة، سهل عليه استدعاء العلم.
فمن هذه، طبعاً، نحن لدينا في كل علم من العلوم الإسلامية منزومات وأشعار. القصد الذي أريده هنا هو الأرجوزة المائية، وهي مائة بيت في السيرة النبوية، يقول فيها ابن أبي العز الحنفي عن مولد النبي صلى الله عليه وسلم:
"مولده في عاشر الفضيل يوم عشرة
يعني هذا اختيار ابن أبي العز ربيع الأول عام الفيل
ووافق العشرين من نيسان، وقبله حين أبيه حانا".
فهذه الدقة في وصف مولد النبي صلى الله عليه وسلم. وُلِد النبي في ذلك الوقت، وولدت في شعب بني هاشم في مكة، أرسلت أمه آمنة إلى جده عبد المطلب، لأنه ذكرنا أن أباه عبد الله كان قد مات وهو حمل في بطن أمه. وقال بعض العلماء إنه مات ولا يزال النبي في المهد. أرسلت إلى جده عبد المطلب، فجاء جده فرحاً مستبشراً، وعلى عادة العرب أخذه وقبله، وعق عنه، يعني أولم عقيقة، وختنه في اليوم السابع، وهو الذي سماه محمداً، وقال لكي يكون محموداً في الأرض، محموداً في السماء.
أول من أرضع النبي صلى الله عليه وسلم امرأة اسمها ثويبة. ثويبة هذه مولاة عمه أبي لهب. ثويبة مولاة عمه أبي لهب، وكان أبو لهب قد فرح بمولد النبي صلى الله عليه وسلم، فاعتق ثويبة. وكان عندها ولد اسمه مسروح. فمسروح هذا أول أخ للنبي صلى الله عليه وسلم من الرضاعة، وثويبة هذه أرضعت معه حمزة ابن عبد المطلب، عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأرضعت معه أيضاً أبا سلمة ابن عبد الأسد المخزومي، الصحابي أبو سلمة، زوج الصحابية أم سلمة التي ستصير بعد ذلك أم المؤمنين. تمام، فكان هذا أيضاً أخو النبي من الرضاعة. يبقى إذاً النبي عرفنا له ثلاث إخوة من الرضاعة حتى الآن، وهم حمزة، وأبو سلمة، ومسروح. وكذلك، وطبعاً كانت قابلة النبي صلى الله عليه وسلم التي أولدته الشفاء بنت عمرو. الشفاء بنت عمرو هذه أم سيدنا عبد الرحمن ابن عوف.
تمام، على طبعاً الأطفال خارج القوانين. تمام، إذاً فقابلة النبي صلى الله عليه وسلم هي الشفاء بنت عمرو، أم سيدنا عبد الرحمن بن عوف، وكانت أول حاضنة له هي السيدة أم أيمن بركة الحبشية. من هي أم أيمن هذه؟ كانت جارية لأبيه عبد الله، أبو النبي صلى الله عليه وسلم، كانت جاريته له، جارية حبشية. هذه اسمها أم أيمن بركة الحبشية، فهي أيضاً حاضنة النبي صلى الله عليه وسلم. وهذه حاضنة النبي هي التي سنراها موجودة مع النبي في المواقف الحرجة. يعني حين ماتت أمه، كانت هي التي كانت معه، وهي التي أوصلته مرة أخرى إلى مكة، وهذه بقيت إلى أن أسلمت وهاجرت مع النبي صلى الله عليه وسلم، وتوفيت بعد النبي بحوالي خمسة أشهر أو ستة أشهر.
إذاً، نحن لدينا هذه الأسماء الأولى في حياة النبي صلى الله عليه وسلم: شفاء بنت عمرو، قابلة، أم أيمن بركة الحبشية، حاضنته، تويبة أول من أرضعته، ثم طبعاً أمه، وكذلك عبد المطلب، وكان جده. وُلِد يتيماً. اليتم يعني لا شك أنه بلاء، وهو بلاء شديد. ومن الأمور التي يعني قرأتها مبكراً كتاب صدر قبل حوالي ثلاث أو أربع سنوات اسمه "نفسية الإلحاد".
هنا نبدأ أول مرحلة في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وهي الرضاعة. كان من عادة العرب في ذلك الزمن أنهم يسترضعون لأولادهم في البادية. البادية يعني الصحراء. نحن ذكرنا أن مكة كانت عاصمة العرب، وكانت مدينة تجارية. وكانت على خط التجارة الرئيسي خصوصاً إذا فسد الطريق التجاري البري الذي يمر عبر إمبراطوريتي فارس والروم، لما كان بينهما من الحروب. فكانوا يسترضعون لأولادهم هنا. تورد لنا كتب السيرة وكلام أهل العلم ثلاثة أهداف أو ثلاثة أسباب كانت تجعل العرب يسترضعون لأولادهم في البادية. السبب الأول، وهو يعني إفراغ الزوجات لأزواجهم. أنتم تعرفون بالذات إذا ولَد مولود، فاشد ما تكون المرأة اهتماماً به في هذه الأيام والسنوات التي تتلو ولادته. وطبعاً في بيئة كالبية العربية أو حتى في بيئة يعني التي الزواج فيها كثير والفاحشة فيها كثيرة، والجواري فيها كثيرة. شيء طبيعي أنه إذا انصرفت المرأة عن زوجها باشتغالها بالولد، انصرف زوجها عنها. وبالتالي، فأحد هذه الأهداف أنه تُفرغ المرأة لزوجها، ويعني لا يشغلها هذا الولد عنها. وطبعاً، هذا موجود حتى الآن في البيئات يعني الميسورة، صورة الحال في عصرنا هذا. فتجد المرأة قد يعني تعهد برعاية ولدها ورضاعته لغيرها من الخدم أو المرضعات أو الخادمات.
طيب، هذا سبب. وذكرنا أن عائلة النبي صلى الله عليه وسلم كانت في الصدر من قريش، حتى وإن كان فيهم فقر، لكنهم كانوا في الصدر من قريش، يعني هذه كانت من عادات هذه العائلات. السبب الثاني، وهو أن ينشأ الفتى في البادية نشأة صحيحة. أن ينشأ الفتى في البادية نشأة صحيحة. طبعاً، نحن نعرف الآن أن النشأة في المدينة بشكل عام هي نشأة مترفة، نشأة رخية، نشأة ضعيفة. وكلما درج الفتى في حال من الرخاء والرخاوة، كلما أثر هذا على اكتمال أعضائه وعلى قوته وعلى شدته. والعرب في النهاية قوم يحبون الشجاعة، ويحبون الفروسية، ويحبون البطولة، فكانوا يكرهون أن ينشأ أولادهم في الترف. فلذلك كانوا يبعثون بهم إلى البادية لكي ينشأ الفتى أو الغلام نشأة صحيحة قوية. وهذه كانت من وصايا عمر رضي الله عنه.
أن سيدنا عمر كانت له وصية أنه حتى ركوب الخيل، يعني لا تسرجوا الخيل بحيث إذا أردت أن ترتقي الخيل تعتمد على الركاب. الركاب، اللي هو الغرز الذي تضع فيه قدمك لكي تصعد إلى ظهر الفرس. فسيدنا عمر كان يقول: تجنبوا الركاب، يعني اقفزوا. فكان أحد أهداف العرب أن ينشأ الفتى هذه النشأة القوية.
الأمر الثالث الذي تخبرنا به كتب السيرة هو أن ينشأ الفتى فصيحاً. مكة مدينة عاصمة، يقبل إليها التجار، يقبل إليها الزوار، تختلط فيها اللهجات، والعجمة عند العرب عيب. يعني الآن لا تكاد تجد، يعني حتى شيخاً من المشايخ المشهورين وفصاحته سليقة. الكل يجتهد في إقامة لسانه. طبعاً، بما لا أقول بما فيهم أنا، لست من الشيوخ، أنا أجتهد أصلاً في إقامة لساني. لكن العجمة، عبد الملك بن مروان الخليفة الأموي كان يقول: ما أشد ما يؤذي أذني تقصد النحو. يعني لما إذا أحد تكلم أمامه باستقامة اللسان لكنه يتكلم وهو يتكلف، فهذا كان يؤذي لسانه، كان يؤذي أذنه. فالعربية كانت سليقة. لذلك العرب كانوا يأنفون من أن ينشأ الفتى على العجمى.
طبعاً مكة تختلط فيها اللهجات، فلذلك كانوا يرسلون بأبنائهم إلى البادية. البادية ما تزال محتفظة بلهجتها الصحيحة الفصيحة الأصيلة. فلذلك يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قيل له: ما أفصحك يا رسول الله؟ قال: وكيف ذاك؟ وقد وُلِدت في قريش، وربيت في بني سعد. تمام. وسيدنا عروة ابن الزبير، عروة ابن الزبير ابن العوام، كان يكلم عائشة خالته، لأن أمه من أسماء بنت أبي بكر. فعائشة خالته. قال: فكان من قوله لها: يا خالة، ما أعجب من فصاحتك. يعني أنا مش مندهش أنك فصيحة، أقول زوجة رسول الله، وبنت أبي بكر، قاعدة في مملكة الفصاحة، زوجها رسول الله يتنزل عليه القرآن، وهو أفصح الناس، وأبوها أبو بكر.
ولكن علمك بالطب، لأن طبعاً السيدة عائشة من يتتبع سيرتها، يرى أن السيدة عائشة كانت في غاية الفصاحة، وكانت شديدة الاستشهاد بالشعر. يعني لما جاءها مقتل أخيها محمد بن أبي بكر، قالت:
"فالقت عصاها واستقر بها النوى
كما أقر عينا بالغياب المسافر".
وبالـ "إياب المسافر". أولاً، بل قالت عند مقتل أخيها. عند مقتل أخيها محمد ابن أبي بكر، فلما تفرقنا كأني ومالكاً لطول اجتماع لم نبت ليلة معه.
القصد أن السيدة عائشة كانت شواهد الشعر قريبة على لسانه. فهنا، وطبعاً منذ يعني ذكرنا قبل ذلك أن العرب كان شأنهم في الفصاحة شأناً عظيماً، وهذه المسألة عندهم مسألة كبيرة، مسألة الفصاحة، وكانت القبيلة تحتفل إذا نبغ فيها شاعر، لأن الشاعر عند العرب هو بمثابة القناة الفضائية في عصرنا هذا. القناة الفضائية القوية إعلامياً. شف، انظر كيف ترفع في بعض الدول الآن، هي قناة فضائية. تمام؟ فكذلك كان الشاعر في قبيلة العرب. وكانت القبيلة تحزن ويدخلها الغم إذا مات شاعرها.
تسمعون عن جرير والفرزدق، اثنان من شعراء العصر الأموي. لما مات الفرزدق، فقال جرير:
"لعمري لقد أشجى تميمًا وهدها
على نكبات الدهر موت الفرزدق".
قبيلة تميم، اللي هي قبيلة الفرزدق، رغم كل النكبات التي مرت بها، لكن هدها موت الفرزدق. "لعمري لقد أشجى تميمًا وهدها على نكبات الدهر موت الفرزدق".
فنشأة الفتى فصيحاً كانت أيضاً من الأمور التي يتطلبها العرب في أبنائهم. وكانوا يقيمون أسواق الشعر. وهذا يا جماعة الخير أيضاً من مناسبة العرب لنزول الرسالة الخاتمة عليهم. وفي لحظة كذا، طلق صلوا على النبي. الأنبياء جاءوا إلى أقوامهم بمعجزات. تمام؟ فجاء موسى إلى قومه بمعجزات. هذه المعجزة لن تظل موجودة في الجيل التالي بعد موسى. يعني لن يراها أحد بعد موسى، أليس كذلك؟ طيب، سيدنا عيسى، معجزاته في إبراء الأكمه والأبرص وفي إحياء الموتى، لن يراها إلا الذين حضروه وشاهدوه.
المعجزة الخالدة التي تبقى بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم، المعجزة الخاتمة، المعجزة الأنسب لخاتم الأنبياء والرسل هي ماذا؟ تكون كلاماً. والمعجزة أمر يعجز الله به القوم الذين بعث فيهم النبي. يعني أن يأتي سيدنا موسى بمعجزة هي من جنس نوع السحر. جاء في قوم قيل جمع فرعون لموسى ثمانين ألف ساحر. يعني أنت حين تتكلم عن مملكة السحر كانت مملكة مصر القديمة في ذلك الوقت. سيدنا عيسى حين كانوا متفوقين في الطب، كذلك الرسالة الأنسب، الرسالة العرب كونهم أنسب لرسالة النبي صلى الله عليه وسلم في أنهم تفوقوا في الكلام، فكان كلامهم معجزة.
فهذا كان هؤلاء كان أنسب أن يحملوا هم الرسالة الخاتمة التي ستظل وتستمر معجزتها بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم. ولذلك كانت معجزتهم في هذا القرآن الكريم، وكان لابد أن ينطقا فيهم الفصيح. وهذه أحد خصائص النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان أفصح الناس، ومع ذلك ما كان يستطيع أن يقول الشعر. الفصيح في العرب هو من؟ هو الشاعر المفلق. لكن النبي كان فصيحاً ولا يستطيع أن يقول الشعر. وبعض ما جرى على لسانه مما يروى، يعني في كتب الأدب، أنه صلى الله عليه وسلم، بيت شعر نسيت أوله، سبحان الله، المهم أن النبي حاول أن يقول بيت الشعر فلم يستطع. فقال سيدنا أبو بكر رضي الله عنه: "سبحان الله" أو ما أصدق قول الله تعالى: "وما علمناه الشعر وما ينبغي له". تمام، الذي شطره الآخر: "كفى الشيب والإسلام للمرء ناهية". المهم، فكان من إعداد الله تبارك وتعالى لنبيه أن ينشأ في هذه البادية وينشأ على هذه الفصاحة، اللغة الأولى.
لأنه لا يتمكن من دعوة الناس إلا من كان مبرزاً فيما تميزوا فيه. يعني الآن، أنت لا يمكن في بيئة تجارية، بيئة من التجار ورجال الأعمال، لا يمكن أن يأخذ بيدهم إلى الإسلام أو إلى أي فكرة من الأفكار إلا رجل تاجر مبرز فيهم. هل ينفع في بيئة تجارية يدعوهم إلى الفكرة رجل فاشل في التجارة؟ كذلك مثلاً في بيئة الباحثين والمفكرين والكتاب، هل يمكن أن يهديهم أو يقنعهم أو يعني يعجزهم بالكلام إلا من كان مثلهم في هذا؟ ونحو هذا الكلام.
فلذلك كان لابد أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم أيضاً مبرزاً في باب اللغة. فلذلك نشأ النبي صلى الله عليه وسلم هذه النشأة. طيب، الآن جاءت المرضعات كما يأتون في كل موسم لكي يأخذوا معهم الغلمان. طبعاً هذه العادة، عادة العرب في المدن بإرضاع ابنائهم هي وسيلة رزق أيضاً يسترزق بها النساء الذين يعيشون في البادية. فكلما ولدت المرأة ولداً، ذهبت إلى المدينة تلتمس أن ترضع أحداً ممن ولد لرجل من كبار القوم، فإن هذا قد ييسر حالها. فتروي السيدة حليمة السعدية، وهو حديث حسن بشواهده، أنها قدمت إلى مكة مع صويحبات لها.
قدمت إلى مكة، وهي طبعاً تصف حالها حين قدمت إلى مكة على هذا النحو. قدمت هي وزوجها، زوجها اسمه الحارث ابن عبد العزى، وكان معهم أتان. الأتان هذه هي أنثى الحمار، أعزكم الله. وهذه الأتان قد أدمت، يعني كانت ضعيفة، لا تسير، لا تسير سير صويحباتها. وكان عندهم شارف، شارف يعني الناقة المسنة، الناقة الكبيرة في السن. قالت: ما كانت تنبض بلبن، فكمان يعني الشارب ضعيفة. ومعنا ولد لا ننام الليل من بكائه، ولا أجد ما أعلله به. الحالة في غاية الفقر، وهي كذلك لم يكن لديها من اللبن ما يكفي ولدها.
فكانوا لا ينامون الليل مما يجدون من ولدهم. ثم قدمت مكة، وطبعاً علشان هي ركب أتان ضعيفة، فبطأت بها هذه الركوبة حتى وصلوا إلى مكة. طبعاً، وكما يحدث في أي مجتمع باحث عن الرزق، كلما سئل: من ولد هنا؟ من ولد هنا؟ فسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وُلِد يتيماً. طيب، وُلِد يتيماً، هذا المعتاد أن الذين يكرمون الذئر، الذئر اللي هي الأم المرضعة، يعني المعتاد أن الذين يكرمونها، والأب، أو الجد، أو العم، يكون مشغولاً بأمور كثيرة. فلذلك تجنبت المرضعات أن يأخذن محمداً صلى الله عليه وسلم.
وحتى هي حليمة السعدية كذلك يعني سألت عنه، ثم تجنبته. فلما لم تجد غيره، أخذته استحياءً أن ترجع إلى قومها دون صبي. تقول حليمة: فما هو إلا أن وضعته في حجري حتى أقبل ثدياي باللبن صلى الله عليه وسلم. وهنا أول بركات النبي صلى الله عليه وسلم. قالت: فارضعته حتى روي، وأرضعت أخاه حتى روي. أخاه ده اللي هو ابن حليمة السعدية. واحنا دلوقتي مع الشخصية الرابعة من إخوة النبي صلى الله عليه وسلم من الرضاعة. وكان لديها ابنة أخرى، وهي اسمها جدمة، وهي المشهورة بالشيماء. كانت أختاً للنبي صلى الله عليه وسلم من الرضاعة، أمها حليمة.
وحليمة ممن طال بها العمر حتى أدركت النبي صلى الله عليه وسلم بعد بعثته وبعد الفتح، وأسلمت، وماتت بعد إسلامه. فتقول: فما هو إلا أن أقبل ثدياي باللبن، فارضعته، وأرضعت أخاه. وذهب زوجي إلى الشارف، فإذا ضرع هذه الناقة يدر اللبن. قال: فشرب وروي ورويت. فقال: يا حليمة، ما أظننا إلا أصبنا نسمة مباركة صلى الله عليه وسلم.
طيب، فلما وضعوه على الأتان وانطلقوا به، إذ بها تنطلق حتى سبقت صويحباتها. فكانوا يقولون: أمسكوا علينا، أمسكوا علينا، أهذا هو أتانك الذي قدمت به، اللي احنا سبقناه؟ قالت: نعم، ولكني أصبت مباركاً. ولما ذهبت به إلى منازلها في بني سعد، وكنا في سنة جدب، تقول: وكنا في سنة جدب، فكانت غنيماتي ترعى مع الغنم، فيرجع الغنم جياعاً، وترجع غنماتي شبعاً، حتى كان الناس يعني يضعون أغنامهم، يقولون: ارعوا حيث ترعى غنم حليمة.
قالت: فيرعوا، فيرجع غنمي شبعاً، ويرجع غنمهم جياعاً صلى الله عليه وسلم. ففي هذه البيئة نشأ النبي صلى الله عليه وسلم حتى وقعت حادثة شق الصدر. ولكن هنا وقفة أيضاً، الأنبياء أشد الناس بلاء. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل". ومن أول ما ابتلي به النبي صلى الله عليه وسلم أنه وُلِد يتيماً.
فكرة هذا الكتاب الذي كتب، هذا الكتاب رجل ملحد اسمه بول فيتس. هذا الرجل يقول: أنا كنت ملحداً، ولكن بعد أن كبرت تأملت، فإذا الأسباب التي جعلتني ودفعتني إلى الإلحاد كانت أسباباً سطحية. السبب الحقيقي هو فقدان الأب. السبب الحقيقي هو فقدان الأب. فهو عمل نوع من التجارب، ظل يتتبع مشاهير الملحدين، ويتتبع مشاهير الملحدين، يحاول أن يختبر علاقتهم بآبائهم. فالقاعدة التي خرج بها في هذا الكتاب وضرب أمثلة كثيرة، هو أن مشاهير الملحدين، إما أنهم فقدوا آباءهم أو أن علاقتهم بآبائهم كانت علاقة سيئة. يعني ربما الأب كان شديد القسوة. وكانت العلاقة علاقة سيئة.
فنشى الفتى وهو يضمر التمرد على السلطة أو التمرد على الأب، وهذه الفكرة التي دفعته فيما بعد إلى أن يتمرد على الله تبارك وتعالى، وأن يصير رأساً في الإلحاد. وهو كتاب مهم، لكن سواء وافقنا على هذه الفكرة أو لم نوافق على هذه الفكرة، فمما لا شك فيه أن غياب الأب هو أحد المشكلات الكبيرة في حياة الأطفال. وهذا أمر يجب أن ينتبه له الآباء جميعاً. غياب الأب عن تربية الأبناء هو مما يدمر ويخرب ويفسد نفسية الأبناء. سواء الغياب التام أو الحضور غير الصحي. يعني أن يرى الولد في أبيه قدوة سيئة، أو أن يرى الولد في أبيه صفات سيئة، أو أن تكون القسوة مفرطة.
فكل هذا هو نوع من تفريخ الفساد ومن توليد الفساد. ولذلك، سبحان الله، من خصائص نبينا صلى الله عليه وسلم أنه أشد الناس إيماناً، رغم أنه وُلِد يتيماً، بل هو حامل لواء الإيمان، مع أنه وُلِد يتيماً. ولذلك لابد في هذه المسألة من أمرين. الأمر الأول هو ضرورة اهتمام الآباء بوجودهم في حياة أبنائهم. الأمر الثاني هو، يعني الأمر الذي أنشأه المجتمع الإسلامي، هو ما يسمونه الآن العائلة الكبيرة أو العائلة الممتدة. يعني يا جماعة الخير، في القرى، في القبائل، في العشائر، في البيوت الكبيرة، حتى الذي وُلِد يتيماً أو حتى الذي وُلِد وأبوه مسافر، يجد في إخوته وفي أعماقه وفي أقاربه من يسد مسد الأب، سواء كان واحداً أو أكثر من واحد.
هذا أمر شديد الوطأة في المجتمعات المدنية أو ما يسمونها الأسر الصغيرة أو الأسر النووية. ليه الأسر النواة؟ الأسرة التي تقوم فيها الأم بدور الأب والأم معاً، هذا أمر غير صحي حتى على، حتى للأم نفسها. يعني ليس أمراً جيداً أن تقوم الأم بالدورين معاً، وهو ليس أيضاً أمراً مفيداً. فلذلك مما حرض عليه الإسلام ومن منهج الإسلام في بناء المجتمع هو تمتين الأرحام وتوثيق الأرحام وصلة الأرحام. وأن هذا اليتيم ينبغي أن يكون موضع عناية خاصة وموضع رعاية خاصة من أعماقه ومن إخوته.
فكل هذا من الأمور التي تكبح فساد أن ينشأ الأطفال نشأة فاسدة أو نشأة مفسدة فيما بعد. فهذه وقفة عند يتم النبي صلى الله عليه وسلم يجب أن ننتفع بها في واقعنا المعاصر. يعني أي علاقة، يعني أي أسرة، يعني الذي أريد أن أقوله: ليس من مصلحة أحد أن تبقى الأسر صغيرة ومنعزلة ومنطوية عن نفسها على نفسها. هذا لا هو في مصلحة الأب ولا في مصلحة الأم ولا في مصلحة الأولاد. ومن اضطر إلى شيء من هذا، فينبغي أن تقوم أخوة الإسلام مقام أخوة الرحم. وينبغي أن يكون للمجتمع الإسلامي نوع من عطف العطف والرعاية والعناية بالأيتام أكثر من غيرهم من الناس. ولذلك، وأنتم تعرفون طبعاً، هذا كلام ليس ها هنا موقعه وليس ها هنا موضعه، أنه حرض الإسلام وحث على رعاية الأيتام، وحث على الإنفاق عليهم، وحث على كفالتهم. وأنا وكافل اليتيم هاتين في الجنة. وشكا رجل إلى النبي قسوة قلبه، فقال: "امسح على رأس يتيم". تمام؟ هذه من المهمات التي ينبغي أن يقوم بها المجتمع المسلم، وهي في مواطن الغربة التي نحن فيها وفي مواطن المدنية أشد والزم.
طيب، حادثة شق الصدر، النبي صلى الله عليه وسلم، هذه الحادثة قيل إنها يعني كانت وعمر النبي بين سنتين وبين أربع سنين. وحليمة رضي الله عنها تقول: وكان يشب شباباً لم أره لفتى قط. فإنه كان يشب في اليوم كما يشب الفتى في أسبوع، وفي الأسبوع كما يشب في شهر، وفي الشهر كما يشب في سنة. حتى كان ذات يوم يلعب خلف الدار كما هو حال الأولاد في البادية. طبعاً هذه روايتان. رواية على لسان حليمة رضي الله عنها، ورواية على لسان النبي صلى الله عليه وسلم. الرواية التي على لسان حليمة هي رواية حسنة، وحسنة بشواهده. ورواية النبي صلى الله عليه وسلم، هذه رواها سيدنا أنس بن مالك، وهي عند مسلم في صحيح مسلم.
بينما النبي يلعب مع إخوانه، إذ هم خرجوا يلعبون بدون أن يأخذوا معهم طعاماً. فقال لأخيه من الرضاعة: اذهب إلى أمنا فأتِ بطعام. ذهب الفتى إلى أمه، يقول النبي صلى الله عليه وسلم، فأقبل طائران من السماء كأنهما نسران أبيضان. فقال أحدهما للآخر: أهو هو؟ قال: نعم هو هو. فنزلا فأمسكني، واضجعاني، وشق صدري، واستخرجا قلبي، وغسلاه في ماء في طست، وفي رواية أخرى أن جبريل غسل قلب النبي صلى الله عليه وسلم بماء زمزم في طست من ذهب. ثم استخرج منه علقة سوداء، وقال: هذه حظ الشيطان منك، وأخذها. يعني أخرجها من قلبه ثم أرجع قلبي ثم خاطاه مرة أخرى. سيدنا أنس بن مالك، راوي الحديث، يقول: فكنت أرى أثر المخيط في صدر النبي صلى الله عليه وسلم. طبعاً، هنا توقف بعض الناس وقفة: أثر المخيط في صدر النبي صلى الله عليه وسلم، لماذا أبقاها الله أثراً؟ يعني بالنهاية كان يمكن أن تعود وتلتئم.
فقالوا: لأن هذا هو من علامات صدق النبي صلى الله عليه وسلم. طبعاً نحن إذا تذكرنا في ذلك الزمن البعيد لم يكن هناك شيء اسمه شق الصدر وإعادة خياطة الجرح مرة أخرى. هذا كلام عرفناه في المئة سنة الماضية أو في المائتين سنة الماضية. طبعاً كانت تحصل في حضارتنا الإسلامية. يعني وجدت في الحضارة الإسلامية في أيام الأندلس وفي أيام بغداد نوع الخياطة وهكذا. لكن عمليات شق الصدر تحديدا لم تكن بهذا التطور. وطبعا في ذلك الزمن. فكان هذا من علامات صدق النبي صلى الله عليه وسلم، كما رآها سيدنا أنس بن مالك في الرواية التي يرويها النبي صلى الله عليه وسلم.
فقال: آآ ثم قال، يعني زنه بألف من أمته. قال: يعني كأنه كان معهم ميزان، فوضعوا ألفاً من الرجال. قال النبي: وأنا أخشى أن يقعوا علي ألف من الرجال. ثم قال الملك: فإنه لو وزن بأمته لوزنهم. أي إن النبي صلى الله عليه وسلم كان أكثر من هذه الأمة كلها مجتمعة إيماناً صلى الله عليه وسلم. طيب، طبعاً أخو النبي، هذا عبدالله، أخوه من الرضاعة، حين جاءه بالطعام، وجد هذا المشهد فعاد إلى أمه مسرعاً يقول: إن محمداً قد قُتل. فاقبلوا إليه، فلما أقبلوا إليه وجدوه قد أقبل إليهم وقد انتقع لونه، ولما رآهم أجهش بالبكاء. فهم خافوا عليه من أن إيه؟ خافوا عليه. طبعاً بداية خافوا عليه من أن يكون قد قُتل. ثم خافوا عليه من أن يكون أحد قد أصابه بشيء، وقد خافوا عليه أيضاً أن يكون هذا نوع من الجن أو التباس بالجن. فارجعوه إلى أمه مرة أخرى. نسيت أن أذكر أنهم بعد عامين، هم أرجعوه إلى أمه، ولكنهم أصروا على أن يرجعوا به مرة أخرى معهم لما يرون من بركته عليهم.
فما نشبوا أن وقعت هذه الواقعة، فجاؤوا بها إليهم مرة أخرى. فاستفسرت منهم، يعني ما الذي أرجعكم به، وقد كنتم حريصين على أن يكون معكم؟ فقالوا: قد أدينا أمتنا. قالت: لا والله، يعني إن لكما أمر ولابد أن تخبراني به. فقصة عليها حليمة السعدية ما حصل، فقالت: أمنة، والسيدة أمنة، أم النبي صلى الله عليه وسلم، قالت: أخشيتم عليه؟ لا والله، إن ولدي سيكون له شأن عظيم، ولقد حملت به، فرأيت أنه قد خرج مني نور أضاءت له قصور بصرى، أو قالت: أضاءت له قصور الشام صلى الله عليه وسلم. طبعاً، توقف بعض العلماء عند قولها: قصور الشام، فكان من يعني الاستدلالات اللطيفة التي قالها ابن كثير، والامام ابن كثير شامي دمشقي، طبعاً قال: وهذا دليل على أن نور النبي صلى الله عليه وسلم سيبلغ الشام ويبقى بها، فهي أرضه وأرض دينه إلى أن تقوم الساعة، وفيها يقاتل المسلمون الدجال.
فأرض الشام أرض مباركة، وهي أرض للإسلام والمسلمين حتى تقوم الساعة. إذاً، هنا النبي صلى الله عليه وسلم عاد إلى أمه، وهو تقريباً في الرابعة من عمره أو في الثالثة من عمره، هذا أو ذاك. طيب، فامه سيدة أمنة أرادت أن تزوره أخواله في المدينة. أخواله في المدينة من بني النجار. طبعاً السيدة أمنة هي أصلاً قرشية، هي أمنة بنت وهب ابن عبد مناف ابن زهرة ابن كلاب، فهي قرشية من بني زهرة، وإنما أخواله من بني النجار في المدينة، هؤلاء هم أخوال جده عبد المطلب.
فأرادت السيدة أمنة أن تأخذ النبي صلى الله عليه وسلم في زيارة إلى بني النجار، أخواله، يعني أخواله بهذا المعنى، لأنهم أقوال جده، وأخوال الأصول، أخوال للفروع. فذهبت به إلى المدينة المنورة، وبينما هي في الطريق عائدة من المدينة، في مكان يقال له: الأبواء، إذ مرضت فماتت، والنبي صلى الله عليه وسلم في السادسة من عمره في ذلك الوقت. والرواية تقول إنها ماتت قبيل غروب الشمس. فأنا يعني أتصور صلى الله عليه وسلم، وهو في السادسة من عمره، وفي هذا الطريق الصحراوي الموحش، وفي هذه اللحظات قبل غروب الشمس، وتموت أمه من بعد ما مات أبوه.
فسبحان الله، يعني أشد الناس بلاء الأنبياء. وسيدنا صلى الله عليه وسلم كان من أشد الأنبياء بلاء، فهو أعظمهم وهو سيدهم. فعادت به حاضنته التي ذكرنا اسمها، وهي أم بركة، أم أيمن بركة الحبشية، عادت به مرة أخرى إلى مكة، وهنا دخل في كفالة جده عبد المطلب. ويكون لنا إن شاء الله مع جده هذا موقف آخر وحديث آخر. أنا أختم اليوم مبكراً، لأنه أكثر من أخ في المرات الفائتة يعني طالب بوجود وقت للأسئلة. نستغل هذه الأوقات، يعني ربما كل كم مجلس نفرد نصف مجلس للأسئلة، ونستكمل إن شاء الله في المرة الماضية. نسأل الله تبارك وتعالى أن يعلمنا ما ينفعنا، وأن ينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.