شرح الآجرومية | المجلس السادس | اللجنة العلمية
الحمد لله والصلاه والسلام على رسول الله وبعد، أهلًا وسهلًا ومرحبًا بكم في مجلسنا السادس في شرح الآجرومية.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يعيننا وإياكم، وأن يرزقنا وإياكم الإخلاص والسداد والرشاد والهداية، يا رب إياك نعبد وإياك نستعين اهدنا الصراط المستقيم.
مرحبًا بكم في هذا اللقاء الطيب، ونسأل الله أن يفتح علينا وعليكم فتوح العارفين، وأن يجعلنا وإياكم من عباد الله الصالحين.
تكلمنا في اللقاءات الماضية عن رسم الخريطة العامة لعلم النحو، وقلنا أن النحو ينقسم إلى أربعة أقسام: الكلام والكلمة، والإعراب والبناء وعلامات الإعراب، وباب الأفعال.
الأفعال هي: ماضٍ، ومضارع، وأمر. والمضارع ينقسم إلى ثلاثة أقسام: إما مرفوع إذا لم يسبقه شيء، أو منصوب إذا سبقه ناصب، أو مجزوم إذا سبقه جازم.
وقلنا النواصب: "أنْ، لَنْ، إِذَنْ، كَيْ، حَتَّى، لَامُ التَّعْلِيلِ، فَاءُ السَّبَبِيَّةِ، وَاوُ الْمَعِيَّةِ، لَامُ الْجُحُودِ".
لا بد من حفظها، ونصبه بـ"أنْ" و"لنْ" وإذَنْ و"كيْ". و"لام كيْ، لَامُ الْجُحُودِ، كَذَاكَ حَتَّى، وَالْجَوَابُ بِالْفَاءِ وَالْوَاوِ ثُمَّ أَوْ رُزِقْتَ اللُّطْفَا".
والجوازم كما سيأتي اليوم، سنأخذها بتفصيلها بإذن الله. الباب الأخير: باب الأسماء، والأسماء إما مرفوعة، أو منصوبة، أو مجرورة؛ لأن الأسماء لا تجزم.
وقلنا الأسماء المرفوعة عددها سبعة: اثنان في الجملة الاسمية (المبتدأ والخبر)، واثنان في الجملة الفعلية (الفاعل ونائب الفاعل)، واثنان في الجملة الناسخة (اسم كان وخبر إنّ)، والتوابع الأربعة (العطف، والنعت، والبدل، والتوكيد).
المنصوبات من الأسماء خمسة عشر، وتنقسم إلى قسمين: المفاعيل وشبه المفاعيل. المفاعيل: المفعول به، المفعول فيه، المفعول معه، المفعول لأجله، المفعول المطلق.
شبه المفاعيل: الحال، والتمييز، والاستثناء، والمنادى، واسم إنّ، وخبر كان، واسم "لا" النافية للجنس.
بعد ذلك يأتي باب المجرورات من الأسماء، إما المضاف إليه، أو ما سبق بحرف جر، أو التوابع (النعت، والعطف، والبدل، والتوكيد).
بذلك نكون تصورنا جيدًا الخريطة العامة لهذا الفن. كما تكلمنا أمس على باب نواصب الفعل المضارع، وقلنا: "أنْ، لَنْ، إِذَنْ، كَيْ، حَتَّى، لَامُ التَّعْلِيلِ، فَاءُ السَّبَبِيَّةِ، وَاوُ الْمَعِيَّةِ، لَامُ الْجُحُودِ، أَوْ".
وهنا تأتي بعض الأسئلة، لام الجحود كيف نعرفها؟ هي التي تسبق بـ "ما كان" أو "لم يكن"، تسبق بكون منفي.
فاء السببية وواو المعية تسبق بماذا؟ تسبق بتسعة أشياء: "مُرْ وَادْعُ وَانْهَ وَسَلْ وَاعْرِضْ لِحَضِّهِمْ تَمَنَّ وَرَجِّ كَذَاكَ النَّفْيُ قَدْ كَمَلْ".
اليوم بإذن الله عز وجل نعيش مع جوازم الفعل المضارع، فأعينوني بقوة، واسألوا ربكم سبحانه وتعالى أن يفتح علينا وعليكم، وأكثروا من لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
بسم الله الرحمن الرحيم، جوازم المضارع: الفعل المضارع إذا لم يسبقه شيء يكون مرفوعًا، وإذا سبقه ناصب يكون منصوبًا، وإذا سبقه جازم يكون مجزومًا.
وقلنا قبل ذلك، الجزم العلامة الأصلية السكون. اكتبوا عندكم: المضارع المجزوم، وأخرجوا منه سهمين: السهم الأول علاماته، والسهم الثاني أدواته.
علامات الجزم ثلاثة: إذا كان الفعل صحيح الآخر (كما قلنا في فعل الأمر تمامًا)، يجزم بالسكون (لم يشرح).
وإذا كان الفعل معتل الآخر، يجزم بحذف حرف العلة (لم يقضِ). وإذا كان الفعل من الأفعال الخمسة، يجزم بحذف النون (لم يؤمنوا)، أصلها يؤمنون فحذفت النون.
مرة ثانية، الفعل المضارع المجزوم نكتب علاماته وأدواته. علاماته: إذا كان الفعل صحيح الآخر يجزم بالسكون (لم يشرح). إذا كان معتل الآخر يجزم بحذف حرف العلة (كلا لما يقضِ)، أصلها يقضي حذفنا الياء.
وإذا كان من الأفعال الخمسة يجزم بحذف النون (لم يفعلوا)، أصلها يفعلون.
وما هي الأدوات؟ اكتبوا عندكم: الأدوات تنقسم إلى قسمين: هناك أدوات تجزم فعلًا واحدًا، وهناك أدوات تجزم فعلين.
التي تجزم فعلًا واحدًا أربعة، وبعضهم يقول ستة. نقول أربعة ما في إشكال: "لَمْ، وَلَمَّا، وَلَامُ الْأَمْرِ، وَلَا النَّاهِيَةُ".
سنأخذ كل هذا إن شاء الله بتفصيل وتطبيقات، لا تقلقوا. الآن كما تعودنا نحن نرسم الخريطة العامة للكتاب، وبعد ذلك نرسم الخريطة العامة للباب الذي نحن فيه، ليسهل ضبطه وحفظه.
نعيد مرة ثانية، قلنا: الأدوات منها ما يجزم فعلًا واحدًا، وهي: "لَمْ، وَلَمَّا، وَلَامُ الْأَمْرِ، وَلَا النَّاهِيَةُ". وما يجزم فعلين، وهي: "إنْ" (التي تسمى أدوات الشرط).
"إنْ، مَا، مَهْمَا، أَيَّانَ، أَيْنَ، إِذْمَا، حَيْثُمَا، وَكَيْفَمَا، وَإِذَا" في الشعر. بعضكم يقول أريد بيتًا، أو بعض الأبيات أحفظها. ما عندي إشكال، هذه الأبيات من أراد أن يحفظها يحفظها.
يقول في نظم الآجرومية للشنقيطي: "وَجَزْمُهُ إِذَا أَرَدْتَ الْجَزْمَا بِلَمْ وَلَمَّا وَأَلَمْ وَأَلَمَّا، وَلَامِ الْأَمْرِ وَالدُّعَاءِ ثُمَّ لَا فِي النَّهْيِ وَالدُّعَاءِ نِلْتَ آمَالًا، وَإِنْ وَمَا وَمَنْ وَأَيٍّ مَهْمَا، أَيْنَمَا، إِذْمَا، حَيْثُمَا، وَكَيْفَمَا، ثُمَّ إِذَا فِي الشِّعْرِ لَا فِي النَّثْرِ فَادْرِ الْمَأْخَذَا".
المهم أن تحفظوا، وأن تكون الأدوات حاضرة معكم بسهولة ويسر إن شاء الله سبحانه وتعالى.
الآن قلنا الجوازم ما يجزم فعلًا واحدًا وما يجزم فعلين. ما يجزم فعلًا واحدًا: "لَمْ، وَلَمَّا، وَلَامُ الْأَمْرِ، وَلَا النَّاهِيَةُ". وما يجزم فعلين: "إِنْ، وَمَا، وَمَنْ، وَمَهْمَا، وَإِذْمَا، وَأَيٍّ، وَمَتَى، وَأَيَّانَ، وَأَيْنَ، وَأَنَّى، وَحَيْثُمَا، وَكَيْفَمَا، وَإِذَا" في الشعر فقط.
كيف نتعامل مع هذه الجوازم وهذه النواصب؟ نقول نأخذ جازمًا جازمًا ونبدأ نطبق. الجازم الأول: "لَمْ"، نقول مثلًا: (لَمْ يَخْلُقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ) [الفجر: 8].
"لَمْ": أداة جزم، "يَخْلُقْ": فعل مضارع. هل هو صحيح الآخر أم معتل؟ ليس آخره حرف علة، نقول: "يَخْلُقْ": فعل مضارع مجزوم وعلامة جزمه السكون.
(وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ) [البقرة: 151]. "لَمْ": أداة جزم، "تَكُونُوا": فيها واو جماعة أصلها تكونون، فنقول: "تَكُونُوا": فعل مضارع مجزوم وعلامة جزمه حذف النون.
مثلًا هذه "لَمْ". "لَمَّا": (وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ) [الجمعة: 3]. "لَمَّا": أداة الجزم، "يَلْحَقُوا": فعل مضارع مجزوم وعلامة جزمه حذف النون، والواو ضمير متصل مبني في محل رفع فاعل.
كذلك لام الأمر. بعضهم يقول لام الأمر والدعاء. الأمر إذا كان من فوق (يعني من أعلى لأدنى)، فإذا كان الأمر من فوق من الأعلى للأدنى يسمى أمر.
صيغة الأمر إذا كانت من الأدنى للأعلى، لو مثلًا أنا قلت: "رب اغفر لي"، "اغفر" أليس هذا فعل أمر؟ هل أنا آمر رب العالمين؟ هذا ليس أمرًا، هذا يسمى دعاء من باب التأدب.
لذلك هو يقول لام الأمر والدعاء. لو قلنا مثلًا: (لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ) [الطلاق: 7]، هذه لام الأمر، أنت مأمور أن تنفق على أولادك. "لِيُنْفِقْ": فعل مضارع مجزوم وعلامة جزمه السكون.
(ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ) [الحج: 29]. "لْيَقْضُوا، لْيُوفُوا، وَلْيَطَّوَّفُوا": فعل مضارع اتصلت به لام الأمر.
فعل مضارع مجزوم وعلامة جزمه حذف النون. إذن لام الأمر كذلك "لا" في النهي والدعاء، (يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ) [لقمان: 13]. "لَا تُشْرِكْ": هذه ناهية وليست نافية.
فـ"لا" الناهية تجزم الفعل المضارع، "لَا تُشْرِكْ": "تُشْرِكْ": فعل مضارع مجزوم وعلامة جزمه السكون؛ لأنه صحيح الآخر.
هنا يرد السؤال: ما الفرق بين "لا" الناهية و"لا" النافية؟ "لا" النافية لا تعمل شيئًا، لا تؤثر. النافية لا تؤثر، هي فقط معها النفي، أنا أنفي. والناهية تجزم الفعل المضارع.
مثال: إذا سألتني هل ستأكل؟ فقلت: "لا آكل"، هذا نفي، أنا أنفي أنني سآكل. لو قلت لك: "لا تأكل"، هنا أنا أنهاك عن الأكل. الناهية هي التي تجزم الفعل المضارع، أما النافية فليس لها عمل.
مثال ناهية: قلنا (لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ) [لقمان: 13]، (رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا) [آل عمران: 8]. هل أنت تنهى رب العالمين؟ لا، إنما هذه "لا" من الأدنى للأعلى، فهي بمعنى الدعاء.
(فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي) [القصص: 7]. "لَا تَخَافِي": هذا نهي. "تَخَافِي": فعل مضارع مجزوم وعلامة جزمه حذف النون.
إذن الفعل المضارع منه ما يجزم فعلين، والجوازم منها ما يجزم فعلين. (كَلَّا لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ) [عبس: 23].
(وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ) [البقرة: 282]. "يَتَّقِ": فعل مضارع مجزوم وعلامة جزمه حذف حرف العلة.
لو قلنا: "لا تشرك بالله"، "لا": ناهية، "تشرك": فعل مضارع مجزوم وعلامة جزمه السكون؛ لأنه صحيح الآخر. "لا تشرك": الفاعل غير موجود، "لا تشرك أنت".
(وَلَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ) [البقرة: 264]، "لا": أداة نهي، "تبطلوا": فعل مضارع مجزوم وعلامة جزمه حذف النون، والواو هذه مكان كلمة "أنتم".
إذًا هي جلست في مكان الفاعل، فنقول: والواو ضمير متصل مبني في محل رفع فاعل.
أرجو الآن أن يكون اتضح معنا أن الجوازم منها ما يجزم فعلًا واحدًا، وهي "لَمْ، وَلَمَّا، وَلَامُ الْأَمْرِ، وَلَا فِي النَّهْيِ وَالدُّعَاءِ". وهناك النوع الثاني من الجوازم وهي ما يجزم فعلين.
مثال ذلك كلمة "إِنْ": "إِنْ" تجزم فعلين، الأول نسميه فعل الشرط، والثاني نسميه جواب الشرط، "إِنْ" شرطية، أنا اشترطت عليك شيئًا.
"إِنْ تَزُرْنِي أُكْرِمْكَ"، الشرط حتى أكرمك أن تزورني. "إِنْ تُذَاكِرْ تَنْجَحْ"، فتنجح هذا جواب الشرط أو جزاء الشرط، ما هو الشرط؟ المذاكرة.
نقول الجوازم الأشياء التي تجزم فعلين "إِنْ تُذَاكِرْ تَنْجَحْ". "إِنْ": أداة الشرط. "تُذَاكِرْ": فعل الشرط، فعل مضارع مجزوم وعلامة جزمه السكون، ونكتب بين قوسين فعل الشرط.
"تَنْجَحْ": فعل مضارع مجزوم، نعم؛ لأن كلمة "إِنْ" تجزم فعلين. "تَنْجَحْ": فعل مضارع مجزوم وعلامة جزمه أيضًا السكون، بين قوسين جواب الشرط.
(وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا) [الطلاق: 2]. "مَنْ": أداة الشرط. "يَتَّقِ": فعل الشرط، فعل مضارع مجزوم وعلامة جزمه حذف حرف العلة.
(وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ)، الله مفعول به. "يَجْعَلْ": فعل مضارع مجزوم وعلامة جزمه السكون، جواب الشرط.
"أَيَّانَ تَسْكُنْ أَسْكُنْ"، أداة الشرط "أَيَّانَ"، فعل الشرط "تَسْكُنْ"، جواب الشرط "أَسْكُنْ".
"أَيُّ كِتَابٍ تَقْرَأْ تَسْتَفِدْ": فعل الشرط "تَقْرَأْ"، جواب الشرط "تَسْتَفِدْ"، وأداة الشرط "أَيُّ".
(وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ) [محمد: 38] أداة الشرط "إِنْ"، فعل الشرط "تَتَوَلَّوْا"، جواب الشرط "يَسْتَبْدِلْ".
(إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ) [محمد: 7]: أداة الشرط "إِنْ"، فعل الشرط "تَنْصُرُوا": فعل مضارع مجزوم وعلامة جزمه حذف النون أصلها تنصرون، والواو ضمير متصل مبني في محل رفع فاعل.
"تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا"، "إِنْ": أداة شرط، "تَكُ": فعل الشرط، "يُضَاعِفْهَا": جواب الشرط.
(وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ) [البقرة: 110]: "مَا": أداة شرط، "تُقَدِّمُوا": فعل الشرط، "تَجِدُوهُ": جواب الشرط.
"مَنْ تُكْرِمْ تَمْلِكْ قَلْبَهُ": "مَنْ": أداة شرط، "تُكْرِمْ": فعل مضارع مجزوم بالسكون، فعل الشرط. و"تَمْلِكْ": جواب الشرط.
هذا باب الفعل المضارع بالكلام على الجوازم التي فيه. وقلنا الجوازم تنقسم إلى قسمين: ما يجزم فعلًا واحدًا، وما يجزم فعلين.
ما يجزم فعلًا واحدًا، وهي: "لَمْ، وَلَمَّا"، وممكن نقول "أَلَمْ" مع زيادة الهمزة، (أَلَمْ نَشْرَحْ) [الشرح: 1]. "أَلَمْ": أداة جزم، "نَشْرَحْ": فعل مضارع مجزوم وعلامة الجزم السكون، والفاعل ضمير مستتر تقديره نحن.
(أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ) [الشرح: 1]: الصدر مفعول به منصوب بالفتحة، والكاف ضمير اتصل باسم فنقول: كاف ضمير متصل مبني في محل جر مضاف إليه.
(حَيْثُمَا تَسْتَقِمْ يُقَدِّرْ لَكَ اللَّهُ نَجَاحًا)، "حَيْثُمَا": أداة جزم، "تَسْتَقِمْ": فعل الشرط، "يُقَدِّرْ": جواب الشرط.
أحيانًا تقولون لي نحن نجد فعل الشرط ولا نجد جواب الشرط، مثال ذلك: (وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [الشورى: 49].
"إِنْ": أداة شرط، "يَمْسَسْكَ": فعل الشرط، فعل مضارع مجزوم وعلامة جزمه السكون. الجملة (فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) كلها في محل جزم جواب الشرط.
بهذا نكون انتهينا من باب الأفعال، وقلنا الأفعال إما فعل ماضي أو مضارع أو أمر. والماضي مبني دائمًا على الفتح سواء كان فتحة ظاهرة أو فتحة مقدرة، وقيل على ما ينطق به.
والمضارع والأمر يبنيان على ما يجزم به مضارعه: إذا كان صح الآخر يبنى على السكون، وإذا كان معتل الآخر على حذف حرف العلة، وإذا كان من الأسماء الخمسة يبنى على حذف النون.
والمضارع قلنا ننظر قبله، إذا لم يسبقه شيء يكون مرفوعًا، وإذا سبقه ناصب يكون منصوبًا، وإذا سبقه جازم يكون مجزومًا. ما هي النواصب؟ أخذنا النواصب. وما هي الجوازم؟ أخذنا الجوازم.
الآن انتهينا من الباب الثالث في هذا الكتاب كتاب الآجرومية وفي علم النحو، وندخل على الباب الرابع وهو باب الأسماء.
الأسماء إما مرفوعة وهي سبعة، أو منصوبة وهي خمسة عشر، أو مجرورة. وهذا مهم جدًا أن نضبطه بحيث أن مثلًا لا تأتي على كلمة تكون مرفوعة دائمًا وتقول لي منصوبة.
المبتدأ دائمًا مرفوع، فلا تقل مبتدأ منصوب. ولا تقل مثلًا فاعل منصوب، المفعول به دائمًا منصوب، فلا تقل مفعول به مجرور ولا مفعول به مرفوع. المضاف إليه دائمًا مجرور، فلا تقل مضاف إليه منصوب، هذا غلط مئة بالمئة.
الآن ننتقل للباب الرابع وهو باب الأسماء. الأسماء إما مرفوعة أو منصوبة أو مجرورة، والأسماء المرفوعة سبعة: الفاعل ونائب الفاعل والمبتدأ والخبر واسم كان وخبر إنّ والتوابع.
المبتدأ مرفوع، اسم كان مرفوع، الفاعل مرفوع، المفعول به منصوب، الحال منصوب، المنادى منصوب، المضاف إليه مجرور، ما سبق بحرف جر مجرور، نائب الفاعل مرفوع.
هل يصح أن تنسب أولاد المرفوع لأخيه المنصوب؟ لا. دخلنا للطابق الثالث وجدنا عنده ثلاث أولاد (ما سبق بحرف جر والمضاف إليه والتوابع). هل يصح أن تقول مثلًا مضاف إليه مرفوع؟ لا.
هذه النقطة مهمة جدًا أن نحفظ المرفوعات والمنصوبات والمجرورات.
الآن نتعرف على المرفوعات: الفاعل ونائب الفاعل. ما معنى كلمة الفاعل؟ يقولون الفاعل هو من قام بالفعل أو اتصف به.
عندي كوب ماء أدرت وجهي ثم نظرت فوجدت الكوب فارغًا. ما السؤال الذي سيخطر في بالي؟ من الذي شربه؟ من الذي فعل هذا الفعل؟ أنا جالس فجأة وجدت أحدًا ضربني على كتفي، أول سؤال يأتي في ذهني من الذي فعل الضرب؟
وكل فعل لا بد له من فاعل، لذلك نحن قلنا أول شيء نفكر فيه إذا رأينا الفعل، البحث عن الفاعل.
(خَلَقَ اللَّهُ الْإِنْسَانَ) [الرحمن: 3]: "خَلَقَ": فعل ماضي مبني على الفتح. من الذي خلق؟ الله. فنقول: الله فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة. والإنسان مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة.
(يُحِبُّ اللَّهُ الْمُحْسِنِينَ) [البقرة: 195]: "يُحِبُّ": فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة. من الذي يحب؟ الله. فالله فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة. "الْمُحْسِنِينَ": مفعول به منصوب وعلامة نصبه الياء.
(قَالَ رَجُلَانِ) [المائدة: 23]: "قَالَ": فعل ماضي مبني على الفتح. من الذين قالوا؟ رجلان. فرجل فاعل مرفوع وعلامة رفعه الألف.
(وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ) [يوسف: 100]: "رَفَعَ": فعل ماضي مبني على الفتح. من الذي رفع؟ هو. "أَبَوَيْهِ": مفعول به منصوب وعلامة نصبه الياء.
(قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ) [المؤمنون: 1]: "أَفْلَحَ": فعل ماضي مبني على الفتح. "الْمُؤْمِنُونَ": فاعل مرفوع وعلامة رفعه الواو.
نحن قلنا الفاعل هو من قام بالفعل أو اتصف به. لو قلنا: مات محمد. هل محمد أمات نفسه؟ لا. لكن هنا كلمة مات أسندت إلى محمد، فنقول محمد فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة.
أسند إليه الفعل أو اتصف به، بخلاف كلمة الفاعل عند علماء اللغة، أوسع من النحاة، يقولون الفاعل هو من قام بالفعل فقط.
الفاعل إما أن يكون ظاهرًا نراه، وإما أن يكون ضميرًا. لو قلنا مثلًا: "لا يغفر الذنوب إلا أنت". "يغفر": فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة؛ لأن "لا" هنا نافية.
من الذي يغفر؟ أين الفاعل؟ هل كلمة الذنوب هي الفاعل؟ نقول لا، الذنوب مفعول به. وأين الفاعل؟ ليس موجودًا، إذًا يكون ضميرًا، تقديره هو.
إذًا هذا هو الفاعل وتكلمنا عنه. هذا الباب الأول في المرفوعات: الفاعل. الباب الثاني هو نائب الفاعل. ما معنى نائب الفاعل؟
نائب الفاعل هو أحد سينوب أو سيقوم مقام الفاعل. في المثال الذي أخذناه: (خَلَقَ اللَّهُ الْإِنْسَانَ) [الرحمن: 3]، الفعل "خلق"، الفاعل "الله"، المفعول به "الإنسان".
إذا حذفنا الفاعل، هنا يقوم المفعول به مقام الفاعل، فنقول "خلق الإنسان"، وإذا جلس في مكانه فيأخذ حكمه فيكون مرفوعًا.
المعلم إذا غاب وجلس أحد مكانه، يأخذ حكم المعلم، فنحترمه كما نحترم المعلم. نفس الكلام تمامًا، نائب الفاعل يأخذ حكم الفاعل.
كيف نعرف الفرق بين نائب الفاعل والفاعل؟ انظر إلى الفعل، إن كان مبنيًا للمعلوم فهذا يحتاج فاعل. إذا حصل فيه تغيير فهذا يحتاج نائب فاعل.
الفعل إذا كان ماضيًا، يضم أوله ويكسر ما قبل الآخر، فهذا يحتاج نائب فاعل. "خُلِقَ"، ماذا فعلنا في أول حرف؟ تم ضم الأول، والحرف الذي قبل الأخير كسرة.
فنقول "خلق الإنسان"، "خلق": فعل ماضي مبني على الفتح، أوله مضموم وقبل آخره مكسور، فنقول "الإنسان": نائب فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة.
لو قلنا "سرق المتاع": ضم الأول وكسر ما قبل الآخر، "المتاع": نائب فاعل مرفوع علامة رفعه الضمة. إذا كان الفعل ماضيًا يضم أوله ويكسر ما قبل آخره.
"استخرج الذهب": ضم الأول وقبل الآخر "استخْرِجَ". إذا كان ماضيًا يضم الأول ويكسر ما قبل الآخر.
إذا كان مضارعًا كيف نعرب؟ إذا كان مضارعًا يضم أوله أيضًا، لكن ما قبل الآخر يفتح، فنقول "يُشْرَبُ اللبن".
في الفعل الماضي يضم الأول ويكسر ما قبل الآخر، في الفعل المضارع يضم الأول ويفتح ما قبل الآخر.
قال تعالى: (يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ) [الرحمن: 41]. "يُعْرَفُ": فعل مضارع مرفوع بالضمة. و"الْمُجْرِمُونَ": نائب فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة.
الآن سأعطيكم أمثلة وأنتم ابنوها للمجهول: ضرب، ضُرِبَ. أعطى، أُعْطِيَ. لبس، لُبِسَ.
لو قلنا "نظر الأمير في الأمر": نُظِرَ في الأمر، ونُظِرَ في الأمر. أحَيانًا يكون نائب الفاعل جر ومجرور في محل رفع نائب فاعل.
"ضرب زيد": زيد نائب فاعل. (إِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ) [الزمر: 68]: نفخ فعل ماضي مبني على الفتح، ضم الأول وكسر ما قبل الآخر، نائب فاعل. وغيض الماء، الماء نائب فاعل.
(إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ) [الزمر: 10]، الصابرون نائب فاعل. بني الإسلام، الإسلام نائب فاعل.
نائب الفاعل في الفعل الماضي يضم الأول ويكسر ما قبل الآخر، في الفعل المضارع يضم الأول ويفتح ما قبل الآخر: "يُسَاعَدُ، يُكْرَمُ، يُسْتَجَابُ، يُنْصَرُ، يُهْزَمُ، يُخْبَرُ، يُعْلَمُ، يُزَلْزَلُ".
(يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ) [الأحزاب: 66]، وجوههم نائب فاعل.
إذًا انتهينا من هذا الباب: الفاعل ونائب الفاعل. نائب الفاعل: إذا بني الفعل لما لم يسمى فاعله، يضم أول الماضي ويكسر ما قبل الآخر، ويضم أول المضارع ويفتح ما قبل الآخر.
في المرفوعات: باب المبتدأ والخبر. الجملة الاسمية تتكون من مبتدأ وخبر، الاسمية تبدأ باسم. المبتدأ هو اسم مرفوع عار عن العوامل اللفظية، اسم جاء في ابتداء الكلام.
الخبر هو الذي كمل معنى الجملة، هو المتمم لمعنى المبتدأ. "العلم نور": "العلم": مبتدأ مرفوع وعلامة رفعه الضمة. "نور": خبر مرفوع وعلامة رفعه الضمة.
"الشجرة مثمرة": الشجرة مبتدأ مرفوع وعلامة رفعه الضمة. مثمرة خبر مرفوع وعلامة رفعه الضمة. محمد مجتهد، محمد مبتدأ ومجتهد خبر.
"الطالبان مجتهدان": الطالبان مبتدأ مرفوع وعلامة رفعه الألف. مجتهدان خبر مرفوع وعلامة رفعه الألف.
"المسلمون منتصرون": المسلمون مبتدأ مرفوع وعلامة رفعه الواو. منتصرون خبر مرفوع وعلامة رفعه الواو.
"المسلمات مجتهدات": المسلمات مبتدأ مرفوع وعلامة رفعه الضمة. مجتهدات خبر مرفوع علامة رفعه الضمة.
"أبوك نشيط": "أبوك" من الأسماء الخمسة، والأسماء الخمسة ترفع بالواو. "أبو": مبتدأ مرفوع وعلامة رفعه الواو. والكاف في محل جر مضاف إليه. ونشيط خبر مرفوع علامة رفعه ضمة.
الخبر هو الذي يكمل معنى الجملة. أحيانًا ننظر للخبر فنراه كلمة واحدة، الرجل قائم هذا خبر لأنه اسم.
أحيانًا ننظر ونجد جملة، مثلًا: الله يحب الصابرين. الله مبتدأ مرفوع علامة رفع الضمة. "يحب": فعل، فمن الخطأ أن تقول لي يحب خبر؛ لأن الخبر لابد أن يكون اسمًا.
الخبر أنواع: مفرد وجملة وشبه جملة. إذا وجدتم المبتدأ فابحثوا عن الخبر.
وجدت بعد المبتدأ كلمة واحدة: الرجل قائم، فـ"قائم" خبر مرفوع علامة رفعه الضمة، ونوع الخبر خبر مفرد.
"الرجلان قائمان" أيضًا وجدت كلمة واحدة لكنها مثنى. كلمة مفرد هنا ليس معناها واحد، لا، معناها كلمة واحدة سواء كانت مفرد مثنى جمع.
المسلمون نشيطون: نشيطون خبر مفرد. المسلمات نشيطات: خبر مفرد أيضًا. كلمة مفرد هنا معناها ما ليس جملة ولا شبه جملة.
وجدت المبتدأ ووجدت بعده جملة، إذا نظرت إلى المبتدأ فوجدت بعده أكثر من كلمة، فانسَ المبتدأ وانظر إلى ما بعده، فإن كان ما بعد المبتدأ جملة اسمية فيكون الخبر جملة اسمية. إذا كان بعد المبتدأ فعل فيكون الخبر جملة فعلية.
"الله يحب المحسنين": الله مبتدأ مرفوع بالضمة. "يحب المحسنين": جملة فعلية. يحب فعل مضارع مرفوع بالضمة، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو، والمحسنين مفعول به منصوب بالياء.
والجملة الفعلية في محل رفع خبر. المعلم يشرح الدرس، المعلم مبتدأ. "يشرح الدرس": فعل ومفعول به. والجملة الفعلية في محل رفع خبر.
إذا نظرت لم أجد جملة فعلية، أنا وجدت جملة اسمية: الشجرة ثمارها يانعة. الشجرة مبتدأ مرفوع بالضمة. ثمارها يانعة جملة اسمية. ثمار مبتدأ ثاني مرفوع علامة رفعه الضمة.
"يانعة": خبر المبتدأ الثاني. وثمارها يانعة الجملة الاسمية في محل رفع خبر المبتدأ الأول.
"محمد سيارته جميلة": محمد مبتدأ، سيارته مبتدأ ثاني، وجميلة خبر المبتدأ الثاني؛ لأن الجمال ليس وصفًا لمحمد إنما وصف للسيارة.
سيارته جميلة كلها نقول: والجملة الاسمية في محل رفع خبر المبتدأ الأول.
"الله يبسط الرزق": الله مبتدأ، يبسط الرزق جملة فعلية، والجملة الفعلية في محل رفع خبر.
"محمد في البيت": محمد مبتدأ مرفوع بالضمة، في حرف جر، البيت اسم مجرور، وهذه شبه جملة. شبه الجملة هي الظرف والجر والمجرور.
إذا نظرت بعد المبتدأ فوجدت جملة فعلية فنقول: والجملة الفعلية في محل رفع خبر المبتدأ. نظرت بعد المبتدأ فوجدت جملة اسمية نعرب مبتدأ ثاني وخبر المبتدأ الثاني، والجملة الاسمية في محل رفع خبر المبتدأ.
نظرت بعد المبتدأ ووجدت ظرفًا أو جرًا ومجرورًا، أقول وشبه الجملة في محل رفع خبر المبتدأ. "الركب أسفل منكم": ظرف، أقول وشبه الجملة في محل رفع خبر المبتدأ.
بذلك نكون انتهينا في باب المرفوعات من الفاعل ونائب الفاعل والمبتدأ والخبر، وغدًا إن شاء الله نلتقي في مجلس آخر، وأوصيكم ونفسي بتقوى الله سبحانه وتعالى.
وكرروا، كرروا، كرروا، فلا يملن كما تكرر لعله يحلو إذا تقرر، واضبط في كل فن كتابًا فإنك تنبغ بذلك. السلام عليكم.