مقاصد متن المنهاج | الشرح المختصر 01 | 3-3 | أحمد السيد
الباب الثاني عشر: باب في المسؤولية العامة تجاه الإسلام والمسلمين
قال الله تعالى: "وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون: ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها."
وقال سبحانه: "وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر إلا على قوم بينكم وبينهم ميثاق."
وقال سبحانه: "ذم بني إسرائيل كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه." وامتدح الله هذه الأمة بقوله: "كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر."
نعم، هذه الآيات فيها تأسيس لهذه القضية بشكل واضح. في الآية الأولى تأسيس لقضية الواجب تجاه المستضعفين، فالمستضعفون لهم حق، وعلى الأمة واجبات تجاههم. فالله سبحانه وتعالى هنا يعاتب المؤمنين فيقول: "وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون: ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها."
وكذلك التأسيس لقضية: "وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر." هذا في حقوق المؤمنين الذين يتعرضون للمشكلات من الأعداء.
وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر إلا على قوم بينكم وبينهم ميثاق. وكذلك في قضية الدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه، يعني ترى من موجبات ذم الله لبني إسرائيل أنه ممكن ترى ممكن واحد منهم يكون صالحًا في نفسه لكنه موجب الذم هو أن يترك الإنكار.
وهذه قضية، يعني مع الأسف، متفشية من زمن بعيد، وفي زماننا تزداد تفشيًا وتزداد استحكامًا. الذي هو تأكيد أنه ليس لأحد دخل في هذه الأمور، بحيث أنه كلما جاء أحد يتكلم أو جاء ينصح أو يستهزأ به.
لا، يا عزيزي، ترى القضية متعلقة بنجاتك أنت. أنا أحسن إليك، يعني لو كان في تسريب في مياه وفي بيتك، وجاءت أنبهك، ما أحد يقول مالك دخل، بالعكس: الله يجزيك الخير.
والله أنك نعم الجار يا أخي، شكراً لك، الله يجزيك الخير، لأن الفاتورة شغالة عليه في المياه. فهو لما يأتي ينبهه، فهو مبسوط تمام، والله يجزيك الخير.
ها، التنبيه على أي شيء من هذه الأشياء: ترى معلش، انتبه، ثوبك في شغلة من الخلف، خلنا تراب ولا شيء، الله يجزيك الخير، ويبيض الله وجهك، شكراً لك يا طيب.
لما أجي أنصحك في قضية تضرك في دينك، تضرك في آخرتك، لماذا تقابلها بمالك دخل، واستشراف، وكذا، أيش دخلك، حرية، لماذا تتدخل؟ هل شققت عن قلبي؟ هل تدري، أيش؟
أيــدرك، ربما أنا أفضل، أحيانًا يأتيك شخص آخر هو يتدخل، يعني حتى الذي ينصح أحيانًا ما يتدخل. يأتيك ثالث يقول لك مالك أيش دراك، تنصح امرأة غير محجبة: تحجبي، أيش دراك؟ ربما أنها أفضل من المحجبة التي في قلبها غرور.
وهذا، والحجاب حجاب القلب وليس حجاب البدن وما إلى ذلك من هذا الكلام.
طيب، في نشاط في الإنكار على الناصح، نشاط في الإنكار. أحيانًا واحد يكتب تغريدة فيها نصيحة، من أكثر التغريدات التي يصير عليها اعتراض، التي فيها النصيحة، مثلاً، مباشرة لفئة من المجتمع أو شيء.
مالك دخل، أيش دخلك، أيش دراك، هل تعرف عن قلوبهم؟ طيب، أيش در؟ أنت ما تشوف، ما تشوف نفسك. طيب، ما تشوف الذي سوا مثل هذا الفعل وما تكلمت عنه؟
طب، في واحد في دولة ثانية سوا نفس هذا الفعل، وانت ما تكلمت عنه. لازم لما تجي تكلم عن قضية، سوي تحديد للدول كلها: أيها المخالفون في دولة كذا، وفي دولة كذا، وفي دولة كذا.
وتخلص اللست حق الدول، اتقوا الله جميعًا، لأنك لو قلت حددت بدولة أو بمجال أو شيء، أول اعتراض. طيب، ما تشوف الذي في الدولة الثانية.
أنا عضو مراقب في الأمم المتحدة، أيش تخلني أتكلم عن مشكلة موجودة في بلد معين؟ في حاجة مع في مجتمع معين، أنا أنكر على قضية معينة.
أما تكلفني بأنه كأني محكمة دولية أتابع في كل شيء، وفي قضية أنه الإنكار على الناصح.
نشاط في الإنكار على الناصح. طيب، الناصح نفسه حين ينصح، لماذا أنت الآن لما تنكر على الناصح؟ أنت تركت، دخلت أيضًا، أنت الآن يعني مارست دور من الوصاية ودور من الإنكار، طب خلاص، دعه هو أيضًا يعني يقوم بمثل هذا.
على أي حال الحديث وإن كان محزنًا مضحكًا، إلا أنه حقيقة مؤلمة جدًا، لأن واقعنا من أكبر المشكلات التي فيه.
مشكلة تطبيع، قضية الحرية الشخصية ونقد كل ما يعارضها بصورتها المادية الجامدة.
وهذا خطير جدًا، أي مجتمع توجد في هذه القضية وتستحم فيه، فهو مجتمع آيل إلى الهلاك بميزان الله سبحانه وتعالى.
كيف وعبادة المشاعر. هذا كذلك شيء آخر، لكن قضية أنه الله سبحانه وتعالى يعني يكرر في كتابه أن من أهم أسباب النجاة، نجاة النجاة العامة، أو حتى النجاة الخاصة طبعًا في كتابه في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قضية الإنكار، النهي عن الفساد. ولذلك قال الله سبحانه وتعالى: "فلولا كان من القرون من قبلكم الو بقية ينهون عن الفساد في الأرض إلا قليلاً ممن أنجينا منهم."
يعني لولا كان فيهم بقية أناس، فيهم بقية من الخير والمعروف وكذا ينهون عن الفساد في الأرض، ثم استثنى قلة، قلة عملوا بهذا الدور، فكانت نتيجة ذلك أنه أيش؟ الله سبحانه وتعالى عملهم أنجاهم.
سبحانه وتعالى أنجاهم، إلا قليلاً ممن أنجينا منهم. فهذا مؤشر خطر جدًا في أي مجتمع من المجتمعات.
وفيه حديث السفينة الذي سيأتي. السفينة هذه، التي هي مجتمع الأمة تغرق إذا وجد من يخرق السفينة، ولا يوجد أحد ينكر، تغرق.
وكذلك حديث أبي بكر الذي سيأتي: إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه، أوشك أن يعمهم الله بعقاب بعقابه. وكذلك الحديث الذي سيأتي: "أهلك وفينا الصالحون."
نعم، إذا كثر الخبث.
لابد أن تدق يدق جرس الإنذار إذا كثر الخبث.
ما في، لازم أنت أيها المنصوح تريد أن تفهم، افهم ما تريد أن تفهم. ترى أنا لا أنظر لك وحدك، أنا أخاف عذاب الله سبحانه وتعالى الذي يأتي.
وعذاب الله، ترى هذا ليس بالضرورة أن يكون صيحة تأخذ الجميع، ولا أن يعني تحمل الأرض وتقلب، وأنه يرسل عليها حجارة من السماء.
ترى لا يزال عذاب الله وعقوباته لا تزال إلى الآن، يعني لم تنتهي مع الأمم السابقة، لا تزال نفس ما يذكره الله سبحانه وتعالى من قضية العقوبة لا تزال موجودة.
ولكن صورتها ليس بالضرورة أن تأخذ شكل الصيحة أو الإغراق أو الخسف، وإنما قد تأخذ صيغة ماذا؟ قد تأخذ صيغة ماذا؟ الخوف والجوع، تسليط الأعداء.
وضرب الله مثلًا قرية كانت آمنة مطمئنة، يأتيها رزقها رغدًا من كل مكان، فكفرت بأنعم الله، فأذاقها الله لباس الجوع والخوف.
الخوف بماذا؟ تسليط أعداء، اضطرابات داخلية، إلى آخره.
فالعقوبات التي قد يضربها الله سبحانه وتعالى على المجتمعات هي عقوبات مختلفة ومتنوعة.
من أعظم أسبابها ماذا؟ من أعظم أسبابها انتشار الفساد دون إنكار، فليست المشكلة فقط في انتشار الفساد.
المشكلة في هذين الأمرين سويًا، في انتشار الفساد مع عدم وجود النهي عنه. وهذه قضية خطيرة جدًا جدًا جدًا.
ولذلك من أعظم أدوار المصلحين أن يعني يقوموا بكل ما يمكنهم أن يعملوا حال انتشار الفساد. بما يمكنك، بما تستطيع.
لكن أن تعتزل عن نفسك هذا التكليف، فهذه مصيبة يا أخي. لو افترضنا أنك ما عاد تستطيع أن تنكر شيئًا من الفساد إلا في حدود عائلتك وأهلك وبيتك، وما يسمع منك، تحدث ربي علم، ابعد هؤلاء عن الشر وعن الفساد.
لكن أن تكون يعني بارد القلب تجاه يعني خلينا نقول مثل هذا الخبث الذي يعني يمكن أن ينتشر أو ينتشر في الواقع، فهذا في شكل كبير.
إذاً، هذا الإنكار وهذه النصيحة رحمة.
رحمة، ليس عذابًا، ليس اعتراضًا، ليس تدخلًا، هي رحمة. وأصلاً يعني، هو ترى كل إرسال الرسل هو رحمة.
ومن أعظم صور الرحمة هذه هي الإنقاذ من النار، الإنقاذ من النار بماذا؟ بالأمر المعروف والنهي عن المنكر.
تعرفون النبي صلى الله عليه وسلم: "أنا النذير العريان." ها لو أخبرتكم، قال: "فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد."
التحذير، الإنذار، ثم بعد ذلك إذا أدى الإنسان ما عليه ولم تحصل استجابة، فليس مكلفًا بتحقيق هذه الاستجابة.
نعم، هذه الأحاديث، اقرأ عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مثل القائم على حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة."
فصاد بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها.
فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم، فقالوا: "لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقًا، ولم نؤذ من فوقنا."
فإن يتركوهم وما أرادوا هلكوا جميعًا، وإن أخذوا على أيديهم نجوا، ونجوا جميعًا.
أخرجه البخاري عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان."
أخرجه مسلم عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال: "يا أيها الناس، إنكم تقرؤون هذه الآية: يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم."
"وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعقابه."
أخرجه الإمام أحمد في مسنده عن زينب بنت جحش رضي الله عنها قالت: "استيقظ النبي صلى الله عليه وسلم من النوم محمراً وجهه يقول: لا إله إلا الله، ويل للعرب من شر قد اقترب. فتح اليوم من ردم ياجوج وماجوج مثل هذه."
وعقد سفيان تسعين أو مئة.
قيل: "هل نهلك وفينا الصالحون؟" قال: "نعم، إذا كثر الخبث."
أخرجه البخاري ومسلم عن نعمان بن بشير رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مثل المؤمنين في تودّهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو، تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى."
أخرجه البخاري ومسلم.
نعم، هذه الأحاديث غاية الوضوح أو في غاية الوضوح والبيان في تأسيس هذا المعنى، في تأسيس المسؤولية العامة تجاه الإسلام والمسلمين.
المجتمع الأمة، وقبل ذلك في الباب الذي قبله الأسرة، الرجل راعٍ في أهل بيته، وهو مسؤول أو في أهله، وهو مسؤول عن رعيته.
الحديث الأول حديث النعمان بن بشير في البخاري، وهو حديث السفينة، وحديث عظيم في تشبيه عجيب ومثال لا ينسى سبق الإشارة إليه.
وكذلك حديث أبي بكر الصديق، وحديث أبي سعيد الخدري، وحديث بنت جحش رضي الله تعالى عنها. وفيه: "هل نهلك وفينا الصالحون؟" قال النبي صلى الله عليه وسلم: "نعم، إذا كثر الخبث."
وهذه كلها تناولتها قبل قليل بالتعليق والبيان. بقي الحديث الأخير وهو حديث النعمان بن بشير أيضًا، وهو حديث عظيم جليل في تأسيس المسؤولية، وهو: أنا برأيي هذا الحديث فيه معيار من المعايير التي يقيم بها الإنسان.
يقيم بها الإيمان في نفس الإنسان المؤمن. "مثل المؤمنين في تودهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو، تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى."
وكان من علامات الإيمان حصول حالة التداعي، الشعور، السهر والحمى، لأنه ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم مرتبطة باسم الإيمان.
فقال: "مثل ماذا؟ مثل المؤمنين."
طيب، ماذا لو حصل ما يوجب التودد والتراحم والتعاطف، ولم يحصل هذا التداعي في بقية الجسد؟
هذا معناه أنه في تقصير في اسم ماذا؟ في اسم الإيمان. وبالتالي، من علامات إيمان المؤمن أن يكون متألماً من حال بقية الجسد، الذي هو بقية المؤمنين.
فما أصاب بقية الجسد من آلام، فإن على بقية الجسد أن يتألم لذلك، وأن يسهر لأجل ذلك ويتداعى له.
أما إذا وصلنا إلى حال يتألم الجسد من مختلف المناطق، ثم لا يقابل هذا الألم لا بالمتابعة ولا بالحمى والسهر، فهذا معناه أن الجسد قد حصل فيه مرض أساسي كبير جعله فاقدًا لصفة من أهم صفاته.
وإذا كان المشبه أو إذا كان التشبيه عائدًا لقضية المؤمنين والإيمان وتداعي في بموجب الإيمان، فمعناه أنه إذا ما حصل هذا التداعي، ها، يكون الإيمان أو المؤمن أو المؤمنين قد أصيبوا بمرض عظيم أساسي عطل وظيفة أساسية من وظائف هذا الجسد.
وبالتالي، صار الاهتمام بقضايا الأمة والتداعي لها هو من موجبات الإيمان، من موجبات المؤمنين.
ومع الأسف، يعني أننا صرنا في زمن نحتاج أن نثبت هذه الأشياء. تخيلوا! يعني تخيلوا! صرنا في زمن نحتاج أن نثبت هذه الأشياء الواضحة، البينة، المحكمة في كتاب الله وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
المصيبة أنه إذا حوربت هذه المفاهيم تحت اسم الدين أو حتى تعظيم بعض القضايا العقدية والقضايا الإيمانية، وتحارب هذه القضايا، وتوصف أحيانًا بحركية سياسة، أحيانًا توصف أنه: لا، نحن نهتم بكذا، أما أنتم اهتموا بهذه القضايا.
على أساس أنه: "أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض؟" لماذا، لماذا يحصل يعني التقليل من حجم هذه القضايا وكأنها قضايا هي عبارة عن أيديولوجيات معاصرة لبعض الأحزاب والجماعات والحركات وما إلى ذلك.
ماشي، ممكن بعض من يهتم بهذه القضية تكون عنده أخطاء.
نحن، يعني ليس بالضرورة أنه كل من دعا إلى هذه القضية فهو يدعو إلى أيديولوجية معينة، ولا إلى حزب معين، ولا شيء.
ما لكم كيف تحكمون؟ أما أنتم فهذه القضية عن الإيمان وعن الدين، فهذا من أخطر ما يمكن أن يحصل، أو بالفعل قد حصل في مثل هذا الزمان.
ولذلك، من واجبات المصلحين تثبيت هذا المفهوم والمحافظة عليه، والتربية عليه، وتعزيزه في النفوس، أن من واجبات الإيمان العناية بالأمة الإسلامية، والتداعي لها.
والأدلة على ذلك أدلة كثيرة مذكورة في هذا الباب، ومن أهمها: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم."
متعاطف مع قضية، ما أدري أيش، من المسلمين. أي متعاطف، لفظ مين؟ لفظ النبي صلى الله عليه وسلم.
"وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو، تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى."
ويل للمحرّف في هذا المفهوم، باسم الدين وباسم الشريعة، وأحيانًا باسم السلف وما إلى ذلك.
ويل لهؤلاء المحرفين الذين يريدون أن يعني يبعدوا هذه القضية عن أن تكون من قضايا الدين ومن قضايا الإيمان الأساسية، وليست حتى من الفرعيات.
طيب، نقف قليلاً إن شاء الله لأجل صلاة. نكبل ما يتيسر.
طيب، استعن بالله. وين وصلنا؟
بسم الله الرحمن الرحيم. الباب الثالث عشر: باب في مركزية اتباع هدي الأنبياء وأهميته للمصلح في عبادته ودعوته وصبره.
نعم، طيب هذا الباب بعد الحمد لله وصل لهم على رسول الله بعد الاستئناف.
الآن، نحن قلنا إنه بدأنا مجموعة أبواب في قضية ماذا؟ الإصلاح، ليس كذلك؟
سكر الباب. فبدأنًا في قضية الإصلاح. بموضوع المسؤولية. تأسيس المسؤولية، المسؤولية الفردية والمسؤولية تجاه الإسلام والمسلمين.
صح، الآن نحن نحتاج إلى الأنوار، الطريق، معالم الطريق. شعرنا بالمسؤولية لدينا واجبات، كيف نسير في الطريق بشكل صحيح في الطريق الإصلاحي؟
في الطريق المسؤولية العامة تجاه الإسلام والمسلمين يأتي هذا الباب ليؤسس للمعلم الأعظم من معالم الاهتداء الخاص في باب الإصلاح. ما هو هذا المعلم الأعظم؟ هدي الأنبياء.
هذا الباب يؤسس لقضية أهمية اتباع هدي الأنبياء وأنه أمر مركزي، وأهمية هذا الباب للمصلح في الباب مذكور كم؟
أمر ثلاثة أمور: عبادته، ودعوته، وصبره. والصبر أكثر ما هو مرتبط بماذا؟ بالدعوة، أكثر ما هو مرتبط بالدعوة.
نعم، اقرأ. قال الله سبحانه وتعالى: "وكلا نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك."
وجاءك في هذه الحق وموعظة وذكرى للمؤمنين.
وقال سبحانه: "فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل، ولا تستعجل لهم، كان أنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار."
بلاغ، فهل يهلك إلا القوم الفاسقون؟
وقال سبحانه: "قل: هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة، أنا ومن اتبعني، وسبحان الله وما أنا من المشركين."
وقال سبحانه: "أولئك الذين هدى الله، فبهداهم اقتده، قل: لا أسألكم عليه أجرًا، إنه إلا ذكرى للعالمين."
وقال سبحانه: "قل: إنني هداني ربي إلى صراط مستقيم، دينًا قيمًا، دينًا قيمًا، ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين."
نعم، هذه الآيات آيات واضحة الدلالة كذلك ومباشرة الارتباط.
بعنوان الباب الذي هو في أهمية اتباع هدي الأنبياء. وهذه الآيات فيها أن الله سبحانه وتعالى كان يثبت نبيه صلى الله عليه وسلم بتذكيره بما حصل للأنبياء قبله.
ونحن تبع لأم للنبي صلى الله عليه وسلم. فما ثبت الله به فؤاد نبيه، يثبت به أفئدة أو تثبت به أفئدة المؤمنين من اتباع النبي صلى الله عليه وسلم.
فهذه قضية في غاية الأهمية. الأمر الثاني هو أن الآية الثالثة المذكورة فيها يعني تأسيس لقضية مركزية اتباع النبي صلى الله عليه وسلم، وأن هذا الاتباع فيه قضية كبرى، وهي الدعوة إلى الله.
فبين النبي صلى الله عليه وسلم سبيله في هذه الآية. الله سبحانه وتعالى بين سبيل نبيه وجعله مرتبطًا بقضية الدعوة إليه، فقال: "قل: هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة، أنا ومن اتبعني، وسبحان الله وما أنا من المشركين."
هذه الآية آية مركزية في الباب، آية مهمة جدًا أن يؤسس المنهج المصلحين على اتباع النبي صلى الله عليه وسلم في قضية الدعوة إلى الله، إلى غير ذلك من الآيات.
فبهداهم اقتده. والمقصود بهذه الآية الأنبياء كما هو معلوم.
نعم، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: كأني أنظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم يحكي نبيًا من الأنبياء ضربه قومه، فادوه، وهو يمسح الدم عن وجهه ويقول: "اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون."
أخرجه البخاري ومسلم.
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قسم النبي صلى الله عليه وسلم قسمًا، فقال رجل: إن هذه لقسمة ما أريد بها وجه الله.
فاتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته، فغضب حتى رأيت الغضب في وجهه، ثم قال: "يرحم الله موسى، قد أوذي بأكثر من هذا، فصبر."
أخرجه البخاري ومسلم.
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أحب الصيام إلى الله صيام داود، كان يصوم يومًا ويفطر يومًا، وأحب الصلاة إلى الله صلاة داوود، كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام ثلثه."
نعم، هذه الأحاديث ثلاثة أحاديث فيها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستحضر في دعوته وفي حياته هدي الأنبياء ويتصبب بتذكر ما حصل لهم.
يعني الله سبحانه وتعالى أوصاه في تلك الآيات بأن يصبر كما صبروا.
صح جاءت المواقف العملية، فاستحضر النبي صلى الله عليه وسلم ما حصل للأنبياء بما يشابه الموقف الذي حصل له.
فلما أوذي في القسمة، تذكر أذية قوم موسى لموسى، فقال: "يرحم الله أخي موسى، لقد أوذي بأكثر من هذا فصبر."
إذا محمد صلى الله عليه وسلم صبر كما صبر موسى، الذي هو أحد أولو العزم من الرسل.
فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل، هذه التوصية، والآية تأتي في الموقف، يستحضر النبي صلى الله عليه وسلم.
النبي صلى الله عليه وسلم، ذلك، فيصبر كما صبر.
وفي الموقف الآخر، يصاب النبي صلى الله عليه وسلم في أحد، فيسيل الدم على وجهه، في ذلك الموقف، يتذكر النبي صلى الله عليه وسلم نبيًا من الأنبياء لم يسمى هناك نبي من الأنبياء أصابه مثل ما أصاب النبي صلى الله عليه وسلم.
أصيب في وجهه، فسالت الدم على وجهه، فالنبي صلى الله عليه وسلم يعمل نفس الحركة التي عملها ذاك النبي.
قال ابن مسعود: كأني أنظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم يحكي نبيًا من الأنبياء ضربه قومه، فدم أوه، وهو يمسح الدم عن وجهه، مثل ما مسح النبي ذاك الدمع عن وجهه.
النبي صلى الله عليه وسلم يفعل ويقول: "اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون."
ثم بعد ذلك، هذه، هذه، هذه في الدعوة وفي الصبر. ثم تأتي الأحاديث في قضية العبادة والاتباع هدي الأنبياء في العبادة ومنه هدي داوود عليه السلام الذي أرشد النبي صلى الله عليه وسلم إليه.
إذاً، هذا الباب هو الباب المؤسس أو من أهم الأبواب المؤسسة لقضية معالم طريق الإصلاح.
من أين تستمد معالم الطريق؟ من هدي الأنبياء.
وهدي الأنبياء ليس كما يظن البعض أن المعالم الإصلاحية التي فيه معالم مجملة أو معالم قليلة، هي معالم مفصلة، مفصلة وكثيرة.
يعني مثلاً في كتاب أنوار الأنبياء يمكن ذكرت ما لا يقل عن 60 إلى 70 معلمًا إصلاحيًا من معالم قصتي فقط إبراهيم وموسى عليهما السلام فقط.
أو من يتتبع أكثر من ذلك وفي بقية الأنبياء ستجد أنواع المعالم الإصلاحية التي يمكن أن تستنبط من هؤلاء الأنبياء.
وفيها مشابهة للواقع.
فالحرمان من قضية تدبر هدي الأنبياء خاصة في الإصلاح هو حرمان من باب عظيم من أبواب العلم.
نعم، الباب التالي: الباب الرابع عشر، باب فضل الإصلاح والدعوة إلى الله تعالى وأهمية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
نعم، قال الله تعالى:
طيب، هذا الباب الآن. طيب، باب فضل الإصلاح والدعوة إلى الله وأهمية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
هذا الباب يعني الصق شيء، يعني هو ماشي في الترتيب. حتى لو كان، لو كان قبل باب الأنبياء، ربما يكون أنسب مع باب المسؤولية العامة تجاه الإسلام والمسلمين.
تذكر المسؤولية، ثم يذكر فضلها. فهذا الحديث في بيان الفضل وفي بيان الأهمية، وهي عموماً مترابطة.
يعني حين نقول: المسؤولية العامة تجاه الإسلام والمسلمين، هذا من ناحية المسؤولية. لكن هل هناك فضل؟ لأن الذي يحرك الإنسان إلى العمل، الذي يحرك الإنسان إلى العمل، إما الشعور بالمسؤولية.
الشعور بالمسؤولية، وأيضًا الشعور، المسؤولية، اللي هو معبر عنه في الباب بإيش؟ اللي هو: "تحمل المسؤولية." جيد، هذا واحد.
وأما أن يتحرك بسبب الرغبة أو الرهبة.
الرغبة، اللي هو يحركها الفضل، معرفة فضل الباب، والرهبة معرفة ما في الباب من التحذير والنهي وما إلى ذلك.
الآن هنا نفس الشيء. باب الإصلاح، باب الدعوة إلى الله، نريد أن نعرف فضله. معرفة فضله، ما ثمرته؟ محركة للعمل، محركة للدعوة، محركة للإصلاح.
أن تعمل وأنت تدرك الفضل الذي تعمله، الذي في هذا العمل. وهذا من جملة المثبتات ومن جملة المعينات على الثبات على الطريق.
لأن الذي يسير وعينه على الفضل، وعينه على الأجر، يهون عليه ما يعترض الطريق من أمور.
لأن عينه أبعد، تنظر إلى ما هو أبعد.
الاعتراضات دائمًا والعقبات هي تعتبر أمور جزئية، أمور محدودة، أمور مرتبطة بمرحلة معينة، أمور مرتبطة بالحياة الدنيا.
خليها كلها في الحياة الدنيا. العين حين تطمح وتنظر إلى ما هو أبعد، الذي هو الفضل والأجر الأخروي.
فدائمًا النظر الأبعد يهون العقبات الأقرب.
والعقبات الأقرب مهما كانت، مهما كانت، حتى لو كانت بعد 40 سنة، 50 سنة، فهي في الحياة الدنيا. ولذلك لما لمحت السحرة الذين آمنوا، لما لمحوا فجر الأجر، هذا قالوا: "فاقد قضي ما أنت قاض، إنما تقضي هذه الحياة الدنيا."
يعني نحن مستحضر أن هذا القضاء الذي تقضيه، يا فرعون، وإن كان مؤلمًا، إلا أنه تحت عنوان الحياة الدنيا.
أي شيء تفعل، افعل. إنما تقضي هذه الحياة الدنيا. وعينهم على ما بعد ذلك.
إذاً، حين نتكلم عن فضل إصلاح، هذا سبب من أسباب الثبات. لأن الطريق يكتسب شرفه بذاته، بغض النظر عن الأمور المتعلقة به.
نعم، قال الله تعالى: "ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا، وقال إنني من المسلمين."
وقال تعالى: "وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا، وكانوا بآياتنا يوقنون."
وقال سبحانه: "وجعلنا للمتقين إمامًا."
وقال تعالى: "ولكن كونوا ربانيين."
وقال سبحانه: "كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله."
"ولو آمن أهل الكتاب لكان خيرًا لهم، منهم المؤمنون، وأكثرهم الفاسقون."
وقال سبحانه: "يا بني، أقم الصلاة، وأمر بالمعروف وانهَ عن المنكر، واصبر على ما أصابك، إن ذلك من عزم الأمور."
وقال سبحانه: "فلما نسوا ما ذكروا به، أنجينا الذين ينهون عن السوء، وأخذنا الذين ظلموا بعذاب بئيس بما كانوا يفسقون."
وقال جل وعلا: "فلولا كان من القرون من قبلكم الو بقية ينهون عن الفساد في الأرض إلا قليلاً ممن أنجينا منهم."
نعم، لو لم يكن في الباب إلا هذه الآيات لكفت فضلاً وسببًا ليُدرك الإنسان أهمية الدعوة إلى الله وأهمية الإصلاح.
فمن جهة مسؤولية تم إثباتها بالأدلة السابقة، ومن جهة فضل عظيم ومكانة كبيرة. بل الآية الأولى: "ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا."
وهذه الآية وحدها كافية. أنا برأيي، أن أعظم آيتين في الباب عموماً، يعني حتى سواء فيما ورد أو ما وردت في الآية التي قبلها، آية هنا وآية في الباب الذي قبله.
الآية الأولى: "ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا." والآية الثانية: "قل: هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني."
هاتان آيتان كافيتان، كفاية تامة، في بيان شرف وفضل ومنزلة ومكانة وأهمية الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى.
"ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله." لا أحد أحسن قولا ممن دعا إلى الله.
ثم الآيات الكثيرة فيها خيرية هذه الأمة. وأن أول صفة ذكرت تابعه لخيريه هذه الأمة هي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
ومن الفضائل التي ذكرت أن النهي عن السوء سبب للنجاة.
"أنجينا الذين ينهون عن السوء."
فمن فضل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو النجاة من العذاب.
وكذلك الآية التي علقت عليها في الدرس الذي، أو في الباب الذي قبله: "فلولا كان من القرون من قبلكم الو بقية."
إلى آخر الآية.
نعم، اقرأ الأحاديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئًا."
ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه، لا ينقص ذلك من آثامهم شيئًا.
أخرجه مسلم عن جرير رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من سن في الإسلام سنة حسنة، فله أجرها، وأجر من عمل بها بعده، من غير أن ينقص من أجورهم شيء."
ومن سن في الإسلام سنة سيئة، كان عليه وزرها، ووزر من عمل بها من بعده، من غير أن ينقص من أوزارهم شيئًا.
أخرجه مسلم عن عبد الله بن عمر بن العاص رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الله لا يقبض العلم انتزاعًا ينتزعه من العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالمًا، اتخذ الناس رؤوسًا جهالًا، فسئلوا، فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا."
أخرجه البخاري ومسلم.
عن سهل بن سعد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم خيبر: "لأعطين هذه الراية رجلاً يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله."
قال: فبات الناس يدوكون ليلتهم أيهم يعطاها. فلما أصبح الناس غدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، كلهم يرجون أن يعطاها.
فقال: أين علي بن أبي طالب؟ فقيل: هو يا رسول الله يشتكي عينيه.
قال: فأرسلوا إليه فتي به. فبصق رسول الله صلى الله عليه وسلم في عينيه ودعا له فبرأ حتى كان لم يكن به وجع.
فأعطاه الراية، فقال علي: يا رسول الله، قاتلهم حتى يكونوا مثلنا. قال: "انفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم، ثم ادعهم إلى الإسلام، واخبرهم بما يجب عليهم من حق الله فيه."
فوالله، لإن يهدي الله بك رجلًا واحدًا خير لك من أن يكون لك حمر النعم.
أخرجه البخاري ومسلم.
نعم، هذه الأحاديث فيها بيان فضل عظيم من فضائل، أو من فضل الدعوة غير الفضل المذكور في الآيات.
وخلاصته أن أجر الدعوة وأجر الداعي إلى الله لا يقتصر على العمل في ذاته، وإنما يمتد أثر هذا العمل ويتضاعف الأجر بقدر المستجيبين.
يعني الآن عندنا نوعان من الفضل في الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى: نوع لا علاقة له بالمستجدات، جابه اتباعه أو لم يحصل.
ونوع آخر من الفضل مرتبط بمقدار الاستجابة والاتباع.
ففضل الباب الأول من الفضل ميزته أنه يجعل الداعية ثابتًا على الدعوة، ولو لم تحصل استجابة، لأن شرف الدعوة في ذاتها وفضلها في ذاتها.
طيب، ماذا لو حصلت استجابة؟ هنا الفضل يزداد ويتضاعف.
ولذلك من جملة فضائل النبي صلى الله عليه وسلم كثرة اتبعه والمجيب له، وتعرفون النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي تعرض فيه الأمم. ها.
النبي صلى الله عليه وسلم، يعني مما يحبه ويفرح به أن تكون هذه الأمة كثيرة.
فمن فضل النبي صلى الله عليه وسلم كثرة اتباعه. المستجيبين له.
الآن، هذا الفضل العظيم هو أنه بقدر من استجاب إلى الهدى الذي تدعو له، فإن هذا يمتد إلى صحائفك وحسناتك.
"ومن سن في الإسلام سنة حسنة، فله أجرها، وأجر من عمل بها بعده." في حياته أم بعد مماته.
سواء في حياته أو بعد مماته، مفتوح. طيب، ماذا لو كان الذين عملوا بهذه السنة عشرات الآلاف؟
الله أكبر، والله أكثر فضلًا وعطاءً وإحسانًا.
مهما كثر المستفيدون أو المتبعون أو المستن، فالله سبحانه وتعالى يكتب الأجر، حتى لو كثرت، كما في رواية حديث الدعاء: إذا نكثر، قال الله: أكثر.
فهذا أجر عظيم وفضل كبير وثواب، ويجعل الداعية يحرص على ماذا؟ على استجابة الناس، يحرص على الثمرة، مع التأكيد على أن الثمرة ليست شرطًا للقيام بالدعوة.
بمعنى لو غلب على ظن الداعية أن ما سيبذل في هذا النشاط الدعوي أو البرنامج الدعوي أو المقام الدعوي غالبًا لن يحصل له ثمرة من حيث الاستجابة، يقيم أو لا يقيم؟ يقيم لشرف الدعوة في ذاتها.
وأحيانًا لتبرئة ذمته، ها، وهذا له أصل في القرآن، أيش؟ سورة الأعراف، أيش؟ "وإذ قالت أمة منهم: لم تعظون قوماً الله مهلكهم أو معذبهم عذابًا شديدًا."
قالوا: أيش: "معذرة إلى ربكم."
"معذرة إلى ربكم." تمام، ولعلهم يتقون.
في رجاء، ها. طيب، لكن هذا كوني أنا لا أعلق على الثمرة. ليس معناه أن لا أحرص على الثمرة.
أنا أحرص على الثمرة، أحرص على تحصل استجابة.
ولذلك هنا يأتي إيش؟ التلطف في الأسلوب، الحرص على الإقناع، الابتعاد عما ينفر.
واضح الفكرة؟ ولا يقال: لا، أهم شيء تقول الحق، ولا عليك من استجاب استجاب.
لا، علي، علي من جهة الحرص، من جهة الرغبة في أنه كلما ازداد عدد المنتفعين المستجيبين، ازداد الأجر.
بدليل: "من دعا إلى هدى، كان له من الأجر مثل أجور من تبعه."
"ومن سن في الإسلام سنة حسنة، فله أجرها وأجر من عمل بها."
فهذا باب عظيم وفضل كبير لا ينبغي أن يغفل، وفيه أيضًا حديث سهل وفيه: "فوالله، لإن يهدي الله بك رجلاً واحدًا خير لك من أن يكون لك حمر النعم."
الدعوة إلى الله تجارة رابحة.
ورابحة، وقد يصل يفتح الله على الإنسان حتى أنه لينام في فراشه، وجوره تجري عليه، وتكتب له في صحائف عمله.
وإذا مات، يجري عليه عمله، ويجري عليه الخير، وتجري عليه البركات، تجري عليه الحسنات في أوقات.
يعني تخيل، أنت الآن إنسان يدخل في قبره، هناك الكل يبحث عن شيء، والكل يعلم أنه لن ينفعه شيء، إلا وتأتي الاستثناءات اليسيرة من جملة الاستثناءات اليسيرة هنا، التي هي الأجور التي تحصل بسبب ترك ما ينتفع به من العلم الذي يحبه الله ورسوله.
طيب، ننتقل إلى الباب التالي: الباب الخامس عشر، باب في صفات المصلحين وما ينبغي أن يكون عليه العاملون للإسلام.
نعم، الآن بعد ذكر الفضل للإصلاح والدعوة بها.
نعم، قال الله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا، من يرتد منكم عن دينه، فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه، أذلة على المؤمنين، أعزة على الكافرين، يجاهدون في سبيل الله، ولا يخافون لومة لائم."
وقال سبحانه: "محمد رسول الله، والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم."
تراهم ركعًا سجداً يبتغون فضلًا من الله ورضوانًا، سيماهم في وجوههم من أثر السجود.
وقال سبحانه: "إن خير من استأجرت القوي الأمين."
وقال سبحانه على لسان يوسف: "اجعلني على خزائن الأرض، إني حفيظ عليم."
وقال سبحانه: "إن الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم."
وقال سبحانه: "وكأي من نبي قاتل معه ربيون كثير، فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله، وما ضعفوا وما استكانوا، والله يحب الصابرين."
وقال سبحانه: "وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا، وكانوا بآياتنا يوقنون."
وقال سبحانه: "ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون."
وقال سبحانه: "من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فمنهم من قضى نحبه، ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا."
وقال سبحانه: "فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل، ولا تستعجل لهم."
وقال سبحانه: "قال الذين يظنون أنهم ملاقوا الله: كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله، والله مع الصابرين."
نعم، هذا الباب ذكرت فيه آيات كثيرة، وهذه الكثرة تدل على أن هذا الموضوع موضوع قرآني محكم، كثرة وطبيعة الآيات.
يعني، وهذه الآيات هي نبذة عما في القرآن الكريم من آيات أخرى. ليست هي كل شيء. وهي تؤكد أن هناك أبواباً في كتاب الله وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم قد لا يعتني بها، يعني كثير من المعتنين بأبواب معينة، مثل أبواب الأحكام وما إلى ذلك.
بينما هي أبواب شريفة وأبواب عزيزة وأبواب يحتاج إليها في العمل ويحتاج إليها في الواقع بشكل كبير.
من جملة تقدير القرآن والسنة وتعظيمه أن نبحث في مجموع أبوابهم أبوابه، وأن لا نقتصر على موضوعات محددة معينة.
وكلما كان الباب أشرف، كانت العناية أهم.
وقضية كلما كان الباب أشرف، سبق إثبات تفاوت.
أيوه، ثبت سبق إثبات تفاوت الآيات القرآنية من حيث أول شيء رتبة نفس الآيات.
هناك أعظم آية، أعظم سورة، ومن حيث ما تحويه من أخبار أو أوامر أو نواهي.
فمن جملة الموضوعات العظيمة في القرآن، موضوع الإصلاح، موضوع الدعوة إلى الله، موضوع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، موضوع كبير.
وأصلاً جملة قصص الأنبياء المتكررة في القرآن تدور حول هذا المعنى. حول هذا المعنى.
ومن جملة الموضوعات المتفرعة عن قضية الإصلاح، والدعوة، صفات المصلحين.
صفات المصلحين مذكورة في الوحي، مذكورة في كتاب الله وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
هذه الآيات فيها عدد. يعني، الآن لو تتبعنا بالعدد الآيات والأحاديث الصفات التي صفات المصلحين التي نخرج بها، ربما نخرج ببضع عشرة صفة.
فعندنا، مثلاً، في الآية الأولى: "فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه."
أنا لا أريد حقيقة أن أقف الآن واحدة واحدة. سنطيل جدًا.
لكن يحبهم ويحبونه، هذه فيها قضية، إيش؟ قضية المحبة. عمل قلبي، يحبهم ويحبونه.
والمحبة من أعمال القلوب الأساسية المهمة جدًا.
"أذلة على المؤمنين، أعزة على الكافرين."
صفة.
يجاهدون في سبيل الله، ولا يخافون لوم لائم. ثم بعد ذلك في آية الفتح: "والذين معه أشداء على الكفار، رحماء بينهم."
ثم "إن خير من استأجرت القوي الأمين."
القوة والأمانة، وهذه الآية عامة، وإن كانت جاءت في سياق موسى عليه السلام، لكن تقف على كلام بعض المفسرين، يقول لك: هذه الآية أصل في الولايات.
وكذلك: "إني حفيظ عليم."
فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله. وما ضعفوا وما استكانوا.
الجمع بين الصبر واليقين. لما صبروا كانوا بآياتنا يوقنون.
كونوا ربانيين، من صفات المصلحين الربانية. ها، والربانية هنا هي معنى مرتبط بقضية الإصلاح، مرتبط بقضية الإصلاح، لأن الربانية هنا فيها معنى التربية وسياسة الناس وما إلى ذلك.
قضية الصدق، صدقوا ما عاهدوا الله عليه. إلى آخره، من الصفات التي تستنبط.
أنا يعني في كتاب بصيرة المصلح جمعتها، أيضًا في بضع عشرة صفة.
تحديدًا في 17 صفة، مرتبة، كل صفة معها أدلتها، ومعها بيان أهميتها ومعها بيان كيفية تحقيقها.
في الباب الرابع من أبواب بوصلة المصلح.
نأتي الآن للأحاديث التي فيها الإشارة إلى شيء من الصفات الإصلاحية.
يعني، مثلاً، يولي النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً، ثم يبرز صفة من صفاته تدل على أن هذه الصفة معتبرة في قضية التولي بالمهام الإصلاحية.
قيام بشأن الإسلام.
نعم، عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: جاء العاقب والسيد صاحبا نجران إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يريدان أن يلا عناه.
قال: فقال أحدهما لصاحبه: لا تفعل. فوالله، إن كان نبياً، فلا عنا. لا نفلح نحن ولا عقبنا من بعدنا.
نعم، قال: أنا نعطيك ما سألتنا، وأبعث معنا رجلاً أمينًا، ولا تبعث معنا إلا أمينًا.
فقال: "لأبعث معكم رجلاً أمينًا."
حق أمين. فاستشر له أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فقال: قم يا أبا عبيدة بن الجراح. فلما قام، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هذا أمين هذه الأمة."
أخرجه البخاري ومسلم.
عن معاوية رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا تزال طائفة من أمتي قائمة بأمر الله، لا يضرهم من خذلهم أو خالفهم حتى يأتي أمر الله، وهم ظاهرون على الناس."
أخرجه البخاري ومسلم.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير."
أخرجه مسلم.
عن أسامة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يُجاء بالرجل يوم القيامة، فيلقى في النار، فتندلق اقتابه في النار، فيدور كما يدور الحمار برحاها، فيجتمع أهل النار عليه، فيقولون: أي فلان، ما شأنك؟ أليس كنت تأمرنا بالمعروف وتنهانا عن المنكر؟ قال: كنت آمركم بالمعروف ولا أتيت، وأنهاكم عن المنكر وآتيت."
أخرجه البخاري ومسلم.
عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما بعث الله نبيًا إلا رعى الغنم."
فقال أصحابه: وأنت؟ فقال: "نعم، كنت أرعاها على قراريط لأهل مكة."
أخرجه البخاري.
نعم، هذه الأحاديث فيها بيان شيء من الصفات الإصلاحية. بعضها مؤكد لما ورد في الآيات، وبعضها فيه قدر من الزيادة.
فمن الأحاديث التي فيها قدر من الزيادة، الحديث الأخير: "ما بعث الله نبيًا إلا رعى الغنم."
الآنبياء سادات المصلحين، اشترك الأنبياء في أن قدر الله عليهم الرعي والغنم. لماذا ذكرت أنا في الحاشية هنا، في نفس المتن؟
قال في نفس الكتاب: قال ابن حجر رحمه الله: "قال العلماء: الحكمة في أن الأنبياء من رعي الغنم، قبل النبوة، أن يحصن لهم التمرن عليها، عفواً، التمرن برعيها على ما يكلفونه من القيام بأمر أمتهم، ولأن في مخالطتها ما يحصل لهم به الحلم والشفقه."
لأنهم إذا صبروا على رعيها، وجمعها بعد تفرقها في المرعى، ونقلها من مسرح إلى مسرح، ودفع عدوها من سبع وغيره، كسبوا.
وعلموا اختلاف طباعها، وشدة تفرقها، مع ضعفها، واحتياجها إلى المعاهدة، ففهموا من ذلك الصبر على الأمة.
نعم، عرفوا اختلاف طباعها وتفاوت عقولها، فجبر كسرها، ورفق بضعيفها، وأحسنوا التعاهد لها.
فيكون تحملهم لمشقة ذلك أسهل مما لو كلفوا القيام بذلك من أول وهلة، كما يحصل لهم من التدريج على ذلك برعي الغنم.
أمر عظيم يا جماعة، معنى عظيم، ترى! معنى عظيم جدًا.
من جهة حكمه الله وقدره، يعني الله سبحانه وتعالى يهيئ الأنبياء، لا يبعثهم فجاه، يهيئهم.
هذه التهيئة يحصل فيها أمور، منها قضية أنه مع أنه أمر قد يبدو للذهن بسيطًا، أنه رعاية الغنم، أيش يعني رعاية الغنم؟ لا، رعاية الغنم فيها تدريب للنفس وتمرين لها على معاني يحتاج إليها في سياسة الناس.
تعلم على الرحمة والشفقه عمليًا.
كيف تنتبه لهذه؟ خاصة أنها ضعيفة. كما قال ابن حجر في تتمة الكلام قال: وخصت الغنم بذلك، لكونها أضعف من غيرها، ولأن تفرقها أكثر من تفرق الإبل والبقر.
لإمكان ضبط الإبل والبقر بالربط دونها في العادة المعلوفة، ومع كثرتها تفرقها. فهي أسرع انقيادًا من غيرها.
فهذا معنى عظيم من المعاني المستفاد في المعنى من جهة صفات المصلحين.
أهمية الصبر من جهة. بس قبل ذلك أهمية أن يكون هناك تدرب وتجربة أو الدربة والتجربة للمصلحين في عملهم الإصلاحي.
وهناك بعض الأحاديث الأخرى منها قضية موافقة العلم بالعمل في حديث أسامة بن زيد وغيرها من الأحاديث التي فيها تأكيد على بعض المعاني التي في الآيات.
طيب، تستمر الأبواب المتعلقة بالإصلاح، لكن هنا من جهة معنى من المعاني التي ينبغي على المصلحين أن يستحضرها، وأن يبنيوا على الوعي بها، وهي المتعلقة بسبيل المجرمين.
كما أسلفت مرارًا في هذا المجلس، أن متن المنهاج من ميراث النبوة متن جمع، وعين فيه على الوحي، وعين فيه على الواقع.
والمراد والمستهدف بهذا الجمع هو الشاب المسترشد، المستهد الذي يتطلب أمرين:
الأمر الأول: إيش؟ الاستقامة في نفسه، والثبات باستحضار الفتن الموجودة في الواقع.
الأمر الثاني: النفع المتعدي، الإصلاح، الدعوة باستحضار المشكلات الموجودة في واقع الأمة.
إذاً، هذا الباب في أهمية الوعي بسبيل المجرمين.
نعم، اقرأ الباب السادس عشر: باب في أهمية الوعي بسبيل المجرمين والحذر من أدائهم الإسلام وكيدهم، والتنبه من مكر المنافقين.
قال الله سبحانه وتعالى: "وكذلك نفصل الآيات، ولتستبين سبيل المجرمين."
وقال سبحانه: "نعم، أول شيء في الباب، يعني التأكيد على هذا المعنى، وهو معنى قرآني ومعنى نبوي. معنى مستمد من مرجعية الوحي. معنى ليس من الترف الفكري كما قد يظنه بعض طلاب العلم أنه العناية بالواقع، فهم الواقع."
يعني أحيانًا ترتبط هذه الألفاظ يعني بف ربما بعيدة عن العلم الشرعي أو شيء.
يعني الله يجزيهم الخير، في ناس يهتموا بالواقع، في ناس يهتموا بالعلم الشرعي، لا، هذا إثبات من الوحي، من كتاب الله ومن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أن معرفة سبيل المجرمين، الذين يعيشون في واقع الإنسان، سبيل المجرمين من المنافقين، من الكفار، من أعداء الدين، من أي كان، أنه أمر قرآني.
أمر أساسي، أمر مهم، أمر ربي عليه المؤمنون، ربي عليه الصحابة، الله يحب هذا الوعي، وهو معنى من المعاني القرآنية المحكمة الأساسية.
فلذلك، المصلحون يجب أن يربوا على مثل هذا المعنى.
المصلحون يجب أن يربوا على مثل هذا المعنى.
نعم، قال الله سبحانه وتعالى: "وكذلك نفصل الآيات ولتستبين سبيل المجرمين."
وقال سبحانه: "وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة، فلتقم طائفة منهم معك، وليأخذوا أسلحتهم، فإذا سجدوا فليكونوا من ورائكم، ولتقم طائفة أخرى لم يصلوا، فليصلوا، وليأخذوا حذرهم وأسلحتهم."
"ودّ الذين كفروا لو تغفلون عن أسلحتكم وأمتعتكم، فيميلون عليكم ميلاً واحدًا. ولا جناح عليكم إن كان بكم أذى من مطر أو كنتم مرضى أن تضعوا أسلحتكم، وخذوا حذركم، إن الله أعد للكافرين عذابًا مهينًا."
وقال سبحانه: "والذين اتخذوا مسجدًا ضرارًا وكفرًا وتفريقًا بين المؤمنين، وأرصادًا لمن حارب الله ورسوله من قبل، وليحلفن إن أردنا إلا الحسنى، والله يشهد أنهم لكاذبون."
وقال سبحانه: "ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا، ويشهد الله على ما في قلبه، وهو الد الخصام."
وقال سبحانه: "سيحلفون بالله لكم إذا انقلبتم إلىهم لتعرضوا عنهم، فأعرضوا عنهم، إنهم رجس، وماواهم جهنم، جزاءً بما كانوا يكسبون."
نعم، هذه الآيات فيها بيان أكثر من أمر.
الأمر الأول: أهمية استبانة سبيل المجرمين، وأن الله سبحانه وتعالى يفصل الآيات.
ومن الحكم في ذلك أن تستبين سبيل المجرمين للمؤمنين، فهذا مقصد قرآني من تفصيل الآيات، ورغبة إلهية في أن يكون المؤمنون على وعي وعلم بسبيل المجرمين.
ولذلك كثُر في القرآن الحديث عن المجرمين بأصناف، ابتداءً من الشياطين.
وطبعا في أصناف المذكورة في القرآن: المشركين، أهل الكتاب، من ذكر المنافقون، وحقيقة الإنسان لكثرة الآيات المذكورة في هذا الباب، ولاهميتها، يعني أنا حاولت أبدأ بسلسلة خاصة فقط في هذا الباب، أن يتتبع الإنسان الآيات القرآنية الواردة في هذا الباب.
لبيان لتعليق عليها وبيان متعلقاتها وما إلى ذلك.
عنونتها باسم: "القرآن لسبيل المجرمين." لم تكتمل، لكن إن شاء الله تكتمل، والآيات في ذلك كثيرة جدًا.
ومن جملة ما يدخل في هذا الباب من آيات الآيات الآمرة بأخذ الحيطة والحذر، تكرر الله في آية واحدة في سورة النساء قضية الحذر، والآية: "وليأخذوا أسلحتهم."
وبعدين: "وليأخذوا حذرهم، وأسلحتهم."
وبعدين: "ودد الذين كفروا لو تغفلون عن أسلحتكم وأمتعت."
وبعدين: "خذوا حذركم."
يعني تأسيس ثم تأسيس، ثم تذكير، في أن المؤمن يجب أن لا يغفل.
ما يصلح. وإذا كان هذا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، الذي أصلاً النبي صلى الله عليه وسلم يسير فيه على مبدأ الحذر والتنبه واليقظة تجاه أعداء الله، وتجاه أعداء رسوله صلى الله عليه وسلم، إذا كان كل هذا التحذير، وهو في ذلك الزمن، فزمان أولى بالعناية في هذا الملف.
نظرًا لعدة أمور منها تطور أساليب المجرمين في الإجرام.
حتى صارت، يعني، تفوق.
يعني ربما الإنسان يقول: هل وصل زمن من الأزمنة أن تطورت فيه أساليب المجرمين في التلبيس والخداع؟
وفي محاربة الحق، كمثل ما وصل إليه في زماننا.
ثم بعد ذلك مما يزيد الأمر، وهذه أوضح الثانية بالنسبة لي، مقارنة بالأزمنة الأخرى، قضية الغفلة العجيبة تجاه أساليب المجرمين.
وسبيل في زماننا، غفلة لا يكاد يوجد لها نظير في التاريخ. لا يكاد يوجد لها نظير في التاريخ.
يعني في قضية كيد المجرمين تشك، تقول: لا، والله كيد فرعون وكيد كذا.
وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال، وكان في المدينة تسع، يفسدون في الأرض ولا يصلحون وكذا.
فكيد المجرمين، خاصة وأن المحرك واحد، الذي هو، يعني القلوب.
تشابهت قلوبهم، تختلف الأساليب.
صح، زمان إن في أدوات أكثر وكذا، لكن تشابهت قلوبهم.
لكن الذي لا تكاد تشك فيه هو أن الغفلة تجاه سبيل المجرمين في أوساط المنتسبين إلى العلوم الإسلامية وما إلى ذلك، لا تكاد تشك أنه لم يمر في تاريخ المسلمين مثل هذه الغفلة الموجودة في زماننا.
شيء عجيب، على قدر الكيد، وعلى قدر المكر، وعلى قدر الفجاجة في محاربة الدين، على قدر الغفلة، وعلى قدر السذاجة أحيانًا والسطحية البالغة.
في اليقظة والمعرفة بالمجرمين وأدواتهم وبوسائلهم.
وهذا أمر يؤسف كثيرًا. ولذلك تدعو الحاجة وتمس إلى التأكيد على هذا المعنى والاستدلال عليه من كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
هذه آيات في بيان هذا المعنى، وفي التحذير عدم الاغترار بما يعني يخالف عملهم قولهم.
الصالح بين قوسين عمل يعني قد يفهم منه كذا، لكن إذا كان، عفواً، قول، الذي هو من الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا، يؤكد هذا أنه يشهد الله على ما في قلبه.
لكن هو في الحقيقة الد الخصام، وإذا تولى ساعه في الأرض، ليفسد فيها، ويهلك الحرث والنسل.
والنموذج هذا تراه في زماننا. تراه في زماننا.
لكن تراه في زماننا، في قضية: تولى في الأرض. إذا تولى، سعى في الأرض ليسد فيها، ويهلك الحرث والنسل، ها.
ولكن ترى الشق الأول، الذي هو: يعجبك قوله، ترى ضعيف، وما يحتاج يشهد الله على ما في قلبي، بس يرمي كلمتين وخلاص، ومع ذلك يغتر به.
فما بالكم بقضية في غاية الخطورة حقيقة.
وإذا نشأ الصالحون في مثل هذه الغفلة، فلا يرجى منهم أن يكونوا هم الذين يعني يصلحون في الواقع، ويعلون كلمة الدين.
تأتي الآن الأحاديث النبوية لتبين شيئًا مما يؤكد هذا المعنى في اليقظة والحذر والبصيرة والتنبه والمعرفة بسبيل المجرمين.
نعم، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا يلدغ المؤمن من جحر واحد مرتين."
أخرجه البخاري ومسلم.
عن كعب بن مالك رضي الله عنه قال: لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد غزوة إلا ورى بغيرها.
أخرجه البخاري.
عن المسور بن مخرمة ومروان في قصة الحديبية، فقال رجل من بني كنانة لقريش: دعوني أتيه.
فقالوا: أيته. فلما أشرَف على النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هذا فلان، وهو من قوم يعظمون البدن."
فبعثوا له، فبعثت له، واستقبله الناس يلبون.
فلما رأى ذاك قال: سبحان الله! ما ينبغي لهؤلاء أن يصدوا عن البيت.
فلما رجع إلى أصحابه قال: رأيت البدن قد قلدت واشعر. فما أرى أن يصدوا عن البيت.
أخرجه البخاري.
عن عائشة رضي الله عنها قالت في قصة الهجرة: واستأجر النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر رجلًا من بني الديل، ثم من بني عبد بن عدي هاديًا خريطة.
الخريت الماهر بالهداية، قد غمس يمين حلف في حلف العاص بن وائل، وهو على دين كفار قريش، فأمنا.
فدفعا إليهما راحلتيهما، ووعدا غار ثور بعد ثلاث ليال.
فاتاه ما راحلتهما صبح ليالي ثلاث فارتحل وانطلق معهما عامر بن فهيره والدليل الديلي.
فأخذ بهم أسفل مكة، وهو طريق الساحل.
أخرجه البخاري.
هذه الأحاديث أولاً، لا يلدغ المؤمن من جحر واحد مرتين، صفة للمؤمن اليقظة.
والخطابي ذكر أن هذه وإن كانت على سبيل الخبر، إلا أن فيها أمرًا بأن لا يلدغ المؤمن من جحر واحد مرتين.
وثم بعد ذلك تأتي التطبيقات النبوية: التورية، ما يذكر الغزو، ما يذكر الوجهة الصريحة.
وكذلك حديث قضية البدن، هذا فلان، وهو من قوم يعظمون البدن.
فبعثوا له الوعي باختلاف الناس. هؤلاء يفضلون كذا، هؤلاء كذا، ومن ثم استعمال المداخل والأساليب التي تتناسب مع السمات والصفات المتعلقة بكل فئة من الناس على حدة.
فهؤلاء، وإن صدروا من مكة، إلا أنهم أقوام.
فهذا الذي أتى هو من قوم يعظمون البدن، فاستعمل النبي صلى الله عليه وسلم معه أن بعثت هذه البدن، ليراها، فيكون سببًا في أن يعني تلغى خطة قريش.
أو هذا كله من جملة ما يهم أهمية أن يقتدى بالنبي صلى الله عليه وسلم في مختلف الأبواب، من جملتها هذا الباب.
والحديث الأخير في الهجرة فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم استعمل الأمهر الأكثر قدرة، وإن كان كافرًا.
نعم، الباب السابع عشر: باب العناية بالشباب وتقديم ذوي العلم منهم وتفعيل أدوارهم في العمل للإسلام.
قال الله تعالى: "إنهم فتيه آمنوا بربهم وزدناهم هدى."
وقال تعالى: "قالوا: سمعنا فتى يذكرهم، يقال له إبراهيم."
وقال تعالى: "فما آمن لموسى إلا ذريه من قومه على خوف من فرعون وملئهم أن يفتنهم."
عن جندب بن عبد الله رضي الله عنه قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ونحن فتيان حزورة، فتعلّمنا الإيمان قبل أن نتعلم القرآن، ثم تعلمنا القرآن فازددنا به إيمانًا.
أخرجه ابن ماجه.
عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل، وشاب نشأ في عبادة الله، ورجل قلبه معلق في المساجد، ورجلان تحابا في الله اجتمع عليه وتفرق عليه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال، فقال: إني أخاف الله، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكر الله خاليًا ففاضت عيناه."
أخرجه البخاري ومسلم.
عن سهل بن سعد رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي براب، فشرب منه، نعم.
طيب، أكمل الحديث بد، فشرب منه عن يمينه غلام وعن يساره الأشياخ.
فقال للغلام: أتأذن لي أن أعطي هؤلاء؟
فقال الغلام: "والله يا رسول الله، لا أؤثر بنصيبي منك أحدًا."
قال: فت لله.
رسول الله صلى الله عليه وسلم في يده. أخرجه البخاري ومسلم.
نعم، هذا المتن المنهاج من ميراث النبوة، من أوائل المستهدفين به الشباب.
وكما أسلفت مرارًا، هم مستهدفون به في جانبين: جانب الاستقامة والثبات عليها في ظل الفتن المعاصرة، وجانب التفعيل الإصلاحي في ظل واقع الأمة الحالي.
وبناءً على ذلك، ذكر هذا الباب باعتبار أن الشباب في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، بل وحتى في الأزمنة التي قبله، كانوا محلاً لحمل الدين وللعمل به، للثبات عليه وللإصلاح.
ومن أعظم ما يحتاج إليه في هذا الزمن أن يعاد دور الشباب، ويركز أو يزاد في التركيز على الاهتمام بهم، حتى يستمروا على هذا الدور الذي كان قبل زمن النبي صلى الله عليه وسلم وفي زمنه، بصورة واضحة، عظيمة، مفصلة.
فأما فيما قبل النبي صلى الله عليه وسلم، فذكرت ثلاثة أو ثلاث آيات: "إنهم فتيه آمنوا بربهم وزدناهم هدى."
وكانوا نموذجًا عظيمًا.
وهذا النموذج نموذج كان في الأمم السابقة، لكن جعل النبي صلى الله عليه وسلم حبلاً بين هذا النموذج وبين الفتن التي تقع. أو أهم فتنة تقع في هذه الأمة، التي هي فتنة الدجال.
إنك تقرأ آيات من سورة الكهف. ها!
وسورة الكهف هي سورة، يعني، معبرة عن هؤلاء الفتيان.
وحتى اسم السورة طبعًا هو معبر عن حال هؤلاء الفتيان.
فهم نموذج في مواجهة الفتن، نموذج في مواجهة الفتن.
وهم فتيان، وذكرت كلامًا كثيرًا بالأسفل، قال: ذكر تعالى أنهم فتيان، وهم الشباب.
وهم أقبلوا للحق. ثم إبراهيم عليه السلام، وهو قبل ذلك قال: "وسمعنا فتى يذكرهم."
يقول له: "إبراهيم."
وفي قصة موسى: "فما آمن لموسى إلا ذريه من قومه."
والذريه هنا، على قول بعض المفسرين، هم الشباب والفتيان. يعني ليسوا الكبار.
ثم تأتي الأحاديث، تقرأ منها ثلاثة أحاديث. أكمل.
طبعًا، هذا الباب فيه أحاديث وآثار. يعني هو من أطول الأبواب في كتاب المنهاج.
وحقيقة، هذا الباب باب مهم.
ويعني القصص النبوية المتعلقة بالشباب والعناية بهم كثيرة.
وذكر في هذا الباب شيء من هذه القصص. نعم، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: بعث النبي صلى الله عليه وسلم بعثًا، وأمر عليهم أسامة بن زيد.
فطعن بعض الناس في إمارته، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن تطعنوا في إمارته فقد كنتم تطعنون في إمارته أباه من قبل، وأيم الله، إن كان لخليقًا للإمارة، وإن كان لمن أحب الناس إلي، وإن هذا لمن أحب الناس إلي بعده."
أخرجه البخاري ومسلم. وقد كان أسامة حينها شابًا دون العشرين من عمره.
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أخبروني بشجرة مثلها مثل المسلم، تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها، ولا تحت ورقها."
فوقع في نفسي أنها النخلة، فكرهت أن أتكلم، وثم أبو بكر وعمر.
فلما لم يتكلما، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "هي النخلة."
فلما خرجت مع أبي قلت: يا أبتاه، وقع في نفسي أنها النخلة. قال: "ما منعك أن تقولها؟ لو كنت لو كنت قلتها، كان أحب إلي من كذا وكذا."
قال: "ما منعني إلا أني لم أرك، ولا أبا بكر تكلمت، فكرهته."
أخرجه البخاري واللفظ له، ومسلم.
عن مالك بن الحويرث رضي الله عنهما قال: أتيناه رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن شببه متقاربون، فقمنا عنده 20 ليلة.
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم رحيما رقيقا.
فظننا أننا قد اشتقنا أهلنا، فسألنا: "ما تركنا من أهلنا؟" فأخبرنا، فقال: "ارجعوا إلى أهليكم، فاقيموا فيهم، وعلموهم، ومروهم، فإذا حضرت الصلاة، فليؤذن لكم أحدكم، ثم ليؤمكم أكبركم."
أخرجه البخاري ومسلم.
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كنت خلف النبي صلى الله عليه وسلم يوماً، فقال: "يا غلام، إني أعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك. إذا سألت، فاسأل الله، وإذا استعنت، فاستعن بالله. واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء، لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك. وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء، لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك. رفعت الأقلام وجفت الصحف."
أخرجه الترمذي، وقال: هذا حديث حسن صحيح.
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ضمّني النبي صلى الله عليه وسلم إلى صدره، وقال: "اللهم علمه الحكمة."
أخرجه البخاري.
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، قلت لرجل من الأنصار: "يا فلان، هلم فلنسأل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فإنهم اليوم كثير."
فقال: "وعجبًا لك يا ابن عباس! أترى الناس يحتاجون إليك؟ وفي الناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من ترى؟"
فترك ذلك، وأقبلت على المسألة.
فإن كان ليبلغني الحديث عن الرجل، فاتيه وهو قائل، فات وسد ردعي على بابه، فتس الريح على وجه التراب فيخرج فيراني، فيقول: "يا ابن عم رسول الله، ما جاء بك؟ أليس قد أرسلت إليك؟"
فأقول: "لا، أنا أحق أن أتيك، فأسأله عن الحديث."
قال: فبقي الرجل حتى رآني وقد اجتمع الناس علي.
فقال: "كان هذا الفتى أعقل مني."
أخرجه الدارمي.
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان عمر يدخلني مع أشياخ بدر.
فقال بعضهم: "لم تدخل هذا الفتى معنا، ولنا أبناء مثله؟"
فقال: "إنه ممن قد علمتم."
فقام، فدعاهم ذات يوم ودعاني معهم.
قال: وما رؤيته دعاني يومئذ إلا ليريهم مني، فقال: "ما تقولون في إذا جاء نصر الله والفتح، ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجًا؟"
حتى ختم السورة.
فقال بعضهم: "أمرنا أن نحمد الله، أن نحمد الله ونستغفره إذا نصرنا وفتح علينا."
وقال بعضهم: "لا ندري."
أو لم يقل بعضهم شيئًا؟ فقال لي: "يا ابن عباس، أكذاك تقول؟"
قلت: "لا."
قال: "فما تقول؟"
قلت: "هو أجل رسول الله صلى الله عليه وسلم، أعلمه الله له. إذا جاء نصر الله والفتح، فتح مكة. فذاك علامة أجلك. فسبح بحمد ربك واستغفره، إنه كان توابًا."
قال عمر: ما أعلم منها إلا ما تعلم.
أخرجه البخاري.
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان القراء أصحاب مجلس عمر ومشاورته.
نعم، هذه الأحاديث والآثار في بيان قيمة الشباب وأهميتهم وعدم استحقار أدوارهم.
وهي على يعني وجوه، وعلى معاني، وفيها إثبات لهذه القضية من باعتبارات متعددة. لكن الجامع المشترك الواضح في كثير منها هو في أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتني بالشباب عناية واضحة ظاهرة.
وهذا مبين في هذا الباب من وجوه أو بأحاديث متعددة.
أولها حديث جندب. وهذه ثالث مرة يذكر فيها الحديث، وفي ثالث، يعني، ثالث موضع في الكتاب يذكر، وهو الحديث الوحيد المكرر بهذه الطريقة.
كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ونحن فتيان حزورة.
فتعلمنا الإيمان قبل أن نتعلم القرآن، ثم تعلمنا القرآن فازددنا به إيمانًا.
وهذا واضح العناية، العناية فيه بهؤلاء الفتيان الحزورة، يعني أعمارهم 14، 13 عامًا تقريبًا.
فالنبي صلى الله عليه وسلم كان يعلمهم الإيمان.
ومن الأمثلة العملية على تعليم النبي صلى الله عليه وسلم الإيمان لبعض الغلمان، حديث ماذا؟ أي حديث في الباب؟ حديث ابن عباس: "إني أعلمك كلمات."
أرايتم حديث "إني أعلمك كلمات."
هذا تطبيق عملي على قضية: "فتعلمنا الإيمان."
ما هو حديث ابن عباس؟ هو تطبيق عمل لقضية: "فتعلم الإيمان."
ما هو؟ "إني أعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك. احفظ الله تجده تجاهك. إذا سألت، فاسأل الله. وإذا استعنت، فاستعن بالله. واعلم أن الأمة لو اجتمعت."
إلى آخر الحديث.
هذا الآن، طيب، هذه وصية خاصة لغلام من الغلمان.
ابن عباس حين توفي النبي صلى الله عليه وسلم، وهو ابن بضع عشرة سنة، صغير، وله شأن مع النبي صلى الله عليه وسلم.
أسامة بن زيد، كان شابًا أكبر من ابن عباس بقليل، ولكنه كان شابًا صغيرًا دون العشرين.
كذلك هذا فض