31 دقائق للقراءة
تفريغ مقطع مرئي
0:00/0:00
سجل دخولك للوصول إلى ميزة التظليل والمزيد من المميزات

المدخل إلى المنهاج من ميراث النبوة | أحمد السيد

الحمد لله رب العالمين، حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه كما يحب ربنا تبارك وتعالى ويرضى. الحمد لله كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه. اللهم صل على محمد عبدك ورسولك كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، وبارك على محمد عبدك ورسولك كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد.

أما بعد، نستعين بالله سبحانه وتعالى ونستفتح هذا المجلس الذي هو بعنوان: المدخل إلى المنهاج من ميراث النبوة. المنهاج من ميراث النبوة، وهذا المتن الذي سأتناول بإذن الله تعالى في هذا اللقاء والمدخل يعني هو محاضرة تمهيدية تعريفية تجعل هذا المتن في سياقه.

بحيث أنه إذا كان هو مقرر في الدراسة أو في برنامج علمي سواء في البناء المنهجي أو في غيره تكون هذه المحاضرة. لا شك أن فكرة المداخل إنما تكون للأمور المهمة، يعني أنت إذا عملت شيئاً يمهد للدخول إلى كتاب ما أو إلى علم ما فهو لأهمية هذا العلم.

بحيث أنه يحتاج إلى مثل هذا التمهيد، وأحياناً يكون المدخل هو لصعوبة الأمر الذي تريد الدخول إليه. المنهاج من ميراث النبوة الحمد لله ليس صعباً لكنه مهم، وبالتالي يعمل له هذا المدخل. وفي نفس الوقت قد يشكل على البعض الطريقة المثلى للاستفادة من المتن.

وبالتالي تأتي مثل هذه المحاضرة لتعين الطالب على تحقيق الاستفادة القصوى بإذن الله تعالى من هذا المتن بطريقة صحيحة، طريقة سليمة. ونسأل الله سبحانه وتعالى التوفيق والسداد. سأتناول هذا التعريف وهذا المدخل من خلال عدة نقاط.

النقطة الأولى في أهمية الارتباط بمرجع الوحي، أي بالكتاب والسنة. أهمية الارتباط بمرجع الوحي، الارتباط بهذه المرجعية لتنزيلها على الواقع الذي يعيشه الإنسان المسلم. يعني أهمية الربط بين الوحي وبين واقع المسلم.

أهمية الربط بين الكتاب والسنة وبين الواقع الذي يعيشه الإنسان المسلم. وحين نقول الواقع الذي يعيشه الإنسان المسلم فإننا نقصد به صورتين من صور الواقع أو قسمين من أقسام الواقع: الواقع الخاص والواقع العام.

الواقع الخاص هو الذي يتعلق بحياتك أنت، بسلوكك أنت، بالتحديات التي تواجهها أنت في حياتك. الفتن المحيطة بك، مدى التزامك بالفرائض، مدى إيمانك أنت، مدى صلاح قلبك وفساده، هذا الواقع الخاص.

وهذا الواقع الخاص يجب أن يكون أهم نور يرشد الإنسان في واقعه الخاص هو الوحي، يعني ميراث النبوة، كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. الواقع العام المقصود به واقع المسلمين، واقع الأمة، التدافع بين الحق والباطل.

الحروب التي تقوم بين المسلمين وأعدائهم، المشكلات الكبرى التي تعصف بالأمة في أي زمن. يجب أن يكون هناك ارتباط بين مرجعية الوحي وبين هذا الواقع العام. وبطبيعة الحال فإن الربط بين الوحي وبين الواقع العام ليس مهمة سهلة.

بمعنى أن الواقع الخاص المفترض أن كل إنسان يستطيع أن يربط بين الكتاب والسنة وبين واقعه الخاص. لكن الذين يستطيعون الربط بين الكتاب والسنة وبين الواقع العام ويحسنون تنزيل الآيات والأحاديث لفهم هذا الواقع العام، هم من يمتلكون بصيرة معينة وعلماً معيناً وأدوات لفهم النص معينة ومعرفة كبيرة بأيش؟ بالواقع كذلك.

واضح الفكرة؟ طيب، إذا المعنى المركزي في المنهاج من ميراث النبوة، لو قال قائل لماذا صنف هذا الكتاب المنهاج من ميراث النبوة؟ ما الغرض منه؟ ما الغاية؟ ما المقصد من هذا الكتاب؟ الجواب هو لتحقيق حالة الارتباط بين الكتاب والسنة من جهة.

وبين الواقع الخاص والواقع العام الذي يعيش به الإنسان المؤمن في حياته الخاصة، وينظر من خلالها إلى حياته إلى حياة الأمة العامة. هذا الآن صياغة لـ أيش؟ غاية هذا المتن وهذا الكتاب وهذا المصنف، المنهاج.

لتحقيق حالة الارتباط بين مرجعية الوحي الكتاب والسنة وبين الواقع الخاص والواقع العام الذي يعيشه الإنسان المؤمن وتعيشه الأمة الإسلامية، جيّد. طيب هنا يجب أن أعلق على شيء مهم جداً جداً حتى نفهم القضية بصورة صحيحة.

هذا الربط بين الوحي بين الكتاب والسنة وبين الواقع هو الصورة أو هي الصورة التي كان عليها الحال في زمن النبي صلى الله عليه وسلم. ثم بدأت تتغير الأمور بعد ذلك شيئاً فشيئاً. يعني لو قلنا ما ما هو منهاج النبوة في تلقي الوحي.

وفي تفعيل الوحي وفي التفاعل مع الكتاب والسنة، ما هو؟ ما هو منهج النبي صلى الله عليه وسلم في تلقي القرآن وفي تلقينه وفي البناء عليه؟ ما هو ما هي معالم هذا المنهج النبوي؟ الجواب بلا شك أن من أهم مفردات هذا المنهج.

ومن أهم معالم هذا المنهج هو الربط الواضح بين الكتاب والسنة وبين الأحداث والوقائع والمجريات التي تحدث في واقع الصحابة وواقع الأمة في تلك المرحلة، مرحلة النبي صلى الله عليه وسلم. ما الدليل على ذلك؟ ما الدليل على ذلك؟

الأدلة كثيرة جداً، ما الدليل على ذلك؟ الأدلة كثيرة جداً، منها هو أساس قضية نزول القرآن مفرقاً. يعني القرآن تعرفون الكفار قالوا لولا نزل عليه القرآن إيش؟ جملة واحدة. كذلك لنثبت به فؤادك، هذا الآن نثبت في فؤادك الواقع الخاص ولا العام؟

الواقع الخاص، ولكن الخاص للنبي صلى الله عليه وسلم هو إيش؟ هو أصلاً عام، لأنه هو هو القدوة العظمى وهو الموجه لكل الأمة. وبالتالي أي شيء للواقع الخاص للنبي صلى الله عليه وسلم هو في الحقيقة هو للواقع العام.

طيب، إذاً القرآن كان ينزل مفرقاً، وهذا التفريق ذكر العلماء فيه وصفاً وهو أنه مفرق على الأحداث، على الأحداث. وهناك أدلة واضحة في القرآن أنه نزل مرتبطاً بالأحداث، يعني عندنا كثير من الآيات القرآنية هي مرتبطة بأحداث معينة حصلت في ذلك الزمن، أليس كذلك؟

وخاصة الآيات المرتبطة بالغزوات والمعارك هذه واضحة، فسورة الأنفال مرتبطة بغزوة بدر، وأصلاً تفاصيل الآيات فيها تفاصيل المعركة وبعض الأمور المرتبطة بالأحداث، وأصلاً اسمها سورة الأمثال اللي هي الغنائم، أي غنائم؟ الغنائم التي كانت في غزوة تحديداً.

يعني نزلت بسببها، وإن كان حكمها عاماً، وفيها تفاصيل: (كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ) (الأنفال:5)، بعدين (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ) (الأنفال:9)، بعدين (إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ) (الأنفال:12)، بعدين (إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ) (الأنفال:19).

بعدين (وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ) (الأنفال:26)، بعدين وهكذا، آيات آيات آيات مرتبطة بالأحداث. ولا شك أن الصحابة حين يتلقون القرآن غضاً طرياً للتو قد نزل، ويكون ما نزل فيه من حيث المضمون مرتبطاً بما رأوه بأعينهم في الواقع قبل قليل.

لاشك أن مقدار تأثير الآيات عليهم يكون عظيماً جداً جداً. لماذا؟ لأنهم عاشوا واقعاً بأعينهم ثم جاءت أنوار الوحي لتقول لهم هذا صحيح وهذا خطأ، هذا صواب هذا خطأ، هذا حق هذا باطل، ذاك الفعل أخطأتم فيه، ذاك الفعل أصبتم فيه، سبب الهزيمة هذا هو، سبب النصر هذا هو.

(وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ) (التوبة:25)، وإلى آخره من الآيات. (وَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ) (آل عمران:165). (إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا) (آل عمران:155).

وهكذا سورة آل عمران فيها آيات كثيرة مرتبطة بأحداث غزوة أحد، وقبل ذلك سورة البقرة فيها في من ناحية الغزوات تحديداً. أما الارتباط بالواقع فواسعة، يعني عندك سرية من السرايا التي بعثها النبي صلى الله عليه وسلم والإشارة إليها في قول الله سبحانه وتعالى (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ) (البقرة:217).

هذا كان بسبب سرية معينة، اللي هي سرية عبد الله بن جحش التي أرسلها النبي صلى الله عليه وسلم وكانت في في رجب في بداية رجب، وحصل فيها قتل في الشهر الحرام إلى آخره. وعندك بعد ذلك سورة الأحزاب نزلت مفصلة على أحداث ووقائع معركة الخندق.

وعندك كذلك سورة التوبة، وسورة التوبة تتناول أكثر من حدث، لكن أهم حدث تناولته سورة التوبة من حيث الغزوات غزوة تبوك. لاحظوا الآن كيف الارتباط ليس مرة ولا مرتين ولا في صورة ولا في صورتين، ارتباط بالواقع.

يعني الآن أنت لما تأتي للصحابي ما يحتاج تقول للصحابي القران نزل ليكون منيراً للواقع ويجب أن يكون مرتبطاً بواقعك الخاص، هو أصلاً هو تلقى القران بهذه الطريقة. هو أصلاً ما يعرف القران إلا بهذه الطريقة.

بعد ذلك لما تغير الزمن صار الواحد يجي يدرس القرآن كمادة نظرية منفصلة، ها، وخاصة يعني تضخمت بعض الأشياء في يعني تضخم أحياناً الأداء واللفظ على حساب المعنى وهكذا، وأصبح، أصبحت هناك فجوة بين الإنسان المسلم وبين الاهتداء بالقرآن ليكون ملامساً لواقعه.

طيب لما نقول في أدلة كثيرة على أن القرآن نزل مرتبطاً بالواقع، هذا ليس خاصاً بالآيات التي فيها تعليق مباشر على الأحداث، مثل آيات الغزوات التي ذكرتها قبل قليل. وإنما وهذه نقطة مهمة قد يغفل عنها البعض، هناك كثير من الآيات القرآنية.

وإن لم يكن فيها نص صريح على حدث معين إلا أنها نزلت متناسبة لطبيعة الحدث، مثلاً أكثر قصص الأنبياء أين ذكرت في السور المكية أم المدنية؟ المكية، طيب هل هذا متناسب مع طبيعة المرحلة ولا لا تتناسب مع طبيعة المرحلة؟

لماذا؟ لأن قصص الأنبياء من أهم الغايات التي تتحقق من خلالها هي أن يصبر المؤمنون كما صبروا، وأن يثبتوا كما ثبتوا، وأن يتذكروا المصاعب التي مروا بها فيثبتون، أو فيثبت ويصبر كما صبر أولو العزم من الرسل.

هذه ط أي أي المرحلتين أنسب؟ مرحلة مكة، وإن كان حتى مرحلة المدينة فيها ابتلاء، لكن طبيعة المرحلة المكية كانت تقتضي قصص الأنبياء بهذا التفصيل. بل حتى نوع القصة أو نوع الإشارة إلى القصة الواحدة تنزل بحسب المرحلة.

فمثلاً في سورة العنكبوت وهي من آخر ما نزل في مكة، هي السورة الوحيدة التي أشير فيها إلى طول مدة دعوة نوح (فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا) (العنكبوت:14). ها؟ وجاءت بعد طول مدة عاشها النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة في مكة في الابتلاء وهكذا.

حتى التفاصيل البسيطة التي يظن أنها بسيطة هي تأتي متوافقة مع الأحداث. ولذلك البصير من العلماء هو الذي ينتبه للآية وعلاقتها بالحدث في السيرة النبوية ولو لم يأت النص فيها مثل ما كان يفعل الإمام الطبري، إمام المفسرين رحمه الله.

كان يكثر في تفسيره من هذه القضية. أحياناً آيات أنت تقول يعني قد لا يكون لها ارتباط بحدث معين أو بمرحلة معينة في السيرة النبوية، لا لها ارتباط. فمثلاً لما جاء إلى سورة يوسف، ها، وذكر في عند قول الله سبحانه وتعالى (وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ) (يوسف:22).

"وكذلك نجزي المحسنين" هو هذا اللفظ أصلاً إذا رأيته في القرآن "وكذلك نجزي" بغض النظر أيش بعد "نجزي المحسنين" أو "الظالمين" أو أياً كان. إذا رأيت هذا اللفظ "وكذلك نجزي" فاعلم أن هذا اللفظ ينقل القصة من الخاص إلى العام.

ينقل القصة المذكورة من أن تكون خاصة بقوم لوط أو بيوسف عليه السلام ومن معه أو كذا، لترتبط القصة بالصفة. طيب "وكذلك نجزي المحسنين" هنا يعني "ولما بلغ أشده" مين اللي بلغ أشده؟ يوسف عليه السلام. طيب، "وكذلك نجزي المحسنين" هذه نقلت القضية من يوسف عليه السلام إلى المحسنين.

مثل ما في قصة يوسف أيضاً في سورة يوسف لما ذكر الله يعني بعض الأمور في الآيات ثم قال (إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ) (يوسف:90). أي يشمل هذا كل من اتقى وصبر ها وإن كان المقصود بها هناك ابتداءً أو أساساً يوسف عليه السلام.

طيب ما جينا لموضع الشاهد؟ وين موضع الشاهد؟ الطبري لما جاء إلى هذه الآية "وكذلك نجزي المحسنين" قال لك اسمع أجيب بالمعنى طبعاً قال لك اسمع هذه الآية وهذا اللفظ وإن كان ظاهره أنه يتناول كل محسن "وكذلك نجزي إيش؟ المحسنين"، كل محسن، فإن المقصود به محمد صلى الله عليه وسلم.

يقول الله له كما نجيت يوسف من كيد إخوته، وكما آويت ونصرته وكما فكذلك سأفعل بك يا محمد، وسأنجي من قومك وسأنصرك، لاحظ كيف ربط بين هذه الآية التي نزلت في هذه السورة وليس فيها نص على شيء في السيرة النبوية.

أو على النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن هو يفهم الإمام طبري أنه هذه الآية مرتبطة بذلك الواقع، مرتبطة بحال النبي صلى الله عليه وسلم، مرتبطة باحتياج النبي صلى الله عليه وسلم. والنبي صلى الله عليه وسلم كان يفهم ذلك بطبيعة الحال.

كان يعلم أن أن الآيات التي تنزل هي آيات لتلامس الواقع الذي كان يعيشه النبي صلى الله عليه وسلم ومن معه. ولذلك قال الله سبحانه وتعالى (وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ) (هود:120). ليس لزيادة معلومات، لمجرد زيادة معلومات، لا ليثبت به فؤادك، يثبت به فؤادك.

طيب احنا الآن في النقطة الأولى في هذه المحاضرة، ما هي خلاصة هذه النقطة الأولى؟ خلاصة هذه النقطة الأولى أن الإنسان المسلم يحتاج إلى الارتباط والربط بين الكتاب والسنة من جهة وبين واقعه الخاص وواقعه العام من جهة أخرى.

وأن متن المنهاج من ميراث النبوة صنف ليحقق خطوة أو جزءاً أو ركناً من أركان هذا الربط بين الوحي وبين الواقع، واضح الفكرة؟ وها هنا أيضاً ينبغي أن يقال أن الإنسان كلما ازداد إيماناً، ازداد إيماناً وازداد عملاً.

وخاصة العمل المرتبط بنصرة الإسلام والصبر والثبات وما إلى ذلك، كلما اتسعت حياة الإنسان بهذا الإيمان والعمل ازداد إمكان ارتباطه بالقرآن وربطه لهذا القرآن بالواقع. لماذا؟ لأن موضوعات القرآن كثيرة وأحياناً تكون حياة الإنسان محدودة، ليست كثيرة الموضوعات.

وبالتالي قد لا يجد الإنسان ملامسة بين حياته وبين موضوعات القرآن، لأن حياته لم تتسع باتساع موضوعات القرآن. وأضرب لذلك مثلاً، ألا ترون أن المريض يأنس بالآيات التي فيها ذكر أيوب عليه السلام؟ لماذا؟ لأنها تلامس واقعه.

جيد، طيب ألا ترون أن الأسير أو المسجون يأنس بسورة يوسف وبالآيات فيها يوسف عليه السلام؟ أليست ملامسة الآيات لنفسه ولقلبه تكون أكثر ممن لم يحصل له ذلك؟ بلى. طيب ألا ترون أن المبتلى في ذات الله والصابر على الأذى في سبيل الله.

تلامسه الآيات التي فيها الأذى الذي تعرض له الأنبياء والصبر الذي صبروا؟ تلامسه أكثر من ملامسة من لم يحصل له ذلك؟ بلى. ألا ترون أن الإنسان الداعي إلى الله المخلص الذي يدعو بأحسن الأساليب وأفضلها.

ثم يواجه بعدم الاستجابة وعدم المبالاة وعدم الاهتمام، بل وبالكلام البذيء. ألا ترون أنه يأنس بالآيات التي فيها أنه قد استهزئ بالرسل وأنهم صبروا؟ أليس كذلك؟ بلى. إذاً كلما اتسعت حياة الإنسان من حيث العمل.

من حيث العمل وخاصة العمل المرتبط بإقامة الدين والدعوة إلى الله والصبر على الإيذاء في سبيل الله، تزداد إمكان أو يزداد إمكان ملامسة الآيات له وملامسة الأحاديث النبوية له، واضح؟ طيب.

خلاصة النقطة الأولى، متن المنهاج من ميراث النبوة هو خطوة لتحقيق حالة ارتباط بين مرجعية الوحي من جهة وبين حالة الإنسان في واقعه من جهة أخرى. ولا شك أن هذا المقصد يتحقق بدرجة أكبر حين يؤخذ متن المنهاج بطريقة صحيحة.

فإن تأخذه مثلاً بشرحه أفضل من أن تأخذه وحده، لأن الشرح يلامس الأمور التي المرتبطة بالواقع وهكذا، إذاً هذه هي النقطة الأولى. النقطة الثانية في هذه المحاضرة هي مما يتكون هذا المتن وما هي طريقته؟ يعني على ماذا بني؟ ما هي مكوناته أو قوام هذا المتن؟

هذا المتن يتكون من 32 باباً، 32 باباً هذه الأبواب، كل باب منها يحتوي مجموعة من الآيات ومجموعة من الأحاديث. فهذا المنهاج هو عبارة عن متن وليس رواية ولا قصة ولا كتاباً للشرح العلمي التفصيلي وإنما هو متن فيه آيات وفيه أحاديث.

طيب احنا إذا قلنا أنه هذا في يعني القدر 32 باباً وكم الأحاديث؟ 197 حديثاً والآيات؟ 126 آية، ها، فآيات القرآن أكثر من ذلك وأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم أكثر من ذلك، إذاً نحن نتحدث عن حالة انتقاء.

هذا الكتاب هو فيه انتقاء لمجموعة من الآيات، مجموعة من الأحاديث، هذا الانتقاء عموماً فكرة الانتقاء من الكتاب والسنة وجمع هذا الانتقاء في كتاب معين هذا منهج علمي سار عليه علماء المسلمين على مر التاريخ.

يأتي كثير من العلماء ليأخذوا من الكتاب ومن السنة ها أو من السنة فقط مجموعة من الآيات مجموعة من الأحاديث ليجمعوا وينظم هذه لموضوع معين أو بشروط معينة. فمثلاً الإمام البخاري جمع من الآيات ومن الأحاديث.

و صحيح البخاري ليس أحاديث فقط وإنما آيات قرآنية أيضاً، جمع من الآيات والأحاديث ما يحقق شرطاً معيناً. ففي الأحاديث اشترط صحة معينة، وفي الآيات ما يتناسب مع الأحاديث التي انتقاها، واضح؟ فيبو يجعل الباب ثم إذا في آيات معينة مرتبطة بأحاديث الباب يذكر هذه الآيات ثم يذكر الأحاديث بأسانيد.

إذاً هذا انتقاء، وهكذا كتب السنة عموماً تنتقي بحسب قصد المصنف أو قصد الذي انتقى. ثم بعد ذلك في الأزمنة المتأخرة تنوعت صور الانتقاء بشكل كبير جداً. فعندنا مثلاً من أشهر الكتب المنتقاة كتاب رياض الصالحين.

وبالمناسبة أيضاً رياض الصالحين ترى فيه آيات وأحاديث وليس فقط أحاديث كما تعلمون في دروس "المدار السنية" محمدية، نمر باب كذا قال الله تعالى وقال الله تعالى وقال الله تعالى يذكر لك خمس آيات ست آيات ع آيات أقل أكثر ثم يذكر الأحاديث.

رياض الصالحين هو انتقاء من الإمام النووي رحمه الله تعالى لآيات معينة وأحاديث معينة ضمن أبواب معينة. وهو أيضاً نفسه رحمه الله انتقى أقل من ذلك بكثير في الأربعين النووية، وتجد أن المنذري رحمه الله انتقى أحاديث الترغيب والترهيب.

أي حديث فيه ذكر لثواب عمل ما أو العقاب أو الزجر لعمل ما انتقاها من بين أحاديث السنة النبوية وجمعها في كتاب سماه الترغيب والترهيب. وكثير من العلماء جمع أحاديث تحت عنوان واحد مثلاً الجهاد أو الزهد وهكذا.

فقضية الانتقاء هي قضية علمية سار عليها العلماء على مر التاريخ. لكن يبقى السؤال هو ما معيارك في الانتقاء؟ وما الموضوع الذي لأجله انتقيت؟ واضح؟ فمن هنا يقال هذا المتن يجمع 32 باباً فما معيار الانتقاء؟ لماذا اختيرت هذه الأبواب وبناء عليها اختير ما تحتها من حيث العرض والترتيب من الآيات والأحاديث؟

واضح؟ هنا يعني مهم أن نفهم أن هذا الانتقاء حصل ليحقق حالة من الـ الاستقامة الخاصة والعامة. ليحقق حالة من الاستقامة الخاصة والعامة. وهذا يذكرنا بأيش؟ اللي ذكرته في النقطة الأولى، الربط بين القران والسنة وبين الواقع الخاص والعام.

إذاً هذا المتن جمع باستحضار أن الذي سيدرسه ويفهمه ويحفظه وينطلق من خلاله أو يعمل به هو يتطلب الاستقامة في حياته الخاصة، أي في التزام الفرائض وفي تحقيق التقوى وفي اجتناب المعاصي، هذا واحد.

ويتطلب إيش؟ ويتطلب الاستقامة فيما يتعلق بواقع الأمة العام. إذا المفترض وأنت تنطلق في قراءة هذا الكتاب ودراسته ودراسة شرحه أنك ستجد الأبواب تتضمن ما يرشد في الاستقامة في الحياة الخاصة أو الواقع الخاص.

وما يرشد إلى الاستقامة والصواب في الموقف من الأمور العامة المرتبطة بالأمة، واضح الفكرة؟ فهذا معيار من أهم معايير انتقاء الأبواب. يعني الأبواب لم تنتقى باعتبار مثلاً الجانب السلوكي التزكيات.

ولم تنتقى باعتبار الترغيب والترهيب، ولم تنتقى باعتبار مثلاً الـ الضعف، وإن كان شرط الصحة مراعى في هذا الكتاب وذكرت ضوابطه في المقدمة، لكن المراعى هو كيف يسير المسلم في حياته الخاصة.

في استقامته في ذاته وفي تحمله مسؤولية دوره في الحياة العامة في حياة الأمة الإسلامية. يعني يمكنك أن تقول بطريقة أخرى ما الذي يحتاجه المصلح لصلاح نفسه وصلاح غيره؟ هذه الفكرة التي بني عليها، بنيت عليها أبواب المنهاج.

وانتقيت لأجلها الآيات والأحاديث وضمت في هذا المتن، واضح الفكرة؟ وبناء على ذلك من يقرأ المنهاج سيجد أبواباً كثيرة مرتبطة بواقع الأمة، مرتبطة بالمسؤولية العامة. مثل باب إيش؟ الباب الثاني عشر باب في المسؤولية العامة تجاه الإسلام والمسلمين.

وفي الرابع عشر باب في فضل الإصلاح والدعوة إلى الله وأهمية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. والخامس عشر باب في صفات المصلحين وما ينبغي أن يكون عليه العاملون للإسلام. والسادس عشر باب في أهمية الوعي بسبيل المجرمين والحذر من أعداء الإسلام وكيدهم والتنبه من مكر المنافقين.

والسابع عشر باب العناية بالشباب وتقديم ذوي العلم منهم وتفعيل أدوارهم في العمل الإسلامي. الثامن عشر باب دور المراه في بث العلم ونصرة الإسلام. وكذلك في الثالث والعشرين في أهمية الصحبة الصالحة وفضل الحب في الله وخطورة التفرق والتنازع واختلاف الكلمة.

خامس العشرين باب في فهم أسباب ضعف المسلمين واختلال أحوالهم وأخبار النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك. السادس والعشرين باب في السنن السنن الإلهية وأهمية موافقتها في الإصلاح، إلى آخر ذلك.

إذاً حضور معنى الواقع العام وصلاح الإنسان المسلم في ذاته، ثم خروجه من الصلاح أو خروجه بالصلاح الذاتي إلى الصلاح العام المرتبط بالأمة هو مقصود في هذا المتن. واضح؟ هذا الآن من حيث يعني المعيار العام لاختيار الأبواب في هذا الكتاب.

بطبيعة الحال الأبواب الأولى، الأبواب الأولى في المتن تحقق النقطة الأولى التي ذكرتها في المحاضرة. إيش النقطة الأولى كانت؟ أهمية الربط بين مرجعية الوحي وبين الواقع الخاص والعام للإنسان المسلم. يعني الأبواب الأولى تنطلق في الشق الأول هذا اللي هو مرجعية الوحي.

ما يتعلق بقيمة مرجعية الوحي والمطلوب تجاه مرجعية الوحي، وحتى بعض النقاط في فهم مرجعية الوحي إلى آخره. وأنه ترى المرجعية الوحي يجب أن تكون معياراً لإصلاح الأفكار ولإصلاح المعايير. فالأبواب الأولى من متن المنهاج هي أبواب مؤسسة لقيمة مرجعية الوحي.

وهذا يقودنا إلى أن تأسيس قيمة مرجعية الوحي يحصل من خلال أمرين اثنين. الأمر الأول هو ما يتعلق بالبراهين والحجج التي تدل على صحة مرجعية الوحي وقيمة مرجعية الوحي ومكانة مرجعية الوحي. وهذا يدخل فيه قضية الاحتجاج للقرآن والانتصار للقرآن.

والاحتجاج للسنة والرد على الشبهات حول القرآن والسنة والدلائل التي تدل على عظمة القرآن وعظمة السنة وجمال موضوعاته. هذا كله يدخل تحت أي باب؟ تثبيت مرجعية الوحي عن طريق عرض البراهين الدالة على ذلك.

هناك باب آخر وشق آخر وقسم آخر لتثبيت مكانة مرجعية الوحي ليس بالبراهين النظرية التي تدل على صحتها أو عظمتها، لا وإنما بتفعيل هذه المرجعية على الواقع. فإن قلت كيف تزيد قيمة مرجعية الوحي بتفعيلها في الواقع؟

أقول لك لأنك إذا جربت الاهتداء بمرجع الوحي في الواقع سترى من النور ومن البركة ومن الهداية ومن البصيرة ما يدلك على ربانية هذه المرجعية. وهذا لا يتحقق بمجرد الاستدلال النظري البرهاني، وإنما يتحقق بالاهتداء العملي (وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا (66) وَإِذًا لَآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا (67) وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا) (النساء: 66-68) فهذا من فائدة العمل بالعلم.

طيب إذاً هذا هذه هي النقطة الثانية اللي هي متعلقة بـ على ماذا بني؟ هو بني على اختيار أبواب معينة من الدين، اختيار أبواب معينة من الدين روعي في اختيارها ما يحقق الصلاح الخاص والإصلاح العام، وأيضاً روعي في اختيارها وهذا ضابط آخر روعي في اختيارها أن تكون هذه الأبواب.

أو كثير من هذه الأبواب من محكمات الدين، من محكمات الدين فهذا من معايير الاختيار. لا أبواب أو بعض أبواب المنهاج "ميراث النبوة" إذاً اختيرت هذه الأبواب ثم وضع تحت، تحت هذه الأبواب من حيث الترتيب الآيات القرآنية ثم الأحاديث النبوية.

ويوجد قليل من الآثار عن الصحابة رضوان الله تعالى عليهم يوجد قليل من الآثار التي يعني عزز بها هذا الكتاب أو عززت بها الأبواب قليلة جداً خلال هذا الكتاب. وأيضاً روعي في الأحاديث مبدأ الصحة في الجملة أو الصلاح في الجملة.

لكن عامة أحاديث المتن هي من الصحيحين أصلاً، إما من البخاري ومسلم بالاتفاق أو بالانفراد من أحدهما. طيب هذا ما يتعلق بالنقطة الثانية وهي بنية الكتاب. بنية الكتاب ترتيب الكتاب، ترتيب أبواب الكتاب هو يعني يمكن أن يقال أنه شبه منظم.

ليس منظماً تنظيماً دقيقاً بحيث أن كل باب وضع بضبط تام قبل الذي يليه وإنما يقال أن هذا الترتيب فيه ما هو منظم فيه ما هو متناسب مع بعضه من حيث الصورة، صورة ترتيب الأبواب وفيه ما هو مفرق والقيمة تكمل بالمجموع وليس بـ الأبواب على حدة.

طيب ننتقل إلى النقطة الثالثة. النقطة الثالثة وهي ما هو سياق الكتاب الذي جاء فيه وصنف فيه؟ الآن السياق غير البنية، بنية الكتاب تكلمنا عنها أبواب وكل باب آيات وأحاديث وتكلمنا عن لماذا اختيرت هذه الأبواب.

لكن الآن أنا بتكلم عن ما هو أعم من ذلك وعما قبل ذلك، ما السياق الذي لأجله أو الذي جاء فيه تصنيف هذا الكتاب؟ السياق الزمني والسياق الشخصي والسياق المنهجي العام الذي جاء فيه هذا الكتاب.

بمعنى هل هذا الكتاب أتى منفرداً عن سياق معين أو أتى متصلاً بسياق معين؟ لأنه تعرفون قد يأتي كتاب معين يؤلف ليس متصلاً بسياق معين، ليس متصلاً مثلاً بواقع معين أو بمشروع علمي معين، وإنما يأتي كتاب مفرد.

لأنه يناقش مسألة علمية مهمة أو كذا أو فائدة لشرح كتاب معين أو أياً كان، لا. هنا هذا الكتاب المنهاج من ميراث النبوة أتى متصلاً بسياق، وهذا السياق هو عبارة عن منهجية معينة أو مشروع منهجي معين في الإصلاح وفي التأصيل لـ فكرة الإصلاح.

بمعنى أنه هذا الكتاب أتى ضمن مجموعة مؤلفات، هذه المجموعة المؤلفات يعني أريد من خلالها إيصال نتيجة معينة، ما هي هذه النتيجة؟ هذه النتيجة كما يلي: ما المنهج الإصلاحي المستخرج من الكتاب والسنة والذي يتفق مع حال الأمة اليوم؟ هذا السؤال طبعا هذا السؤال يتضمن.

نقطتين، النقطة الأولى أنه هناك منهج إصلاحي في الكتاب والسنة. النقطة الثانية، أن هذا المنهج الإصلاحي قد يعني، خلينا نقول، يحتاج إلى اجتهاد في تنزيله على كل واقع بحسبه، واضح؟ فما المنهج الإصلاحي اللي مأخوذ من الكتاب والسنة من جهة، ويتناسب مع حال الأمة الإسلامية من جهة؟

فإن قلت لي أليس المنهج الإصلاحي واحد؟ يعني لا لا تقول يتناسب مع حال الأمة اليوم ولا حال الأمة بالأمس ولا حال الأمة بالمستقبل. أقول لك كلامك فيه صواب وخطأ. فإن قصدت من حيث المرجعية والأساس وثوابت الأحكام فنعم، لا يتغير بحسب الزمان والمكان.

وإن قصدت من حيث الأولويات الإصلاحية فأقول لك الأولويات الإصلاحية إيش؟ تتغير بحسب الزمان والمكان. ومن الأدلة على ذلك هو ما قصه الله عن الأنبياء من تغير الأولويات الإصلاحية بين نبي وآخر بحسب زمانه.

فأولوية الإصلاح عند لوط عليه السلام كانت تختلف عن أولوية الإصلاح عند شعيب عليه السلام، مع اشتراك الأنبياء في الأولوية المتفق عليها والكبرى، وهي ما يتعلق بالعبودية لله وحده وتخليص هذه العبودية من الشوائب. هذا متفق عليه.

لكن تجد أن الله سبحانه وتعالى إذا ذكر لوطاً عليه السلام ذكر معه الإصلاح المتعلق بمشكلة كانت كانت منتشرة في زمان، وهي مشكلة الفاحشة. وهكذا شعيب عليه السلام في قضية الظلم والغش في قضية الاقتصاد والمكان والميزان، تطفيف المكان والميزان.

وإذا نظرت إلى موسى عليه السلام ستجد أن الله سبحانه وتعالى يذكر موسى ويذكر معه تحرير المستضعفين (أَنْ أَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ) (طه:47)، وهذا مكرر في قصة موسى عليه السلام. إذاً، هل تتغير أولويات الإصلاح ما بين زمن وآخر؟ نعم.

هل تتغير منطلقات الإصلاح وقواعده الكبرى المتعلقة بالعبودية لله وبارتباطها؟ لا، واضح؟ طيب، وبناءً على ذلك هذا المتن أتى ضمن مشروع تأصيلية. وهذه المنهجية وهذا المشروع شرح بشكل مفصل في كتاب آخر ليس المنهاج وإنما كتاب "بوصلة المصلح".

ففي كتاب "بوصلة المصلح" وهو كتاب فيه مسح للواقع من جهة ومسح لأهم الأدلة الشرعية من جهة أخرى لتخريج الجواب عن سؤال مهم عظيم وهو: ما واجب الوقت اليوم من حيث الإصلاح؟ وتم الخلوص بعد بحث شرعي وبحث واقعي إلى أن واجب الوقت هو صناعة المصلحين لسد الثغور العامة في الأمة. وأن التركيز اليوم على صناعة المصلحين، جيد.

طيب، ما علاقة كل هذا بالمنهاج من ميراث النبوة؟ كان من مفردات فكرة صناعة المصلحين أن تكون هناك بعض القواعد الكبرى المشتركة بين المصلحين، بعض المفاهيم الشرعية هي المحكمة المشتركة بين المصلحين.

وأن هذه المفاهيم يجب أن تكون مفاهيم متفقاً عليها نظراً لكونها من محكمات الكتاب والسنة. هذه المفاهيم الأساسية هي التي وضعت في المنهاج من ميراث النبوة، واضح؟ يعني كان منهاج ميراث النبوة يقول: هذه أهم المعاني، أو حتى لا نحصر نقول من أهم المعاني.

من أهم المعاني التي ينبغي التزود بها من كتاب الله ومن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في سياق السير المصلح الذي يصنع اليوم ليكون تأثيره غداً بإذن الله تعالى، واضح؟ وبناءً على ذلك هناك علاقة وطيدة بين المنهاج من ميراث النبوة وبين "بوصلة المصلح".

فالذي يشرح السياق بصورته الكاملة هو "بوصلة المصلح". والذي يغطي ركناً من أركان صناعة المصلحين هو المنهاج من ميراث النبوة، واضح الفكرة؟ وبالتالي هنا حث لمن يقرأ المنهاج أو شرح المنهاج أو يحفظ المنهاج أن يطلع على البوصلة حتى يفهم السياق الذي يعني هو.

لا أقول أنه شرط للفهم، ولكن حتى يعزز الفهم لهذا السياق. كم نقطة ذكرنا إلى الآن؟ ثلاث نقاط. النقطة الرابعة: كيف نستفيد من هذا الكتاب؟ كيف نستفيد من هذا الكتاب؟ بداية أود أن أقول أن هذا الكتاب يعني الحمد لله كما يسر الله تصنيفه فقد يسر شرحه.

فهناك شرح لهذا الكتاب وهذا الشرح في الأساس هو مرئي في سلسلة من 30 حلقة تقريباً قدمتها في شرح هذا الكتاب وهي موجودة. وفي نفس الوقت لخصت هذه السلسلة ولخص هذا الشرح مكتوباً في كتاب "القبس الوهاج".

وهذا قام أحد الأخوة الأفاضل الأخ محمد نسخ أو عفواً لخص الشرح الذي قدم في المرئي وكتبه في هذا الكتاب. وبالتالي صار من السهل اليوم أن يقرأ الإنسان المتن وأن يقرأ معالم الشرح الأساسية. وبرأيي أنه لابد من الاطلاع على الشرح.

على أني أقول أنه هذا الشرح ليس كافياً، الشرح الذي قدمته للكتاب ليس كافياً، وإنما هو يعني هذا المتن يعني قدم في الساحة ليكون هناك أكثر من وسيلة لخدمة هذه المعاني وإيصالها. فبرأيي أن هذا المتن لا يزال يحتاج إلى شرح موسع.

شرح علمي موسع يقوم به مثلاً بعض طلبة العلم أو المشايخ، شرح موسع. الشيء الثاني يحتاج إلى شرح مبسط، وهذا الشرح المبسط يعني هو بالفعل حصل، يعني حصل من بعض الطلاب أنه هو يبسط الكتاب لطلابه.

يعني الحمد لله الكتاب مقرر في كثير من من الحلقات أو المحاضن التربوية، فتجد من بعض الطلبة من يقدم شرحاً لطلابه من الجيل الصاعد مثلاً للمنهاج. وهذا التبسيط جيد ومهم ولعله يعني في مشروع أيضاً قائم اليوم في تخريج شرح من أحد الطلاب أيضاً يعتبر تسهيلاً لـ أو تقديماً لشرح المنهاج بطريقة مـ ميسرة.

عموماً هو الكتاب ينبغي أن يتعامل معه بالشرح. ولكن الشرح بحسب الفئة أولاً. هناك هناك شرح أساسي اللي هو الشرح المرئي أو أو ملخصه "قبس الوهاج". أو الشرح بحسب الفئة المتلقي. فإذا كانوا طلبة علم فجيد أنه يكون هناك شرح علمي أوسع من الشرح الذي قدم.

ويكون يعني الآيات تفسر آية آية بصيغة موسعة، والأحاديث حديثاً حديثاً، والربط بالواقع إلى ذلك بصورة مفصلة. هناك أيضاً يعني وسائل أو أبواب للاستفادة من الكتاب غير قضية الشرح. مثلاً أذكر أنه بعض الخطباء، خطباء الجمعة، خطبوا بمضمون باب من أبواب المنهاج.

وهو تضمين هذه الآيات والأحاديث بصياغة تتناسب مع خطبة الجمعة. يعني نقل، نقل مضمون الأبواب ومضمون الكتاب بغير صيغة باب كذا وكذا وكذا، الحديث الأول الحديث الثاني. لا وإنما تصاغ خطبة معينة أو محاضرة معينة أو أطروحة معينة ويضمن خلالها إيش؟ الآيات والأحاديث.

لتحقق مقصود الباب دون أن يقال بالضرورة هذا شرح المنهاج، أو هذا متن المنهاج، أو هذا باب كذا أو كذا، لا. وهذه الطريقة ممكن تخرج بصيغة إعلامية، ممكن تخرج بصيغة خطب، ممكن تخرج بصيغة محاضرات، ممكن بمختلف الطرق التي يمكن أن يعني يخرج بها.

من أهم الوسائل في الاستفادة من الكتاب الحفظ، وهذا الحمد لله حصل بفضل الله سبحانه وتعالى كثيراً. وجزى الله الأحبة القائمين على مبادرة "نمير الحفاظ" خيراً، أنهم كرروا المسابقة في في حفظ المنهاج. وما شاء الله يعني دخل فيها من شاء الله من الداخلين ذكوراً وإناثاً.

وكانوا بفضل الله سبحانه وتعالى عدداً كبيراً، والحمد لله صار في ضبط وإتقان. حتى أذكر في بعض المسابقات والاختبارات في متن المنهاج يكون في تدقيق على ترتيب حتى الأحاديث. وما شاء الله أحياناً يعجزون عن أن نخطئ في لفظة أو في ترتيب فضلاً عن أن نخطئ في سياق حديث من الأحاديث.

خلاصة الكلام أنه الاستفادة أولاً من حيث المتن القراءة والحفظ والحفظ ليس شرطاً، ثم الشرح. والشرح يعني من المفترض أنه يكون هناك يعني تكثير لفكرة الشرح. إما مبسط أو متوسط أو يعني موسع.

والأهم من ذلك كله هو أن يكون هناك ربط، وهذه النقطة الأخيرة والمهمة جداً. أهم استفادة من المنهاج هو أن يكون هناك ربط بين الباب وبين الواقع، بين الآيات التي في الباب وبين الواقع، بين الأحاديث التي في الباب وبين الواقع.

والأهم من ذلك هو أن يكون الربط حاصلاً بمجموع الأبواب. يعني كلما تخرج من باب تكون ربطت بينه وبين واقعك، ثم الباب الثاني، ثم الباب الثالث، ثم الباب الرابع. بمجموع الكتاب المفترض أن تكون خرجت بنتيجة عملية متقدمة في الربط بين مرجعية الوحي وبين الواقع.

وإن شاء الله سيكون هناك بعض الأعمال التي تخدم أيضاً هذا الكتاب وتدريس هذا الكتاب. يعني يوجد من يجمع الآن مادة في يعني كيف يدرس المربي هذا الكتاب أو يعني ما الأهداف التربوية من كل باب من هذه الأبواب. فهذه صورة من صور الربط بالواقع اللي هي قضية المعاني أو الأهداف التربوية من كل باب.

طيب، هذه النقطة الرابعة وهي في كيفية الاستفادة من هذا الكتاب. بهذا أكون قد ذكرت الأمور التالية في هذا هذا اللقاء. الأمر الأول ذكرت أهمية الربط بين مرجعية الوحي وبين الواقع، وأن هذا هو الحال الذي كان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم.

وأن هذا الأمر بدأ يفتقد في الأمة شيئاً فشيئاً، وأننا اليوم نحتاج إلى إعادة تجديد هذا المعنى. وأؤكد على كلمة التجديد، نحن اليوم بحاجة إلى تجديد هذا المعنى وهو إعادة فاعلية النص القرآني والحديث النبوي في واقع الأمة اليوم.

والتأكيد على أن هذه الفاعلية وهذا التأثير ينبغي أن لا ينحصر في الواقع الخاص المرتبط بسلوك الإنسان في ذاته واستقامته في ذاته. بل ينبغي أن ينـ أن ينير في الواقع العام، أن ينير في الواقع العام. وذكرت في هذه النقطة الأولى أن الذي يستفيد من الوحي في الواقع الخاص.

ينبغي أن تكون دائرة الاستفادة هذا كل المسلمين، أما الاستفادة من مرجعية في الواقع العام فهي ليست للكل، وإنما هي لذوي البصائر وذوي العلم وذوي المعرفة بالواقع والمعرفة بالوحي وامتلاك أدوات الاستنباط والقدرة على استخراج مثل هذه يعني الدلائل القرآنية ودلائل السنة على الواقع.

إذاً هذه كانت خلاصة النقطة الأولى. ثم انتقلنا إلى إيش؟ بنية الكتاب. بينت أن هذا الانتقاء هو منهج علمائي سار به العلماء عبر التاريخ، كل كان ينتقي بحسب الموضوع بحسب المعايير التي يريدها. وأنه هذه واحدة من صور الانتقاء فليست هي شيء جديد، وإنما هي من جملة سلسلة الانتقاء التي حصلت في التاريخ الإسلامي وكثيرة جداً وفي الواقع كثير جداً.

وهذه صورة من صور الانتقاء إلا أن معيارها هو ملاحظة تحقيق حالة الصلاح الخاص والإصلاح العام. فـ انتقاء تم انتقاء مجموعة من الأبواب الدينية التي تحقق هاتين الحالتين. وطبعاً ما الفائدة من هذا؟ يقول مثلاً إذا هذا الباب ليس مصدراً مثلاً لأحاديث الأحكام، ليس مصدراً لأبواب الفقه.

ها، واحد يريد أن يعرف أدلة الطهارة والصلاة والزكاة والحج والصيام والجهاد والطلاق، احنا نقوله هناك روح إلى كتاب "عمدة الأحكام" أو "بلوغ المرام" أو كتاب "المحرر" أو كتاب "المنتقى" أو كتاب "الإلمام" أو غيرها من كتب كثيرة لها إطار واحد وهو أحاديث الأحكام.

أما هذا. طيب قد يقال مثلاً هذا في السلوك، يقول لك أيضاً هذا ليس خاصاً في السلوك وإن كان فيه من السلوك ما فيه، لكن فيه عناية بقضية الإصلاح العام كذلك. فإذاً ثم بينت أنه آيات وأحاديث. وهذا كانت خلاصة النقطة الثانية.

ثم النقطة الثالثة كانت في سياق تعريف الكتاب، وأنه أن الكتاب أتى في سياق متصل ولم يأتي منفصلاً. وأن هذا الاتصال هو اتصال بواقع مشروع منهجي معين ليجيب عن سؤال: ما منهجية الإصلاح في الكتاب والسنة؟ وما أولوياتها في واقع اليوم؟

وأنه هذه الإجابة بشموليتها قدمت في "بوصلة المصلح". وأنه يأتي المنهاج ليكون جزءاً من هذه الإجابة بالصيغة العملية في طور بناء هذا المصلح، أن يكون ضمن هذه الكتل المفهومية المرتبطة بالكتاب والسنة. ثم ختمت هذه النقاط بنقطة كيف نستفيد من هذا الكتاب.

وأنه لا يكتفى بالقراءة للمتن ولا بحفظه، وإنما المهم العناية بشرحه، والأهم تنزيل هذه المعاني على الواقع. وأنه هذا يكون بالأبواب المنفصلة وبالمجمل. وأنه هناك دعوة إلى يعني أيضاً توسيع دائرة الاستفادة من هذا الكتاب عبر شروح إما زيادة على الشرح المتوسط الذي قدم وإما أقل من الشرح الذي قدم من حيث التبسيط.

ومما يراعى في ذلك الفئة المستمعة، الفئة المستمعة. فإن كانت الفئة المستمعة من الجيل الصاعد ذكوراً أو إناثاً فينبغي أن يسهل الشرح ويقدم ما يناسب. وإن كانت أكبر من ذلك من ناحية طلبة العلم وكذا يقدم ما هو أعلى من ذلك. وإن كان الصيغة التي تقدم هي خطبة فتصاغ بطريقتها المناسبة أو كل سياق وكل مقام بحسبه.

ونسأل الله سبحانه وتعالى العلي العظيم الذي لا إله إلا هو أن يغفر لنا ويرحمنا وأن يهدينا ويسددنا. ونسأله سبحانه وتعالى أن لا يحرمنا بركة العلم وأن لا يحرمنا بركة السنة وأن يجعلنا من أهل القرآن وأن يجعلنا من المتبعين لنبيه صلى الله عليه وسلم.

ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يبارك في هذا الانتقاء وفي هذا الكتاب وأن يعني يعيننا جميعاً على الاستفادة منه بأمثل طريق. ونسأل الله سبحانه وتعالى المغفرة والرحمة. ونسأله سبحانه وتعالى أن يجعلنا من الشاكرين المنيبين المتقين، فلله الحمد أولاً وآخراً وظاهراً وباطناً. وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.